المؤشر الحر للأسهم السعودية: حساسية عالية تتطلب تأنيا في القرار الاستثماري
قبل سنتين ومع الاهتمام الكبير حول الاستثمار في سوق الأسهم وفي وسط التغيرات التي اتخذت من قبل هيئة سوق المال لجعل الواقع والتطورات في السوق أكثر واقعية وحفاظا على وضوح الاتجاهات العامة دار جدل واسع حول تركيبة مؤشر السوق السعودية، حيث يرى البعض أن هناك حصة كبيرة من الشركات المتداولة أسهمها في السوق مجمدة ولا يتم تداولها في السوق، حيث تعود ملكيتها للمؤسسين وللدولة وللشركاء الأجانب وللشركاء اللذين يجب أن يعلنوا عن بيعهم وشرائهم (من يملك 10 في المائة فأكثر) أي يوجد نوع من القيد يحكم تداولها، وبالتالي فإن وزن وحركة السوق المقاسة بالطريقة الحالية لا تعكس واقع الاستثمار ولا حجم السوق. وير البعض أن المؤشر الجديد يجب أن يستبعد الحصص الراكدة من المؤشر، على الرغم من أن إمكانية تداولها واردة وممكنة، لكن إما أنها تحتاج إلى فترة أو قرار من طرف جهات رسمية. وظهر بالتالي ما يعرف بالأسهم الحرة وحسب آخر إعلان نجد أنها توازي ثلث السوق السعودية من زاوية عدد الأسهم المتاحة، وبالتالي سيتم إعادة احتساب المؤشر موزون القيمة في السعودية ليدخل في حسابه ليس وزن وقيمة الشركة وإنما حجم الأسهم الحرة أي الممكن تداولها.
المؤشر ومدلولاته
كيف يتم احتساب المؤشر؟ بعد مهم بالنسبة لنا علاوة على السؤال الذي يفكر فيه المستثمر، لماذا يهمنا المؤشر حتى نهتم به لهذا الحد؟ حتى ندرك أهمية التغيرات الواقعة وكيفية التعامل معها وتأثيرها فينا. المؤشر عبارة عن رقم نسبي يحسب من خلال ضرب سعر السهم (الإغلاق أو المتوسط بين الأعلى والأدنى وغالبا ما يستخدم الإغلاق) في الوزن وهو سابقا عدد الأسهم المصدرة وهنا الأسهم الحرة ثم يجمع حاصل الضرب لكل الشركات في السوق وتقسم على القيم نفسها لسنة الأساس وهي عام 1985 (وقد تتغير سنة الأساس مع بدء التداول) ثم تضرب النتيجة في رقم 1000 وكانت في السابق تضرب في 100 (الهدف أن يتم عكس الذبذبات بصورة أكبر). وعادة التغير بين مؤشر الأمس واليوم تعكس حجم النمو (المؤي يقسم على عشرة)، وبالتالي يعد النمو في المؤشر قياسا حول اتجاهات السوق وتحسنها أو تدهورها من زاوية المستثمر، وبالنسبة للاقتصاد عادة ما تكون حركة المؤشر ووجود منحنى هابط على تحول الاقتصاد نحو السلبية (المؤشر يعد من المؤشرات القيادية أي تتنبأ باتجاهات الاقتصاد). ويتأثر المؤشر سلبا بارتفاع سعر الفائدة أيضا ويعكس من خلال الاتجاه السنوي العائد المقبول في السوق من مخاطر الأعمال والمخاطر العامة الاقتصادية. لذلك نجد أن عمليات التذبذب الكبيرة داخل المؤشر لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد وعلى بيئة الأعمال من زاوية العوائد المطلوب تحقيقها من المشاريع ومن زاوية حجم المخاطر المتوقع لها. والمستثمر الأجنبي وكمقياس عادة ما ينظر للمؤشر الخاص بسوق الأسهم ليتخذ قراراته الاستثمارية، نظرا لأن دخول المشروع أو الشركة للسوق يعد داعما لاستراتيجية الخروج الآمن والمحقق للأهداف. الأسباب السابقة عديدة ومتفرعة ولا يمكن حصرها هنا ونكتفي بالسابق.
انعكاسات التغير
المؤشر الجديد ماذا يعني بالنسبة للمستثمر؟ وكيف سيتعامل معه؟ وكيف سيؤثر في قراراته الاستثمارية؟ وهل ستؤثر في اتجاهات الطلب مستقبلا؟ أسئلة عديدة تواجه المستثمر في سوق الأسهم السعودية ويتطلع للحصول على إجابة عنها حتى لا يتأثر بها سلبا. المؤشر الجديد وكما أريد له أن يكون لن يعكس الأهمية النسبية وحجم الحركة في السوق، بل سيعكس اتجاهات وحجم السيولة داخل السوق، وبالتالي ستكون عملية تفسير انعكاساته على الاقتصاد والمستثمر الأجنبي أقل فائدة، فالمؤشر الجديد يحجم من حجم الحركة، نظرا لاستبعاده الفئة الاستثمارية الرئيسية وعامل الثبات في السوق، وبالتالي المؤشر سيعكس حجم الحركة السوقية للأسهم النشطة التي يمكن تداولها، كما أنه لن يعكس حجم السيولة بصورة دقيقة التي تنعكس من سرعة الدوران التي يمكن قياسها بصورة مباشرة. ويعد المؤشر الجديد نقطة انطلاق تعتمد على المجتمع الممكن الاستثمار فيه والاستحواذ عليه، وبالتالي تعد نقطة مرجعية لقياس الأداء. وعادة ما ننظر لأداء المؤشر إلى وسيلة لمقارنة أداء المحفظة الخاصة بالسوق، حيث يجب ألا نحقق أداء أقل من السوق، ولكن يجب أن نكون أفضل أو على الأقل مساويين لوضع السوق، وبالتالي سيؤثر تكوين المؤشر الجديد لمن يرغب في محاكاته في الطلب على الشركات ووزنها النسبي في محافظه. وللمستثمر دون المضارب المؤشر الجديد وتكوينه ذو أثر مباشر في محفظته وهيكلها وحجم مكوناتها ودرجة المخاطر فيها، خاصة مديري المحافظ في البنوك، ما يوضح أهمية المؤشر وتركيبته في التأثير في قرار المستثمر في سوق الأسهم وعلى المستثمر المباشر في مختلف القطاعات عند إجراء دراسات الجدوى واتخاذ القرارات بالبدء من عدمه.
أهمية التغير
السؤال: لماذا التغير، أو بمعنى أصح: هل اتجاهات الحركة الممكن حدوثها في السوق مهم انعكاسها في المؤشر أو أن المؤشر انعكاس للاقتصاد السعودي ككل وبالتالي يتعدى دوره ما حجم من أجله؟ والإجابة هي أن التغيير الحالي لن يعكس حجم النشاط أو السوق ككل، وبالتالي فائدته الاقتصادية للمستثمر الخارجي والداخلي لدراسات الجدوى ستكون محدودة، لأنه لا يعكس السوق السعودية ككل ولا الأهمية النسبية للشركات العاملة في السوق، بل عكس فقط الجزء المتاح من الشركات كأهمية نسبية فقط. وهل الأسهم الحرة أكثر أهمية من غيرها حتى نحيد حجمها ووزنها؟ والإجابة لا، لأن المؤشر الحالي ثبت علميا أهميته مقارنة بغيره من المؤشرات ذات الطرق المختلفة لحسابها لدعم القرار وقياس أداء المحافظ. كما أن التغير لن يغير كثيرا من شكل المؤشر، لأن القضية هي نسبة وتناسب حيث ستستبعد من البسط والمقام الأوزان نفسها.
الواقع الجديد
حددت الجهة المسؤولة عن المؤشر "تداول" قائمة وضعت فيها الأسهم الكلية وحددت الأسهم التي لا يمكن تداولها في السوق وحددت أيضا الجزء المتاح للتداول وأطلقت عليها الأسهم الحرة. وكما أشرنا حددت بصورة مباشرة وزن كل شركة في المؤشر حتى يتم حسابه (المؤشر الموزون القيمة لا يتأثر بالتجزئة أو أسهم المنحة) وهو هنا الأسهم الحرة. أدى تغير الوزن إلى اختلاف في أهمية الشركات وحجم تأثيرها في المؤشر في السوق السعودية للأسهم. ويعكس إجمالي عدد الأسهم الصادرة الوزن السابق والأسهم الحرة الوزن الجديد المستخدم. كما أن سعر السهم حاليا سيعزز وجود شركات في القائمة المؤثرة وترتيبها في الجدول. مع ملاحظة أن هناك شركات لم تدرج في المؤشر بعد، وبالتالي لن تكون من ضمن القائمة قبل وستكون ظاهرة في بعد في ظل قرب دخولها المؤشر. ولعل القضية الأهم هل سيكون هناك تبادل مراكز ويفقد البعض وضعه كواحد من أكبر عشرة شركات؟ الإجابة بالطبع نعم لأن هناك متغيرين هما السعر والوزن، وبالتالي من السهل للشركات المتقاربة أن تتبادل الأدوار أو تخرج من قائمة أكبر شركات إما لدخول شركة جديدة وإما لتغير السعر وانخفاضه مقارنة بالغير.
الشركات حسب الأهمية النسبية:
الملاحظ من الجدول رقم (1) كيف ستتغير تركيبة المؤشر من زاوية الشركات العشر الكبيرة حيث دخلت أسماء وخرجت أسماء وتقدمت شركات في الترتيب وتأخرت شركات. والسبب كامن في وزن الشركة وفي سعرها السوقي. ويتوقع بعد ضم شركات مثل كيان وغيرها سيتغير الترتيب كما أن انخفاض حجم المؤسسين أو من يمتلك 10 في المائة في الشركات أن يختلف التأثير والشركة الكبيرة من الصغيرة. والسؤال هل سيكون مؤشرنا الجديد أكثر حساسية وتذبذبا من الحالي؟ ويبدوا أن ذلك ممكنا علاوة على أن المؤشر قد يعكس صورة لا تعكس واقع السوق واتجاهاته. وهذان البعدان سيجعلا المؤشر أقل فائدة للمستثمرين المباشرين ومن خارج السعودية.
مسك الختام:
هل استبدلنا مؤشرنا بآخر سيؤثر سلبا فينا، نأمل أن تكون قد أجريت دراسات سابقة في ظل البيانات المتاحة وتم بناء القرار الصحيح من خلال المقارنة بين المؤشرين ولسنا في حاجة لتجارب تكلفنا غاليا.