هبوط الدولار ينذر بمشاكل في تمويل العجز الأمريكي

هبوط الدولار ينذر بمشاكل في تمويل العجز الأمريكي

ربما يعمل الانخفاض المتواصل للدولار الأمريكي على زيادة المخاطر التي تواجه الاقتصاد الأمريكي بما ينطوي على احتمال أن يتوقف المستثمرون العازفون عن المخاطر عن تمويل العجز في ميزان المعاملات الجارية الأمريكي.
ويقول محللون إن السبب المبدئي لهبوط الدولار في السنوات الأخيرة كان العجز الكبير في الإنفاق والتجارة ولم يكن القلق يساور سوى قلة قليلة مادامت التدفقات الاستثمارية على الأصول الأمريكية المقومة بالدولار تغطي العجز.
إلا أنه مع تباطؤ الاقتصاد وزيادة المخاوف بشأن استقرار النظام المالي الأمريكي وتزايد الخسائر من جراء العجز عن سداد الالتزامات الائتمانية بدأت قيمة الأوراق المالية المقومة بالدولار تتراجع في عيون المستثمرين مما قلل الطلب على الدولار لتمويل مثل هذه الاستثمارات.
وقال أومير ايزينر محلل الأسواق لدى رويش إنترناشيونال في واشنطن "هذا من أسباب القلق الرئيسية أي الخوف من أن يصل هبوط الدولار إلى نقطة يبدأ فيها المستثمرون الأجانب بيع معظم استثماراتهم وعندها سنواجه فعلا مشاكل تمويلية."
ويقول خبراء أكاديميون في الاقتصاد إن العجز في الموازين الأمريكية هو السبب الأساسي للمشاكل المتزايدة في الاقتصاد لأنه يعكس ميل المستهلكين الأمريكيين للإنفاق بدلا من الادخار والاقتراض بلا أي قيود من الخارج لتمويل الإنفاق.
وقالت وزارة التجارة الأمريكية يوم الإثنين إن العجز في ميزان المعاملات الجارية انكمش إلى 172.9 مليار دولار في الربع الأخير من العام الماضي من 117.4 مليار في الربع الثالث.
وميزان المعاملات الجارية هو أوسع مقياس لتجارة الولايات المتحدة مع بقية العالم ويشمل التجارة السلعية والخدمات والتدفقات المالية.
وانخفض مؤشر مجلس نيويورك للتجارة للدولار الأمريكي، الذي يقيس العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات بنسبة 8.4 في المائة العام الماضي بعد تراجعه 8.2 في المائة في العام السابق.
ومنذ بداية العام الجاري انخفض مؤشر الدولار 2ر6 في المائة رغم ارتفاعه الثلاثاء بعد قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) خفض أسعار الفائدة الأساسية ثلاثة أرباع نقطة مئوية. لكن بينما غذى انخفاض الدولار الصادرات مثلما كان متوقعا لأنه يجعل السلع والخدمات الأمريكية أرخص في الأسواق الخارجية فإن الواردات لم تنخفض بما فيه الكفاية.
وارتفع إجمالي الصادرات الأمريكية بنسبة 15.6 في المائة في العام الأخير إلى 636.55 مليار دولار وفقا لبيانات وزارة التجارة لكن إجمالي الواردات ارتفع أيضا بنسبة 8.8 في المائة إلى 781.44 مليار دولار.
وصعد اليورو بنسبة 32 في المائة مقابل الدولار منذ نهاية عام 2005 بينما انخفض الدولار بنسبة 4ر15 في المائة مقابل الين.
وأظهر تقرير التجارة الدولية لكانون الثاني (يناير) أن العجز بلغ 2ر58 مليار دولار. لكن في علامة واضحة على ما قد يخبئه المستقبل أظهرت بيانات وزارة الخزانة الأمريكية يوم الإثنين أن صافي التدفقات الرأسمالية الأجنبية الإجمالي إلى الولايات المتحدة انخفض في كانون الثاني (يناير) إلى 37.4 مليار دولار ليسجل أدنى مستوى منذ أربعة أشهر مع تحاشي مستثمري القطاع الخاص الأصول الأمريكية.
ومما زاد من تعقيد المشاكل أن هبوط الدولار ساعد على رفع أسعار النفط إلى مستوى قياسي أعلى من 111 دولارا للبرميل الأمر الذي زاد الضغوط التضخمية في الوقت الذي عمد فيه مجلس الاحتياطي إلى خفض الفائدة لحفز النمو الاقتصادي.
وقال أندرو بيكوف كبير خبراء استراتيجيات الاستثمار لدى مايرز أسوشييتس "هي لعبة توازن خطرة. فحمل المستهلك على الخروج من حالة الكساد المزاجية أصعب كثيرا من الحيلولة دون وصوله لهذه الحالة. ومجلس الاحتياطي يعتقد أن ذلك يفوق خطر التضخم في الأجل القصير."لكن تقديم النمو على التضخم في الأجل القصير وخفض أسعار الفائدة يقلص أيضا جاذبية الأصول الأمريكية ويزيد خطر أن يتوقف المستثمرون في مختلف أنحاء العالم عن تمويل العجز الأمريكي. إلا أن المستثمرين في سوق الصرف غير مستعدين حتى الآن لاستبعاد الدولار تماما".
ويقول كيرت كارل كبير خبراء الاقتصاد الأمريكي لدى شركة سويس ري لإعادة التأمين في نيويورك "يتعين أن نشهد قفزة هائلة في عوائد سندات الخزانة كمؤشر على أن هذا البلد قد يبدأ في مواجهة مشاكل تمويل والعوائد في الأساس تقول عكس ذلك."
وبلغت عوائد سندات الخزانة قصيرة الأجل أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات في بادرة أخرى على أن الطلب على بعض الأصول الأمريكية مازال مرتفعا. ويقول كارل إن الاستثمارات الأجنبية الضخمة في الأصول الأمريكية للاستثمارات
طويلة الأجل في أيدي مستثمرين لا يختفون بين عشية وضحاها.

الأكثر قراءة