مخاوف من انهيار أكبر البنوك الأمريكية المدرجة في "وول ستريت"
حاز بنك بير ستيرنز الأمريكي مساعدات مالية عاجلة من مؤسسة جي بي مورجان تشيس في خطوة تثير مخاوف من أن أحد كبار البنوك في وول ستريت قد يكون على شفا الانهيار.
وقالت التقارير إن جي بي مورجان تشيس للتمويل ستواظب على تقديم المساعدات العاجلة للبنك المذكور على مدى 28 يوما المقبلة وذلك بتأييد ودعم من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك.
وأضافت التقارير أن مؤسسة التمويل المذكورة تسعى أيضا للتوصل إلى اتفاق طويل الأمد لمد بنك بير ستيرنز بالأموال اللازمة لمواجهة مشكلاته. وقال محللون إن مشاكل بير ستيرنز سببها الأزمة العالمية التي يتعرض لها سوق الائتمان العقاري العالمية والخشية من أن تكون مؤسسات الإقراض المالي الرئيسية الأخرى تعاني هي الأخرى من مشكلات في التمويل.
يُذكر أن بنك بير ستيرنز هو خامس أكبر بنك استثماري في "وول ستريت" وكان في الفترة الماضية في قلب العاصفة التي سببتها أزمة الإقراض المالي التي تعرضت لها السوق العقارية في أمريكا.
وقد غذت الشائعات والتوقعات الأخيرة فكرة أن يكون البنك يصارع جاهدا لمواجهة التحديات الجمة التي يواجهها في تمويل أعماله اليومية. ويقول روبيرت بيستون، محرر الشؤون الاقتصادية في "بي. بي. سي"، إن بنك بير ستيرنز وصل إلى حافة الإفلاس خلال الـ 24 ساعة الماضية من خلال حدوث انهيار مفاجئ في ثقة زبائنه به، الأمر الذي حدا بهم لسحب أرصدتهم ومدخراتهم من البنك بشكل عاجل.
وأضاف بيستون: "إن إنقاذ بير ستيرنز يظهر أن الأسوأ لم يأت بعد في ما يتعلق بأزمة الاعتماد المالي العالمية التي، على ما يبدو لم تصبح جزءا من الماضي بعد."
وتأتي أنباء لجوء "بير ستيرنز" للاقتراض العاجل بعيد ساعات فقط من تأكيد الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش أن "الاقتصاد الأمريكي مرن وسوف يسترد عافيته رغم الأوقات العصيبة التي يمر بها." فقد قال بوش في كلمة ألقاها أمام النادي الاقتصادي لنيويورك إنه يعتقد أن الاقتصاد الأمريكي مرن وإن إبداع وتصميم الشعب الأمريكي هو ما يساعد على التعامل مع هذه القضايا.
وجاءت تصريحات بوش أمام النادي الاقتصادي، الذي يضم مجموعة من كبار مسؤولي الشركات والمصرفيين وخبراء الاقتصاد، خلال زيارته للعاصمة المالية للولايات المتحدة.
في هذه الأثناء تعهد رئيس "الاحتياطي الفيدرالي"، وهو البنك المركزي الأمريكي، بفعل كل شيء ممكن من أجل مساعدة ملاك المنازل الذين يعانون من أزمة قروض الرهن العقاري.
يشار إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد خفض سعر الفائدة من أجل حل أزمة الرهن العقاري، كما أنه من المحتمل أن يخفض الفائدة مرة أخرى عندما يجتمع المجلس الأسبوع المقبل.
وقال بوش إن الإدارة الأمريكية ومجلس الاحتياطي الفيدرالي اتخذا إجراءات لتحفيز الاقتصاد وطلب من الناس التحلي بالصبر لأن الاقتصاد سيستجيب، مشيرا إلى أن الإعفاءات الضريبية التي سترد للمستهلكين ستبدأ في الوصول بالبريد مما سيحفز إنفاق المستهلكين.
وقال بوش إن الخبراء "يتوقعون أن يكون للإنفاق هذا الصيف أثر في الربع الثاني وأثر أكبر في الربع الثالث."
وقد أصبح الاقتصاد من أهم القضايا في الحملات الانتخابية الأمريكية، حيث يحاول الديمقراطيون إلصاق سياسات بوش الاقتصادية "الفاشلة" المرشح الجمهوري جون ماكين.
ورفعت تقديرات مصرفية أخيرا، خسائر الولايات المتحدة من الرهن العقاري إلى تريليون دولار في الوقت الذي أفاد هنري نيلسون وزير الخزانة الأمريكي أن الخسائر في حدود 400 مليار دولار.
وتستند التقديرات المصرفية الأخيرة إلى أن الخسائر ستشمل القطاع المالي بأكمله في أمريكا، تحديدا الشركات المالية غير المصرفية التي نشطت في تمويل سوق العقارات في العامين الأخيرين.
وكان بنكان أوروبيان قد أكدا الثلاثاء الماضي، أنهما شطبا 5.95 مليار دولار من قيمة استثماراتهما في أعقاب الكشف عن مراكز مكشوفة ضخمة لها صلة بأزمة الرهن العقاري عالي المخاطر التي انكشفت قبل عدة أشهر في الولايات المتحدة، بيد أنها امتدت لتشمل عددا كبيرا من المراكز والمؤسسات المالية والعقارية حول العالم.
إذ شطب بنك كريدي سويس 2.85 مليار دولار من قيمة استثماراته المدعومة بأصول واكتشف أخطاء في التسعير في دفاتره مما دفع سهمه للهبوط. وذكر البنك أن الأصول المشطوبة ستمحو مليار دولار من صافي دخله في الربع الأول ولكنه توقع تحقيق أرباح في هذه الفترة بالرغم من ذلك. ورفع "باركليز" ثالث أكبر بنك بريطاني قيمة ما شطبه من أصول عالية المخاطر في عام 2007 إلى 1.6 مليار جنيه استرليني (3.1 مليار دولار) لكنه قال إن الأرباح جاءت منسجمة عموما مع توقعات المحللين. وأعلن "باركليز" تحقيق 7.08 مليار استرليني ربحا قبل خصم الضرائب لعام 2007 وذلك نزولا من 7.14 مليار في 2006 بينما كان متوسط توقعات 21 محللا في مسح لـ "رويترز" 7.05 مليار استرليني.
وأوضح "باركليز" أن الخسائر الناجمة عن اضطراب سوق الائتمان بلغت 1.635 مليار استرليني وذلك بعد خصم مكاسب تقييم سندات مصدرة بمبلغ 658 مليون استرليني. وكان البنك قد أعلن في وقت سابق 1.3 مليار استرليني شطبا صافيا في أصوله.
ووجه الإعلان ضربة قوية لـ "كريدي سويس"، الذي قلل في الأسبوع الماضي حجم الأصول المشطوبة بسبب أزمة الرهن العقاري عالي المخاطر إلى ملياري فرنك سويسري خلال عام 2007.
وكان أليستر دارلنج وزير المالية البريطاني قد أعلن الأسبوع الماضي، أن حكومته ستقوم بتأميم بنك نورذرن روك كإجراء مؤقت، وكانت مجموعتان قد تقدمتا بعرضين لشراء البنك، كانت الأولى بقيادة مجموعة فيرجن بينما تشكلت الأخرى من مجموعة من إداريي البنك، غير أن الحكومة وجدت أن التأميم هو الخيار الوحيد.
وهذه هي المرة الأولى التي تؤمم فيها الحكومة البريطانية منشأة منذ السبعينيات. وحسب قول الوزير، فإن أيا من العرضين "لم يف دافعي الضرائب حقهم"، وأضاف أن "من الأفضل للحكومة أن تحتفظ بملكية البنك حتى تتحسن أوضاع السوق، فترتفع قيمة البنك، ويكسب بالتالي دافع الضرائب"، غير أن دارلنج أكد أن ملكية البنك على المدى الطويل لا بد أن تكون في يد القطاع الخاص.
وكان البنك قد تعرض في العام الماضي لضائقة مالية بسبب عدم قدرة نظامه على التكيف مع نقص السيولة المالية في العالم، واضطر البنك إلى الاقتراض من بنك إنجلترا المركزي لتوفير تمويل عاجل، مما أدى إلى تهافت الناس على سحب ودائعهم بطريقة كانت الأولى التي يتعرض لها بنك بريطاني منذ أكثر من قرن.
وبموجب قرار التأميم سيعرض على المساهمين في البنك تعويضات تقدرها لجنة تعينها الحكومة لهذا الغرض، وقد يلجأ المساهمون إلى اتخاذ إجراءات قانونية إذا ما لم يرضوا عن المبلغ المعروض عليهم. ويقول روبرت بيستون مراسل "بي. بي. سي" إن "من المحتم" أن يقوم البعض بمقاضاة الحكومة حيث سيراودهم شعور بأنهم قد جردوا من أموالهم.
وكان وزير الخزانة الألماني بير شتاينبروك هو أول من كشف عن الحجم الفعلي والمحدد للخسائر المترتبة عن أزمة القروض العقارية المتنامية في الولايات المتحدة منذ الصيف الماضي، والتي ما زالت تثير اضطرابا وخللا كبيرين في أسواق المال الأوروبية والعالمية.