سوق الخرسانة دون لوائح وضوابط .. و15 مليون متر مكعب فائض عام 2010

 سوق الخرسانة دون لوائح وضوابط .. و15 مليون متر مكعب فائض عام 2010

كم يبلغ حجم سوق الخرسانة في السعودية؟ وهل استطاعت شركات الأسمنت والخرسانة السعودية تغطية حجم الطلب المتزايد بالتزامن مع إطلاق المشاريع العملاقة؟

تشير تقديراتنا إلى أن حجم سوق الخرسانة الجاهزة في السعودية في عام 2007 بلغ نحو 40 إلى 45 مليون متر مكعب تقريباً، لكن من الصعب معرفة حجمه بالضبط لعدم وجود إحصائيات دقيقة وبسبب الكم الهائل من شركات الخرسانة التي يفوق عددها 300 شركة، إضافة إلى عدم وجود تنظيم رسمي لهذه الشركات يكون تحت رقابة هيئة حكومية رسمية مخولة لمنح التراخيص ووضع لوائح ومواصفات معينة يتقيد بها الجميع، وهو أمر نتمنى أن يُدرَس من قبل الجهات الرسمية المختصة.
ونحن من جهتنا وضعنا خطوات تتناسب مع حجم الطلب المتنامي ضمن خطتنا الخمسية، فقد أعلنا منذ فترة عن استثمارات قياسية بلغت 440 مليون ريال خلال العام الحالي فقط، وذلك لزيادة انتشارنا وإنشاء مصانع جديدة وزيادة حجم أسطول معداتنا وتأمين ما نحتاج إليه من المواد الأولية من خلال تشغيل كسارتين جديدتين على الأقل.

س: ما السبب وراء محدودية عدد شركات الوطنية العاملة في الخرسانة الجاهزة ؟ وما أسباب خسائر بعض الشركات على الرغم من حاجة سوق المقاولات إليها؟
بالعكس هناك عدد كبير من شركات الخرسانة الوطنية، لكن معظمها شركات صغيرة ومتوسطة الحجم ذات إمكانات محدودة جدا لا تفي بمتطلبات السوق، خصوصا أن متطلبات المشاريع حاليا تزداد حجما وتعقيدا وصرامة وأحد أسباب ذلك زيادة مستوى الوعي والمعرفة عند ذوي الاختصاص من مقاولين ومهندسين استشاريين ومدنيين وغيرهم. ولدينا نشاطات في هذا المجال كتنظيم الورش والدورات المهنية ورعاية بعض المؤتمرات التي نأمل أن تعود بالنفع على الجميع.
وأما بالنسبة للأداء الحالي لهذه الشركات فليس بمقدوري إصدار الأحكام لأنني لا أعرف ما إذا كانت تخسر أم تربح، لكنني أقول إن نجاح أي شركة أو فشلها في رأيي, بغض النظر عن مجال عملها, يرجع لأداء إدارتها والعاملين فيها. فإن كانت الشركة تتعامل مع عملائها بنزاهة وحرفية عالية فإن الشركة ستنجح لما يخلقانه من مصداقية وسمعة طيبة والعكس صحيح. لذا نحن نركز في الشركة السعودية للخرسانة الجاهزة على استقطاب أفضل الكوادر المحلية والعالمية للاستمرار في دفع عجلة النمو ودعمهم وتدريبهم وغرس هذه القيم فيهم كي تواصل الشركة سلسلة نجاحاتها وينتقل مجال الإنشاءات من أحسن إلى أحسن.
يشكل نقص الأسمنت وارتفاع أسعاره هاجسا يؤرق شركات الخرسانة وشركات المقاولات، والتي أفرزت الاحتكار والسوق السوداء المتحكمة في السعر فماذا يحدث؟ وما الآليات الجديدة للحد من هذه الإشكاليات؟
شركات الأسمنت والخرسانة قادرة على تغطية الطلب المتنامي حاليا، وهناك اتصال وتعاون مستمر بيننا وبين شركات الأسمنت في السعودية كي نؤمن احتياجات السوق الحالية والمستقبلية.
وإننا نتوقع أن كمية العرض من الأسمنت ستتضاعف خلال السنتين المقبلتين مع الإعلان أخيرا عن منح تراخيص لإنشاء مصانع أسمنت جديدة وتوسعة المصانع القائمة حاليا. وسينتج عن ذلك حصول فائض من الأسمنت يراوح بين 10 و15 مليون طن بحلول عام 2010.
أما عن أفضل آلية للحد من هذه الإشكاليات فهي في رأيي عن طريق المزيد من التعاون والتنسيق والشفافية بين شركات الخرسانة ومصانع الأسمنت وأصحاب المشاريع العملاقة من ناحية، وإبرام عقود طويلة الأجل مع جميع الموردين لتأمين ما نحتاج إليه من مواد أولية كالأسمنت والحصى من ناحية أخرى.
هل شملت موجة الغلاء المواد الأولية من الخرسانة الجاهزة إضافة إلى الأسمنت؟ وهل نقوم باستيراد المواد الأخرى أيضا؟
أسعار الخرسانة مرتبطة ارتباطا وثيقا بأسعار موادها الأولية وأهمها الأسمنت والحجارة لأنهما يشكلان ما نسبته 75 في المائة من تكلفة متر الخرسانة المكعب الواحد. لذا نلاحظ أن أسعار الخرسانة تتفاوت بشكل كبير ليس فقط من منطقة لأخرى، بل من مدينة لأخرى أحيانا حتى إذا كانتا في المنطقة نفسها تقريبا، وهذا التفاوت يرجع إلى مسألة العرض والطلب على المواد الأولية، إضافة إلى تكلفة نقل هذه المواد وطبيعة الخلطة الخرسانية المستعملة.
مثال بسيط وواضح يحدث في منطقة الجبيل الصناعية حاليا حيث تم إطلاق العديد من المشاريع العملاقة في الآونة الأخيرة التي تتطلب عشرات الآلاف الأمتار المكعبة من الخرسانة يوميا، ولم تستطع الكسارات المجاورة للمدينة تلبية الطلب الذي زاد على الحصى مما أدى إلى زيادة أسعاره إلى الضعف، وهذا يضطرنا بالتالي إلى رفع أسعارنا أيضا لتعويض الفارق. هذا إضافة إلى اضطرارنا للتوريد من كسارات أخرى في مناطق مختلفة مما أدى إلى زيادة تكلفة النقل علينا.

سمعنا عن تشكيل لجان متخصصة تقوم بها الأمانات لمراقبة جودة الخرسانة الجاهزة؟ إلى أي مدى نجحت في مساعيها؟ وما مخاطر التعامل بالخرسانة الجاهزة التي لا تتفق مع المعايير الهندسية على العمر الزمني للأبنية وخصوصا المشاريع العملاقة؟

لقد تم تشكيل لجان متخصصة بالفعل، لكنها حسب علمي موجودة حاليا فقط في مدينة الرياض حيث تقوم الأمانة مشكورة منذ عدة سنوات بتصنيف شركات الخرسانة هناك حسب مواصفات ومقاييس معينة، ونحن ولله الحمد نُصنَّف ضمن الفئة (أ) في كل سنة وهو أفضل تصنيف. وبالنسبة للمناطق الأخرى فهناك حاليا توجه لتطبيق نظام مشابه في منطقة جدة حيث طلبت الأمانة منا أخيرا تسليم الأوراق والبيانات اللازمة وقد قمنا بذلك.
وهذا التوجه يسرنا كثيرا لأننا سبق أن أشرنا في عدة مناسبات إلى ضرورة إيجاد هيئة رسمية رقابية تضع لوائح ومواصفات واضحة تتقيد بها جميع شركات الخرسانة، وتُعطى هذه الهيئة أيضا صلاحيات معينة كمنح التراخيص والأراضي الصناعية وإصدار الجزاءات المناسبة للشركات المخالفة. ونحن نطمح لأن يطبق هذا النظام على مستوى المملكة قريبا إن شاء الله.

كم يبلغ حجم الإنتاج السنوي للشركة السعودية للخرسانة وهل تفكرون في مضاعفة الإنتاج؟
بالنسبة لحجم الإنتاج السنوي فقد زاد بشكل كبير خلال الأعوام القليلة الماضية، فقد ارتفع إنتاجنا من مليوني متر مكعب من الخرسانة في عام 2003 إلى أربعة ملايين متر مكعب في عام 2007، أي أنه تضاعف خلال أربع سنوات فقط. وقد بدأنا العام الحالي باتباع خطة خمسيه جديدة من أهدافها زيادة حجم إنتاجنا بنسبة 20 في المائة على الأقل سنويا، ووفقا لذلك فنحن نخطط بإذن الله أن يصل إنتاجنا إلى أكثر من خمسة ملايين متر مكعب لعام 2008 والوصول إلى أحد عشر مليون متر مكعب مع انتهاء الخطة في 2012.

هل تفكر الشركة مستقبلا في زيادة رأسمالها وطرح نسبة منه للاكتتاب؟
التوجه نحو الاكتتاب أمر مطروح أمامنا منذ العام الماضي، ونحن حاليا ندرس هذا الموضوع بشكل مكثف وجدّي لنرى إذا ما كان الطرح مناسبا لنا، والمهم هو أن الطرح ليس الغاية بحد ذاته وإنما قد يكون وسيلة لتحقيق رؤية وأهداف الشركة على المدى البعيد.
س: ما أبرز المشاريع العملاقة التي تقوم الشركة بإمدادها بالخرسانة؟ وما الدور الذي لعبته الشركة في مشروع بترو رابغ؟
تقوم الشركة حاليا بتوريد الخرسانة للعديد من المشاريع العملاقة منها على سبيل المثال، وليس الحصر، مشروع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا ومشروع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية حيث أنشأنا ثلاثة مصانع على موقع المشروع ومشروع بترورابغ المشترك بين شركتي أرامكو وسوميتومو اليابانية ومشروع معادن في رأس الزور ومشروع (كيان) للبتروكيماويات في الجبيل ومشروعي خريص والخرسانية التابعين لـ "أرامكو السعودية"، وهناك أيضا مشروع إسكان وزارة الداخلية في الرياض ومشروع المدينة الطبية في مكة المكرمة وغيرهم.
أما بالنسبة لمشروع بترورابغ فلدينا هناك محطتان، إحداهما في مدينة رابغ بالقرب من موقع المشروع والأخرى داخل الموقع نفسه، كل محطة تحتوي على خلاطتين مركزيتين يبلغ مجموع طاقتها الإنتاجية 400 متر مكعب من الخرسانة في الساعة. وقد بلغ حجم إنتاجهما حتى الآن نحو 500,000 متر مكعب للمشروع منذ البدء فيه قبل سنتين.

يعد الوقت عاملا حاسما في عملية التوريد لمادة حساسة كالخرسانة، إذ إن خصائصها تتغير بسرعة بمرور الوقت وتصبح غير صالحة للاستخدام؟ فهل أثر هذا العامل في جودة العديد من شركات الخرسانة في المملكة وجودة الأبنية القائمة؟

إن الخرسانة تبدأ بالتصلب بعد مرور ساعتين إلى أربع ساعات بشكل عام فهو بالفعل عامل مهم جدا وحساس. لكنه لا علاقة له بجودة الخرسانة لأن عندما تبدأ عملية التصلب - أو الشَكّ كما تسمى علميا - يصبح من المستحيل نقل الخرسانة في الخلاطات المتنقلة وصب الخرسانة ورصها وما إلى ذلك. لذلك فإن جودة الخرسانة متعلقة أساسا بجودة المواد الأولية وتصميم الخلطة المناسبة من قبل شركة الخرسانة, واتباع المورد والمقاول للمواصفات العالمية الصحيحة للتعامل مع الخرسانة أثناء عملية الخلط والتوريد والصب والتشطيب.

س: هل صحيح أن شركات المقاولات العملاقة قد سحبت البساط من المشاريع الصغرى, وأدت إلى ارتفاع الأسعار ونقص المواد؟
مما لا شك فيه أن هناك تزايدا ملحوظا في حجم الطلب على الخرسانة الجاهزة في المملكة بسبب انطلاق عدد كبير من المشاريع العملاقة في آن واحد. لكن بشكل عام أغلب هذه المشاريع تقام في مناطق نائية وبعيدة عن المدن الرئيسية. فلو نظرنا إلى وضع الأسعار في مدينة جدة مثلا لوجدنا أن الأسعار لم ترتفع كثيرا في الآونة الأخيرة لوجود عدد كبير من الموردين فيها ووفرة مصادر المواد الأولية مما ساعد على إبقاء الأسعار مستقرة إلى حد ما. لكن الوضع يختلف تماما خارج المدن الرئيسية حيث زادت الأسعار بسبب بُعدِها عن مصادر المواد الأولية وارتفاع تكاليف نقلها لمواقع المشاريع العملاقة.
وسبب آخر مهم يجب أن لا ننساه هو موجة التضخم الحالية والغلاء في تكاليف الإنتاج بشكل عام في السعودية وقطاع البناء والإنشاء ليس بمعزل عن تَبِعات هذه الموجة.
س: بالتزامن مع انضمامنا إلى منظمة التجارة العالمية، بدأنا نسمع عن دخول العديد من شركات المقاولات العالمية؟ ألا تشكل لديكم هاجس المنافسة، أو الخوف من امتلاكها معدات متقدمة قد تحد من نشاطكم في ميدان المقاولات؟
المنافسة شيء مفيد جدا لأنها ترفع المستوى العام لأي صناعة، وصناعتنا بالذات ليست مجرد عملية شراء لبعض المعدات وخلط المواد الأولية، لكنها علم مستقل وتخصص قائم بحد ذاته تدخل فيه تقنيات حديثة تتطلب فهما عميقا وخبرة كبيرة في التعامل مع هذه المعدات والمواد كي تنتج خرسانة صالحة للاستخدام تفي بالمواصفات والشروط.
ونحن لدينا جميع هذه المقومات من خبرات فنية وتقنية عالية ومختبرات متطورة للقيام بالفحوصات والتطوير وأسطول معدات ضخم وحديث ومصانع منتشرة عبر أرجاء المملكة، لذا فإنني أرى أنه باستطاعتنا المنافسة عالميا إن استدعى الأمر ذلك.
وأرى أيضا بهذا الخصوص أن التوجه نحو الاستحواذ والاندماج بين شركات الخرسانة سيكون أمرا إيجابيا جدا ومفيدا لأن هذا من شأنه ترتيب أعمال مجالنا وإقصاء الشركات التقليدية غير القادرة على التنافس مما سيرفع المستوى العام لصناعتنا، ونحن مستعدون لمناقشة هذا الموضوع مع الشركات الراغبة في ذلك.

كيف تجد إقبال الكوادر السعودية على قطاع المقاولات وما الصعوبات وما الدور الذي من الممكن أن تلعبه شركتكم في زيادة نسبة السعودة؟
بصراحة شديدة فإن الإقبال على صناعتنا ضعيف في أوساط الشباب السعودي رغم مشاركاتنا العديدة في المعارض المهنية وزياراتنا للمعاهد والجامعات، وهذا يرجع إلى عدة عوامل: أهمها في رأيي أن غالبية الناس لا يعرفون إلا الشيء اليسير عن مجالنا ومدى أهميته وتعدد نشاطاته وتطبيقاته. فكثيرا ما يتم وضع شركات الخرسانة ضمن خانة شركات المقاولات بسبب التعامل الوثيق بيننا وبينهم، لكن الحقيقة أن طبيعة أعمالنا تختلف تماما. فنحن نتميز بجمعنا ما بين بيئة الشركات الصناعية وشركات الخدمات، ولدينا فرص عديدة ومختلفة متاحة للشباب ليختاروا منها ما يرونه مناسبا ويتعلموا تحت إشراف متخصصين ذوي خبرات عالية جدا.

الأكثر قراءة