بعد الصكوك.. المصارف الإسلامية في مواجهة مع شرعية "المرابحة بالسلع"
أثار تصريح أحد المصرفيين الغربيين، الذي أشار إلى أن منتج المرابحة بالسلع قد يتسبب في تراجع صناعة التمويل الإسلامي بسبب استخدامه على نحو غير مناسب، ضجة في أوساط المختصين، وهو ما دفع بعدد من علماء الدين والمصرفيين للتعبير علانية عن مخاوفهم من أن المنتج, الذي كان أحد عوامل قوة الصناعة المصرفية الإسلامية, "لم يعد ملائما".
وبعد أن أوشكت صناعة الصيرفة الإسلامية على لملمة جراحها وإغماض جفنيها من تداعيات أزمة الصكوك وجدت نفسها مستيقظة على منتج آخر بدأ في إثارة الجدل حوله المصرفيون الغربيون قبل الإسلاميين.
وتحاول صناعة التمويل الإسلامي في الوقت الحالي البحث عن بدائل لمنتج يعد من أهم العقود الرئيسية وهو عقد المرابحة بالسلع.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
أثار تصريح أحد المصرفيين الغربيين، الذي أشار إلى أن منتج المرابحة في السلع قد يتسبب في تراجع صناعة التمويل الإسلامي بسبب استخدامه على نحو غير مناسب، ضجة في أوساط المختصين، وهو مادفع بعدد من علماء الدين والمصرفيين للتعبير علانية عن مخاوفهم من أن المنتج, الذي كان أحد عوامل قوة الصناعة المصرفية الإسلامية, "لم يعد ملائما".
و بعد أن أوشكت صناعة الصيرفة الإسلامية على لملمة جراحها و إغماض جفنيها من تداعيات أزمة الصكوك وجدت نفسها مستيقظة على منتج آخر بدأ في إثارت الجدل حوله المصرفيون الغربيون قبل الإسلاميين.
وتحاول صناعة التمويل الإسلامي البحث في الوقت الحالي البحث عن بدائل لمنتج يعتبر من أهم العقود الرئيسية وهو عقد المرابحة بالسلع.
ومثلما وجد فقهاء المصارف أنفسهم في قلب عاصفة أزمة الصكوك, جاء الدور هذه المرة على وسطاء البنوك الذين وصفوا علانية بأنهم يمارسون "الغش التجاري" في منتج عقد المرابحة بالسلع.
ولوحظ وجود " انتقادات صديقة" للفقهاء تركزت على ضرورة إيجاد خيار بديل يخلص البنوك من ذلك المنتج الذي يتعرض للانتقاد باستمرار.
المرابحة بالمعادن
كثيراً ما تستخدم المعادن أساساً للمرابحة في السلع، ولكن في الحقيقة - بحسب مختصين- قد لا تكون هناك أشياء فعلية داخلة في هذه العملية.
وفي عقد المرابحة بالسلع، يستخدم البنك فائض سيولته لشراء السلعة بطريقة تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتشتمل هذه العملية على شراء سلعة من السلع كالمعادن التي يملكها بنك آخر لمدة زمنية محددة مسبقاً، وبعائد محدد سلفاً، وبعد ذلك يبيع المشتري تلك السلعة بالسعر السائد، ويكون مديناً للبنك بالسعر المحدد الذي اشترى السلعة به، بعدها يسدد العميل كلفة السلعة للبنك مضافاً إليها أتعاب البنك أو "ربح معين" في وقت لاحق.
وبهذه الطريقة، يحقق البنك ربحاً وفي الوقت نفسه يكون المشتري قد حصل على التمويل من البنك. ولكن على الصعيد العملي، فإن السلع في كثير من هذه العمليات لا تنتقل من جهة إلى أخرى، وأحياناً لا تكون هناك سلع بالمرة، بل هي مجرد تدفقات نقدية بين البنوك والوسطاء.
يشار إلى أن الإسلام يحرم الفائدة ويشترط أن تكون الصفقات مبنية على موجودات أو أصول ملموسة ذلك لأنه لا يجوز جني الربح من المال وحده.
ولكن إذا اتخذ العقد شكل المرابحة بالسلع، فإنه يمكن استخدامه أيضاً لتأمين النقد حين يقوم العميل بإعادة بيع السلعة، وبذلك تكون النتيجة الفعلية لهذه العملية بمثابة شراء المال من البنك مقابل تكلفة معدل الربح.
أهم التحديات المعقدة
وفي هذا الصدد, قال روجييرو لوموناكو، مدير دائرة الشرق الأوسط والمنتجات الاستثمارية الخاصة الإسلامية لدى بنك إي بي إن أمرو الهولندي، في معرض حديثه في منتدى التمويل الإسلامي الذي عقد الشهر الماضي في دبي:" إن الوضع محرج قليلاً لهذه الصناعة".
وأشار إلى أنه في بعض الأحيان لا يكون هناك ما يكفي من السلع المعنية لتغطية جميع المعاملات الجارية، مرجحاً أن تتسبب العمليات التجارية نفسها في تراجع الصناعة المصرفية الإسلامية خلال فترة قصيرة جداً.
وقال أحد أبرز العلماء المسلمين، حسين حسن، في تقرير خاص اطلعت عليه وكالة "رويترز": "إن عقد المرابحة هو واحد من أهم التحديات الداخلية والمعقدة التي تواجه صناعة الصيرفة الإسلامية".
وأضاف قائلاً:" إن هذا العقد يناقض الغرض الأساسي الذي وجدت من أجله البنوك الإسلامية". يشار إلى أن الشيخ حسن عضو في المجالس الشرعية الخاصة في العديد من المؤسسات المالية الإسلامية ومنها بنك دبي الإسلامي وبنك دويتشيه.
ضلوع الوسيط.. واكتشاف التلاعب
وقال أسيد خيلاني، مدير الإدارة الشرعية في بنك أبو ظبي الإسلامي في إشارة إلى تحريم الإسلام للفائدة التي تقوم عليها الموجودات الملموسة:" مكمن الخوف هو أن السلعة أحياناً لا تكون موجودة وأن الوسيط يمكن أن يقوم بأعمال الغش، والوسيط يمكن أن يبيع السلعة نفسها إلى أكثر من بنك في نفس الوقت، وقد تم اكتشاف ذلك في بعض الحالات، ولكن هناك وسطاء ملتزمين بأحكام الشريعة الإسلامية".
وقال آخرون إن هذه العملية أشبه بعملية فورية على الورق، ولا توجد لها إلا علاقة ضئيلة بالسلعة الأساسية، الأمر الذي يعتبرونه مخالفاً للقاعدة التي تقول إن الربح يجب أن يأتي من موجودات فعلية على أرض الواقع".
وممن انتقدوا معاملات المرابحة بالسلع الدكتور أزنان بن حسن، الأستاذ المساعد في الجامعة الإسلامية الدولية في ماليزيا الذي طالب البنوك الإسلامية باستخدام المرابحة فقط كملاذ أخير إذا لم تتمكن من استخدام فائض سيولتها على أي نحو آخر.
الحل.. المبادلات القائمة على الوعد
وهنا قال عدد من المصرفيين إنه لم يعد ممكناً بعد الآن أن تعتمد هذه الصناعة المزدهرة بهذا القدر الكبير على نوع واحد من العقود الذي لم يعد ملائماً لاحتياجات هذا القطاع. إذ يقول جيرت بوسويط، مدير الهيكلة الشرعية في بنك دويتشه الألماني:"إن الصيرفة الإسلامية في حاجة ماسة إلى بدائل". وأضاف " بنك دويتشه يهدف إلى طرح بديل خلال أسابيع".
من ناحيته، اقترح روجييرو استخدام المبادلات التي تقوم على الوعد، وهي عقد تمويل مثير للجدل تعرض للانتقاد أخيراً من جانب علماء آخرين في مجتمع التمويل الإسلامي.
وقال في هذا الصدد للأربيان بزنس: "عبر هذا الترتيب، يمكن الاستثمار في العديد من الأصول وربط أدائها بمعايير خارجية".
وسيتلقى المستثمرون الإسلاميون عوائد يمكن ربطها بـ "ليبور أو مؤشرات الأسهم، أو حتى بأداء صناديق التحوط".
ويرى مصرفيون وعلماء دين آخرون أن من الصعب أن يحل شيء محل عقد المرابحة وأن تحسين الإشراف على الوسطاء قد يجعل العقد أكثر قبولاً، إذ قال الشيخ نظام يعقوبي:" إن بعض المؤسسات قد لا تستوفي شروط البيع، دعونا نحل هذه المشكلة، من دون وصفها بأنها غير جائزة دون تدعيم ذلك بدليل"
وتابع:" إذا قلت إن هذا الشيء أو ذاك محرم فيجب أن تأتي بالدليل، ولا يوجد لدينا هذا الدليل".