لماذا ينخفض الدولار إلى هذا الحد؟
سجل الدولار عدة انخفاضات أمام عدد من العملات العالمية، والسؤال الذي يدور في عقل الجميع هو إلى أي مدى سيستمر ذلك؟ إلى أي مدى انخفض الدولار؟
لقد انخفض الدولار إلى مستويات قياسية فقد انخفض إلى أدنى مستوى له أمام الجنيه الإسترليني منذ 12 عاما.
كما أنه انخفض إلى أدنى مستوياته على الإطلاق أمام اليورو. والفرنك السويسري في أقوى موقف له أمام الدولار منذ عام 1995، كما وصلت الكرونا السويدية إلى أعلى سعر لها منذ عام 1997.
وعلى الرغم من أن البنك الياباني المركزي يحافظ على سعر الين، إلا أنه في أعلى مستوى له منذ عام 2000.
وارتفع سعر اليورو أمام الدولار بنسبة 10 في المائة خلال الأشهر الستة الماضية، وبنسبة 58 في المائة منذ أكبر انخفاض له عندما كان اليورو يساوي 84 سنتا في تموز (يوليو) 2001.
لماذا انخفض الدولار؟
سجل الاقتصاد الأمريكي هذا العام نموا بنسبة 8 في المائة. لكنه مازال أقوى من الاقتصاد الأوروبي والاقتصاد الياباني. ويشتري المستهلكون الأمريكيون بضائع مستوردة بكميات متزايدة. وتقوم الدولة بالاقتراض من أجل تمويل الصفقات التجارية ومن ثم العجز الذي ينتج عن ذلك.
وعلى المستوى العالمي، تدخل البضائع الولايات المتحدة فيما تخرج منها الأموال، مما يقلل من قيمة الدولار.
وثبت بنك الاحتياط الأمريكي الفائدة عند 2 في المائة، وهي التي كانت ثابتة منذ 42 عاما وحتى بداية العام الجاري عند 1 في المائة. ولكنها تعد منخفضة للغاية حسب المعايير العالمية والتاريخية.
كما أن انخفاض سعر الفائدة لا يجذب تدفق رؤوس الأموال التي تتحكم في الأسعار.
ويبدو أن التزام الساسة الأمريكيين بشعار "دولار قوي" قد ضعف، ربما بعد أن اكتشفوا أن الولايات المتحدة تجني المكاسب من ضعف عملتها.
ما الآثار التي ترتبت على ذلك؟ يلعب الدولار دورا مهما في الاقتصاد العالمي. ولكن الولايات المتحدة هي أقل من يعاني. وعلى الرغم من أن مستهلكيها يقبلون على البضائع المستوردة فإن الشركات الأمريكية تزيد من امكاناتها التنافسية وتجني المكاسب وتزيد من عدد العاملين فيها.
وفي الوقت نفسه، يجد المصدرون في أوروبا وآسيا صعوبة في بيع بضائعهم في الأسواق الأمريكية.
وربما يتسبب ذلك في بقاء السائحين الأمريكيين في بلادهم مما يضر بالعديد من الدول السياحية في أوروبا وآسيا، حيث يعد السائح الأمريكي هو السائح الرئيسي في تلك البلاد.
وبما أن التجارة في بضائع مثل المعادن والمحاصيل تتم بالدولار فربما ترتفع أسعارها. وقد ارتفع سعر الذهب وسعر النفط نتيجة لانخفاض سعر الدولار.
هل يمكن أن ينقلب الوضع؟ ربما يكون التسوق أرخص في نيويورك عندما تريد شراء أجهزة إلكترونية يابانية أو ألعاب أوروبية.
وبشكل عام ستجد الشركات أن الأرخص بالنسبة لها هو الاستثمار في الولايات المتحدة. هل يمكن أن ينخفض الدولار أكثر؟ يعتقد كثير من الناس أن ذلك سيحدث.
هناك إجماع على أن انخفاض الدولار سيستمر، نظرا لعدم انتفاء أسباب هذا الانخفاض حتى إن ألان جرينسبان رئيس بنك الاحتياط المركزي أشار إلى أن الحكومة الأمريكية لن تتدخل قريبا لدعم الدولار. ويعتمد العجز والدولار على رغبة بقية دول العالم في شراء البضائع الأمريكية. ماذا يعني هذا لبقية العالم؟
سيزداد النمو في كل من أوروبا واليابان في وقت ما بالطبع مما سيؤدي إلى تصحيح الخلل في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة. ولكن يمكن أن يستغرق هذا الأمر أعواما طويلة. وإذا حدث هذا على مدى زمني قصير، سيكون أثره السلبي أقوى.
وفي الوقت نفسه، يجب أن يكون السؤال هو هل ستتخذ الدول الغنية إجراءات لدعم اليورو أمام الدولار كما فعلت عام 2000؟
ولكن الخيار محدود هذه المرة. فأسعار الفائدة في أوروبا واليابان تتجه للارتفاع. ولا يوجد إجماع على المستوى العالمي من أجل تنسيق جهود الدول.
وقد فشل وزراء المالية في اجتماع الدول العشرين الصناعية الكبرى، تحت ضغط من الولايات المتحدة، في مجرد تضمين قضية الدولار في جدول الأعمال.
المصدر: BBC