الشراكة الخليجية قادرة على تحقيق مستويات أفضل مما هي عليه
يعد صلاح الشامسي رئيس غرفة تجارة وصناعة أبو ظبي ورئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة القدرة القابضة من الشخصيات الاقتصادية البارعة والمميزة في الإمارات والمنطقة، وهو دائم التركيز على أهمية تفعيل دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية ويميل دوماً إلى الشراكة الخليجية، وأينما حل مستثمراً يبحث عن الشريك المحلي. وينظر بعين الاحترام والتقدير للاستثمار في شتى المجالات، مركزاً على أهمية وحيوية الاستثمار في عالم الصناعة الذي يخلق الفرص والوظائف العديدة والدائمة، دون التقليل من القطاعات والمجالات الاستثمارية الأخرى. ويرى أن دول الخليج منطقة جاذبة للاستثمار بحكم كونها واحة أمان اقتصادي. ويتمنى لو تكون الشراكة بين المستثمرين الخليجيين أكبر مما هي عليه في الواقع، حيث لا تتجاوز الاستثمارات الخليجية المشتركة 10 في المائة. ويعمل على كسر حالة الانغلاق بين الخليجيين التي سببها قلة الزيارات المتبادلة وليس انعدام الثقة.
في البداية ومع انتهاء فترة ترؤسك الغرف التجارية الخليجية هل أنت راض عن أدائها خلال الفترة الماضية؟
بداية لا بد من الإشارة على أنها فترة قصيرة زمنيا لا تتجاوز سنتين بحكم النظام والقانون فالنظام موجود هكذا، ولكن على العموم حاولت خلال تلك الفترة التعرف على العمل وطبيعته والتعرف على زملاء العمل، وبشكل عام أستطيع القول إننا قدمنا بعض الأمور وحققنا بعض الأهداف خصوصاً فيما يتعلق بتفعيل اللقاءات والزيارات المتبادلة فقد عملنا لقاء إماراتيا - سعوديا وفعلنا المجلس التنفيذي للاتحاد وقمنا بتعيين أمين عام جديد بعد فترة طويلة من ترؤس الأمين العام السابق على أساس أن هذه الخطوة تمثل فرصة لضخ دماء جديدة في الاتحاد. وفي مؤتمر الرياض نحاول أن نعمل ملخصا وتقييما لمنجزات الاتحاد السابقة.
هل تعتقد أن الفترة "سنتين" كافية للإنجاز والتقييم؟
لا ليست كافية وأنا أعتبر أن السنة الثانية هي البداية، وكما تعرف نحن في الإمارات تمتد فترة الرئاسة أكثر من ذلك، لكنني أعتقد أن سنتين فترة غير كافية، وعلى العموم المسألة ترتبط بما هو موجود فهذا هو النظام والقانون للاتحاد.
هل تطالب بتغيير نظام اتحاد الغرف إذن أو على الأقل تقترح أن تكون المدة أكثر من سنتين؟
المسألة ليست في عملية المطالبة بالتغيير لمدة أطول فالأهم هو أن نقوم بدور ما وقد يكون لدينا مطالب أخرى، لكن المسألة عموماً يبدو كأن مدة السنتين مدروسة جيداً لأنها إن طالت أو قصرت تخلق مشكلات أخرى خاصة ببعض الدول لكن سنتين فترة غير كافية.
حول الأعمال والأفكار التي حاولت أن تنفذها وتطبقها لكن عامل الوقت كان هو المانع الأساسي لعدم تنفيذها؟.
كنت حريصاً على عمل معارض صناعية مشتركة والحديث عن السوق الخليجية المشتركة وعقد الندوات التعريفية.. لكن الهاجس الذي كان يقلقني هو الاستثمار، فما أراه أن الاستثمارات الخليجية المشتركة قليلة فلا وجود لشراكات خليجية مساهمة عامة أو خاصة مشتركة، وهذا ما كنت آمل فيه بأن نزيد من الشراكات الخليجية في شتى المجالات وخصوصاً الصناعية، مع العلم أن التجربة السعودية وفي الإمارات جيدة مثل قطاع التعليم، وأستطيع القول إن هناك ميزة معينة لدى كل دولة وكل قطاع، فلماذا لا يتم العمل على توسيع تلك القطاعات وتعميم وتعزيز تلك الميزات من خلال الشراكات على قاعدة ألا نكتفي بعمل الندوات واللقاءات بل نتعدى تلك الأعمال على الرغم من أهميتها إلى الجوانب الملموسة، فكل عمل متميز سيترك آثاراً ملموسة على أرض الواقع، كأن تعمل شركة صناعية مشتركة أو شركة تعليمية مشتركة أو مستشفى، فمثل هذه الأمور والمؤسسات الوليدة تتطلب جهوداً مشتركة ووقتا كافيا، ونحن بالتأكيد سندعم الرئيس الجديد من أجل مثل هذه المهمات والتوجهات وتفعيل دور الأمانة العامة، وأعتقد أن الفترة المقبلة ستشهد محاولات جادة لإنجاز الكثير، وبالمناسبة سأتحدث في الاجتماع المقبل عما تم إنجازه خلال الفترة السابقة وعن الأشياء التي نطمح إلى إنجازها في ظل القيادة الجديدة.
هل أدى اتحاد الغرف التجارية الخليجية دوره ووظيفته ورسالته المنشودة؟
بداية أرجو ألا يتم تحميل اتحاد الغرف والغرف التجارية في كل دولة خليجية أكثر مما يحتمل فدور الاتحاد والغرف تنفيذي أكثر من أي دور آخر، ويعتمد بشكل كبير على دور رجال الأعمال، ما يعني أن المبادرات يجب أن تأتي من رجال الأعمال الخليجيين، فاتحاد الغرف ليس أكثر من مجلس يحاول أن يجمع رجال الأعمال وينقل همومهم.. لكن المبادرات الحقيقية والعملية يجب أن تأتي من رجال الأعمال أنفسهم، ودور الغرف والاتحاد على العموم يتجلى في نقل الأفكار والهموم والتطلعات، فليس المطلوب من الاتحاد والغرف أن يقوموا بإنجاز الصناعات والاستثمارات فتلك مهمات رجال الأعمال، والاتحاد يعمل على تسهيل الإجراءات والبحث في المعوقات في سبيل تجاوزها والعمل على إزالتها ورفع التقارير للجهات المعنية لإنجاز التسهيلات والإجراءات الميسرة. فأية ملاحظات تصل إلينا تنتقل إلى الأمانة العامة للاتحاد التي تعمل على تلبية الطلبات ومتابعتها بما فيها الدراسات والبحوث.
هل تطمحون إلى دور أكبر في الغرف التجارية؟
أنت تعرف كما يعرف غيرك أن رجال الأعمال في دول الخليج هم عبارة عن عائلة واحدة وأسرة واحدة وبالتالي ما أسهل أن يتحرك رجال الأعمال بمفردهم بين جميع دول الخليج، وكما هو معروف فإن الاتحاد هو حلقة وصل أو همزة وصل بين رجال الأعمال والغرف الخليجية والأمانة العامة لدول مجلس التعاون.
في اعتقادك هل رجال الأعمال الخليجيون مؤهلون للعمل والاستثمار معا وبشكل مشترك؟ وهل هناك شراكة حقيقية؟
نحن نعرف مثلاً أن القطاع الصناعي في السعودية قطاع نشط ما يعني أن فرص الشراكة واردة وقائمة، لكن حقيقة أتمنى أن يكون التفاعل أكبر والشراكات أكثر فالاستثمارات الخليجية المشتركة لا تتعدى 10 في المائة.
هل هذا يعني عدم وجود ثقة؟
لا ليس الأمر كذلك لكن أعتقد أن الأمر مرتبط بعدم وجود تعارف وعلاقات بين الأطراف فلا وجود لتعارف أو اختلاط، ومن هنا جاء تركيزنا خلال الفترة الماضية على أهمية الندوات المشتركة واللقاءات والزيارات المتبادلة كي نتعرف على بعضنا بعضا بشكل أفضل فمثلاً وفي ضوء تلك الزيارات والندوات عرفنا أن هناك قطاعا صناعيا نشيطا في السعودية، وأنا بدوري أعتز بالتجربة الصناعية النشطة في السعودية وكذلك التجربة الزراعية والخبرة في الزراعة في السعودية. وبالتالي أنا كرجل أعمال بعد مثل هذه اللقاءات والزيارات وبعد هذه المعرفة والاطلاع على حقيقة الوضع الزراعي والصناعي في السعودية، فعندما أفكر في الاستثمار أفكر مباشرة بالشراكة مع الشريك السعودي وكذلك هو الحال مع بقية دول مجلس التعاون.
لماذا هذا الانغلاق بين الخليجيين وهل عقلية الخليجي غير منفتحة؟
أعتقد أن سبب الانغلاق يكمن في قلة الزيارات المتبادلة، وبالمناسبة غالباً ما كان المستثمر الخليجي يركز على المستثمر الأجنبي والشركات الأجنبية الكبرى لكن اليوم أستطيع القول إننا وصلنا إلى مرحلة النضج والخبرة وحققنا مستويات متقدمة من النجاح وبلغنا مستوى جيدا من التقدم التي تؤهلنا لأن نعمل معاً كخليجيين، فتجاربنا اليوم ناجحة في أكثر من مجال وقطاع استثماري، ولكن قد يجوز أن هناك عدم معرفة كافية لدى البعض في حقيقة تلك التجارب والنجاحات خصوصاً في عالم العقارات والتطوير العقاري، وبالتالي فالمسألة ليست لها علاقة بالثقة لكنها ترتبط بحجم الاطلاع ونوعه والمعرفة والترويج، فالترويج لا يتم كما ينبغي ما يعني أن الشركات الصناعية والزراعية والتجارية يجب أن تقوم بدور فاعل في عمليات الترويج لمنتجاتها وخدماتها لدى جميع مواطني دول الخليج، فبدون هذا الترويج تبقى هناك حلقة مفقودة ولا بد من البحث عنها كي يعرف المواطن الخليجي الكثير من الأسماء المتميزة في عالم الاستثمار بكل مستوياته وأنواعه. وبالتالي يجب أن يكون للمستثمر الخليجي دور في عملية البحث والتقصي وكذلك هو الحال بالنسبة للشركات الخليجية نفسها. وهذا ما نأمله من دور ومهمات وخصوصاً استغلال المعارض والندوات واللقاءات التي تلعب دورا مهما في الترويج للمنتجات في القطاعات كافة. وكذلك هو الحال فيما يتعلق بالسوق الخليجية المشتركة فهي أيضاً تتطلب ندوات تعريفية كي يعرف الجميع فوائد هذه السوق.
كيف تنظرون إلى السوق الخليجية المشتركة، وهل أنت متفائل؟
ما من شك أن كل اتفاقية يتم الإعلان عنها لا بد لها من خطوات تنفيذية، وبالنسبة للتفاؤل نعم أنا متفائل لأن هذا هو مصيرنا جميعاً في منطقة الخليج، فهذا المصير يستلزم التعاون والتنسيق بين جميع دول المجلس كي نكبر ونتطور ونتقدم نحو الأمام معاً، ولا تنسى أن المعاملة بالمثل هي لصالح المواطن الخليجي كما أنها تخلق المنافسة وأن السوق الخليجية المشتركة تمهد الطريق إلى العملة الخليجية الموحدة، وسواء كان هناك عقبات عند التنفيذ أم لا فإنه ما دام هناك قرار من القادة فمثل هذا القرار ينتظر التطبيق والتنفيذ خلال هذه السنة أو السنة المقبلة على الأكثر.. والقرار كما هو معروف اتخذ على أعلى مستوى، ولم يبق غير التنفيذ، وعند التنفيذ قد يكون هناك عقبات لكن من السهولة بمكان تجاوزها فالمهم هو التعاون والتنسيق، فالأمر محسوم حيث هذا هو مصيرنا وقدرنا ومن خلال مثل هذه القرارات والخطوات نكبر ونتقدم معاً إلى الأمام.
نظراً لتشابه دول الخليج من جميع النواحي ألا تحتاج هذه الدول إلى قمة اقتصادية على مستوى القادة والاقتصاديين ورجال الأعمال خصوصاً في ظل الوجود الكثيف للمستثمر الأجنبي هنا؟
اليوم أصبحت دول الخليج كلها على مستوى الوطن العربي قوة اقتصادية كبيرة، كما أن الشركات الخليجية أخذت في التوسع محلياً وإقليمياً وعالمياً في مختلف المجالات الصناعية والتجارية والزراعية والعقارية والخدمات، ومثل هذا الأمر لا يمنع من انعقاد أي لقاء اقتصادي فالاقتصاد هو محرك التنمية كما أن للقطاع الخاص دورا حيويا في هذا الأمر فهو محرك ودينمو مهم في عملية التنمية، ومثل هذه القطاعات تخلق فرص عمل عديدة ومتنوعة والعملية على العموم متكاملة فخلق فرص عمل في مجال التعليم مثلاً يستلزم البحث في كيفية تطوير التعليم، فالقطاع العقاري على الرغم من أهميته يخلق وظائف لكنها مؤقتة بينما يخلق القطاع الصناعي وظائف وفرص عمل دائمة. فعندما نتكلم عن الألمنيوم وصناعته فإننا نتكلم عن الألمنيوم وأهميته في كل دول الخليج وبالتالي مطلوب التركيز في العمل والجهود على مثل هذه الصناعات والقطاعات كما هو الحال مثلاً في "دوبال"، والتركيز في مثل هذه الحالات ليس من قبل الحكومات فقط بل من قبل القطاع الخاص وشراكته مع القطاع العام وبما يتماشى مع توجهات قادة دول مجلس التعاون، وبالتالي فإن المشاريع المشتركة المطلوبة لا بد من خلق حالة من الشراكة فيها بين القطاعين العام والخاص وهذا أمر مطلوب للترجمة العملية والتنفيذ وعدم الاكتفاء بالحديث النظري عنه.
كيف هي رؤيتكم للقطاع الخاص؟
هناك مقولة مهمة تشير إلى أنه في الاتحاد قوة، ومن المعروف هنا أن الفرص والوظائف عديدة وكثيرة، كما أن التعاون والتنسيق مسائل أساسية في تحقيق الأهداف، والفرص لا تنتظر طويلاً خصوصاً أن الفرص الاستثمارية موجودة في العالم كله، الأمر الذي يتطلب التعاون والتنسيق. والفرص متوافرة في كل العالم في جميع القطاعات.
ولكن يبدو أن المفضل لديكم هو المستثمر الأجنبي؟
قد يكون هذا الرأي صحيحا تاريخياً أو من الناحية التاريخية فقد كان المستثمر الأجنبي كذلك بسبب عدم توافر ووجود التجارب المحلية والخليجية والعربية ولكن اليوم وفي ضوء وجود وكثرة وتعدد التجارب المحلية والخليجية والعربية فبالإمكان القول إن المستثمر الأجنبي انتهى دوره بمعنى أنه ما عاد له ذلك الدور والأهمية السابقة، ولكن بالمقابل ما زال لدينا بعض المجالات والقطاعات يوجد فيها المستثمر الأجنبي وفيها لا يمكن الاستغناء عنه نهائياً، ففي بعض المجالات لا بد من وجوده لكنه كان المفضل تاريخياً عندما لم تكن هنا تجارب ناجحة، ومع التطور والتقدم أصبحت الإمارات والسعودية وبقية دول الخليج ملأى بالتجارب الناجحة المحلية والخليجية والعربية، وبنظرة سريعة اليوم إلى المشهد الاستثماري وأنشطة القطاع الخاص نستطيع رؤية أسماء خليجية لامعة تحتل مكانات متميزة على مستوى المنطقة والعالم مثل "إعمار" و"القدرة" و"صروح" و"طموح" وغيرها في عالم التطوير العقاري عدا القطاعات الأخرى مثل الحديد والألمنيوم والصناعات عموماً حيث تتجلى الخبرات الخليجية المشتركة بوضوح.
تشهد السعودية نهضة وتقدماً في عالم الزراعة والصناعة.. ما تعليقكم؟
لا أحد ينكر أن السعودية دخلت هذه القطاعات بقوة وثقة كما كان للقطاع الخاص دور مهم في هذه القطاعات والمجالات بحيث لا يمكن أن ننكر جهود ودور وخبرات القطاع الخاص التي ضخها في عالمي الصناعة والزراعة، وبالتالي فالنجاح المتحقق أسهم فيه القطاع الخاص جنباً على جنب مع القطاع العام، فالقطاع الخاص السعودي في التجارة والزراعة والصناعة مع الدعم الحكومي الرسمي حقق نجاحات كبيرة. وبالمناسبة تعد السعودية والإمارات قطبي الصناعة العربية على المستويين الحكومي والخاص.
بالنسبة للقوانين الاقتصادية والاستثمارية في السعودية هل لمستم تغيراً فيها وفي عملية التعاطي معها؟
طبيعي جداً وما يجري على الأرض خير دليل على ذلك سواء تلك المدن الاقتصادية الجديدة التي بدأت في النشوء والظهور وتلك المدن الصناعية المتخصصة ووجود الشركات العقارية العديدة.. كل هذا يعد دليلاً على تطور ومرونة القوانين، كما أن تأسيس هيئة الاستثمار السعودية تعد واحدة من الخطوات المهمة حيث تلعب دوراً حيوياً في جذب الاستثمارات إلى السعودية، فالعملية واضحة تماماً والهيئة تؤدي دورها بكفاءة واقتدار.
هل أنت مع فتح الباب على مصراعيه في السوق الخليجية أمام المستثمر الأجنبي في جميع القطاعات؟
حقيقة الأمر يرتبط بنوع القطاعات الاستثمارية، فاليوم نحن بحاجة إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة والطاقة البديلة، وفي هذا المجال لا مشكلة لدينا في الاستثمار وفتح الأبواب أمام هذا النوع من الاستثمارات كما هو الحال في بعض المجالات الأخرى مثل ما يتعلق بالتكنولوجيا الجديدة والبيوكيمستري وغيرها، حيث ما زلنا في هذه المجالات في بدايات الطريق وليس لدينا تجارب وخبرات نوعية ومتميزة عامة وكافية وناجحة، الأمر الذي يستدعي فتح الباب على مصراعيه أمام المستثمر الأجنبي. فعلى سبيل المثال من المهم جداً الاستثمار في قطاع التعليم والجامعات والصحة، والتكنولوجيا الجديدة المرتبطة بهما. فعندما نتكلم عن فتح باب الاستثمار الأجنبي على مصراعيه يكون ذلك بشكل أساسي للأشياء الجديدة ضمن هكذا مجالات وليس بالضرورة في التطوير العقاري مثلاً لأننا حققنا نجاحات ولدينا مستويات من الخبرة الكافية، لكن المجالات والقطاعات التي لا نمتلك الخبرة الكافية فيها نكون بحاجة إلى المستثمر الأجنبي، وحيثما تكون الخبرات والتجارب متوافرة لدينا لا نحتاج إلى الأجنبي وحيثما لا تكون نحتاج إليه خصوصاً عند نقص الخبرات والإمكانات. وعلى العموم أنا مع الانفتاح على الأجنبي لكن ضمن شروط وضوابط بحيث يكون هناك خطة وأهداف واضحة، حيث لا يمكن أن تسير أمور الاستثمار بدون ضوابط، فما نحتاج إليه نستثمر فيه. والمهم وجود خطة واضحة نحدد في ضوئها ما نريد من استثمارات ونوعها ومدى حاجتنا إليها، والمسألة عموماً مرتبطة بمدى وجود مستثمرين محليين في قطاع معين أم لا، فما دام هناك مستثمرون محليون نميل إليهم وإلا نلجأ إلى المستثمر الأجنبي ضمن مجموعة من الشروط والضوابط والأهداف والخطط الواضحة.
كرجل أعمال هل تعتقد أن اتفاقية التجارة بين أوروبا ودول الخليج جاءت متأخرة، ولماذا؟
أعتقد أن مثل هذا السؤال من الأجدر أن يتم توجيهه إلى الجهات المعنية فلديها التصور الكامل بهذا الخصوص، لكن على العموم أنا مع الاتفاقيات التي تنظم الأعمال التجارية مع الدول الأخرى سواء ما يتعلق بالاتفاق الضريبي ومختلف الاتفاقيات اللازمة. لكن لا بد من الإشارة إلى أنه عندما كنا نتكلم عن اتفاقيات بيننا وبين أوروبا تحدثنا عن خلافات كبيرة فيما بيننا في النقاش، الأمر الذي يستدعي توحيد الجهود بهذا الخصوص كي نتمكن من التفاوض بشكل جيد، وأعتقد أننا قطعنا شوطا كبيرا في هذا المجال، ولكن أعتقد في المقابل أن الجواب الشافي هو لدى الجهات المعنية في وزارات التجارة والصناعة. ونحن كرجال أعمال نأخذ بعين الاعتبار أن مثل هذه الاتفاقيات وبلورتها مسألة ترتبط بالسياسيين والوزراء، وبالتالي نحن كرجال أعمال نقدم الدعم والمساندة والمساعدة ونعمل على تطبيق وتنفيذ وترجمة هذه الاتفاقيات عندما يتم العمل على بلورتها.
هل الأمن الاقتصادي موجود اليوم في دول الخليج؟
نحن اليوم في دول مجلس التعاون نعيش في واحة أمن وسلام، وإلا كيف تفسر هذه الاستثمارات الضخمة والمستمرة والمتدفقة على دول المجلس لولا حالة الأمن الاقتصادي والأمان والاستقرار والسلام التي تسود دول المجلس في جميع المجالات، إضافة طبعاً إلى الأنظمة والقوانين والتسهيلات والإجراءات الميسرة، فلولا الأمن والأمان لما ازدهرت وتطورت الاستثمارات، فعلى الرغم من الاضطرابات التي تسود المنطقة عموماً لكننا في دول المجلس نعيش في مستوى من الاستقرار في كل المجالات بحيث لم تؤثر هذه الاضطرابات في جذب الاستثمارات والاستقرار والأمن الاقتصادي، ولا شك أن قادتنا كانوا وما زالوا يمتلكون الحكمة في التعاطي مع ما يجري في المنطقة. فخلال المرحلة السابقة شهدت المنطقة كثيراً من الأحداث من حرب الخليج وغزو الكويت وأفغانستان والعراق وغيرها بقيت الأوضاع عندنا بحالة جيدة لأن قياداتنا حكيمة وتتبع الشورى مع شعوبها. وهذا دليل على الأمان وحسن الإدارة السياسية من قبل قادة مجلس التعاون.
لكن هناك رؤية مستقبلية للأحداث في إيران والعراق ولبنان وفلسطين وأفغانستان.. هل هذا يؤثر أم لا؟
عندما أنظر إلى الماضي القريب وتلك التجارب والأحداث والاضطرابات أقول لنتخيل معاً لو لم تكن تلك الأحداث كيف سيكون الوضع الاقتصادي عندنا، فعلى الرغم من تلك الاضطرابات فإن هناك تحسنا وتطورا وازدهارا في اقتصادنا، فما بالك لو لم تكن تلك الأحداث.
هل من المفروض أن يشارك رجال الأعمال في الحكومة والقرارات الرسمية؟
نحن كرجال أعمال نشارك في كل شيء وحاضرون تماماً ونحن دوماً مع قادتنا ولسنا معزولين ونحن جزء لا يتجزأ من المجتمع وأصحاب القرار، حقيقة نحن أسرة واحدة ولا نعيش معزولين.
تتميز الدول المتقدمة بوجود مراكز أبحاث ودراسات نشطة وفاعلة، هل لدى دول المجلس مثل تلك المراكز، وما دورها؟
لدينا مراكز دراسات وأبحاث قادرة على توفير المعلومات لمن يريد الاستثمار لكن ما من شك أن مراكزنا ليست بالضرورة أن تكون في مستوى الدول المتقدمة لكنها توفر معلومات للمستثمرين، وأنا بحكم عملي وموقعي أعرف أن لدى كل الغرف التجارية مثلاً أقسام بحوث ودراسات يمكن الرجوع إليها بسهولة ويسر كما هو الحال لدى جميع الوزارات والمؤسسات والدوائر الرسمية، ولا بد للمستثمر من الاطلاع على تلك الأقسام والدراسات التي لديها فالدراسات موجودة هناك لكن فيما يبدو أن البعض يجهل ذلك أو لا يعلم بها، فالمعلومات والإحصاءات والدراسات موجودة لكنها لا تضاهي تلك الموجودة في الدول المتقدمة.
معظم دول الخليج تصر على ربط عملاتها بالدولار.. هل هذا الأمر محرج لكم كقطاع استثماري ومالي، خصوصاً في ظل تراجع قيمة الدولار في الفترة الأخيرة؟
لا أبداً. فنحن مع أي قرار تتخذه الجهات المعنية والبنوك المركزية في بلداننا، فأي قرار يتخذه القادة هم أدرى بمصلحة بلدانهم ونحن بدورنا نؤيد قرارات قادة التعاون وعلى المستوى الوزاري، وأعتقد أن دعمنا للقرارات يشكل عاملاً قوياً لتطوير اقتصادنا.
لننتقل إلى محور آخر متعلق بشركة القدرة القابضة .. بحكم موقعكم القيادي فيها، كيف ترون مستقبلها في ظل نجاحها في الانتقال من المحلية إلى الإقليمية والعالمية؟
أولا هذا النجاح المتحقق لشركة القدرة القابضة هو توفيق من الله تعالى، ومن ثم هناك الدعم الحكومي القوي خصوصاً من حكومة أبو ظبي حيث توفر لنا الحكومة الدعم القوي والفرص والمساعدة والمساندة، ومن جانبنا استطعنا أن نوظف الدعم الحكومي وعملنا على إنجاز وتصميم مشاريع متنوعة تعود بالفائدة على الجميع. لدينا ملف استثماري قوي في أبو ظبي ونحاول باستمرار أن نوزع وننوع استثماراتنا ولا نكتفي بالعقارات والتطوير العقاري فقط بل نتجاوز ذلك إلى الاستثمار في عالم الصناعة والنقل والبنية التحتية وشتى المجالات. ولا بد هنا من الإشارة إلى أن الدعم الحكومي فتح لنا أبوابا كثيرة محلياً وإقليمياً فقد زرنا سورية واليمن والمغرب والجزائر وغيرها وفي كل دولة زرناها كان اسم الإمارات عالياً ويسبقنا الأمر الذي شكل لنا دعماً عمليا ولوجستياً مهماً وساهم في تحقيقنا مستويات متميزة من النجاح، وبالتالي أستطيع القول إن مهمتنا في الخارج كانت سهلة نظراً لهذا المشهد وخصوصاً أنه كانت لدينا الرغبة والجدية في ضوء الدعم المتواصل في الانتقال من المحلية إلى الإقليمية إلى العالمية لأنه لا يمكن أن تكون لاعباً إقليمياً وأنت تكتفي بالبقاء في الإمارات أو تكتفي بنشاط واحد.. لا بد من التنوع في الأنشطة والاستثمارات.
أنتم شركة إماراتية لا تقل أهمية طبعاً عن الشركات الإماراتية التي دخلت السوق السعودية بشكل مباشر، متى ستدخل "القدرة القابضة" السوق السعودية وأين بالتحديد؟
إن شاء الله خلال العام الجاري، حيث لدينا دراسات للسوق السعودية التي نعدها سوقاً كبيرة خصوصاً في القطاع العقاري ونحن نعرف أن الشركات الخليجية هي موضع ترحيب في السعودية وخصوصاً الشركات الإماراتية، وأنا متفائل جداً بحضورنا القريب في السوق السعودية، ولكن الآن لا أستطيع الإفصاح أين سنكون بالتحديد لكننا نتجه صوب تغطية كافة أنحاء المملكة وبشكل رئيس طبعاً الرياض وجدة والشرقية كبداية، لكننا نهتم بالدخول العقاري والقطاعات الأخرى البحرية والزراعة ونتجه نحو الاستثمار في كل الفرص السعودية من خلال الأعمال مع شركاء سعوديين بالتأكيد من أجل تبادل الفائدة والمنفعة والخبرات.
إذن ستكونون في أكثر من قطاع استثماري هل تكشف لنا أكثر ولو عن مشروع أولي؟
أول مشروع هو في الاستثمار الزراعي وعن طريق شركة سعودية قائمة نعمل معها حالياً هي شركة الرشيد الزراعية، فقد رحبت الشركة ودخلنا معاً في سوق الإمارات ومن خلال وجودهم في السعودية ندخل معهم السوق.
وفي عالم العقارات أين أنتم في السعودية؟
سنكون هناك بالتأكيد لكننا لم نحدد بعد، لدينا أفكار ومشاريع عقارية متميزة كما هو حالنا في السوق الإماراتية.
هل لديكم توجه لتنفيذ شركة عقارية في السعودية وكم رأسمالها؟
نعم لدينا هذا التوجه لكننا لم نحدد رأسمالها بعد وبالمناسبة ستكون مع شركاء سعوديين. ولا أقول لك إننا وصلنا على اتفاق مبدئي بل هناك حديث يمكن القول إنه وصل إلى مراحله النهائية وقبل منتصف العام الجاري تكون الأمور قد تبلورت.
ما أبرز المغريات الاستثمارية لرجال الأعمال الخليجيين وغيرهم في أبو ظبي؟
أود القول إننا كشركة إماراتية نحرص على جذب المستثمر السعودي خاصة إلى سوق أبو ظبي والتعامل معه في كافة أشكال وأنواع الاستثمار العقاري والصناعي والتجاري والزراعي، فلدينا في أبو ظبي فرص حقيقية للاستثمار وهذه دعوة مفتوحة للمستثمرين السعوديين لزيارة أبو ظبي للاطلاع على الاستثمارات وحجمها وأنواعها فالفرص عديدة ومتنوعة في جزيرة الريم والسعيديات وغيرها، والمستثمر السعودي مرحب به دوماً والمجالات الاستثمارية متنوعة ومفتوحة لشركائنا السعوديين.
من المعروف أن استثمارات أبو ظبي قوية وضخمة، لكن هناك من يقول إنها بطيئة الأمر الذي يسبب تريثا لدى المستثمر السعودي في دخول سوق أبو ظبي؟ هل من تعليق على ذلك؟
هذا غير صحيح بل العكس هو الصحيح وأنا بدوري أشجع المستثمر السعودي لدخول سوق أبو ظبي خصوصاً أن القطاع الخاص هنا نشط وقوي وليس أدل على ذلك من دور ومكانة شركات: الدار، القدرة، طموح، صروح، والريم وغيرها حيث يطول الحديث، ونحن في الغرفة التجارية جاهزون لتقديم الدعم والمساعدة لهم وهذه دعوة مفتوحة لهم لزيارة أبو ظبي، ونحن على استعداد لإزالة أي لبس أو معوقات قد تواجه المستثمر السعودي لأن هدفنا هو التسهيل وليس التعقيد، فاللقاءات والمتابعات والتنسيق والبحث في أي مشكلة قد تحدث تسهل عملية الاستثمار وتوفير الحلول المناسبة، فهدفنا جذب المستثمرين: المحلي، الخليجي، العربي، والأجنبي.