مجاري طريق الخرج تحول الصحراء إلى متنزه للمارة وأصحاب المواشي
حولت مياه المجاري للمصانع والشركات الممتدة على طريق الرياض ـ الخرج، مساحة صحراوية تجاوزت مساحتها خمسة آلاف متر، إلى واحة تكسوها الطبقة الخضراء.
وأكد سكان بالقرب من الموقع، أن مياه الصرف الصحي قادمة من المصانع والشركات المحاذية لطريق الرياض - الخرج، فيما يجتمع حول هذا العشب البعوض والحشرات التي تعطي دلالة واضحة على أن هناك تلوثا يحيط بهذه المساحة، وذلك إذا ما تم مقارنتها بغيرها من المساحات الصحراوية الأخرى.
وأوضحوا أن من يعرف تلك المنطقة، يرثى لحال المتنزهين، وكذلك أصحاب المواشي، الذين لا يعرفون مصدر هذه الخضرة من الأرض، رغم كثرة الاستفسارات حول مصدرها.
في حين لم تسلم محاصيل المزارع الممتدة على طريق الخرج القديم من مجرى الصرف الصحي، والذي ينبع من المدينة الصناعية الثانية، وعند الاتجاه إلى طريق الخرج القديم سترى مجرى الصرف الصحي، وستشاهد بعينك المزارع البسيطة المتناثرة وبعض أشجار النخيل، فيما ستفاجأ إذا تعمقت في السير باتجاه القرى والهجر الممتدة على الطريق صوب الخرج، حيث الروائح الكريهة قد عصفت بالمتنزهين.
وذكر عدد من السكان أن المزارع هي المستفيد الأول من مياه المجاري، وذلك لسقي محاصيلهم، على الرغم من وجود الآبار الارتوازية التي حفرت بالقرب من تجمعات مياه الصرف الصحي.
وقالوا: إن مياه الصرف تحتوي على الصابون والمنظفات الصناعية، وربما المبيدات الحشرية، نتيجة لنبعها من المواد الكيماوية والمستحضرات الخاصة بصناعات ومنتجات الشركات والمصانع في المدينة الصناعية.
وتشير الأبحاث العلمية إلى أن 60 ألف نوع من الملوثات في مياه الصرف الصحي تراوح كمياتها وخطورتها من مواد محرم استخدامها مثل الديوكسين إلى مواد يمكن أن يتحملها الجسم السليم وفي حال تعرض أحد الأشخاص للمياه المعالجة سيصاب بشكل مباشر بالعديد من الأمراض الطفيلية التي ستنتقل عن طريق جهاز الهضم، إضافة إلى الأعلاف التي تقدم كغذاء للمواشي، حيث إن أكل الحيوانات التي تتناول محاصيل ملوثة أو تحتوي على نسبة عالية من المعادن الثقيلة، فإنها تنقل تلك الملوثات الخطيرة عبر أكل لحومها للإنسان والخضراوات التي تُشرب من مياه الصرف.
وتنص الاشتراطات الصحية العالمية على أنه لا يجوز ري الخضراوات التي تؤكل دون طبخ كالورقيات مثل: الخس، البقدونس، الجزر، والسبانخ، التي ربما تتعرض أوراقها للتلوث بمياه المجاري ولو كانت معالجة، كما لا تسمح المنظمات الصحية العالمية بري الخضراوات التي ترتفع قليلاً عن سطح الأرض بمياه المجاري. ومياه الصرف الصحي إذا لم تعالج جيداً فستسبب أمراضاً خطيرة للإنسان، خاصة إذا تسربت لمياه الشرب، لاحتوائها على أعداد هائلة من الكائنات الدقيقة مثل البكتريا والفيروسات والطفيليات، وبذلك تنقل العديد من الأمراض مثل الكوليرا والتيفود وشلل الأطفال.
في حين تعاني القرى والهجر القريبة من مدينة الرياض، تجمع مياه تصريف السيول، حيث يشكل تجمعها مستنقعاً كبيراً يصبح مصدر خطر على الصحة العامة وتنبعث منه روائح كريهة بعد أسابيع من هطول الأمطار، وسط مطالب السكان بدمج مجاري السيول مع الصرف الصحي بطريقة فنية تسمح للسيول بالوصول إلى المجاري دون خروج رائحتها من فتحات دخول السيل ومعالجة المياه والاستفادة منها في التبريد الصناعي وبزراعة الحدائق بدلاً من الخطر الذي تشكله على البيئة.
وبيّن مهتمون أن من الأسباب المهمة لتطوير طرق معالجة مياه الأمطار هو تأثيرها في الصحة العامة والبيئة جراء دمجها مع مياه المجاري، حيث كانت المعالجة تنحصر في إزالة المواد العالقة والطافية والتخلص من المواد العضوية المتحللة وبعض الأحياء الدقيقة المسببة للأمراض. ونتيجة لتقدم العلم في مجال الكيمياء والكيمياء الحيوية وعلم الأحياء الدقيقة وزيادة المعرفة بتأثير الملوثات على البيئة، سواء على المدى القريب أو البعيد إضافة إلى التقدم الصناعي وإنتاج مواد جديدة جعل من الضروري تطوير طرق معالجة لتلك المياه تكون قادرة على إزالة معظم الملوثات التي لم يكن من السهل إزالتها بالطرق المستعملة قديماً، مؤكدين أن الغرض من معالجة مياه الصرف الصحي يرجع إلى منع تأثيرها على البيئة.
في حين أكد خالد الشمري ضرورة الاستفادة من مياه السيول والمجاري بالشكل السليم، حيث إن استخدام مياه الأمطار والصرف الصحي المعالجة في مجالات الري الزراعي وري الحدائق العامة والأماكن الترويحية وتغذية المياه الجوفية مستقبلاً وفي التبريد والأغراض الصناعية وأية استخدامات أخرى لتأمين درجة كافية من حماية الصحة من الآثار الضارة الناجمة عن التلوث وانتقال الأمراض من خلال التحكم في نوعية مياه الصرف الصحي المعالجة.
ولم تسلم القرى والهجر من المجاري فحسب، وإنما تجاوزها الأمر إلى مجمع النفايات والحريق، وخصوصا أن بعضا من المصانع والشركات تتخلص من نفاياتها عن طريق حرقها بإطارات قديمة تساعد على إشعال النيران، الأمر الذي تخلفه هذه الإطارات من روائح كريهة وتلوث يحيط بالهجر والقرى القريبة.