قادة الشركات وحل مشاكل السلوك العملي الفردي
حين يتولى مانفريد كيتس دو فري تدريب فرق القيادة، فإنه يضعهم بالفعل على الأريكة، حيث لا يعاملهم كمشاركين منطقيين،بل كأشخاص عاطفيين.
ويقول الأستاذ المتخصص في انسياد بتطوير الإدارة الإكلينيكية "إن الأسلوب الأوتقراطي لا يعمل جيداً في مجتمع المعرفة". وتتكون منظمات النشاط العملي من أشخاص، حيث يعتقد أن هنالك كثيرا من الصواب في القول "تبدأ الأسماك الشم انطلاقاً من رؤوسها" "ولذلك فإنه إذا أوجدت الإدارة العليا بيئة مشحونة، فإن هذا الأمر سوف يكون له أثر في بقية منظمة النشاط العملي".
وبدلاً من الاكتفاء بمحاولة تفحص، وحلّ مشاكل السلوك العملي للأفراد، فإن هذا الاستاذ يقول"إن هدفه هو جعل الإدارة أكثر فعالية بقليل، وربما أكثر إنسانية. ولذلك فإن هذا الأمر يمكن أن يكون له أثر في المنظمة العملية".
ويضيف" إن تحصيل أفضل ما يمكن من الناس هو ما أحاول أن أقوم به بالفعل، حيث يتم خداعي من قبل أفضل الشركات حول ما يمكن عمله لإيجاد منظمات عمل أفضل".
القيادة كرياضة فرق:
ويبين كذلك أنه بدلاً من التدريب على أساس فردي، فإنه يفضل تدريب المجموعات، وكذلك التدخل المباشر في شؤون التدريب من خلال رؤية الإدارة كرياضة فرق. ويضيف قائلاً" إن أساليب الإدارة في روسيا تختلف تماماً عن تلك السائدة في السويد، أو سنغافورة. ورغم وجود العديد من الأمور المختلفة، إلا أن الأمر يتعلق برياضة فرق، إذ إن أهم شيء في نظري هو النظر بصورة تكاملية إلى الأدوار المختلفة لنشاط فريق العمل".
وانطلاقاً من عملية تغذية راجعة ب 360 درجة، فإنه يستفيد من استبيان يلقي الضوء على ثمانية أساليب إدارية مختلفة.
ويقول "حين تعمل كمدرب لفريق عمل مع مجموعة من الناس، فإنه يتم التطرق إلى تلك الغوريلات التي تزن الواحدة منها 600 رطل إنجليزي، بحيث تحس أنها تحاول أن تشتم رائحة المكان، وذلك حين يتعلق الأمر بشؤون الإدارة العليا".
بناء الثقة لكسر الحواجز:
إن الأمر يعني كذلك، في رأي هذا الأستاذ، أن عليك العمل على بناء الثقة،حيث يصبح الناس أكثر ميلاً لكسر الحواجز، لأنهم على مستوى الإدارة العليا بالذات يمتلكون كثيرا من سلوكات الحواجز. وبذلك، فإن الناس يبدأون بفهم بعضهم بعضا بطريقة أفضل، وتبدأ فرق العمل في تحسين مستوى أدائها بصورة في غاية البساطة.
ويضيف: "إذا قمت بمثل هذا النوع من التدخل، وكانت لديك الحلول الخاصة بالصراع الإيجابي، فإن الناس يصبحون أقرب إلى قبول منهج المساءلة، مما يضمن لك الحصول على نتائج أفضل في نهاية المطاف. ولذلك أحاول دائماً الحصول على التغذية الراجعة المناسبة، حيث يجد أعضاء فريق العمل أن هذا الأسلوب التدخلي مفيد للغاية".
ويشدد هذا الأستاذ على أنه "يريد الوصول إلى نقطة عليا من التدخل تجعل الآخرين يتحركون باتجاه اتخاذ إجراء. ويعرف الناس في العادة ما يجب عليهم فعله، إذ يعرفون أنهم مديرون صغار يتجنبون الصراع، رغم أنهم يجدون في بعض حالات الخلاف متعة خاصة، ولذلك فإنهم لا يحاولون فعل شيء لتغيير ذلك الأمر. وأجد أن هنالك كثيرا من مجالات التغير الإيجابي، حين تتولى دفع الأخرين بالاتجاه الصحيح".
في البحث عن منظمات عمل أصيلة:
يدعو هذا الاستاذ في كتابه مثل كتاب "درّب ودرّب"، أو "القائد على الأريكة" إلى ضرورة أن تكون منظمات النشاط العملي أصيلة. وهو يستند إلى الكلمة اليونانية التي تعني "أصيل، ومليء بالحيوية"، حيث إن تلك المنظمات هي التي تشعر بالفعل بأن "فيها نبض الحياة"، وهي بالتالي معالم بارزة تظهر لنا كيف تعمل أفضل المنظمات.
ويذكر دوفري أن لدى كثير من منظمات العمل "صفات جامدة"، ويضيف "إن الأوامر، والسلطة المطلقة، واحتواء تفكير الآخرين، أصبحت شيئاً يعود إلى الماضي". ويضيف في كتابه "القائد على الأريكة" أنه حتى تكون منظمات النشاط العملي ناجحة، فإنها بحاجة إلى قادة يستطيعون تقديم أنفسهم كما هم عليه بالفعل، بحيث يتمتعون بثقة ممزوجة بالتواضع، وبحيث ينظر إليهم الآخرون كأشخاص نزيهين، وأهل للثقة في الوقت ذاته".
ويبسط الفكرة بقوله "إن دور القائد هو الحصول على أفضل ما لدى الآخرين، وجعلهم يشعرون بالحيوية فعلياً، وليس أن يصبح مجرد آمرٍ وناهٍ في الشركة، وهو الأمر الذي كثيراً ما نصادفه في الواقع، مع أنه يمثل هدراً للحياة. وليس لدى المرء سوى حياة واحدة، ولذلك فإن عليه أن يجعل منها رحلة ماتعة".
الأنانية والقيادة:
يحدد هذا الأسلوب الذي يركز على الأنانية والقيادة جوانب متعددة في شخصية القائد على الأريكة، بحيث تتدرج من كونه عاملاً على التخلص من العقد النفسية، أو بعيداً عن التواصل الاجتماعي. ويتفحص كذلك بدقة العلاقة بين الأنانية والقيادة، حين يشير بذلك إلى جان ماري ميسييه، الرئيس التنفيذي السابق لشركة فيفندي يونيفيرسال الذي حول مجموعة خدمات عمرها 150 عاماً إلى "عملاق عالمي في مجال وسائل الإعلام والاتصالات".
ويوضح في كتابه المشار إليه أعلاه عن مسيرة عمل ميسييه، إنها تعكس صعود وسقوط جوردون جيكو في الفيلم السينمائي"وول ستريت"، حيث يؤكد أن محاربة ميسييه لجنون العظمة، والخيال السقيم، والشره، ليست بالأمر الاستثنائي في عالم النشاط العملي، وإنما الخلاف محصور في الدرجة فقط.
وعلى الرغم من الأنانية، أو حب الذات، يمكن أن تكون أمراً ضاراً إذا مالت نحو التطرف الشديد، فإنها، بحد ذاتها ليست بذلك الأمر السيئ تماماً. وهنالك درجة من الأنانية لا بد من ممارستها في الإدارة، حسب رأيه.
ويضيف في ذلك"نحتاج جميعاً إلى شيء من الأنانية، حيث إنها ضرورية للإبداع وحسن الإدارة. والأمر يتعلق بإحداث التوازن المطلوب. ووظيفتي هي الإبقاء على عقلانية العقلاء في أماكن بعيدة عن العقلانية".