كيف يمكن لأوروبا إطلاق النمو في مواجهة مد متزايد من المنافسة العالمية؟
طرح برنارد لياتود، مؤسس ورئيس "بيزنس أوبجكتس" و إيرنست أنطوان سيليري، رئيس مجلس المراقبة في "ونديل"، ورئيس "بيزنس يوروب" في مائدة نقاش مستديرة، حول استمرار ركود النمو الأوروبي مقارنة بالنمو الآسيوي، حيث القضية أصبحت تحت الأضواء في قمة القيادة هي: كيف يمكن لأوروبا أن تطلق اقتصادها؟.
ويرى سيليري "أن أوروبا لم تنته بعد، إذا يعتقد الناس أنها انتهت لأن أجزاء أخرى من العالم تتحرك بنجاح، كما هي حال آسيا على سبيل المثال. ولكن أوروبا تظل ملائمة اقتصادياً". وهو يتقدم بوصفة ثلاثية العناصر للإبقاء على ملاءمة الاقتصاد الأوروبي في ظل عالم من المنافسة، حيث يدعو إلى إنشاء سوق داخلية للخدمات في أوروبا، ومحاربة الحمائية داخل القارة، وإصلاح الحكم والإدارة فيها. ويضيف "عليكم باستمرار مراقبة النموذج الأوروبي، إذ إن الحوار الاجتماعي هو مفتاح النجاح الاقتصادي".
لدى أوروبا مستقبل كامن، وما تفتقده هو القيادة الموحية:
يرى لياتود أن الأوروبيين مكتئبون للغاية في نظرتهم إلى مستقبلهم الاقتصادي، ويقول " لا نستطيع التنبؤ بالكثير من الأقدار غير المواتية، وهناك الكثير من أمثلة البلدان التي أعادت اكتشاف نفسها بعد الانهيار. ولتفكروا في كاليفورنيا التي كانت أشبه بالجثة الهامدة بعد انهيار الإنترنت، ولكنها استعادت عافيتها الآن". ويضيف "إن لدى أوروبا الكثير من الفرص المستقبلية الكامنة، وإن ما تفتقده هو القيادة الموحية والملهمة". و"إن مثل ساركوزي في فرنسا بارز للغاية. وسواء كنتم تحبون أفكاره أم لا، فإن عليكم الاعتراف بأنه يظهر قيادة وتوجهاً قويين".
إن لياتود الذي أنشأ "بيزنس أوبجكتس"، وحولها من شركة بادئة صغيرة إلى قائدة عالمية في مجالها، أكثر تشاؤماً حول تمويل النمو الاقتصادي الأوربي من خلال رأس المال المغامر، حيث إن "رأس المال المغامر في أوروبا يبلغ مليار دولار كل ربع عام، مقابل سبعة مليارات دولار في الولايات المتحدة، وهذا رقم خطر بالنسبة لأوروبا".
وهنالك نقص كبير في روح إنشاء المشاريع في أوروبا مقارنة بآسيا أو الولايات المتحدة. ويقول لياتود وهو يتذكر زيارة قام بها إلى إحدى كليات النشاط العملي في الصين إنه "أصيب بالدهشة في الصين لمدى تعطش الطلبة لإنشاء الشركات".
الخوف من الفشل:
تحدث أحد الحضور أثناء قمة إنسياد القيادية عن تجربته المرة كمنشئ مشاريع "حتى قبل النظر إلى خريطة النشاطات العملية لدينا، فإن البنوك في أوروبا كانت مهتمة بمسائل مثل: من أي كلية تخرجت، وكم لديك من العملاء؟. أما في الولايات المتحدة، فإن التوجه أكثر انفتاحاً بكثير. ونتيجة لذلك، فإن من المحتمل أن ننقل شركتنا إلى الولايات المتحدة حتى نتمكن من الحصول على تمويل".
إن التحفظ الأوروبي، والفرنسي على وجه الخصوص، إزاء تمويل مشاريع رأس المال المغامر، ناجم في الأساس عن خوف من الفشل متخندق في ثقافتنا. ويقول لياتود" علينا أن نحتفل بالفشل في فرنسا، كما هي الحال في الولايات المتحدة، كفرصة للتعلم، وليس كنكسة تدفننا مدى الحياة كما ينظر إلى هذا الأمر في فرنسا".
ويوافق سيليري على ذلك مضيفاً "إنك تتعلم في نظام التعليم الفرنسي أن تتحاشى المخاطرة. وحين يكون على الجميع عدم النجاح، فإن هنالك سعادة في ظل هذه الحالة من المساواة".
ويوافق المشاركان في مائدة النقاش المستديرة على أن الخطأ يكمن في نظام التعليم الفرنسي. ويقول لياتود"إنه لا بد من تعلم فكرة قبول الفشل والمخاطرة في مراحل مبكرة".
ويمثل ابتعاد الباحثين عن رجال الأعمال جانباً آخر من المشكلة، إذ نادراً ما يتم التفاعل بينهم. ويشير لياتود إلى "أننا نفضل التخصصات في أوروبا، حيث يمثل المهندسون فئة معينة، بينما يمثل رجال الأعمال فئة أخرى. ويضيف" تجد في وادي السيلكون، أو في ستانفورد، أفضل عقول رجال الأعمال، وأعظم العلماء والمفكرين، يعملون يداً بيد، مما يؤدي إلى نتائج عظيمة، وتوليد شركات مبدعة. وإذا أخذنا "جوجل" على سبيل المثال، فإنها مكان يجمع بين اللوغاريتمات المبدعة لصفحات الإنترنت، والنشاط العملي الإعلاني العظيم. وإنك بحاجة إلى كل من الإبداع والنموذج العملي من أجل قصة عمل ناجحة".
ويرى سيليري أن مستقبل نجاح الاقتصاد الأوروبي يعتمد على المزيد من التكامل الأوروبي، إذ يقول:"إذا ما توقف تأسيس الاتحاد الأوروبي، فإن على أوروبا السلام، ولكنني لا أعتقد أن ذلك سيحدث، لأنني لا أعتقد أن لدى الناس ميلاً للانتحار".
وهو يستخلص مضيفاً نكهة من السخرية على النقاش قائلاً"إن ما يمنح أوروبا الأمل هو الإدارة السيئة للغاية لها، مما يفتح مجالاً عظيماً للتحسين في المستقبل".