مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تطلق الجهود لإيجاد خطة وطنية للثقافة العلمية

مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تطلق الجهود لإيجاد خطة وطنية للثقافة العلمية

مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تطلق الجهود لإيجاد خطة وطنية للثقافة العلمية

رعى الأمير تركي الفيصل في مقر مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الأربعاء الماضي ندوة الثقافة العلمية بحضور رئيس المدينة د. محمد السويل ونائب الرئيس لمعاهد البحوث الأمير د. تركي بن سعود والدكتور عبد الله الرشيد نائب الرئيس لدعم البحث العلمي الذي أدار اللقاء ونخبة من المتخصصين وبعض وكلاء الوزارات والجمعيات المعنية وإعلاميين بارزين، وبدأ اللقاء بكلمة رئيسة للأمير تركي إلى ضرورة وضع خطة وطنية لإشاعة الثقافة العلمية في المملكة, فخطورة الابتعاد عن هذا المجال له أثره السلبي المباشر في إشاعة التفكير العلمي والاهتمام بالعلوم واقترح "الفيصل" إجراء دراسة ميدانية حول الثقافة العلمية في المملكة يعتمد فيها على الاستقصاء الميداني، للتعرف على أوضاعها،وكيفية تلقيها والجهات التي تدعمها وسبل تطويرها،وبين المتحدثون الأهمية القصوى لترسيخ مفهوم الثقافة العلمية.
في بداية الندوة شكر الأمير تركي الفيصل د. محمد السويل رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لتفضله بتوجيه الدعوة له للمشاركة، وإلى الأمير تركي بن سعود بن محمد الذي نسق وأعد لهذه الندوة. وشكر جميع الذين أسهموا في الإعداد لها. وبين الأمير تركي الفيصل أن الاهتمام بالثقافة العلمية مسألة حيوية في هذا العصر، الذي يشهد تطورات تقنية مذهلة، ونقلة علمية يصعب ملاحقتها، وتحدث الفيصل عن دور مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في نشر الثقافة العلمية بين أفراد المجتمع، وهو جزء من مؤسسة الملك فيصل الخيرية التي تأسست عام
1396هـ، الذي نص نظامها الأساسي على العمل بالمبادئ والقيم، التي ناضل في سبيلها الملك فيصل بن عبد العزيز، رحمه الله. ومن أهمها: نشر العلم والاهتمام بالعلوم العصرية على وجه الخصوص من أجل اللحاق بركب الحضارة المعاصرة.
وأبان الفيصل أن المركز قدم نصيبا طيبا في مجال الثقافة العلمية الموجهة إلى أفراد المجتمع، من خلال نشر الكتب، وتنظيم الندوات، والمحاضرات، قائلا إن المركز يفخر بنشر سلسلة كتب علم التعمية مشاركة مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وهذه السلسلة التي حازت إعجاب باحثين من أنحاء العالم شتى تقدم لنا الدليل الساطع على دور العرب والمسلمين في مجال العلوم البحتة، وكيف أنهم شاركوا في بنائها.
ومن الكتب التي نشرت في هذه السلسلة: رسالة الكندي في علم التعمية، ورسالة ابن عدلان، ورسالة ابن دريهم، ورسالة ابن دنينير.
وسوف تنشر بقية الأجزاء عند إتمامها من قبل الباحثين المتعاونين مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
ومن الكتب التراثية المهمة التي نشرها المركز:
ـ كتاب أدب الطبيب، تأليف إسحاق بن علي الرهاوي المتوفى في الربع الأولى من القرن الرابع الهجري. وتحقيق الدكتور مريزن بن سعيد عسيري.
ـ وكشف الرين في أحوال العين، تأليف محمد بن إبراهيم الأكفاني المتوفى سنة 749هـ الموافق عام 1348م، وتحقيق الدكتور ظافر وفائي، والدكتور محمد رواس قلعجي.
كما نشر المركز مجموعة من المؤلفات، التي تشير إلى دور المسلمين في المجال العلمي من مثل: كتاب من أعلام الفكر العلمي في الحضارة الإسلامية وغيرها من الكتب الهامة.
ـ علوم الفضاء ودور المملكة العربية السعودية فيها: ألقاها محمد طرابزوني.
ـ منهج تفسير الظواهر العلمية، ألقاها محجوب عبيد طه.
ـ أخلاقيات التطور التقني، ألقاها شاه منظور عالم.
ـ إشكالية التخلف العلمي في العالم العربي، للدكتور زغلول راغب النجار.
ـ ترشيد المعلومات عبر الإنترنت، للأستاذ الدكتور هشام بن عبد الله العباس.
ـ جهود المسلمين في العلوم التطبيقية البحتة، للدكتور رشدي راشد أستاذ الدراسات العليا لتاريخ العلوم في جامعة باريس.
كما عني المركز بإقامة المعارض العلمية، ومنها:
معرض الكتاب الإلكتروني: الذي نظم في الفترة من 21 إلى 30/12/1420هـ الموافق 2/3 إلى 5/4/2000م.
وقد حرص المركز على إقامة هذا المعرض تحت عنوان: "تقنيات المعلومات في خدمة الباحثين والبحث العلمي"، وواكب المعرض برنامج ثقافي ألقي فيه عدد من المحاضرات، منها:
ـ مجالات التعليم بالوسائل الإلكترونية عن بعد، للأستاذ براين وبيري.
وكان الهدف من المعرض:
ـ مواكبة التطورات العلمية في مجال تقنية المعلومات.
ـ دعم النشر العلمي وتنشيطه.
ـ تسليط الضوء على أهمية النشر الإلكتروني ودوره في الوقوف على حقيقة الكتاب الإلكتروني ومميزاته في مجال البحث والدراسة.ـ التعريف بكل ما هو جديد في عالم النشر الإلكتروني.ـ إتاحة الفرصة للجهات المهتمة بالمعلومات (مكتبات، باحثين، وغيرهم) للحصول على الأوعية الإلكترونية.
ـ إتاحة فرصة التقاء المهتمين بالنشر الإلكتروني وتبادل الرأي بينهم ومناقشة قضايا النشر الإلكتروني التقنية والتسويقية.
ومعرض التراث العلمي الإسلامي: ونظم في الفترة من 22 إلى 23/8/1424هـ الموافق 18-19/10/2003م.
ومن القنوات التي استخدمها المركز لنشر الثقافة العلمية الاهتمام بنشر المقالات المبسطة في العلوم والتقنية، وكان ذلك ابتداء في مجلة الفيصل، التي نشرت منذ بداياتها مجموعة كبيرة من المقالات العلمية من مثل:
ـ وجهة نظر حول التراث العلمي العربي لمحمد فؤاد الذاكري.
ـ ومنهج البحث العلمي عند الأطباء العرب لريتا خباز.
- والمنجزات العلمية في الحضارة الإسلامية وأثرها في حضارة أوروبا لحمد محمد العرينان.
- وتراث العرب العلمي وأهميته في تاريخ العلم والحضارة لمحمد عبد الرحمن مرحبا.
- وعلم المنهج ومنهج العلم عند العرب لإبراهيم كرو.
- وسمات المنهج العلمي في الرياضيات عند المسلمين لمحمود محمد كتكت.
ثم عمل المركز على إصدار دورية علمية مستقلة هي الفيصل العلمية التي صدر العدد الأول منها في ربيع الآخر سنة 1424 هـ الموافق كانون الثاني (يناير) عام 2003م. وتهدف إلى تقديم معلومات تناسب القارئ غير المتخصص ليطلع من خلالها على حركة المعرفة العلمية.
وبين الأمير تركي الفيصل أن المجلة تهتم بنشر المقالات في مختلف حقول العلوم البحتة والتطبيقية المعاصرة مع العناية بالتراث العلمي العربي، وتقدم ما يؤكد بالإيضاح دور العرب في المجالات العلمية البحتة منها والتطبيقية.
وتتنوع الموضوعات المنشورة في المجلة، فهناك موضوعات عن البيئة في المملكة وغيرها من الدول، والفلك، والتلوث البيئي، والهندسة المعمارية، والطب والغذاء، والتقنيات الحديثة، والزراعة، ومتابعة العلوم.
وأوضح الفيصل قائلا لا يفوتني الإشارة إلى اهتمام المركز بجمع المخطوطات العلمية، وأذكر من نماذجها الطبية:
- الرحمة في الطب والحكمة, لمهدي بن علي بن إبراهيم الصنوبري المتوفى سنة 815هـ الموفق 1412م. نسخ سنة 1150هـ.
- والموجز في الطب، لعلي بن أبي الحزم القرشي ابن النفيس المتوفى سنة 687 هـ الموافق 1288م. نسخ سنة 1265هـ.
- وتذكرة أولي الألباب والجامع للعجب العجاب، لداود بن عمر الأنطاكي توفي سنة 1008هـ الموافق 1600م. نسخ سنة 1100 هـ.
ومن المخطوطات في الحساب:
- تلخيص أعمال الحساب، لأحمد بن محمد بن عثمان ابن البناء توفي سنة 721 هـ الموافق 1379م. نسخ سنة 781 هـ.
- وشرح أشكال التأسيس،لموسى بن محمد بن محمود قاضي زاده، من علماء القرن التاسع الهجري / الخامس عشر الميلادي، نسخ سنة 1037هـ.
- وخلاصة الحساب، لمحمد بن حسين بن عبد الصمد العاملي توفي سنة 1031هـ. نسخ سنة 993 هـ.
ومن المخطوطات في الفلك:
- أشكال الوسائط في المنحرفات والبسائط، لحسن بن خليل الكراديسي المتوفى سنة 887هـ الموافق1482م. نسخ في القرن الثاني عشر الهجري.
- والملخص في الهيئة, لمحمود بن محمد بن عمري الجغميني توفي سنة 618 هـ الموافق 1221م. نسخ سنة 1226هـ.
- وتعليقات على الملخص في الهيئة، لعبد العلي بن محمد بن حسين البرجندي توفي سنة 932هـ الموافق 1526م. نسخ سنة 1132هـ.
كما يقدم المركز، في إطار العناية بالمخطوطات العلمية، خدماته للباحثين الراغبين في تحقيق المخطوطات العلمية ودراستها من خلال قاعدة المعلومات الثرية التي يملكها، وهي خزانة التراث التي تشتمل على معلومات عن المخطوطات العربية في العالم.
لقد طرحت من خلال ما سبق تجربة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في العناية بالثقافة العلمية ونشرها.
وفي ختام حديث الأمير تركي الفيصل اقترح أن يقوم المركز بدعم من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بإجراء بحث حول الثقافة العلمية في المملكة يعتمد فيه على الاستقصاء الميداني للتعرف إلى أوضاع الثقافة العلمية، وكيفية تلقيها من الجمهور، ومن هي الجهات التي تدعمها، وسبل تطويرها،مذكرا الحاضرين أن آخر حوار تلفزيوني للشهيد الملك فيصل ـ رحمه الله ـ عندما سئل كيف ينظر للمملكة في المستقبل؟ فكانت إجابته أنه يتمنى أن تصبح المملكة مصدر إشعاع للبشرية، مبينا أن لمدينة الملك عبد العزيز دورا رياديا في جعل هذه الأمنية حقيقة ملموسة تشحذ همم شباب المملكة وشاباتها ليصنعوا هذا المستقبل.
وبين الأمير تركي الفيصل في مداخلة على وسائل التعليم أن ما يراه ويشاهده في أبنائه وبناته الذين درسوا في مراحل التعليم في المملكة أن هناك عجزا في وسائل التعليم لتحفيز الطلبة والطالبات على الثقافة العلمية.
بين رئيس المدينة السابق الدكتور صالح العذل كان له مداخلة في اللقاء عكس فيها تجربته السابقة في تناول الموضوعات حيث يرى أن التفاعل مع الشريحة العامة في المجتمع لإدراك أهمية العلوم والتقنية، وإيصال التطورات تتطلب المعالم الخاصة فالجمهور يريد أن تصل إليه المعلومات في أسلوب مبسط يسهل عليه استيعابه، وأشار إلى أن الملتقى الأول بين وجود فجوة بالنسبة إلى الإعلاميين، حيث ضرورة وجود المقدرة الصحافية والاستيعاب العلمي، بحيث يستطيع الصحافي أو الكاتب أن يحول المعلومات العلمية الجافة في أسلوب مبسط ومرغوب للمتلقي.
وأكد الدكتور يحيى جنيد أمين عام مؤسسة الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية إلى أهمية ما أشار إليه الأمير تركي الفيصل في وضع دراسة عن الثقافة العلمية لأننا لا نستطيع وضع استراتيجية للثقافة العلمية ونحن لا ندرك ما لدينا من جوانب الثقافة العلمية بشكل شمولي،متسائلا أين دور الإعلام الحقيقي في مجال الثقافة العلمية؟ وبين أن المنطلق يأتي من خلال الدراسة الميدانية الحقيقية التي تقوم على استبانات تعمل على استكشاف آراء الناس الموجهة إليهم هذه الاستراتيجية، ثم دراسة الأدبيات المنشورة من قبل والجامعات والأفراد ووسائل الإعلام المختلفة ومعرفة ماذا قدمت كل هذه الوسائل إذا جمعت في دراسة واحدة أعتقد أنها ستكون الحقيقة لتقديم رؤيا واضحة نستطيع من خلالها أن نستكشف ماذا يجب أن تكون عليه الإستراتيجية الوطنية المطلوبة للثقافة العلمية في السعودية.
ومن جهته أكد الأمير الدكتور تركي بن سعود نائب رئيس "المدينة"لمعاهد البحوث فيما يخص الثقافة العلمية حيث بين ضرورة القيام بدراسة شاملة لمعوقات بث ونشر الثقافة العلمية للمجتمع السعودي ، وأوضح أن الثقافة لها علاقة وارتباط بالفكر، والتعليم مهم ولكن الثقافة مسألة فكرية وهناك جوانب غير تعليمية يمكنها أن تعلم الفرد، وهناك عادات وتقاليد وجوانب دينية وعوامل أخرى يجب التعامل معها لتكوين هذا الفكر الذي يرسخ الثقافة العلمية ويجعلها طبيعة في المجتمع،فمثلا المجتمع الغربي لديه مثل هذه الثقافة العلمية وينظر للأمور بمنظار علمي ولدينا عادات وتقاليد تفسر الأمور بطريقة غير علمية تماما.
وذكر عبد الرحمن العريني من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات ورئيس الجمعية السعودية للحاسبات السابق أن التنشئة في المدارس منذ البداية تشحذ الهمم العلمية ولوضع البذور المهمة جدا لمسائل الثقافة العلمية حيث بين الفلاسفة أن العقل ليس وعاء يعبأ بل نار تأجج، بين وقت وآخر يكتشف العلم أن العقل له قدرات كبيرة وللمدرسة والأسرة والمجتمع دور كبير في نشر الثقافة العلمية.
وأكد وكيل وزارة التربية الدكتور إبراهيم الشدي أهمية زرع الثقافة العلمية في النشء منذ وقت مبكر،لأن البرامج الكثيرة التي تتم في وسائل الإعلام أو حتى في المدارس, وأنا في وزارة التربية عدت إلى كثير من البرامج والنشاطات التي كانت تقوم بها وزارة التربية والتعليم في مجال الثقافة العلمية وجدت الكثير منها ولكن أعترف في الوقت نفسه بأن المحصول من هذا الجزء الكبير، محصول قليل لأنه لا يأتي في الوقت والوسيلة المناسبتين.
من جهته، أوضح وكيل وزارة الإعلام للثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز السبيل أن الثقافة العلمية تقدم لأبنائنا بشكل قسري في حقيقة الأمر،وعادة الطلاب لا يتقبلون المفروض عليهم حتى من لديه ميول علمية حينما تكون هذه المعلومة مفروضة لا يتقبلها كما تكون مقدمة كنشاط قد يتجه إليها الطالب بشكل أفضل،ووزارة الثقافة والإعلام لديها 80 مكتبة عامة في السعودية،وتتمنى وزارة الثقافة أن تقيم مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية برنامج مشترك لإقامة أنشطة علمية داخل هذه المكتبات. وعقب رئيس مدينة الملك عبد العزيز الدكتور محمد السويل على وكيل وزارة الثقافة والإعلام بأن الفكرة التي ذكرها أن مدينة "المدينة" تقيم أسبوع العلوم والتقنية كل عام في إحدى المدن السعودية وبدأنا التفاهم مع مركز الأمير سلطان للعلوم في الخبر ومركز شبيه في جدة بحيث يعمل مثل هذا الأسبوع التقني بشكل يومي على مدار العام جزء منه تعريف الناس بالعلوم وفيه دعاية ضمنية للمدينة وللعلوم بشكل عام, وأتمنى أن نتفاهم مع وزارة الثقافة والإعلام في قدرتنا على تعميم فكرة أسبوع العلوم والتقنية في غير المناطق التي ذكرت عن طريق المكتبات العامة في المملكة. وبين الشيخ فهد العبيكان رئيس مجلس الإدارة لمكتبات العبيكان التوجه الجديد الآن في الجامعات هو طرح القضايا المهمة في المجتمع مثل قضايا الطب وعلاقتها بالشريعة, قضايا الواقع الاقتصادي، فكر الواقع، العولمة وغير ذالك، وإذا انتهت الدراسات للأسف تصبح حبيسة الأدراج وتفقد نافذة التواصل مع هذه النتائج العلمية التي لو قدر لها وقدمت للمجتمع فسيستفيد منها بشكل كبير, هنا يأتي دور الوسائل الإعلامية بحكم أنها هي المنفذ الرئيس والجوهري لهذه الدراسات العلمية المهمة وبالتالي يطلع عليها المواطن،وأقترح أن تتبنى "المدينة" لقاء يجمع بين وكلاء الدراسات العليا في الجامعات السعودية ووزارة الثقافة والإعلام من أجل وضع استراتيجية وطنية للإفادة من هذه الأطروحات الفكرية والعلمية.
ومن جانبه بين الزميل الأستاذ عبد الوهاب الفايز رئيس التحرير إذا كان هناك توجه لوضع سياسة وطنية تعنى بإشاعة الثقافة العلمية في المجتمع ربما من الضروري أن ننظر إلى طبيعة التحولات الحالية بما يخص دور وسائل الإعلام، حيث إن وسائل الإعلام تتجه لأن تكون مؤسسات ربحية،وهي تقريبا خرجت أو في سبيلها أن تخرج من توجهها كي تكون مؤسسات تخدم القطاع العام والثقافة العامة إلى مؤسسات تتجه إلى خدمة رأس المال، هذه حقيقة يجب أن نواجهها،قد نكون في أول الطريق،ولكن هذا الطريق نحن مستمرون فيه, وهذا ينطلق من طبيعة المرحلة أيضا، حيث إن الدولة ترغب في الابتعاد عن وسائل الإعلام، وأن تتحول وسائل الإعلام إما إلى مؤسسات مجتمع مدني أو مؤسسات يملكها رأس المال، وهذا التوجه سوف ينتج عنه تعليب الثقافة وبيعها، وهذه ظاهرة لاحظناها في المجتمعات الغربية. الثقافة سلعة تباع لجمهور هو المقصود وهو الهدف، والمستهدف هو الربح، فكيف نوجه ونخلق ثقافة علمية في إطار وجود مؤسسات يأخذها هذا التيار الربحي، الثقافة العلمية للمجتمع بدون شك ضرورية تماما والعالم المصري أحمد زويل عندما كان هنا في زيارة للمملكة سئل كيف تبنى الثقافة العلمية وكيف نحقق الحلم الذي أشار له الأمير تركي الفيصل وهو حلم ـ رحمه الله الملك فيصل أن تكون السعودية مصدر إشعاع علمي، أعود للعالم زويل حيث ذكر أنه عندما كان في الفندق واستعرض قنوات التلفزيون يوجد 220 قناة تلفزيونية، من هذا العدد أكثر من 80 في المائة من هذه القنوات كلها لبيع منتجات الثقافة الاستهلاكية وأنتم تعرفونها، والنسبة الباقية موجهة للأخبار وغيرها من البرامج، كم حصيلة القنوات العلمية هذا يعطي مثالا على طبيعة الظاهرة الإعلامية في الفترة الحالية والمقبلة، إذن أعتقد أنه إذا كان هناك توجه لوضع سياسة إعلامية تحفز الثقافة العلمية أتمنى أنها تأخذ في الاعتبار أن لا تحمل وسائل الإعلام أكثر من طاقتها، حيث ستأخذها ظروفها ومتطلبات رأس المال،وربما يكون الدور الكبير على عاتق المؤسسات غير الربحية في المجتمع المدني،مثل مراكز الأبحاث والدراسات، مثل مدينة الملك عبد العزيز ومركز الملك فيصل، حيث مؤسسات المجتمع المدني أو المؤسسات الحكومية هي التي يناط بها الدور الرئيس لخلق الثقافة العلمية،وسائل الإعلام سوف يكون دورها المساند ولن يكون رئيسيا مؤثرا كما هو الحال لدور المؤسسات العلمية العامة.

الأكثر قراءة