د. داني رباح: نقص هرمون الذكورة يتطلب اللجوء إلى العلاج التعويضي باختيار أنسب الأساليب

د. داني رباح: نقص هرمون الذكورة يتطلب اللجوء إلى العلاج التعويضي باختيار أنسب الأساليب

غالباً ما يربط الناس بين التقدم في السن وبين مشكلات المسالك البولية والأمراض التناسلية والذكورة والتراجع الجنسي، لكن الكثير لا يعلم أن هذا التراجع يعود في المقام الأول إلى هرمون (التستوستيرون) أو هرمون الذكورة الذي قد نسمع عنه ولكن لا نعرف ما وظيفته ومدى أهميته في جسم الإنسان، ويحاول الوسط الطبي دائماً التوصل إلى أفضل العلاجات لهذه المشكلة والتي تعد من أهم القضايا المطروحة للنقاش في عدة مجالات طبية كأمراض الذكورة والمسالك البولية والطب الجنسي والشيخوخة والغدد الصماء، ولأن أي قضية تتعلق بالمشكلات الجنسية تكون أيضاً محور اهتمام شريحة كبيرة من الناس, فكان من الضروري التطلع لمعرفة المزيد عن هذا الموضوع المجهول والاستفسار عن طريقة علاجه من خلال اللقاء التالي مع الدكتور داني رباح استشاري جراحة المسالك البولية بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي.

في البداية نود تعريفاً مبسطاً قدر الإمكان بهوية هرمون الذكورة ؟
هرمون الذكورة أو التستوستيرون هو هرمون مهم جداً للرجال ينتج من الخصية وهو مسؤول عن تطور ونمو الأعضاء الجنسية (مثل القضيب والبروستاتا والخصيتين) عند التكوين الجنيني للذكر في رحم الأم ، أما في فترة البلوغ وسن النضج فهو مسؤول عن إنتاج الحيوانات المنوية وتطور الخصائص الذكورية مثل الانتصاب والدافع أو الرغبة الجنسية، وهو مسؤول أيضاً عن عمق الصوت ونمو اللحية وقوة العظام وشعر الجسم وزيادة الكتلة العضلية.

ما أهم المشكلات التي قد يسببها نقص هرمون الذكورة على الرجل؟
قد ينقص هرمون التستوستيرون عن معدلاته الطبيعية لعدة أسباب ويتمثل في فقد قدرة الخصية على إنتاج التستوستيرون أو خلل في الغدة النخامية التي تفرز الهرمون التحفيزي LH اللازم لتحفيز الخصية على إنتاج التستوستيرون، ويؤدي هذا النقص إلى متلازمة نقص التستوستيرون Syndrome Deficiency Testosterone والتي تختلف أعراضها حسب المرحلة العمرية التي يمر بها الفرد، فإذا أصيب الفرد بنقص التستوستيرون في مرحلة ما قبل البلوغ فإنه قد لا يكتشف قبل سن البلوغ وتظهر بعض الأعراض مثل عدم نمو الأعضاء الجنسية وصغر حجمها وخفة ظهور شعر الإبط والعانة وعدم تناسق نمو الأطراف مع الجسم وتضخم الثدي وعدم نمو الكتلة العضلية والصوت الطفولي، أما إذا حدث النقص في مرحلة ما بعد البلوغ فإن ذلك يؤدي إلى تناقص مستمر في الكتلة العضلية وضعف الانتصاب والرغبة الجنسية وقلة أو انعدام إنتاج الحيوانات المنوية مع عدم القدرة على التركيز والإرهاق ولتعب (فقدان الطاقة وعدم القدرة على ممارسة الرياضة)، إضافة إلى تدهور المزاج والاكتئاب والإحساس بالميل للنوم الشديد خاصة بعد امتلاء المعدة كما يكون المصاب عرضة لهشاشة العظام والكسور.

ما مدى انتشار متلازمة نقص هرمون الذكورة؟
أجريت عدة دراسات في هذا المجال ومن أحدثها دراستان أظهرتا تفاوتاً في الإحصائيات وذلك لاختلافهما في تعريف متلازمة نقص التستوستيرون، فهل التعريف يكون فقد بمستوى التستوستيرون أو يستوجب ظهور لأعراض النقص كما وجد أيضاً خلاف على الحد الأدنى الطبيعي للتستوستيرون في الدم.
وقد أظهرت الدراسة الأولى أن نسبة المرضى تصل إلى 12 في المائة من الرجال عند سن الـ 50 وتزيد هذه النسبة لتصل إلى 49 في المائة في سن الثمانينيات، أما الدراسة الثانية والتي أجريت على رجال في الفترة العمرية من 40 إلى 69 عاماً مع شروط أكثر صرامة لتعريف لمتلازمة نقص التستوستيرون فإن نسبة المرضى وصلت إلى 6 في المائة مع بداية الدراسة وازدادت النسبة إلى 12 في المائة مع نهاية هذه الدراسة التتبعية بعد تسع سنوات تقريباً، وأكدت أغلب الدراسات وجود علاقة قوية بين مستويات التستوستيرون المنخفضة وأمراض السكري والبدانة وارتفاع ضغط الدم واضطراب دهون الدم، كما لا يتناول غالبية الرجال علاجا لهذه الحالة لأنهم يعدون أن الأعراض المصاحبة هي محصلة طبيعية لتقدم السن وذلك على الرغم من وجود علاجات فعالة وسهلة الاستخدام لتعويض نقص هرمون التستوستيرون.

ما مدى تأثير متلازمة نقص هرمون الذكورة على حياة المريض؟
في الحقيقة ثبتت عدة أعراض قد تكون بعضها خطيرة وذات تأثير سلبي ليس فقد على جودة حياة المريض ولكن تأثيرات تؤدي إلى هشاشة العظام وتعرض المرضى لكسور متكررة، وتتمثل في أعراض خاصة كانخفاض الرغبة الجنسية واضطرابات جنسية مثل ضعف الانتصاب أو عدم حدوثه أو أعراض عامة مثل الإرهاق والتعب (فقدان الطاقة وعدم القدرة على ممارسة الرياضة) ونقص الكتلة العضلية وضعف قوة العضلات وانخفاص كتلة العظام مع تدهور المزاج والاكتئاب وعدم القدرة على التركيز والإحساس بالميل للنوم الشديد خاصة بعد امتلاء المعدة، كما يوجد عدة استبيانات متبعة تساعد كلا من المريض والطبيب على التنبؤ بمتلازمة نقص التستوستيرون مثل استبيان ADAM و AMS .

ما قدر الارتباط الوثيق بين هذه المتلازمة وبعض المخاطر كارتفاع سكر الدم وارتفاع ضغط الدم واختلال مستويات الدهون في الدم والسمنة؟
توجد العديد من التقارير والدراسات التي تؤكد هذه العلاقة ومن بينها دراسة "متلازمة نقص التستوستيرون في الرجال" السابق ذكرها، فقد أثبتت أن احتمالات وجود متلازمة نقص التستوستيرون تزيد بنسبة 2.74 مرة عند المرضى ذوي محيط خصر أكثر من الطبيعي وبنسبة 2.09 مرة عند مرضى السكري وبنسبة 1.84 مرة عند مرضى الضغط الدم المرتفع وبنسبة 1.47 مرة عند مرضى اختلال مستويات الدهون في الدم، كما نشر مع مطلع العام الحالي دراسة بعنوان "الهرمونات الذكرية في مرضى السكري" التي أثبتت هي الأخرى أن انخفاض الهرمونات الذكرية مرتبط بمرض السكري بغض النظر عن السمنة، وقد تكون من العوامل المؤدية للإصابة بالسكري ـ وأثبتت الدراسة أيضاً أن المرضى ذوي مستوى تستوستيرون حر يقع في الثلث الأدنى كانوا عرضة للإصابة بالسكري أربعة أضعاف المرضى في الثلث الأعلى من مستويات التستوستيرون الحر، لكن مدى استفادة مرضى السكري من علاج التستوستيرون التعويضي على المدى البعيد وعلى تطور المرض ما زال في حاجة إلى دراسات أكثر ولفترات أطول.

بذكرك العلاج التعويضي لهرمون الذكورة نود أن ننتقل لهذه الجزئية ومعرفة المزيد عنها؟
الهدف من علاج التستوستيرون التعويضي هو استعاضة النقص في التستوستيرون والحفاظ على مستوياته الفسيولوجية طوال اليوم دون تأرجح وذلك بهدف تخفيف الأعراض التي قد تكون نتيجة لهذا النقص, ومن المهم أن يكون هذا التعويض آمنا وسهل الاستخدام، وفي العديد من الدراسات التي أجريت على التستوستيرون فقد أثبتت فاعليته في تحسين جودة حياة المريض والتخفيف من الأعراض الناتجة عن النقص مثل تحسن المزاج والإحساس بالذات وارتفاع الرغبة الجنسية والعنفوان وتحسن الانتصاب وزيادة الكتلة العضلية وقوة العضلات وزيادة قوة العظام والتخفيف من البدانة حول الخصر، ويوجد العديد من المستحضرات التعويضية مثل الحقن الممتدة المفعول وهي على الرغم من عدم تعاطيها بصورة متكررة إلا أنها تسبب ألما في موقع الحقن, كما أنها لا تحافظ على المستوى الفسيلوجي للتستوستيرون ما يؤدي لأعراض وتقلبات مزاجية، كما أنه لا يمكن إيقاف مفعولها سريعاً في حالة ظهور أي حالة تعارض مع التستوستيرون، كما توجد الأقراص عن طريق الفم وفعاليتها غير مؤكدة من مريض إلى آخر لعدة عوامل منها التزام المريض بتناولها المتكرر ثلاث مرات يومياً واختلاف مستوى امتصاصها وتأثره بالطعام وتأثير الأنزيمات الكبدية عليها، أما أنسب الحلول التي ظهرت حديثاً فهي استخدام التستوستيرون عن طريق الجلد على هلام مثل عقار ANDROGEL أو لاصقات, فبالنسبة للاصقات يعد استخدامها محدوداً بسبب ما تسببه من حكة وأعراض جلدية، أما هلام التستوستيرون فهو من أكثر الطرق انتشارا لسهولة استخدامه من قبل المريض ولحفاظه على المستوى الفسيولوجي للتستوستيرون طوال اليوم بالدهان على الكتف أو البطن مرة واحدة يومياً.

من هم المرضى المؤهلون لتلقي العلاج التعويضي؟
يتم التشخيص وبناء عليه المعالجة بالتستوستيرون التعويضي عندما يشتكي المريض من الأعراض, ويتأكد التشخيص بعمل تحليل بسيط لقياس مستوى التستوستيرون في الدم، لكن على الرغم من كل فوائد علاج التستوستيرون التعويضي فإنه قد يكون غير مناسب لجميع الرجال وتوجد بعض المحاذير من استخدامه في بعض الحالات ، حيث يمنع استخدام التستوستيرون لمرضى سرطان البروستاتا أو سرطان الثدي أو انسداد مجرى البول بسبب التضخم الحميد في البروستاتا أو مرضى الفشل القلبي الشديد أو زيادة نسبة الهيموجلوبين في الدم ، لذا ينصح بعدم الاستخدام قبل الرجوع إلى الطبيب المختص لعمل الفحوص اللازمة وتقدير العلاج اللازم، وتجدر الإشارة إلى أنه في غياب المحاذير السابقة فإن تقدم السن في حد ذاته لا يعد من المحاذير, كما يجب استخدام التستوستيرون الطبيعي وليس أحد المشتقات المخلقة، ولما كان أحد موانع الاستخدام قد تظهر بسبب أو بآخر مما يلزم الإيقاف الفوري للعلاج فإنه يفضل الاستخدام عن طريق الجلد أو الفم أكثر من استخدام الحقن طويلة المفعول، وعلى المرضى المواظبين على علاج التستوستيرون التعويضي الحفاظ على الفحص الدوري والتأكد من صحة البروستاتا, كما يجب أيضاً مراقبة مستوى الهيموجلوبين في الدم حيث يؤدي التستوستيرون إلى ارتفاع نسبي عند بعض المرضى.

هل يمكن اعتبار هرمون الذكورة بديلاً عن أدوية اضطراب الانتصاب الحديثة أم أنه مكمل لها؟
قد يؤدي التستوستيرون إلى تحسن في الانتصاب إذا كان نقص التستوستيرون هو أحد عوامل ضعف الانتصاب، ولقد أثبتت عدة دراسات أن التستوستيرون قادر تحسين الانتصاب لدى بعض المرضى الذين لم يستجيبوا لأدوية ضعف الانتصاب مثل الفياجرا بشرط أن يكون مستوى التستوستيرون لديهم منخفض.

الأكثر قراءة