فقهاء لا يعرفون الاقتصاد واقتصاديون لا يعرفون الفقه

فقهاء لا يعرفون الاقتصاد واقتصاديون لا يعرفون الفقه

استبعد مختصون في الاقتصاد الإسلامي أن يؤدي استحداث عدد من الجامعات الغربية مناهج خاصة في المصرفية الإسلامية وتعليمها للطلاب من مختلف الديانات، إلى الوفاء بتأهيل كوادر قادرة على التعامل مع مختلف القضايا التي تطرح في الصيرفة الإسلامية.
ويأتي هذا التوجه من الجامعات الغربية في إيجاد مناهج في القطاع المصرفي الإسلامي، إثر الانتشار الكبير الذي حققته المصرفية الإسلامية في الفترة الأخيرة وسرعة النمو الذي يراوح بين 15 و30 في المائة سنوياً.
وأوضح لـ "الاقتصادية" الدكتور عبد القادر شاشي أستاذ الاقتصاد الإسلامي في جامعة الملك عبد العزيز أن معظم الخريجين من الجامعات الغربية يتعلمون الجانب العلمي فقط، ولا يعرفون شيئاً عن الجانب الفقهي أو الشرعي، فمثلاً يدرسون المرابحة وأحكامها وأنها حلال، لكن لا يعرفون مدى صحة ذلك فقهياً والاختلافات الشرعية في المسألة.
وأضاف الدكتور شاشي "أصبحت اليوم معظم البنوك حتى الإسلامية منها، تتهم باتخاذ الدين واجهة لتمرير منتجاتها بصيغة إسلامية، وهي بذلك خرجت عن جادة الطريق الصحيح التي ينبغي أن تسلكه بعيداً عن الوقوع في مثل هذه المخالفات".
وتابع الدكتور عبد القادر "لدينا اليوم فقهاء لا يعرفون الاقتصاد، واقتصاديون لا يعرفون الفقه، وبين هذا وذلك اختلطت الأمور على الناس، وما نتمناه بصدق هو وجود اقتصاديين يفقهون المسائل الشرعية، والعكس".
ويعد نظام التمويل الإسلامي موضوعا معقدا، فهناك آلاف الصفحات التي تحمل آراء فقهية حول تفسير القرآن والشريعة، ويعد القطاع المصرفي الإسلامي الأسرع نمواً في صناعة الصيرفة، إذ يوجد أكثر من 250 بنكاً إسلامياً في شتى أنحاء العالم، ولا يقل قيمة موجودات هذه البنوك عن 300 مليار دولار مقارنة بخمسة مليارات دولار في عام 1985م.
وبفضل ارتفاع أسعار النفط وتنامي عدد المسلمين في أوروبا حدثت طفرة في المنتجات المالية التي تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتتجنب الفائدة وتحترم الأخلاقية الإسلامية في الاستثمار.
وكانت دراسة سابقة أجرتها دار المراجعة الشرعية قد شخصت واقع العاملين في القطاع المصرفي الإسلامي، من حيث الأداء ومستوى الإدراك والفهم لمتطلبات الاقتصاد الإسلامي، حيث إن هذا الموضوع يعد من الموضوعات المهمة التي تشغل اهتمام المؤسسات المالية الإسلامية، مع صدور كثيرٍ من التوصيات المتتالية بشأنه في كثير من الملتقيات والمؤتمرات والندوات المهتمة بالعمل المصرفي الإسلامي والمؤسسات المالية الإسلامية، واختير للدراسة موضوع "أدوات التأهيل المتكامل للعاملين في المؤسسات المالية ودور الهيئات الشرعية والمعاهد في تدريبهم شرعياً".
وتتمثل أهم المبررات التي تدعو إلى تأهيل العاملين في المؤسسات المالية الإسلامية وبصفة خاصة في الجوانب الشرعية حسب كثير من الباحثين والمهتمين بالعمل المصرفي الإسلامي في الجانب الأول في ضرورة تحقيق الالتزام بالشريعة الإسلامية في جميع أعمال وأنشطة هذه المؤسسات المالية الإسلامية، كون الالتزام الشرعي هو ما يميز العمل المصرفي الإسلامي عن المصارف التقليدية، وبلا شك إن تحقق هذا الشرط منوط بتوافر الطاقات المؤهلة لحمل رسالة المؤسسات المالية الإسلامية وتحقيق أهدافها على الوجه الصحيح.

الأكثر قراءة