هل يشهد عام 2008 معدل إنفاق مرتفع على تقنية المعلومات في المملكة؟

هل يشهد عام 2008 معدل إنفاق مرتفع على تقنية المعلومات في المملكة؟

هل يشهد عام 2008 معدل إنفاق مرتفع على تقنية المعلومات في المملكة؟

أصبح الاستثمار في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات ركيزة أساسية لعمل الشركات والمؤسسات، أيا كان حجمها، بل يشكل عنصرا أساسيا لنجاح أي اقتصاد مهما كان نوعه على الصعيدين الدولي والمحلي، بغية النمو والتوسع. وتشير الإحصاءات الأخيرة، الصادرة في عام 2007، إلى أن حجم الإنفاق على تقنية المعلومات في دول الخليج العربي يزيد على 20 مليار ريال ، تستحوذ منها السعودية على 12 مليار ريال.
ولا شك أن توجه الدول في التحول إلى مجتمع معلوماتي رقمي إحدى الركائز الرئيسة في الوصول إلى هذه النقطة. ولا سيما دخول التعاملات الإلكترونية الحكومية وكثرة مبادرات تقنية المعلومات التي سيعكس بعدها ايجابيا على كل مواطن، والذي يمثل أحد عوامل نجاح الاقتصاد في تقنية المعلومات.
يأتي توجه الدولة في إقرار الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة العربية السعودية منتصف العام الماضي بهدف الوصول إلى رؤيا الخطة، إذ تمثل الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات بوابة العبور نحو الاستثمارات السعودية العالمية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات.
وتتبنى الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات ضرورة بناء مجتمع المعلومات، ذلك المجتمع الذي يستطيع الاستفادة من التدفق الهائل في المعلومات والمعارف المتطورة، ويعزز استيعابها، بحيث تصبح دقة المعلومات الأساس الصحيح الذي يستند إليه قرار كل مسؤول، سواء أكان حكومياً أم صاحب منشأة خاصة، إلى جانب ما يسهم به من رفع لكفاءة أداء الأعمال المختلفة وزيادة الإنتاجية، وتحسين نوعية مخرجاتها من منتجات أو خدمات، وذلك يجعل المجتمع المبني على الاتصالات وتقنية المعلومات، والذي يحسن استخدامهما، منافساً رئيساً في شتى المجالات. كما ينطلق المنظور بعيد المدى إلى أهمية اكتساب الاقتصاد الرقمي المبني على الاتصالات وتقنية المعلومات وخدماتهما.
يشهد القرن الواحد والعشرون انطلاقة جديدة في طرق التعامل مع ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات وآفاقها المستقبلية فيما يتصل بالتقنيات الرقمية والوصول إليها، ودرجة الاعتماد عليها، والتداخل والتلاحم بين الاتصالات وتقنية المعلومات والحياة اليومية. ولم يعد اللحاق بعصر المعلومات مطلباً اختيارياً، فالمستقبل يفرض نفسه. وبعبارة أخرى فإن ما نفعله اليوم هو العامل المحدد لملامح المستقبل وقسماته. ولقد أكدت التوجهات الرسمية لحكومة المملكة العربية السعودية ضرورة التحول إلى مجتمع المعلومات من خلال منطلقات السياسة الوطنية للعلوم والتقنية، وخطط التنمية الخمسية، والرؤية الاقتصادية بعيدة المدى، حيث يشكل هذا الهدف مستقبلاً وطنياً طموحاً، تعمل مختلف أجهزة الدولة الإدارية والعلمية والتعليمية والثقافية والإعلامية والإنتاجية والصناعية على تحديد شكله ومضمونه.
وتهدف الرؤية المستقبلية للاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة العربية السعودية إلى التحول إلى مجتمع معلوماتي، واقتصاد رقمي، لزيادة الإنتاجية، وتوفير خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات لشرائح المجتمع كافة، في جميع أنحاء البلاد، وبناء صناعة قوية في هذا القطاع لتصبح أحد المصادر الرئيسة للدخل.
ويقصد بمجتمع المعلومات ذلك المجتمع الذي يعتمد على قوة المعلومات والمعرفة أكثر من اعتماده على القوة المادية، سواء أكانت رأسمالاً، أم أرضاً، أم موارد طبيعية، أم موارد بشرية. فلقد أصبحت الاتصالات وتقنية المعلومات تمثل تحولاً حضارياً هائلاً للبشرية، حيث بدأ العالم يتحول تدريجياً من المجتمع الصناعي إلى مجتمع المعلومات. وقد تجلى أثر المجتمع الجديد (مجتمع المعلومات) في مفهوم القوة المعلوماتية كطاقة جديدة قابلة للتحويل عبر شبكات الاتصالات والمعلومات وأجهزتها، وقادرة على احتواء معظم الأنشطة الإنسانية من فنون، وعلوم، وإدارة، وتربية، وإنتاج، وخدمات، وتجارة، واقتصاد. ويرتكز المجتمع الجديد على جانبين أساسيين، هما الإنتاج الفكري أو المحتوى المعلوماتي، ووسائل المعالجة والاتصال الإلكترونية السريعة لإرسال وتبادل المعلومات.
ويمثل الاقتصاد الرقمي بيئة اقتصادية جديدة أصبحت تعرف بعدة مصطلحات كالاقتصاد الرقمي، أو الاقتصاد الجديد، أو الاقتصاد الإلكتروني. ولقد بدأت معالم هذا الاقتصاد تتشكل مع انتشار الإنترنت، ونمو العولمة، وتحرير قطاع الاتصالات، إضافة إلى التطورات الحديثة في صناعة الاتصالات والحاسبات والإلكترونيات. وتتميز هذه المجموعة من التطورات التي أسهمت في تشكيل الاقتصاد الجديد باستخدام معايير فنية في البنية التحتية للاتصالات وتقنية المعلومات جعلتها متاحة للجميع دون أن تكون حكراً على منتجيها، ما أسهم في إيجاد بيئة جديدة تتخطى الحواجز الجغرافية الطبيعية والأنماط التقليدية في العمل والتجارة. ويسهم الاقتصاد الرقمي في الوصول إلى الاقتصاد المبني على المعرفة. 
إن بناء مجتمع المعلومات سيسهم –بإذن الله- إلى حد بعيد في زيادة الإنتاجية، ورفع كفاءة أداء الأعمال، وتوفير جميع خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات لشرائح المجتمع كافة في جميع أنحاء البلاد، وسيمكنهم من التعامل مع المعلوماتية بفاعلية ويسر. وسيؤدي بناء صناعة اتصالات وتقنية معلومات قوية إلى تعضيد الاقتصاد الذي سيسهم بدوره في زيادة معدل دخل الفرد، وإتاحة فرص عمل جديدة، وزيادة معدلات التصدير، وبذلك تصبح صناعة الاتصالات وتقنية المعلومات أحد المصادر الرئيسة للدخل. ومن هنا يتضح أن تحول المملكة إلى مجتمع معلوماتي واكتساب الاقتصاد الرقمي مسؤولية وطنية يجب أن تتضافر بشأنها جهود المؤسسات الإدارية والإنتاجية والخدمية والبحثية والتعليمية. وتضع الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات المنظور بعيد المدى للاتصالات وتقنية المعلومات بالمملكة موضع التنفيذ، من خلال الوصول إلى الرؤية المستقبلية المأمولة، عن طريق عدد من الأهداف العامة للخطة.
وتكمن أهداف الخطة في مضامين الرؤية المستقبلية للاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة إلى: التحول إلى مجتمع المعلومات، وإلى بناء صناعة اتصالات وتقنية معلومات قوية، وإلى اكتساب مقومات الاقتصاد الرقمي. وترتكز الرؤية المستقبلية على محاور رئيسة وأخرى مساندة. تتمثل المحاور الرئيسة في التوظيف، أو الاستخدام الأمثل للاتصالات وتقنية المعلومات في جميع المجالات، وبناء صناعة الاتصالات وتقنية المعلومات. وتتمثل المحاور المساندة في تنظيم قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات وتجهيز البنية التحتية، وإعداد الكوادر المؤهلة، وردم الفجوة الرقمية بين أفراد المجتمع من ناحية وبين المجتمع المحلي والمجتمعات الأخرى المتقدمة رقمياً من ناحية أخرى. إن تكامل هذه الجهود يعد ضرورة حتمية للوصول إلى الرؤية المستقبلية، ويجب أن يعطى كل محور الأهمية القصوى حتى لا يعوق أي منها تنفيذ المحور الآخر.
لقد تم وضع سبعة أهداف عامة للخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة سيؤدي تحقيقها -إن شاء الله- إلى الوصول إلى الرؤية المستقبلية. إن هذه الأهداف العامة تسعى في مجملها إلى التوظيف الأمثل للاتصالات وتقنية المعلومات في جميع القطاعات الحكومية والخاصة، لرفع الإنتاجية والكفاءة، وزيادة الرفاهية، وتنويع مصادر الدخل، وتقليل النفقات. وتركز بشكل خاص على الاعتماد على البحث العلمي، والتطوير، والابتكار، والإبداع في صناعة الاتصالات وتقنية المعلومات، والتعاون الخليجي والعربي والإسلامي والدولي، وأثر ذلك في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والفكرية. لذا فإن الخطة تسعى إلى توفير البنية الأساسية من شبكات الاتصالات والمعلومات، ومواصفات وأمن الشبكات والمعلومات. كما تسعى إلى رفع كفاءة التعليم وإعداد الكوادر الوطنية المؤهلة من خلال الاستفادة من الأنماط الحديثة في التعليم والتعلم والتدريب المعتمدة على الاتصالات وتقنية المعلومات، والمحتوى التفاعلي، والتعليم عن بُعد. كما تهدف الخطة إلى تطوير المحتوى العربي لنشر الثقافة الوطنية والعربية والإسلامية وتحقيق التنوع الثقافي، وتسهيل الوصول إلى خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات لشرائح المجتمع كافة.
وتسعى الخطة الوطنية إلى تحقيق تلك الأهداف برفع إنتاجية وكفاءة جميع القطاعات، وتعميم الخدمات الحكومية والتجارية والاجتماعية والصحية إلكترونياً، وتشجيع العمل عن بُعد من خلال التوظيف الأمثل للاتصالات وتقنية المعلومات، كما تسعى إلى تنظيم قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بشكل عادل، ومحفز، وجاذب للاستثمارات، وأيضا ستوفر الخطة عملية بناء صناعة اتصالات وتقنية معلومات قوية منافسة محلياً وعالمياً من خلال البحث العلمي والإبداع والتطوير في مجالات استراتيجية، والتعاون الإقليمي والدولي، لتصبح مصدراً رئيساً للدخل، كما تهتم الخطة الوطنية في التوظيف الأمثل للاتصالات وتقنية المعلومات في التعليم والتدريب بجميع مراحله، وأحد الأهداف أيضا تمكين شرائح المجتمع كافة في جميع أنحاء البلاد من التعامل مع الاتصالات وتقنية المعلومات بفاعلية ويسر لردم الفجوة الرقمية، ولم تغفل الخطة الوطنية التوظيف الأمثل للاتصالات وتقنية المعلومات في خدمة الهوية الوطنية، والانتماء الوطني واللغة العربية، وتعزيز رسالة الإسلام الحضارية، وأخيرا تهدف إلى توفير قدرات مؤهلة ومدربة من الجنسين في مختلف تخصصات الاتصالات وتقنية المعلومات، من خلال إعداد الكوادر الوطنية، واستقطاب الخبرات العالمية.

الأكثر قراءة