لوحات السيارات المميزة.. أسعار خيالية متعددة و هوس بين الشباب

لوحات السيارات المميزة.. أسعار خيالية متعددة و هوس بين الشباب

بالأمس القريب كانت طبقات المجتمع المتوسطة قبل الفقيرة تتهكم على مجرد فكرة أن هناك سيارات تتجاوز قيمتها الـ 100 ألف ريال، حتى بدأت تتآلف مع هذا الفكرة إثر اتساع الفجوة بين الطبقة المترفة والمتوسطة، فأصبح خبر نزول سيارة جديدة بقيمة بنصف مليون ريال شيء عادي، ولكن الآن ما ليس بعادي ولم يستوعبه المجتمع بعد، هو تجاوز سعر لوحة السيارة سعر السيارة نفسها!، فقد أصبح هناك وسط لهذه السوق (بيع لوحات السيارات) بل ومزاد رسمي، وصف البعض رواده بـ"المهووسين" وآخرون عدوه تجارة جديدة يمكن تداولها والاستنفاع منها، علماً بأن الفئة الأكثر حضوراً في هذه السوق هم الشباب، الذين يتابعون إعلانات بيع لوحات السيارات في الصحف اليومية. وتبرز حركة هذه السوق في مناطق عن أخرى، لذا حاولنا تسليط الضوء على هذه "الظاهرة" كما أسماها البعض.

الدفع في الاستثمار أفضل من دفعها الوحات
شدد عدد من شباب المنطقة الشرقية المهووسين بحيازة أرقام اللوحات المميزة على عدم قناعتهم التامة بدفع مبالغ باهظة على تلك الأرقام، مؤكدين ما يتميزون به من وعي وإدراك. يقول الشاب نايف الناجم إنه يهوى الحصول على الأرقام المميزة وتركيبها في سيارته الخاصة إلا أنه يضع حدا معينا للمبلغ الذي سيشتري به اللوحة حيث لن تتجاوز قيمتها مبلغ 20 ألف ريال, مشيرا إلى أن أغلب اللوحات التي اشتراها يراوح سعرها بين سبعة آلاف ريال و15 ألف ريال وعن سبب عدم دفع مبالغ إضافية على اللوحات قال الناجم من غير المنطق أن تكون سيارتي قيمتها 400 ألف ريال ولوحتها بأكثر من مليون ريال إضافة إلى أن هذه المبالغ الكبيرة لو تم وضعها في إحدى القنوات الاستثمارية لكان أفضل، ووافقه الرأي الشاب ثامر عيد الذي أكد أن القنوات الاستثمارية في المملكة متعددة ويستطيع الشاب أن يضع مبالغه في إحدى تلك القنوات، مشيرا إلى أن دفع مبالغ باهظة في لوحة سيارة قد يندرج تحت مظلة التبذير الذي نهانا الله عنه.

تجارة اللوحات
قال محمد الزهراني الذي أتى من الرياض إلى المنطقة الشرقية لحضور مزاد مرور الشرقية إنه يحرص على حضور المزادات والحصول على أرقام لوحات مميزة لتركيبها على سيارات قد تكون أقل قيمة من اللوحة وهو يهدف إلى المتاجرة بهذه الأرقام التي حققت له عوائد مادية جيدة خاصة في الرياض المولعين بالحصول على تلك الأرقام وتركيبها في سياراتهم الخاصة. وعن طريقة بيعه الأرقام المميزة يقول الزهراني "إنني اتبع النظام وأبيع السيارة مع اللوحة وغالبا ما تكون السيارة قديمة ولاتكلف المشتري شيئا فهو يشتري السيارة بغرض شراء اللوحة لتركيبها على سيارته الفخمة الخاصة به.

حضور ضعيف وإيرادات قليلة في مزاد الشرقية
كشفت جولة "الاقتصادية" على مزاد بيع اللوحات المميزة في مرور المنطقة الشرقية عن حضور عدد كبير من الشباب لهذه المزادات الذين تراوح أعمارهم بين 20 و40 عاما, إضافة إلى حضور عدد من مندوبي الشركات بغرض الحصول على أرقام مميزة متسلسلة لأصحاب تلك الشركات وللرؤساء والمديرين، أو شراء أحرف تدل على اسم الشركة أو العائلة أو اسم صاحبها.
وبلغ إجمالي ما ضخه أحد المزادات على لوحات السيارات في مرور المنطقة الشرقية 176 ألف ريال فقط، لـ 28 لوحة حيث بلغت قيمة أغلى لوحة في ذلك المزاد 24 ألف ريال وهي (أأح 9999) تليها لوحة (أأح 1111) بمبلغ 22600 ريال تليها (أأح 8888) بـ 17 ألف ريال، فيما بيعت لوحة (أأح 6666) بـ 14 ألف ريال. وفي مزاد آخر في مرور الشرقية بلغ إجمالي المبالغ المدفوعة 125600 ريال لـ 27 لوحة سيارة حيث بلغت قيمة أغلى لوحة ذات الرمز (أب ب 1111) 15 ألف ريال بينما بيع الرمز نفسه للأرقام 6666 بمبلغ عشرة آلاف ريال .
وتبين خلال المزاد أن الاهتمام ينصب على الأحرف والأرقام المتشابهة مثل (أأأ 1111) يليها الرقم 0001 والتي تحمل رموزا معينة كـ (أ هـ م) (ق و ى) وغيرها من الأحرف التي تدل على معنى، يليها في ذلك الرقم 6666 وخاصة التي تحمل أحرف ذات معنى مثل (أ ح ب) وهذه اللوحات وصلت إلى مبالغ كبيرة، كما أن هناك اهتماما بالأحرف التي تدل على اسم معين مثل (م هـ ا) و (هـ د ى).

اللوحات في الرياض أجمل
وعن الفرق بين المبالغ التي تدفع في الرياض وفي المنطقة الشرقية قال طارق العثمان أحد المهتمين بشراء اللوحات إن القوة الشرائية في الرياض أقوى منها في الشرقية إضافة إلى أن المهتمين بشراء تلك اللوحات من شباب الشرقية أقل بكثير من المهتمين في الرياض، كما أن اللوحات الأكثر تميزا تطرح في الرياض ولا تطرح في مزاد الشرقية مثل الأحرف والأرقام المتشابهة ، ملمحا إلى أن هذه اللوحات حتى إن طرحت في الشرقية فإنها لن تصل إلى المبلغ نفسه الذي وصلت إليه في مزاد الرياض.
من جانبه, طالب مشعل الدوسري من إدارة المرور بعدم تغيير اللوحات المميزة القديمة وأن يقتصر ذلك على تغيير اللغة فقط أي بإضافة لغة إنجليزية أو إضافة (صفر) عليها خاصة للوحات التي تم شراؤها بالمزاد مشيرا إلى أن ذلك سيؤثر فيهم وسيسبب خسائر مادية لهم وستصبح اللوحات التي اشتروها في المزاد بمبالغ خيالية لا قيمة لها.

لوحات ذات معنى مخجل
وفي الجانب الآخر يحاول الكثير من قائدي السيارات الابتعاد عن اللوحات ذات المعنى غير الجيد والتي تحمل أحرف تدل على معاني غير ملائمة مثل (ج ر ب) و (غ ن م). وفي هذا الصدد قال ماجد الحربي أتمنى من إدارة المرور حجب الرموز التي تدل على معان لا تلائم مجتمعنا أو التي تدل على معان تسبب إحراجا لدى أصحابها.

شراء اللوحات نوع من التبذير
وعن شراء لوحات سيارات بمبالغ باهظة، قال الشيخ عمر الدويش إن ذلك يدخل في جانب التبذير المنهي عنه، فالشرع يتشوف إلى تحقيق المصالح في أمور المعاش وهي حياة الإنسان ومعاشه والانسياق وراء هذه الأمور لا يحقق مصالح الخلق في أمور المعاش، خاصة أن البعض يشتري لوحة بمبالغ كبيرة ويتسبب ذلك في التقتير على نفسه وأهله وقد يصل ذلك إلى أنه يستدين كي يشتري لوحة ويندرج ذلك تحت المظاهر الخداعة. وأشار الشيخ الدويش إلى أن من يريد شراء لوحة سيارة، فمن الممكن أن يحقق ذلك ولكن ليس على حساب أسرته فيكون شراؤه سببا في الإخلال بوضعه المادي، مؤكدا أن الدين الإسلامي دين عدل وتوازن فعلى المسلم أن يكون متوازنا في كل أمور حياته وألا يؤثر شيء في أشياء أخرى.

تخصيص مبالغ المزاد للجهات الخيرية
وفي المقابل اقترح سالم اليامي أن تخصص إدارة المرور جزءا من المبالغ التي تدفع لشراء هذه اللوحات للجمعيات الخيرية المنتشرة في السعودية أسوة بما قامت به شركة الاتصالات السعودية من تخصيص المبالغ المدفوعة على مزاد الارقام المميزة لجمعية الأطفال المعوقين، مشيرا إلى أن تخصيص جزء أو كل المبلغ المدفوع سيسهم في إقبال قائدي السيارات على شراء اللوحات بغرض الدعم الخيري وبذلك سيكون قد حصل على لوحة مميزة وتبرع في الوقت نفسه للمحتاجين.

الترف والإحساس بقيمة المال
وفي الصعيد نفسه أكد الدكتور سعود الضحيان الإخصائي الاجتماعي أن الفئة التي تشتري اللوحات المميزة بمبالغ طائلة تفعل هذا فقط من أجل التميز لا غير، فهم يعلمون أن هذه الأفعال لا تضيف لهم شيئا جديدا، وكذلك حياة الترف التي يعيشونها والتي لا تنمي فيهم الأحساس بقيمة المال الذي بحوزتهم.

الأكثر قراءة