الخرمة.. نقص الخدمات يعوقها عن أداء دورها الاستراتيجي في التجارة بين وسط البلاد وأطرافها

الخرمة.. نقص الخدمات يعوقها عن أداء دورها الاستراتيجي في التجارة بين وسط البلاد وأطرافها

تعد محافظة الخرمة البوابة الحقيقية بين نجد والحجاز وقد تحدث عنها العديد من الكتّاب المشهورين أمثال فيلبي مؤرخ الملك عبد العزيز الذي أشار في العديد من مؤلفاته إلى موقع الخرمة الاستراتيجي وقد أكسبها موقعها بين منطقتي نجد والحجاز شهرة تجارية من خلال مرور قوافل التجار بها من اليمن وجنوب الجزيرة العربية متوجهة إلى الشام.
الخرمة وهي تحفل اليوم بالعديد من الأجهزة الحكومية الشرعية والإدارية والأمنية والمؤسسات الخيرية التي تحتاج إلى المزيد من رفع كفاءاتها وزيادة آلياتها نظرا لما تشهده المحافظة من تطور عمراني وكثافة بشرية جعل بعض هذه القطاعات عاجزة عن القيام بدورها المنوط بها على الوجه المطلوب، ويأتي في المقام الأول زيادة عدد المراكز الأمنية في المحافظة في كل من قرى: جبار، الدغمية، أبو جميدة، ظليم، الدبيلة، رميص، وقرية كتيفان، وافتتاح مراكز صحية بتلك القرى التي تبعد مسافات تراوح بين 10 و50 كيلو مترا عن المحافظة.
ويتطلع الأهالي إلى إيجاد فرع لبنك التسليف في المحافظة للاستفادة مما يقدمه من قروض للمواطنين وإيجاد فرع إحدى الجامعات السعودية, زيادة السعة السريرية لمستشفى محافظة الخرمة العام من 50 سريرا إلى 200 سرير ورفع كفاءة غرف العناية المركزة به, إيجاد مستشفى متخصص للأطفال والنساء والولادة, إيصال شبكة المياه المحلاة من محطة الشعيبة لسقيا الأهالي, توسعة طريق الخرمة ـ رنية وجعله مزدوجا لتقليل نسب الحوادث, إنشاء مركز لأمن الطرق على الطريق السريع, مطار إقليمي لخدمة المحافظة وما جاورها من المحافظات والقرى والهجر.
وقد اكتسبت محافظة الخرمة اسمها من خرائم الغابات التي كانت تحيط بها وكانت القوافل تسير من خلالها من اليمن والمنطقة الجنوبية إلى الطائف ومنطقة مكة المكرمة، ويقال إن الخرمة تعني باللغة التركية (التمر) وهو ما اشتهرت به المحافظة، وقيل نسبة إلى نبات بهذا الاسم يبلغ ارتفاعه من 30 سم إلى 60 سم وله طعم حلو.
وتقع محافظة الخرمة على خط طول 42 درجة شرق محافظة الطائف ودائرة عرض 22 درجة وترتفع عن سطح البحر نحو3500 قدم ويحدها من الشمال ظلم والموية وعفيف، ومن الجنوب محافظة تربة ومن الشرق محافظة رنية ومن الغرب حضن، وتبلغ المساحة الإدارية لمحافظة الخرمة نحو 30 ألف كيلو متر، فيما تبلغ مساحة المنطقة السكنية والزراعية نحو20 ألف كيلو متر، ويبلغ عدد سكانها حسب الإحصائية الأخيرة للسكان والمساكن نحو 150 ألف نسمة.

القرى والهجر

يتبع للمحافظة نحو 40 هجرة وقرية منها الغـريف، ويبعد عن الخرمة نحو 45 كم جنوبا وجبار والحجف على الضفة الشرقية من الوادي وجبار السلم و حوقان الرقبة الهجرة ومركز الخرمة والحرف والدبيلة والدغمية والسلمية والوطاة وأم راكة وأبو جميدة وغثاة ومروان وظليم والحجيف وكتيفان، كما يوجد فيها مركزان إداريان أحدهما في قرية أبو مروة والآخر في قرية الغريف.

المخططات الحكومية

وتضم المحافظة بين جنباتها أكثر من 15 مخططا حكوميا بها أكثر من أكثر من تسعة آلاف قطعة سكنية وهي مخطط الدغمية ومخطط المحمدية ومخطط الخالدية ومخطط المعيزيلة بالغريف ومخطط الشرفيهة ومخطط النزهة ومخطط الحديقة ومخطط الروضة ومخطط الحزم ومخطط الفيصلية ومخطط المنطقة الصناعية ومخطط الخراريص ومخطط الرفيعة ومخطط حفر كشب ومخطط أم راكة.

الزراعة أشهر النشاطات

وتعتبر الزراعة هي المهنة الأولى للسكان حيث اهتموا بزراعة النخيل في المقام الأول حتى عرفت المحافظة ببلد المليون نخلة وكذلك زراعة بعض المحاصيل الأخرى كالبر والذرة والشعير، ويقدر فرع وزارة الزراعة في المحافظة عدد النخيل بأكثر من مليون نخلة، 800 ألف منها مثمرة، وتراوح كميات الثمار في كل نخلة بين 300 و500 كيلو جرام.
وقد أشار مدير فرع الزراعة بالخرمة: عبد الله بن خالد السبيعي أن الفرع لا يتوانى في تقديم جميع إمكانيات من استشارات زراعية ومساعدات وقائية للمزارعين منذ تأسيس الفرع عام 1399هـ.
كما يهتم الأهالي بتربية الماشية من الإبل البالغ عددها نحو 200 ألف والأغنام البالغ عددها نحو 554918 رأسا وبعض من الأبقار يساعدهم في ذلك طبيعة المنطقة الرعوية الواسعة التي يكثر بها الرمث والغضا والسلم وأنواع عديدة من الأعشاب الورقية كالبسباس والحوى والزهر والشرشر والنصي والثمام والعجلة والربلة وغيرها، وعلى الرغم من وجود أعداد كبيرة من الماشية إلا أن المحافظة لا يوجد بها سوى طبيب بيطري واحد مما كان له الأثر الواضح في تدني مستوى الوقاية البيطرية المقدمة
من جهة ثانية عبر مدير فرع البنك الزراعي بالخرمة: عبد العزيز بن يوسف العساف أن البنك الزراعي ومنذ تأسيسه في عام 1403هـ قام بتقديم القروض الميسرة التي تجاوزت 100 مليون ريال، كما حظي أهالي محافظة الخرمة في الفترة القليلة الماضية بتخفيض نحو 50 في المائة من تكاليف القروض تعاطفا من الدولة مع المزارعين بسبب شح المياه الذي تعانيه المحافظة.

الجفاف يدفع المزارعين إلى التجارة

دفع شح المياه وموجة الجفاف التي اجتاحت المحافظة المواطنين إلى التحول من ممارسة تجارة التمور من مزارعهم التي يملكونها إلى الأنشطة التجارية الأخرى حيث انتشرت المحال التجارية بأنشطتها المختلفة في أرجاء المحافظة حيث يوجد المحافظة العديد من المراكز التجارية كأسواق العزيزية ومجمع الخليج التجاري والزايدي مول ومركز العساف التجاري وسوق الذهب والمجوهرات والعديد من المواقع المتخصصة في بيع الأجهزة النقالة والحاسبات الآلية، وتزخر المحافظة بالعديد من المحال التجارية المختلفة التي تلبي احتياجات المواطن الغذائية والفنية والمعمارية والعديد من الشقق السكنية المفروشة والفندقية ذات الفخامة المعمارية والخدماتية، وتعج المحافظة بالعديد من الأسواق المختلفة كأسواق الماشية والأعلاف والأسمنت.

مركز المحافظة أول دائرة حكومية يتم إنشاؤها

وحظيت محافظة الخرمة كغيرها من محافظات ومدن المملكة برعاية واهتمام القيادة فافتتاح العديد من الإدارات الحكومية حيث تم افتتاح أول إدارة حكومية وهي (الإمارة) وذلك عام 1326 هـ بعد أن دخلت الخرمة ومجموعة الإخوان طوعا تحت حماية الملك عبد العزيز وقد عُين خالد بن لؤي أميرا على الخرمة ليصبح أول أمير لها ومن ثم تم افتتاح المحكمة الشرعية كأول إدارة بعد الإمارة في عام 1365 هـ جاءت بعدها الشرطة في عام 1385 هـ فالبلدية عام 1386 هـ. ومن ثم تتابعت الإدارات الحكومية الواحدة تلو الأخرى حتى كان آخرها افتتاح مكتب للضمان الاجتماعي لهذا العام والذي يخدم نحو 5000 مستفيد بالمحافظة ومقر للأدلة الجنائية وفرع للمياه والكهرباء .

زيارة الفيصل توقظ البلدية من سُباتها العميق
ابتهاجا بزيارة الأمير خالد الفيصل إلى محافظة الخرمة بدأت بلدية محافظة الخرمة في تكثيف نشاطاتها الميدانية وذلك بترصيف وإنارة وسفلتة العديد من الشوارع وتحسين مداخل المحافظة وزيادة الرقعة الخضراء بالتشجير، وكذلك وضع العديد من المجسمات الجمالية وتشغيل النوافير وتكثيف المسح الميداني المستمر وتشديد الرقابة على المحال التجارية وأسواق الخضار ورفع معدل النظافة العامة.

مستشفيات لا تستقبل الحالات الحرجة

افتتح أول مركز صحي بالخرمة عام 1379 هـ فكان نواة للخدمات الصحية ثم أنشئ فيما بعد مستشفى عام بسعة سريرية قدرها 50 سريرا مزودا ببعض الأجهزة الطبية الحديثة، كما يوجد بالمحافظة مركز للرعاية الأولية الصحية و مستوصفان أهليان هما مستوصف الأهلي ومستوصف العلاج وجمعية للهلال الأحمر السعودي تم تأسيسها في 1403 هـ لتقدم خدماتها للمرضى ومصابي الحوادث المرورية لمرتادي الطرق السريعة المارة بالمحافظة ونقلهم للمستشفى العام والمستشفيات المجاورة وثماني صيدليات طبية وأربع صيدليات بيطرية.
ويشتمل المستشفى على العديد من الأقسام كقسم الطوارئ وكذلك قسمان لتنويم الرجال والنساء يحتويان على 50سريرا وقسم للعمليات الجراحية البسيطة، وقسم للولادة يشتمل على جميع الأجهزة التي تهتم بصحة الجنين وأمة وقسم للعناية المركزة يشتمل على ثلاثة أسرة متحركة وجهازي مراقبة وجهاز لتخطيط القلب وجهازين للصدمات الكهربائية وجهاز تنفس صناعي، كما يشتمل المستشفى على عيادة للعيون، وقسم للأشعة موجود به جهاز أشعة ثابت وجهاز تحميض وجهاز طابعة أفلام وجهاز أشعة تلفزيونية، كما أن هنالك قسما للمختبر مزودا بأجهزة حديثة في علوم التحاليل، ويضم المستشفى قسما للعلاج الطبيعي مجهزا بكامل أجهزة العلاج الطبيعي الحديثة.
ويقدم المستشفى خدماته الصحية لأهالي المحافظة وبعض المراكز المجاورة كمركز المويه ودغيبجة وأم الدوم ورضوان وحفر كشب والعديد من المسافرين على طريق الخرمة ـ رنية وطريق الخرمة - تربة ويفتقد المستشفى للعديد من التخصصات، وكذلك يفتقد إلى التعامل مع الحالات الخطرة والمحرجة الناتجة عن الحوادث والكوارث الطبيعية، ويعتبر مستشفى الخرمة المستشفى الوحيد بالمملكة الذي يقوم بتحويل المرضى لمسافات بعيدة حيث يتم تحويل الحالات إلى الطائف الذي يبعد أكثر من 230 كيلو مترا فمن يتحمل أرواح الأبرياء يا ترى.

مشوار التعليم في الخرمة

تعد الخرمة من المحافظات التي اهتم أهلها بالعلم منذ القدم حيث كانت مرحلة الكتاتيب هي أولى خطوات التعليم وفي عام 1369 هـ كان أهالي الخرمة على موعد لافتتاح أول مدرسة ابتدائية، وفي عام 1370 هـ تأسست المدرسة السعودية (الفيصلية حاليا) ومن ثم افتتحت المدرسة تلو الأخرى حتى بلغت الآن أكثر من 30 مدرسة بمختلف المراحل يدرس بها أكثر من 6000 طالب. هذا وقد بدأ تعليم الفتاة في الخرمة عام 1380 هـ وذلك بمدرسة أهلية ومن ثم توالت المدارس الخاصة بالبنات، ويصل عدد مدارس البنات بالخرمة نحو 40 مدرسة بمختلف المراحل وكلية التربية للبنات بأقسامها المختلفة العلمية والأدبية، وكان بالخرمة معهد للمعلمين ومعهد للمعلمات تم إغلاقهما للاكتفاء، وبها مركز للإشراف التربوي للبنين ومركز الإشراف التربوي للبنات.

الخدمات الأمنية والنمو السكاني

يوجد بمحافظة الخرمة مركز للشرطة من فئة ج وبقوة عاملة تقدر بنحو 77 فردا منهم نحو 22 فردا في الحراسات الأمنية للإدارات الحكومية ونحو 20 فردا يعملون بالمكاتب الإدارية و ثلاثة ضباط فقط، وهذا لايكفي للتعامل مع الوضع الأمني في المحافظة، خصوصا أن المحافظة تشهد نموا سكانيا متزايدا وتتسم بطبيعة صحراوية وطرق عديدة غير معبدة، وينتشر بها عدد كبير من المخالفين لنظام الإقامة والعمل رغم المكاتبات الإدارية لرفع كفاءة المركز إلى فئة ب واستحداث شعبة للوافدين للقيام بأعمال ومتابعة مخالفي العمل والإقامة الذين يشكلون أعباء على المركز، وقد أشار مدير مركز شرطة محافظة الخرمة الرائد: ياسر بن عيضة الحمياني قائلا إن المركز لا يألو جهدا في تقديم كافة الخدمات الأمنية للمواطنين بالمحافظة والقرى المجاورة لها بقدر إمكاناته الحالية، كما يوجد بالمحافظة وحدة لمكافحة المخدرات وقسم للمرور وشعبة للجوازات وإدارة للدفاع المدني، كما يوجد بمركز الغريف مخفر للشرطة ومركز للدفاع المدني.

مواقع أثرية عمرها 150 عاما

تحفل الخرمة بالعديد من الآثار التاريخية التي بقيت شاهدة على العصور المتتابعة على الخرمة حيث عثرت الإدارة العامة للآثار والمتاحف على نماذج مبان قديمة في جبال الحرة التي تبعد عن الخرمة بمسافة 20 كيلو مترا إلى الشرق، كما تكثر في الخرمة المباني الأثرية القديمة المبنية من الطين والتي يعود تأسيس بعضها إلى أكثر من 150 عاما مثل قصر السلولي وقصور الدغمية وقلعة المسهر بالغريف.

مشايخ وأعيان محافظة الخرمة يرحبون بأمير منطقة مكة

رحب عدد من مشايخ وأعيان محافظة الخرمة بقدوم الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة للمحافظة وقالوا إنهم يتطلعون من أمير المنطقة إلى رفع معدل الخدمات المقدمة للمواطن في كثير من القطاعات وخصوصا الأمنية منها والصحية وتلبية احتياجات المنطقة من المشاريع الخدمية والاجتماعية. وقد تحدث الشيخ سعود بن عجران السبيعي أحد مشايخ قبائل سبيع بالخرمة قائلا: إن المحافظة بحاجة إلى رفع كفاءة البلدية وكذلك المراكز الأمنية وزيادة فروع الجمعيات الخيرية وإنشاء شبكة للمياه المحلاة لسقيا الأهالي وإنشاء فرع لبنك التسليف السعودي ليخدم المحافظة وما جاورها من المحافظات والمراكز المحيطة بها وزيادة عدد الإخصائيين البيطريين وكذلك عدد فروع الرعاية الصحية الأولية ومراكز الدفاع المدني وفرع للرئاسة العامة للشباب وإيجاد العديد من المواقع السياحية و الترفيهية التي تستقطب الشباب وكذلك حاجة المحافظة إلى نادٍ أدبي ثقافي وإيجاد آلية اجتماعية واقتصادية تحفظ لمشايخ القبائل مكانتهم وتعينهم على القيام بمهامهم المنوطة بهم خير قيام.

الأكثر قراءة