"تنقل لصالح العمل" أسلوب الشركات الجديد لتطفيش الموظفات بدل الفصل المباشر
"تنقل لصالح العمل" أسلوب الشركات الجديد لتطفيش الموظفات بدل الفصل المباشر
ابتدعت شركات عاملة في القطاع الخاص أسلوبا جديدا للاستغناء عن الموظفات، عبر دفعهن للاستقالة من خلال نقلهن من مكان إلى آخر في العمل، وبشكل دوري، وذلك لتجنب الكثير من العقوبات أو الالتزامات التي يمكن أن تنتج عن عملية الفصل المباشر.
وتؤكد لـ "المرأة العاملة" شريحة واسعة من الموظفات أن القرارات المتعلقة بنقل الموظفات والمتبعة في القطاع الخاص لا تخضع لأي معايير أو لجان محددة يمكنها أن تبين الآلية والأسباب التي بناء عليها يتم نقل الموظفة، وهو ما حقق فعلا أهداف بعض الشركات وهي تطفيش الموظفة حتى تستقيل بنفسها.
وقالت الموظفات إن بعض الشركات يلجأ إلى هذه الطريقة كأسلوب عقابي إلا أنه لا يحدد بمدة وهو ما يجعله عقابا صارما لا يتناسب مع طبيعة العمل، مطالبات بأهمية تقنين هذا الإجراء الإداري ووضع حدود له.
وهنا يحذر مستشارون قانونيون الموظفات من عقود العمل التي تحوي بنودا تشتمل على أحقية المدير والشركة في نقل الموظف إلى أي مكان، مبينين أن مثل هذا الشرط يخل بحق الموظفة في الاعتراض والتقدم بشكوى.
فيما يقول عبد الله السنيدي وكيل وزارة الخدمة المدنية المساعد، إن وزارة الخدمة المدنية تمنع النقل التأديبي، إذ تشير الأنظمة إلى أنه لا يتم النقل إلا برغبة الموظف نفسه أو تبعا لمصلحة العمل مع التشديد أن النقل بمكان لا يناسب تخصص الموظف ولا خبرته يعد مخالفة نظامية.
وقال السنيدي إن الحق الوحيد الذي يسمح فيه للمنشأة بنقل الموظف هو في حال كان مكان ونوع الوظيفة ملائمين لتخصص الموظف، مشيرا إلى أنه من حق الموظف الاعتراض على عملية النقل، ولكن يجب عليه تنفيذ قرار النقل خلال 15 يوما من تاريخه وفي حالة عدم تنفيذ القرار فإن الفصل عن العمل هو جزاء الموظف.
من جهته, يحذر الدكتور رزق مقبول الريس خبير القانون في منظمة العمل العربية الموظفات من بنود عقود العمل التي قد تتضمن أحقية المدير والشركة بنقل الموظف إلى المكان الذي ترغب فيه, وأن هذا النظام يرجع لسياسة الشركة نفسها.
وأضاف "إذا خلا العقد من مسألة تتعلق بالنقل فإن النقل وقتها ليس من حق الشركة إلا بموافقة خطية من الموظف, وحول مسألة الاعتراض على القرار فإنه يختلف من مكان إلى آخر, فإذا كان المكان جوهريا بالنسبة لمكان العمل عندها يمكن للموظف الاعتراض"، مؤكدا أن قرار النقل وإن كان قد وجد لمصلحة العمل إلا أن بعض الشركات تستخدمه للضغط على العامل لتقديم استقالته بدلا من أن تفصله.
وشدد الدكتور الريس على أن الشرط الوحيد لقبول الاعتراض هو أن يثبت الموظف أن المكان تأثر بغيابه عن العمل أو أن الإدارة الأخرى التي انتقل إليها لم تستفد منه وفي تلك الحالة فإن من واجب الهيئات العمالية أن تكيف الحالة من استقالة إلى فصل وأن يحصل الموظف على التعويضات اللازمة وألا يوافق على تشكيل لجنة لفحص القرار لأن المدير يملك سلطة إدارة الأفراد والأموال لتحقيق المصلحة العامة للشركة.
من جهتها, ترى نزيهة منصور السناني منسقة البرامج في معهد الإدارة العامة أهمية إلغاء سياسة النقل التي تتبعها الشركات دون اعتبار لرغبة الموظف قائلة إن من أهم شروط نجاح الموظف في العمل وإتقانه هي شعوره بالراحة والانتماء إذ إن نقل شخص من مكان إلى آخر سيقلل من الإنتاجية ويعرضه لارتكاب الكثير من الأخطاء.
وزادت" جعل اتخاذ قرار نقل الموظفة فرديا يجعله غير مقنع ويحوله إلى وسيلة للتخلص من الموظفات بدلا من فصلهن".
من جهة أخرى, يؤكد مدير أحد المصارف أن قرار النقل يتخذه المدير لتحقيق صالح العمل وأحيانا يكون بلا سبب فقد يكون شكل الموظف لا يعجبه أو لا يرتاح له، مشيرا إلى أن هذا من حق المدير لأنه مطالب بتحقيق مصالح العمل ولو وجد فردا يضايقه لن يستطيع تحقيق أهداف الشركة، إلا أنه يعترض على سياسة العقاب بالنقل، فيقول" الموظف غير الجيد وغير الكفء لن يتعدل وضعه بنقله من مكان إلى مكان آخر، لذا فإن النقل التأديبي يجب إلغاؤه من ضمن أنظمة ولوائح الشركات.
في المقابل, تؤكد هند الغصن إخصائية العلاج النفسي الإكلينيكي, أن إنتاجية الموظف تقل بنسبة 40 في المائة في حال تم نقله إلى مكان لا يرغب فيه أو في حال إبعاده عن بيئة العمل التي اعتادها وهو ما يدفع العديد إلى الاستقالة وترك العمل, ما جعل النقل أحد أسباب تطفيش الشركة للموظف.
وذكرت الغصن أن الموظفات أكثر تأثرا بقرار النقل وأكثر استقالة لأن غالبيتهن غير ملزمات بمتطلبات أسرية ومالية تجبرهن على التحمل لحين وجود عمل بديل آخر، مستغربة سياسة بعض الشركات في نقل الموظفات من فرع إلى آخر لأن هذا يحول دون الاستقرار ودون خلق جو عمل مناسب للعامل.
وهنا عبرت بعض الموظفات عن ضيقهن من هذا النظام، فتقول دانا محمد "لا أعرف كيف يتم النظر للنقل على أنه لتحقيق الصالح العام للشركة, فمثلا لدينا في البنوك يتم نقل الموظفات من فرع إلى آخر دون سؤالهن, وهو ما يضايقهن كثيرا, لأن الموظفة تشعر بالاستقرار عندما تعمل في مكان واحد وبيئة عمل وزميلات اعتادتهن ولكي تتكيف مع زميلات أخريات وبيئة أخرى تستغرق وقتا وتضغط على نفسيتها وهو ما يقلل من إنتاجيتها ولا يحسن من صالح العمل".
وتزيد نبيلة العمري "نقل الموظفة أصبح أسلوبا لتطفيشها من قبل المديرة فعندما جاءت مديرة جديدة للشركة التي كنت أعمل فيها كسكرتيرة تنفيذية ولرغبتها في جلب سكرتيرتها وصديقتها السابقة للعمل معها أصدرت قرارا بنقلي لإدارة المعلومات في الشركة، وهو ما دفعني إلى ترك العمل والبحث عن عمل آخر".