ضعف الدولار الأمريكي يزيد حياة المهاجرين صعوبة

ضعف الدولار الأمريكي يزيد حياة المهاجرين صعوبة

ضعف الدولار الأمريكي يزيد حياة المهاجرين صعوبة

في مطعم ديسي ديلي بالحي الغربي في نيويورك يقدم كمال جيت (42 عاما) مع الكاري خدمة تحويل الأموال للشريحة الأوسع من زبائنه... سائقو سيارات الأجرة المهاجرون من جنوب الهند... والعمل مزدهر. لكن الدولار الأمريكي الأخذ في الضعف وارتفاع قيمة الروبية الهندية يعني أن على المهاجرين أن يستقطعوا جزءا أكبر من ميزانياتهم الهزيلة لكي يرسلوا إلى الوطن المبلغ ذاته بالروبية في كل شهر. وقال جيت مالك المطعم الذي جاء إلى نيويورك قبل 12 عاما "لإبقاء المبلغ بالروبية كما هو يدفع الناس أكثر بلا ريب".
ويفضي انخفاض قيمة الدولار الذي أنهى لتوه عامه السادس من تراجع طويل الأمد إلى تآكل قيمة المليارات التي تحول إلى الخارج سنويا من قبل مهاجرين يعملون في الولايات المتحدة.
وبحسب البنك الدولي أرسل العمال المهاجرون في الولايات المتحدة إلى أوطانهم العام الماضي نحو 42.8 مليار دولار مما يسميه خبراء الاقتصاد تحويلات العاملين في الخارج وهو أكبر مبلغ يخرج من أي دولة.
لكن التراجع المطرد في الدولار يعقد الأمور. وبغية تخفيف وقع أسعار الصرف يعمد العمال المهاجرون بالفعل إلى العمل لساعات أطول وخفض النفقات وفي بعض الحالات ينتقلون إلى أوروبا حيث اليورو أقوى.
ويتخوف البعض من أن تدهورا عاما لسوق الإسكان في الولايات المتحدة سوف يؤدي إلى تباطؤ أشد في النمو ويدفع الدولار إلى مستويات منخفضة جديدة، الأمر الذي سيزيد الصعوبات التي يجدها العمال المقيمون في الولايات المتحدة لمواصلة تحويل المبالغ التي تحتاج إليها أسرهم في الخارج.
وقال ديليب راثا كبير الاقتصاديين بالبنك الدولي في واشنطن "على صعيد تحويلات العاملين في الخارج فقد نال ضعف الدولار من بعض أشد الناس فقرا في العالم بدرجة أكبر من غيرهم نظرا لأنه يؤثر في قيمة المال الذي يرسله العمال المهاجرون إلى أسرهم في الوطن".
وتقدر قيمة التحويلات عالميا بنحو 300 مليار دولار أي ثلاثة أمثال ما تقدمه البلدان الغنية لمساعدة الدول النامية. ومن شبه المؤكد أن الرقم الحقيقي أعلى لكن يستحيل حسابه نظرا لأن العمال المهاجرين غالبا ما يرسلون المال عبر قنوات غير رسمية لخفض التكاليف.
وأكبر أربعة بلدان مستقبلة هي الهند والصين والمكسيك والفلبين. وفي مثال صارخ على تراجع القدرة الشرائية للدولار يجد الفلبينيون العاملون
في الولايات المتحدة أن كل 100 دولار يرسلونها إلى بلادهم تقل ألف بيزو عنها قبل عامين فقط. كما أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة في الفلبين يجعل مواكبة أسعار الصرف غير المواتية أكثر صعوبة.
فقد كان جوناس (30 عاما) المقيم في مانيلا يتلقى هو وإخوته عشرة آلاف بيزو فلبيني (247 دولارا) شهريا من والدتهم التي تعمل بشركة استثمارية في الولايات المتحدة.
ويقول جوناس الذي طلب عدم نشر اسمه الأخير إنه توقف تماما عن إرسال المال في تشرين الثاني (نوفمبر) عندما شهد الدولار تراجعا حادا مقابل البيزو.
ويقول مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) إن الدولار تراجع في الأعوام الستة الأخيرة نحو 22 في المائة مقابل سلة من 26 عملة. وتسارعت خسائره في العام الماضي ولاسيما مقابل عملات الاقتصادات الناشئة مثل البرازيل والهند من جراء تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي.
وفي الولايات المتحدة يتجه الجانب الأكبر من التحويلات إلى أمريكا اللاتينية.
ويقول البنك الأمريكي للتنمية إن نحو 73 في المائة من سكان أمريكا اللاتينية المقيمين في الولايات المتحدة يحولون في المتوسط 10 في المائة من رواتبهم إلى الوطن شهريا.
وفي بارانكيلا وهي ميناء كولومبي على الكاريبي ما كانت جوهانا كامبو (21 عاما) لتتمكن من دخول الجامعة لولا لأن خالتها في ميامي ترسل إليها المال شهريا لتغطية مصاريف الدراسة.
وبسبب تراجع الدولار نحو 10 في المائة مقابل البيزو الكولومبي تضطر خالة كامبو إلى زيادة المبلغ الذي تحوله إلى بلادها. وتقول كامبو "عليها إرسال المزيد شهريا لمواكبة ارتفاع البيزو وهو ما تفعله".
وتواجه أمريكا اللاتينية ارتفاعا كبيرا في أسعار العملات وزيادة في تكاليف المعيشة بعد سنوات من النمو المطرد للاقتصاد العالمي. ويقول خبراء في الهجرة إن هذا يضطر العمالة المهاجرة في الولايات المتحدة إلى كبح الإنفاق في سبيل مواصلة إرسال المال إلى الوطن بما في ذلك الإقامة في مساكن أرخص والتخلي عن كماليات صغيرة مثل تلفزيون الكابل وأجهزة التسجيل.
وقال دين يانج أستاذ الاقتصاد بجامعة ميشيجان "لن أندهش لرؤية زيادة في الهجرة إلى أوروبا وكندا حيث العملة في ارتفاع".
وارتفع بالفعل عدد المهاجرين من أمريكا اللاتينية إلى إسبانيا لنحو ثلاثة أمثاله ليصل إلى 1.8 مليون في السنوات الخمس الأخيرة حسبما ذكر البنك الأمريكي للتنمية في تقرير حديث. وتراجعت تكلفة تحويل المال من إسبانيا على نحو حاد منذ عام 2000 لتصل من 20 في المائة إلى متوسط يبلغ 2 في المائة.
وفي تلك الأثناء ارتفع اليورو بنسبة 24 في المائة مقابل الدولار منذ إطلاقه في عام 1999 وبلغ مستوى قياسيا غير مسبوق في العام الماضي.
وقال فرانسيس كالبوتورا المدير التنفيذي لمجموعة تيجرا في أوكلاند بولاية كاليفورنيا وهي مجموعة مدافعة عن المصالح المالية للمهاجرين إن تراجع الدولار هو عقبة أخرى في نضال المهاجرين الشاق من أجل التحول والتكيف.
وقال كالبوتورا الذي هاجر قبل 30 عاما من الفلبين "الناس صامدون وسوف يقدمون هذه التضحيات... لكن هكذا تأثير ضعف الدولار على العمال المهاجرين... تضحيات أكثر".

الأكثر قراءة