إقبال شديد على جوال "آيفون" في السعودية رغم تحذيرات "آبل"
إقبال شديد على جوال "آيفون" في السعودية رغم تحذيرات "آبل"
أبدت مجموعة من المترقبين في السعودية لجهاز "آيفون"، الذي أطلقته شركة أبل ماكنتوش، خيبة أملهم بعد سلسلة من المشكلات التي صاحبت انتشار الجهاز في السعودية بصورة غير نظامية عبر شركات التسويق أو الأفراد قبل الموعد المقترح لطرحه من قبل الشركة في منطقة الشرق الأوسط، التي تقررت في منتصف عام 2008، مما نتج عنه ارتفاع في السعر وصل إلى ثلاثة أضعاف السعر الرسمي.
وبرز عدم توافق الجهاز في دعم اللغة العربية، ومشكلة فك تشفير الجهاز، الذي يعد في حد ذاته مخالفة، كون الشركة احتكرت الجهاز على شركة وحيدة في الولايات المتحدة ومن ثم بعض الدول.
وأشعل توافر "آيفون" في السعودية وبعض الدول العربية، عبر بعض شركات التسويق وبعض الأفراد، حديث الراغبين حول اقتنائه، في الوقت الذي صاحبته حملة إعلامية من قبل شركة "آبل" تميزت بالقوة. وهذا مما أدى إلى أن العديد ممن اشتروا هذا الجهاز، أو ممن يتطلعون إلى اقتنائه، كان بقصد "الوجاهة".
ومن واقع مشكلات التعريب وعدم توفير التطبيقات الإسلامية، بدأت المنتديات المتخصصة بالأجهزة الكفية، وكذلك المدونات، في تخصيص بعض أقسامها لمناقشة مزايا وحلول مشكلات "آيفون". وتفاوتت ردود المشاركين في حوارات تلك الأقسام بين الحديث عن تقنية الجهاز وعرض وجهات نظرهم الشخصية. فيما أشار أصحاب المدونات إلى تجاربهم الشخصية مع الجهاز، وعرضهم بعض أعمالهم وبرامجهم وكتبهم. وكان لعدم وجود وكيل رسمي للشركة في السعودية سبب مباشر في تذمر العديد من المستخدمين الذين لا يستطيعون صيانة أجهزة "آبل" عموماً.
التقت "الاقتصادية" ( ع.م )، موظف مبيعات في إحدى الشركات التي تروج لجهاز "آيفون"، الذي ذكر أنه تم بيع ما يقارب من 80 جهاز "آيفون"، غير معرّب، في مختلف مناطق المملكة خلال الشهر الأول من طرحه، بسعر 4999 ريالا.
ويضيف (ع.م)، إننا نقوم بإحالة العملاء إلى موقع على شبكة الإنترنت لتعريب الجهاز، إلا أن الإعلان الذي نشر في الصحف المحلية يحوي صورة لجهاز "آيفون" تظهر قوائم التطبيقات فيه باللغة العربية، وهذا غير صحيح، فالجهاز لا يدعم العربية بالكامل، إضافة إلى أن الإعلان نفسه ذكر في طياته توافر تقنية تحديد المواقع الجغرافية GPS على الجهاز، وهذا أيضا منافيا للواقع، فشركة "آبل" أوضحت من خلال موقعها على شبكة الإنترنت أن مواصفات الجهاز لا تحتوي على تقنية GPS .
وذكر (ع.م) أن كثيرا من العملاء أبدوا استياءهم من ارتفاع سعر الجهاز، رغم أنهم يبدون إعجاباً كبيراً بمواصفات وحجم الجهاز وحجم الشاشة، ويطرحون أحياناً أسئلة دقيقة نعجز عن الإجابة عنها.
كسر الشفرة
أوضح أحمد خالد، أحد العاملين في شركة لتوزيع منتجات "أبل"، أن من قام بالإعلان عن جهاز "آيفون" في الصحف المحلية لا يملك الصلاحية في ذلك، وأن الضمان الذي يتوافر لدى بعض الموزعين هو ضحك على الذقون، باعتبار أن "كسر شفرة الجهاز" كفيل بإلغاء الضمان. وستتعذر الشركات لاحقا عن ضمان الجهاز لأن شفرته مكسورة، مضيفا في الوقت نفسه أن الموردين لا يملكون قطع الغيار، وهذا قد يجعل الجهاز عديم الفائدة عندما يتعطل أو ينكسر أحد أجزائه.
المبرمج طارق منصور، الذي أسس مدونة "آيفون إسلام"، التقته "الاقتصادية" لتوضيح أسباب محاولاته كسر شفرة الجهاز، وعن صحة وجود نية لدى شركة "آبل" لملاحقة من قام بذلك. حيث أشار منصور إلى أن شركة "آبل" قامت في وقت سابق بطرح جهاز "آيفون" في دول محددة، وأن هناك دولاً كبرى لم يطرح فيها الجهاز حتى الآن، كالصين مثلا، مما يجعلنا نتوقع أن طرح الجهاز بشكل رسمي في السعودية ومنطقة الشرق الأوسط والدول العربية، سيتطلب مزيدا من الوقت. وهذا ما يجعل العديد من الراغبين في اقتنائه، يحصلون عليه عن طريق المراسلة أو بجلبه من تلك الدول.
وتوقع منصور أن توقيت إطلاق "آيفون" في المنطقة بشكل رسمي في نهاية العام الجاري، وليس كما أشيع بأنه سيكون في منتصف 2008.
وذكر منصور أن "آبل" أبدعت في إمكانيات وتصميم "آيفون"، حيث حصل الجهاز على لقب أفضل اختراع لعام 2007، وأكثر الأجهزة مبيعاً، إذ بيعت منه خمسة ملايين جهاز خلال ستة أشهر فقط.
ملاحقة كاسر الشفرة
يعتقد منصور أن شركة "آبل" لن تقوم بملاحقة من قام بكسر شفرة الجهاز أو طور تطبيقات وبرامج تخدم مستخدميه, لأن "آبل" شركة ذكية تعلم أن تطوير النظام والبرمجيات لهذا الجهاز ينصب في مصلحتها، فقد استفادت الشركة كثيراً من الأفكار التي يقدمها مخترقون الجهاز, حتى أن الشركة وظفت في وقت سابق أحد هؤلاء المخترقين، مشيرا إلى أن الشركة قادرة على وقف جميع البرامج الإضافية، ولكن هذا لم يحدث حتى الآن, وبناء على سياسة الشركة في هذا الأمر، فإنه لا يعتقد أن الشركة ستلاحق المخترقين لنظام "آيفون", وإنما هو استياء تبديه الشركة لتحافظ على حقوق شركات الاتصالات التي تعاقدت معها لاحتكار الجهاز.
عدم توافر البلوتوث وMMS وGPS
يعتقد منصور أن افتقاد الجهاز بعض التقنيات كالبلوتوث والوسائط MMS، يعود إلى أن "آبل" تدفع المستخدم للتعامل مع التقنيات الحديثة، وتفرض عليه ما تراه صحيحاً. فحين أن الجهاز لم يدعم خاصية GPS لتحديد المواقع، فإن السبب يعود إلى أن المكونات المستخدمة في دعم هذه الخاصية تستهلك مزيداً من الطاقة، مما يؤدي إلى سرعة استهلاك البطارية ويؤثر في زمن تشغيل الجهاز. و"آبل" تعلم جيداً أن نظام تحديد المواقع GPS في الأجهزة المحمولة قد يستبدل بنظام يعتمد على مواقع خلايا GSM التي تمكن من تحديد المكان, وهذا ما حدث بالفعل، فمع الإصدار الجديد من الجهاز سيستطيع مستخدمو "آيفون" تحديد مواقعهم دون الحاجة إلى نظام GPS, فالشركة كانت تعلم هذا بالطبع, وتفعل ما هو في صالحها ويخدم المستخدم. وهذا ينطبق مع تقنية MMS أيضا, فـ"آبل" تعتقد أنه مع وجود إمكانيات البريد الإلكتروني تقل الحاجة إلى استخدام تقنية MMS. فإمكانيات البريد الإلكتروني أكبر بكثير من MMS، و"آبل" قدمت طرقا سهلة جداً في الهاتف لدعم البريد بسهولة فائقة. وبناء على هذا فالإجابة عن هل ارتفاع سعر الجهاز مبرر؟، فالإجابة: بالطبع (لا)، فسعر الهاتف ليس مبالغا فيه، فالجهاز يعد ثورة تكنولوجية يجب على البعض الاعتياد عليها والتغاضي عن بعض العيوب عند مقارنتها بمميزاته العديدة الأخرى. فهذه السلبيات أو العيوب ستُحل بطبيعة الحال مع تحديثات "آبل" المستمرة. كما أن ارتفاع سعر الجهاز يعد ظاهرة طبيعية تحدث مع تزايد الطلب وقلة العرض، وهذا قد حدث مع العديد من شركات الجوال، ولا ننسى دور الموردين في رفع السعر.
وأرجع منصور سبب عدم وجود وكيل أو موزعين معتمدين للأجهزة التي تطورها "آبل"، إلى ضعف الاهتمام من قبل المستخدم العربي بمنتجات الشركة، مما جعل الشركة لا تهتم بمنطقة الشرق الأوسط، وهذا انعكس بدوره على أسعار الأجهزة التي تنتجها الشركة.
التعاون مع "آبل"
ذكر منصور أنه على الرغم من وجود أفراد يعملون على تطوير برامج عربية لجهاز "آيفون"، إلا أن "أبل" وبحكم الإمكانيات المتوافرة لديها، فهي لا تتعامل مع أفراد أو حتى هيئات صغيرة.
وتوقع منصور أن تلتفت الشركة إلى العرب عند استجابتهم السريعة للتقنية الحديثة، لتستجيب الشركات الكبرى للتعريب وإيجاد العائد الربحي المناسب الذي تبحث عنه.
وذكر منصور أن هناك مشكلة في الوطن العربي ودول العالم الثالث في استقطاب الكفاءات والعناية بها، وهي مشكلة حكومات في الدرجة الأولى. وهذا ما يفسر وجود أطباء ومهندسين عرب سطع نجمهم بعد استقطابهم في معظم دول العالم المتقدمة، بتهيئة الإمكانات المناسبة. ولكن لا نغفل وجود جيل شاب إيجابي مشارك أصبح له وجود رغم قلة الدعم والإمكانات.
حلول عربية
وأشار منصور إلى أن مدونة "آيفون إسلام" (www.iPhoneIslam.com) حاولت من الشهور الأولى لطرح الجهاز في الأسواق وانتشاره في العالم العربي، دعم الجهاز بما يمكن أن يحتاج إليه المستخدم العربي، وتيسر عليه من خلال طرق مبسطة كيفية التعامل مع الهاتف. وقد قدم الموقع بالفعل أدوات تعريب تم جمعها لتوافق اللغة العربية، مثل لوحة المفاتيح العربية وبرنامج تحويل الرسائل العربية حتى تكون مقروءة من برامج الهاتف نفسه. وأيضا قام الموقع بإنتاج برامج خاصة به مثل برنامج "آي-أذكار", الذي يحتوي على أذكار المسلم اليومية، مثل أذكار الصباح والمساء وأكثر من 260 دعاء وذكرا. وأيضا مسبحة إلكترونية. وهناك برنامج "آي- موون" لعرض شكل القمر الحالي والتاريخ, حيث يعمل البرنامج على التحويل من التاريخ الميلادي إلى الهجري. ونعد حالياً على عمل برنامج لأوقات الصلاة، حيث سيكون هذا البرنامج مفتوح المصدر، إذ يشارك في برمجته شباب من السعودية ومصر ودول أخرى. وسيعمل البرنامج على تنبيه المستخدم بأوقات الصلاة وغيرها من المهام.
وأشار منصور إلى أنه ذكر في موقعه أن أعمال التطوير والبرامج الخاصة بهذا الجهاز مجانية وستظل كذلك، فنحن نحاول الحصول على أكثر من الكسب المادي، وهو الكسب المعنوي في رفع راية المبرمجين والشباب العرب والمسلمين, ونوجه رسالة، بأن العرب قد يركبون الجمال وفي أيديهم أجهزة "آيفون"، فنحن نملك الأصالة والتكنولوجيا.
"آيفون" و"الوجاهة"
التقت "الاقتصادية" محمد أحمد ملياني، مؤلف أول كتاب عربي حول iPod & iTunes، ومقدم المحاضرات حول منتجات وبرامج "آبل"، الذي اوضح أن هناك شريحة كبيرة من المستخدمين العرب تتجه في شرائها أجهزتها الجوالة لـ "الوجاهة" وحب التملك ضمن المقتنين الأوائل لأي منتج جديد، دون النظر إلى الاحتياجات الفعلية وخصائص الجهاز.
ويرى ملياني أنه من الصعب الحكم على جهاز "آيفون"، كونه لم يطرح بشكل رسمي في السعودية أو الدول العربية حتى الآن، ولم نسمع سوى صداه. ومع أن دخول "آبل" لسوق الجوالات، أثبتت جدارتها بتحقيق مبيعات عالية مقارنة بالجوالات الأخرى. مؤكدا أن الشركة تصنع لنفسها مما يجعل هناك تناغما بين القطع وبين النظام، فالمصنع هنا واحد، وعلى علم بكل التفاصيل وأدقها. مشيرا إلى أن من يحب نظامه يصنع أجهزته.
دعم العربية
وأشار ملياني في حديثه إلى أن "آبل" من أُوَل الشركات العالمية التي دعمت اللغات التي تكتب من اليمين إلى اليسار، وقامت باعتماد اللغة العربية كواجهة في أنظمتها. ومع تحول الشركة في الفترة السابقة لنظام تشغيل جديد كلياً، فإن الأمر لم يكن سهلاً، فاللغات المتوافرة في النظام الجديد قليلة جداً حتى الآن، وهي في ازدياد. ولدى الشركات قائمة بالأولويات في اللغات، فاللغة الروسية على سبيل المثال يوجد عدد كبير من المستهلكين يتحدثون بها، ومع ذلك لم تضف الشركة هذه اللغة سوى العام الماضي.
ويعتقد ملياني أن عدم توفر وكلاء أو ممثلين، وضعف الدعم الفني، يُلقى على ممثل الشركة في المنطقة. مشيرا إلى أن ما يدفعه وغيره من المستخدمين لشراء منتجات وأجهزة "آبل"، في ظل غياب الدعم، هو الحب والشغف فيما تقدمه "آبل" في أنظمتها، والذي لا يوجد في أي نظام آخر.
"آبل" تحذر
وأكد ملياني أن مندوباً لشركة "آبل" قام في وقت سابق بتنبيه بعض المحال التجارية التي أعلنت توافر "آيفون" لديها، ولكن في ظل قوانين التجارة في السعودية، ما زالت الملاحقة ذات صعوبة.
وأشار ملياني إلى أن "آبل" تهتم بالابتكار والتطوير، فعندما قامت الشركة بحجب بعض المميزات والتقنيات وأضافت إلى الجهاز تقنيات مستحدثة، فإن ذلك يعود إلى عدم اكتمال الرؤية في الميزة، أو أنها قيد التطوير والتحديث ولم يحن الوقت لإعلانها بعد، وقد تكون هناك مميزات لكن الشركة لم تكن "خلاقة" فيها. ويرى ملياني أن إمكانية تقديم الجهاز عبر احتكار لإحدى الشركات في عموم الدول العربية، ستكون رهناً للمستقبل.
حاولت "الاقتصادية" في هذا الاستطلاع أن تستطلع آراء المهتمين والمستخدمين الأوائل لهذا الجهاز ليكون القارئ على اطلاع واضح لمميزات وسلبيات "آيفون" قبل شرائه، رغبة في أن يكون الاختيار وفق الاحتياجات الفعلية للمستخدم، ويبقى الاختيار في النهاية للمستخدم.