التعليم الإلكتروني والبرامج التدريبية

التعليم الإلكتروني والبرامج التدريبية

[email protected]

يعد التعليم الركيزة الأساسية لبناء الأمم وتقدمها؛ ولذلك فقد أولت الأمم الصناعية المتقدمة أهمية خاصة بأساليب التعليم وآلياته وجعلت منه هدفا أساسيا للفرد والدولة (العلم من أجل العلم)، وغرست من خلال أنظمتها التعليمية أهمية خاصة للتعليم لدى المعلم والمتعلم فأصبحت آلياته وأهدافه واضحة ومحددة. وجميعنا يعرف أن معوقات تطوير التعليم كثيرة ومتعددة سواء ما يتعلق منها بالمعلم، أو المتعلم، أو الإدارة التربوية بمستوياتها (العليا، والمتوسطة، والتنفيذية)، أو المقررات، والإمكانات البشرية والمادية، والوسيلة التعليمية، والمجتمع الخارجي، والإعلام ووسائله المتعددة وغيرها. ولست هنا بصدد الحديث عن معوقات تطوير التعليم عامة فسأقتصر حديثي عن تدريب المعلمين أثناء الخدمة وما ينبغي أن يكون عليه التدريب من أجل تعليم أكثر فاعلية.
فالمتأمل في البرامج التدريبية المقدمة للمعلمين من خلال الدورات القصيرة التي تنظمها وزارة التربية والتعليم ممثلة في أقسام وشعب التدريب التربوي تفتقد الكثير من القصور من حيث عدم وجود استراتيجية منظمة للدورات التدريبية، وعدم اعتمادها على دراسات مسحية لحصر جوانب القصور لدى المعلمين في الميدان التربوي والتعليمي، وعدم تقييم الفائدة التي تنعكس على الطالب والمعلم بعد البرنامج التدريبي، وهل انعكست الفائدة على الطالب من تلك الدورة التي انتسب إليها المعلم أم أن تلك الدورة ضمن خطة تدريبية أو جدول تدريبي لا تتعدى فائدته مراكز التدريب. ولعله من الملاحظ ومع الأسف أن نرى أقسام التدريب التربوي تهتم بالجانب الكمي فقط دون غيره.
إنه بحكم عملي في التعليم أرى أن غالبية المعلمين يحتاجون إلى الكثير من البرامج التدريبية التي قد يبتعدون عنها لأسباب عدة أهمها تجاربهم السابقة في عدم الاستفادة مما يقدم لهم أثناء التحاقهم ببعض الدورات التدريبية المماثلة. وقلة مراكز التدريب التربوي، وسوء اختيار مقرات مراكز التدريب، وضعف المدربين أنفسهم، وعدم قناعة المعلمين بما يقدم لهم من برامج تدريبية. وعدم ملامسة البرامج المقدمة لاحتياجات المعلمين الفعلية. وزمن انعقاد الدورات التدريبية وعدم وجود حوافز حقيقية تدفع المعلمين للانخراط في تلك البرامج التدريبية، ومما لا شك فيه أن الوزارة قد أولت توفير الاحتياجات المادية أهمية خاصة في العامين الأخيرين خاصة فقد سعت إلى توفير الأجهزة والوسائل التعليمية، وجهزت بعض المدارس بمعامل الحاسب الآلي، وتوسعت في مراكز مصادر التعلم لبعض المدارس الكبيرة، كما وفرت بعض الأثاث المدرسي، إلا أن توفير الإمكانات المادية وحدها لا يغني أبدا عن توفير الموارد البشرية من المعلمين والمتخصصين المدربين الذين يمتلكون الخبرة في تفعيل تلك الأجهزة واستغلال تلك الإمكانات المادية وتوظيفها التوظيف الجيد لتعود بالنفع والفائدة على التلميذ وعلى مجتمعه، وهذا بالطبع لا يتأتى إلا بالتدريب على رأس العمل لكي يواكب التطور المادي تطورا مماثلا في الأداء المعرفي والمهني للمعلمين في مجالات عدة وأهمها اليوم مجال الحاسب الآلي وتطبيقاته، والتدريب على إنتاج وسائل التعليم الإلكتروني وتفعيلها، ونقل تلك الخبرات للطلاب من خلال معلميهم، وإلا اعتبرت تلك الخطوات مضيعة للوقت، والجهد، والمال.
وجميعنا ندرك أن المعلم هو مفتاح جميع المعارف والعلوم والمهارات بالنسبة للتلميذ، فالمعلم المتفوق اليوم هو من يمتلك أساليب واستراتيجيات التعليم الإلكتروني الفعال، وهنا تبرز حاجتنا إلى دعم البرامج التدريبية للرقي بمستوى المعلم وتدريبه على التعليم الإلكتروني وتفعيل هذا النوع من التعليم داخل حجرة الدراسة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن التعليم الإلكتروني لا يعني إجادة التعامل مع مهارات الحاسب الآلي وتطبيقاته فقط، بل إن فلسفة استراتيجيات وأساليب التعليم الإلكتروني لدى المعلم هي جانب لا يمكن إغفاله عند تدريب المعلمين أثناء الخدمة، كما أن تغيير قناعة المعلم وتحويل أفكاره من معلم تقليدي يعتمد على أسلوب المحاضرة والتلقين إلى أسلوب التعليم الإلكتروني الحديث يعد أمرا مهما ليقتنع المعلم بأن التعليم الإلكتروني هو الوسيلة الفاعلة في فهم الكم المعرفي الهائل والمتسارع ضمن المنظومة التعليمية. ولذا فإننا نأمل من وزارة التربية والتعليم تفعيل الدورات التربوية بما يحقق المصلحة التعليمية وتقديم الأهم على المهم في بناء خطط التدريب والابتعاد عن توقع الاحتياجات التدريبية الفعلية للمعلمين والاعتماد على الدراسات والبحوث التربوية لتحديد الاحتياجات التدريبية، والرفع من مستوى المدربين، والتقييم المستمر لأداء المتدربين، وإخضاع المعلمين للتدريب الإجباري في مجالات القصور لديه متى ما دعت الحاجة إلى ذلك.

*مدير مدرسة

الأكثر قراءة