دروس من قادة النشاط العملي في منع خسائر التجزئة
ظلت مشاكل السرقة، والتخريب، وأخطاء إتلاف الأطعمة لفترة طويلة تتجه إلى التعمق، كما اتصفت بضعف الفهم من جانب مسؤولي شركات البيع بالتجزئة. ولكن هنالك شركات بارزة قليلة من حيث القدرة على الحد من تلك الخسائر. وإذا استطاعت كل الشركات الأخرى العاملة في مجال البيع بالتجزئة أن تحقق ذلك النجاح الذي بلغته تلك الشركات القليلة، فإنه بمقدور هذا القطاع أن يوفر مليارات من الدولارات سنوياً، حيث يقدر حجم التوفير المتوقع في الولايات المتحدة وحدها بنحو 27 مليار دولار.
وعلى الرغم من التقدم المستمر في المراقبة الإلكترونية، وغير ذلك من وسائل منع الخسائر، إلا أن خسائر المخزون في الولايات المتحدة ظلت مرتفعة خلال الأعوام الـ 15 الماضية، حيث كانت تتراوح بين 1.54 – 1.95 في المائة من القيمة الإجمالية للمبيعات، حسب الدراسة الميدانية السنوية التي تنشرها جامعة فلوريدا المتعلقة بأمن تجارة التجزئة. وكان ذلك المعدل في عام 2006 بلغ 1.59 في المائة من إجمالي قيمة المبيعات.
وساهمت عدة عوامل من بينها طول سلاسل الإمدادات، وتنوع خطوط الإنتاج، وتقليص عدد العاملين في جعل عملية منع الخسائر أكثر تحدياً.
إن الدرس المستفاد من دراستنا لشركات تارجت، وليميتد براندس، وبست باي، وجاي، وسي في إس، لا يتعلق بأن على رجال الحراسة والأمن أن يقبضوا على المزيد من اللصوص، أو إنفاق المزيد من الأموال على التقنية، وهما الأسلوبان اللذان هيمنا على عمليات منع الخسائر في شركات التجزئة. فعلى الرغم من أن القبض على مزيد من اللصوص يمكن أن يشكل دافعاً مغرياً لضباط الشرطة السابقين الذين يتم توظيفهم في الشركات للحد من الخسائر، إلا أن النجاح يتطلب استراتيجية شاملة على مستوى الشركة تعتمد على التفوق في إنجاز العمليات.
وأظهرت هذه الشركات الخمس أن عامل وجود إدارة قوية، واتخاذ الإجراءات الفعالة، وضمان الالتزام، يمكن أن تقلل بصورة واضحة من عدد حالات المخالفات المؤدية إلى الخسائر في شركات البيع بالتجزئة.
وقدمت مجموعة من الخبراء المختصين عددا من التوصيات لتلك الشركات بهدف الحد ما أمكن من الخسائر. وكانت أعداد المخالفات المؤدية إلى الخسائر في تلك الشركات، نتيجة لتلك التوصيات، أقل بنسبة 44 في المائة من المعدل الأمريكي، في حين أن إحدى تلك الشركات نجحت في التخفيض بنسبة 70 في المائة.
وتبين أن هذه الشركات تعتمد على عدد من الممارسات في جهودها لمنع مثل هذا النوع من الخسائر. ولعل الممارسة الأولى تتمثل في التزام الإدارة العليا بجعل مهمة مراقبة سير خطة عمل الحد من الخسائر بمثابة أولوية عليا، إضافة إلى ضرورة تخصيص الموارد اللازمة لذلك، وكذلك متابعة النتائج. ويلاحظ أن الأرقام الخاصة بمثل هذا النوع من الخسائر تعامل كأسرار في معظم الشركات . غير أن إحدى الشركات الخمس التي درسناها تعطي المراقبين الخارجيين كل المعلومات المتعلقة بهذا الأمر لتمكينهم من التقييم الأفضل لأداء الشركة.
ولا بد كذلك من ضمان الالتزام من جانب المديرين على مستوى الشركة، وإلا فإن أي حل تتم تجربته لن يعيش طويلاً وإن الدور الرئيسي لإدارة منع الخسائر هو قيادة ذلك الجهد على مستوى الشركة لإدارة هذا الأمر بصورة مستمرة.
ومن الأمور المهمة كذلك تمكين كل الجهات على مستوى الشركة من المشاركة في هذه الجهود، حيث إن ذلك من مسؤولية جميع الموظفين. ولا بد للشركة أن تنظر إلى منع الخسائر بالدرجة ذاتها التي تنظر من خلالها إلى حجم المبيعات.
ولا بد للشركة كذلك من التركيز على ممارسات أخرى تتعلق بثقافة النشاط العملي منها ضرورة وجود قيادة قوية لتكوين فرق العمل، حيث يفترض وجود صلاحيات كافية لدى رؤساء مكافحة الخسائر لكي يقدموا الدعم، والتعاطف، والطاقة للعاملين معهم، بحيث يشكلون قدوة عملية لهم. وينبغي اعتماد أسلوب الإدارة القائمة على وجود الدلائل، إذ يفترض أن تنبع القرارات من بيانات تفصيلية وحديثة، وليس من مجرد التخمين. ولاحظنا أن الرؤساء المعنيين في معظم هذه الشركات الخمس يتلقون بيانات يجري تحديثها أسبوعيا.
وللابتكار والتجربة دورهما البارز في ذلك، حيث يتعين على أعضاء فرق العمل الاستماع، وفتح الأذهان للتمكن من مواجهة هذه التحديات، والاستعانة بأدوات المراقبة والتصوير. وتبين كذلك أن استمرار البحث، والحديث في وسائل منع الخسائر يساهم بدرجة معتبرة في تحقيق النتائج المرجوة. ومن الممارسات المفيدة كذلك منح أولوية لوسائل السيطرة الإجرائية، إذ يتعين على جميع أقسام الشركة إدراك العلاقة بين زيادة الخسائر وضعف الالتزام بالعمليات المحددة. ومن الأمور المفيدة هنا استمرار إحصاء البنود الموجودة على رفوف المخازن.
ومن الممارسات المفيدة للغاية تمكين عمال المخازن من أداء عملهم بصورة صحيحة، ومساءلتهم عن الأخطاء. ولا بد من سماع وجهات نظرهم، ووجهات نظر مسؤوليتهم، حول أفضل وسائل منع الخسائر خلال مرحلة وضع الخطط اللازمة لذلك، ومنحهم الوسائل المساعدة مثل التدريب والمعلومات ذات العلاقة.
ولجأت إحدى هذه الشركات الخمس إلى خطوة متقدمة أخرى بمنح العاملين الذين يكتشفون الحالات المسببة للخسائر، نسبة من قيمة المواد المكتشفة. وبذلك فإنهم يشعرون بأنهم جزء من عملية المحافظة على ممتلكات الشركة.
وكثيراً ما تم النظر إلى هذه الخسائر كنتائج لا يمكن تجنبها عند ممارسة النشاطات العملية. ولكن هذه الشركات الخمس استطاعت من خلال عدد من الممارسات الصحيحة الحد من نزيف الأرباح الناجم عن مثل تلك الخسائر، مما ساعدها في زيادة القيمة لدى حملة أسهمها.