المساهم آخر من يعلم
إلى متى وإدارات بعض الشركات المساهمة تصر على تهميش المساهم واعتباره مصدراً للتمويل فقط؟ وإلى متى ستبقى الشفافية العنصر المفقود لدى الكثير من الشركات؟ لا يكفي نشر القوائم المالية بتفاصيلها المنمقة للإشادة بأنها أفصحت، ولا بدعوتها جمعيات عمومية مساهمي الأقلية فيها أصواتهم ضائعة للقول إنها ذات شفافية. فجميع الشركات تؤدي ذلك برغبتها أو رغماً عنها تمشياً مع لوائح هيئة السوق المالية واتباعاً للمعايير المحاسبية.
تلك الشفافية التي فقدت (إن وجدت) في الشركات الكبرى والقيادية منها قبل الصغيرة والخاسرة، وهو محور حديثنا. فالأحرى بالشركات القيادية أن تكون القائد في كل المستويات وليس فقط في الحجم. فهذه شركة يتوقع منها الشيء الكثير والعوامل المؤثرة تدل على أن نشاطها منتعش والمؤشرات والتوقعات تحوم حول أرقام محددة، ليفاجئ الجميع بنتائج أقل من المتوقع ! لماذا؟
لأن الشركة تكبدت مصروفات أو خسائر غير تشغيلية لم تفصح عنها الشركة في حينه، لا نتكلم هنا عن إيرادات موسمية أو تغير في تكاليف أو أسعار المدخلات الأساسية أو المخرجات النهائية. بل عن حدث أثر بشكل واضح في الأرباح. وشركة أخرى في طور النمو تعلن مفاجأتها بين يوم وليلة ودون سابق إنذار عن تحملها خسائر ربعية لا بأس بها لأسباب كان يمكن الإفصاح عنها في وقت مبكر.
فالعبرة في أسواق المال ليست في تحقيق الشركات لأرباح قياسية فقط، بقدر ما يعكسه سعر السهم من تقييم عادل لتلك الأرباح قبل الإعلان عنها. ارتفعت الأسعار بل وتضخمت أملاً في أرباح تعيد التوازن إليها، لكن الأرباح غير قادرة على خلق التوازن المطلوب فأصبحت هناك فجوة كبيرة لا يمكن سدها إلا بتراجعات حادة في الأسعار. وبما أن السهم قيادي فالمؤشر سينقاد لها تبعاً وطوعاً. سيناريو طويل يمتد أثره إلى أسهم شركات كثيرة أو السوق كله. والسبب أن إدارة الشركة لا تريد الإفصاح.
وفي المقابل شركات مثلت نموذجا مثالياً في مدى الإفصاح والشفافية. شركة "المجموعة السعودية" تعلن وبشكل شبه شهري عن تقديرات لأرباحها وتلفت الانتباه إلى توقف في الإنتاج لأسباب الصيانة الدورية وتعلن عن تأجيل في بعض المشاريع بصياغة سهلة وواضحة لا غموض فيها. وغيرها تحذو فئة قليلة من الشركات الأسلوب نفسه.
ومثل تلك النماذج تقوم بمثابة السد المنيع لأية شائعات وتضع المساهم أمام الحقيقة وله حرية الاختيار واتخاذ قراره الاستثماري بشكل واضح.
وعكس ذلك فإن المساهم لن يرضى به ولن يتقبل تحمل خسائر غير متوقعة بسبب أن إدارة الشركة لزمت الصمت. فالمساهم أصبح أكثر وعياً لما يجري. وإضافة إلى معلوماته فإن المادة 25 من قواعد التسجيل والإدراج الصادرة من مجلس هيئة السوق المالية (الالتزام بالإفصاح عن التطورات المستمرة) تنص على " يجب على المصدر أن يبلغ الهيئة والجمهور دون تأخير بأي تطورات مهمة تندرج في إطار نشاطه ولا تكون معرفتها متاحة لعامة الناس وتؤثر في أصوله وخصومه أو في وضعه المالي أو في المسار العام لأعماله والتي يمكن : 1) أن تؤدي إلى تغير كبير في سعر الأوراق المالية المدرجة".
محلل مالي أول – مجموعة كسب المالية
Fhamouda&ksb.com.sa