إنتاج النفط يتراجع في الشرق ويرتفع في شمال إفريقيا وقزوين

إنتاج النفط يتراجع في الشرق ويرتفع في شمال إفريقيا وقزوين

إنتاج النفط يتراجع في الشرق ويرتفع في شمال إفريقيا وقزوين

سجلت منطقة الشرق الأوسط تراجعا في إنتاجها النفطي العام الماضي مقارنة بالعام الأسبق، ومع أن التراجع يعتبر طفيفا بالأرقام المطلقة، إلا أنه لافت للنظر لأنها المنطقة الوحيدة التي شهدت تراجعا مع الأخذ في الحسبان المنطقتين الأخريين المنتجتين للنفط: شمال إفريقيا وبحر قزوين، رغم أنها صاحبة أكبر قدر من الاحتياطيات، وذلك وفقا لمسح قامت به نشرة "ميس" النفطية المتخصصة.
فقد بلغ إجمالي إنتاج منطقة الشرق الأوسط خلال العام الماضي 21.97 مليون برميل يوميا مقارنة بإنتاج 22.43 مليون خلال 2006. وتعتبر سياسات منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) مسؤولة إلى حد كبير عن هذا التراجع لاتباعها نهجا مقيدا يقع على عاتق دول المنطقة كونها صاحبة أكبر طاقة إنتاجية. وبالمقارنة سجلت منطقة شمال إفريقيا زيادة في إنتاجها بنحو 190 ألف برميل يوميا إلى 4.21 مليون، كما سجلت منطقة بحر قزوين زيادة أكبر بنحو 205 آلاف إلى 2.34 مليون برميل يوميا، خاصة مع نجاح بعض المنتجين في المضي قدما ببرامجهم لتطوير بعض الحقول الإنتاجية، ولو أن هذا يبدو الاستثناء.
فمعظم المنتجين خاصة في الشرق الأوسط يعانون متاعب في تأخير المشاريع لأسباب تتراوح بنقص العمالة الماهرة وعدم القدرة على الوفاء بمواعيد التسليم. فشركة مثل أرامكو السعودية مثلا لها سجل في إنجاز مشاريعها قبل مواعيدها وبأقل من الميزانية الموضوعة، أصبحت تعاني كذلك من متغيرات السوق. فمشروع منيفا، الذي كان يفترض أن ينتج 900 ألف برميل يوميا من الخام الثقيل بعد طرح العروض الخاصة به نهاية العام الماضي، إلا أن الشركات المتقدمة طلبت التأجيل، وعليه لا يتوقع بدء التشغيل حتى عام 2011 بعد تأخير موعد طرح العروض بأكثر من ستة أشهر. كما أن حقل الخرسانية تجاوز موعد بدء نشاطه وهو كان يفترض أن يضيف نصف مليون برميل بنهاية العام الماضي.
وتشير عمليات التأخير هذه إلى التأثير الذي بدأ يحدثه النقص في ميادين العمل الهندسي على بعض المشاريع الإنتاجية الكبرى في الإقليم مقارنة بما كان الوضع عليه قبل بضع سنوات قليلة، حيث تمكنت "أرامكو" من تشغيل امتداد حقل حرض بطاقة 300 ألف برميل قبل عامين وتحقيق زيادة 800 ألف برميل يوميا في حقل القطيف ـ أبو سعفة قبل موعده كذلك في 2004، لكن زيادة 100 ألف برميل من مشروع نعيم، الذي كان يفترض أن يبدأ هذا العام سيتأجل حتى العام المقبل، وذلك لأسباب تتعلق بمتاعب تخص معمل فصل الزيت عن الغاز.
ولا يقتصر الأمر على "أرامكو" وحدها، فالظاهرة عالمية، حتى إن شركة مثل "إكسون موبيل" لها سجل في تنفيذ المشاريع العملاقة وأحيانا قبل مواعيدها، أصبحت تعاني تماما مثل الآخرين. ولهذا فإن الزيادة المقترحة لحقل زكوم الأعلى في الإمارات، حيث لديها فيه حصة 28 في المائة لن تكتمل في الموعد المحدد بعد ثلاث سنوات، وتبلغ 750 ألفا.
وبصورة عامة يمكن القول إن ارتفاع التكلفة وندرة العمالة الماهرة وحتى إيجاد الإدارات القادرة على متابعة أمر المشاريع تحت الإنشاء، أسهمت كلها في تأجيل مشروع رفع الطاقة الإنتاجية في الإمارات من 2.8 مليون برميل إلى 3.5 مليون العام المقبل وذلك حتى عام 2012، علما أن الشركة الوطنية "أدنوك" نجحت في رفع إنتاج حقل "بو حاسا" بنحو 100 ألف برميل العام الماضي, ويتوقع لها أن تضيف 20 ألفا من الرميثة هذا العام.
من ناحية أخرى، فإن نقص الغاز الذي يجري حقنه في الحقول لرفع الضغط، أصبحت له آثار سلبية ملموسة في مختلف أرجاء الإقليم. ففي عمان مثلا، فإن نقص الغاز يسهم في مضاعفة متاعب تدهور الطاقة الإنتاجية للحقول. أما في الكويت، فإن عدم الاستقرار الذي تشهده قيادة وزارة النفط ووضع البرلمان لقيود أمام المشاركة الأجنبية، تسهم كلها في التأثير في برامج رفع الطاقة الإنتاجية. ولهذا لم يشهد العام الماضي أي توسعة تذكر.
أما في جانب الزيادة، فإن العراق يحتل مكانة متقدمة لتحسن ظروف زيادة التحميل من المناطق الجنوبية، إضافة إلى البدء في التحميل من الحقول الشمالية، وهو ما دفع حجم الإنتاج العراقي إلى ما يزيد على مليوني برميل يوميا العام الماضي، وهو أعلى رقم إنتاجي منذ الغزو الأمريكي للعراق في 2003. بل وبلغ حجم الإنتاج خلال الربع الأخير من العام الماضي 2.4 مليون تعادل ما كان عليه الإنتاج قبل الحرب. وهناك مؤشرات أن الصادرات من الحقول الجنوبية في النصف الأول من كانون الثاني (يناير) بلغت 1.57 مليون برميل يوميا، وهو ما ينبئ عن تحسن في وضع الصادرات، وإذا استمر الوضع الأمني بهذه الحالة فستحافظ الصادرات العراقية على مستويات عالية مستقبلا.
أما الإمارات فتمضي قدما في مشاريعها لزيادة الطاقة الإنتاجية بأكثر من مليون برميل يوميا في عام 2011. وتتصدر الشركة الدنماركية "ميرسك" هذه الجهود، إذ تتولى عمليات توسعة حقل الشاهين. فمتوسط منتصف العام الماضي بلغ 340 ألفا مقارنة بـ 245 ألفا عام 2006، وتأمل "ميرسك" أن تصل طاقة الحقل العام المقبل إلى 525 ألف برميل يوميا.
بالنسبة لإيران، فقد أنتجت العام الماضي في المتوسط ما يقل قليلا عن أربعة ملايين برميل يوميا، وتأمل أن تضيف نصف مليون أخرى بنهاية آذار (مارس) 2010، رغم التراجع الطبيعي في الاحتياطي بنحو 350 ألف برميل، وتخطط شركة النفط الوطنية لتوسيع الطاقة الإنتاجية في بعض الحقول القائمة وإضافة بعض المشاريع الصغيرة دون عون خارجي، وذلك بسبب الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة والدول الغربية عليها.
وبرنامج التوسع الحالي في الإنتاج الإيراني يعود إلى عام 2006 عندما بدأت شركة النفط الوطنية بحفر 100 بئر في حقل الأهواز وحقن الغاز لإضافة 65 ألف برميل يوميا إلى الإنتاج. وتخطط الشركة مع رصيفتها الصينية "صينوبيك" للبدء هذا العام في تطوير المرحلة الأولى من حقل يادافاران النفطي، إذ اتفقت الشركتان على برنامج لفترة أربع سنوات لتركيب مرافق لها طاقة لإنتاج 85 ألف برميل يوميا، تتبعها مرحلة تالية لإنتاج 100 تضاف في غضون ثلاث سنوات.
وفيما يخص منتجي شمال إفريقيا، فإن أكبرهما وهما ليبيا والجزائر ظل إنتاجهما مستقرا خلال العام الماضي، رغم أن الجزائر لديها حقول يفترض أن تدخل مرحلة الإنتاج خلال سنوات قليلة، لكنها لا تزال تجاهد للتعويض عن تراجع الإنتاج في بعض الحقول القديمة القائمة. وقامت شركة سوناطراك بخفض خططها لرفع الطاقة الإنتاجية بحلول عام 2010 إلى 1.5 مليون برميل يوميا إلى 1.6 مليون.
لكن ليبيا في المقابل قامت العام الماضي بتوقيع العديد من الاتفاقيات مع شركات أجنبية لرفع قدرتها على تحسين استعادة الإنتاج النفطي. وكان متوسط الإنتاج العام الماضي 1.8 مليون برميل مع زيادات مبرمجة تأتي من حوض مرزق، كما أن العمل في حقل الواحة العملاق في حوض سرت سيرفع إنتاجه فوق 350 ألف برميل يوميا.
لقد أسهم التدهور الطبيعي للاحتياطي في خفض الإنتاج في مناطق أخرى في شمال إفريقيا، خاصة مصر وموريتانيا، إلا أن مصر تمكنت من التعويض عن التراجع في إنتاجها المستمر منذ منتصف العقد الماضي، بالاكتشافات الجديدة، كما أن متوسط الإنتاج بلغ العام الماضي 545 ألف برميل، لكن إنتاج السوائل الأخرى في ازدياد وقد ترتفع إلى 100 ألف برميل يوميا هذا العام.
على أن أهم تطور بالنسبة للإنتاج العربي الإفريقي خلال العامين الماضيين جاء من السودان، فتراجع الإنتاج من الحقول القديمة تم التعويض عنه من إنتاج الحقول الجديدة. فحقل "ثار جاث" من مربع (5أ) أضاف 40 ألف برميل منذ بدئه الإنتاج في صيف 2006، بينما أسهم إنتاج "بترودار" الذي بدأ في آب (أغسطس) 2006 في رفع حجم الإنتاج السوداني إلى 440 ألف برميل يوميا خلال العام الماضي. وإلى حد ما فقد شهدت تونس تحركات مماثلة والتعويض عبر زيادة الإنتاج بنحو 25 ألفا إلى 95 ألف برميل يوميا.
أما بالنسبة لإنتاج منطقة بحر قزوين، فقد شهدت الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي نموا، ويتوقع لإنتاج العام كله أن يحقق نموا مقارنة بما كان عليه في العام 2006.

الأكثر قراءة