رياضة حقيقية!
لا يختلف اثنان على شعبية البرامج الرياضية وقنواتها في المجتمع السعودي، هذا التعلق وصل إلى مرحلة جدولة نظام الحياة والعمل تبعاً لما سوف يعرض على شاشة التلفزيون.
سواء كانت مباريات حية أم برامج تحليل وكذلك البرامج الوثائقية التي تختص بمشاهير الرياضة.
ومع هذا التعلق تنتج عادات سلبية مثل البقاء لساعات طويلة أمام شاشة التلفاز والتنقل من حدث رياضي لآخر، هنا فقط تكمن المفارقة المضحكة فهواة الرياضة يتحولون إلى أشخاص متعبين وغير لائقين بدنياً لممارستها!
من جهة أخرى التكلفة المادية لمشاهدة هذه القنوات بدءا من الاشتراك بها وإنتهاءا في البحث عن منتجاتها وشرائها، وندخل في دوامة لا تنتهي من الهوس والتبذير.
عندما تصبح متابعة كرة القدم مثلا هاجسا لدى الشباب والناس عامة، يأتي مع ذلك حالة التعصّب لفرق معينة والانجراف المبالغ فيه وكأن هذا النادي يصبح هوية وطنية!
والمغذي الأول لمثل هذه التوجهات القنوات الرياضية وبرامجها الحوارية التي تعرض الهجوم المتبادل بين الأطراف المعنية سواء كانوا لاعبين أو فرق بأكملها، والمشاهد يمضي الساعات أمام هذه الحوارات التي لا تنتهي بمردود إيجابي ولا تتبع أسلوبا منطقياً فيكون التطبع سهلا ً.
التلفزيون سلاح خطير لا أعتقد أن الكثير من القائمين عليه والعاملين فيه يدركون ذلك، أو أنهم يدركون ويرفضون التحول إلى خطط أكثر بناء وفائدة للجميع.
ماذا لو سخرت الفضائيات الرياضية طاقاتها وملايين عقود الاحتكار التي تمتلكها في التوجه إلى المشاهدين عن قرب؟
مثلا رعاية الأندية الرياضية المغمورة، تلك التي تحتل أركان مدننا ويقصدها أبناؤنا كل يوم.
سيصبح ذلك بمثابة محرض على الخروج ولو للمتابعة، ففي الحركة بركة.
أو الربط بين الأندية الكبيرة وجماهيرها بتنظيم دورات صغيرة يشترك فيها المواطنون لملاقاة الفريق كتدريب وكمتعة للجمهور، من ثم يتم نقل وقائع هذه المشاريع عبر القناة.
ثقافة الرياضة لدينا ينبغي أن تتحول كذلك من اقتصارها على كرة القدم إلى التوسع في إلقاء الضوء على رياضات أخرى مميزة، يكفي زيارة الأندية المحلية ومراقبة الأطفال والشباب الذين يمارسون رياضة الكاراتيه أو التنس، من هنا يتم العثور على نجوم المستقبل وتطوير خبراتهم للوصول إلى العالمية.
يجب أن تصبح الثقافة الرياضية أكبر من كرسي للتشجيع و ريموت كنترول.
عندها فقط سنتوقف من انتظار بطولات كرة القدم لأنها الوحيدة التي تربط المشاهد بالرياضة (ذهنياً).