الفساد الاقتصادي يحجب هدف مواءمة المجتمع في الصين
الفساد الاقتصادي يحجب هدف مواءمة المجتمع في الصين
تحسم مناطق فقيرة مثل بويانج معركة الحزب الشيوعي الحاكم في الصين ضد الفجوة المتزايدة في الثروات في البلاد.
يقول كثيرون من سكان هذه البلدة التي تقع جنوب بكين إن حياتهم تحسنت بفضل تخفيضات ضريبية وزيادة الإنفاق على التعليم والتأمين الصحي والرعاية الاجتماعية، ولكن لا يشعر الجميع بالرضا، إذ إن بويانج التي تقع في الركن الشمالي الشرقي من إقليم هنان نموذج للتناقضات جدير بالدراسة.
وتقف منازل أنيقة من طابقين أو ثلاثة طوابق إلى جوار أكواخ متداعية مشيدة من القرميد الأحمر يصارع قاطنوها لتلبية احتياجاتهم، ويقول لي ويبو سائق سيارة أجرة في الثلاثينيات من عمره إن الأغنياء يزدادون ثراء والفقراء يضحون أفقر.
وأكثر المباني فخامة في البلدة كما هو شائع في أرجاء الصين مكاتب
للسلطات المحلية تكلف تشييدها 32 مليون يوان (4.4 مليون دولار) من
الأموال الحكومية وهو مبلغ أثار الدهشة في هذه البلدة الفقيرة، وبصفة
خاصة حين أوردت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" أنه تمت معاقبة 18
مسؤولا محليا في حزيران (يونيو) الماضي لاستغلالهم أموالا عامة بشكل غير سليم لتشييدها.
وتظهر دلائل إساءة استعمال السلطة وعدم المساواة ـ إن لم يكن فسادا
صريحا- في بويانج في تحد مباشر لهدف الرئيس الصيني هو جين تاو الرامي لتوزيع الثروة بعدالة أكبر ومن ثم إقامة مجتمع متجانس، وبالفعل حذر الحزب الشيوعي الحاكم من أن قبضته على السلطة مهددة ما لم ينجح في الحد من الفساد.
ودفع الفساد وتزايد الفجوة في الثروة الخبراء ومن بينهم وانج سانجوي الأستاذ المتخصص في التنمية الريفية في جامعة رنمين في بكين لاقتراح أن
تعطي الحكومة لمكافحة الفساد الأولوية نفسها التي توليها للإنفاق الاجتماعي. وأضاف يحظى وضع نظام للمساءلة بأهمية مساوية.
وبين وو جينج ليان من كبريات الاقتصاديين في الصين أن السلطة تقود للفساد، وأنها حقيقة لا يمكن إنكارها لذا كيف نقيد السلطة.. ينبغي أن نعتمد على حكم القانون.
ويقترح بعض الاقتصاديين أن تخفض الحكومة الضرائب بدلا من زيادة
الإنفاق العام تاركة النقود في جيوب المواطنين بدلا من اللجوء إلى خزانة
الدولة.
وأكد وانج يي جيانج أستاذ الاقتصاد في جامعة تسينجهوا في بكين أنه عادة ما يكون لدى الفرد أفكار واضحة عما يفعله بنقوده بينما تشعر الحكومات دائما بأنها لا تملك مالا كافيا للإنفاق.
وأشار وانج إلى أن إلغاء الضرائب الزراعية المفروضة منذ 2006 في الصين عزز الدخول في المناطق الريفية بشكل كبير. وأضاف أن بكين ينبغي ان تتبع ذلك بإلغاء الضريبة على دخل الفرد التي تراوح حاليا بين خمسة و45 في المائة.
وسو تشانج لين - سائق جرار سابقا - كان من بين المستفيدين من استراتيجية بكين الخاصة بزيادة الإنفاق على التعليم والخدمات العامة الأخرى بدلا من المرافق كوسيلة لرفع مستوى المعيشة في الريف، ويقول طالما تحسن مستوى معيشة الناس فلن يأبهوا كثيرا بالفساد.
ويبلغ معاش التقاعد الذي يتقاضاه سو 900 يوان ويزيد كثيرا عن أجره كسائق جرار في مزرعة تابعة للدولة الذي بلغ 200 يوان قبل ثلاث
سنوات.
كما أن تشانج ميفنج، وهي معلمة تقترب من سن التقاعد، أفضل حالا بعد
أن زاد راتبها أكثر من المثلين في ثلاث سنوات إلى 1700 يوان شهريا.
وتضيف: يعامل المعلمون معاملة أفضل الآن والمنافسة على الفرص الجديدة تشتد.
غير أن الإنفاق في أوجه غير سليمة والفساد من جانب مسؤولي الحكومة
ومن بينها الحالة الأخيرة حين حول مسؤولون محليون أموال معاشات تقاعد
عمال تم الاستغناء عنهم لبناء مكاتبهم ومركز تدريب أوجد اعتقادا على
نطاق واسع بأن جزءا كبيرا من الأموال العامة التي تخصص لأماكن مثل
بويانح لا تصل أبدا إلى المحتاجين والمستحقين.
وقال ون وهو صاحب متجر رفض ذكر اسمه كاملا: المسؤولون وحدهم من
يمكنهم بناء منازل كبيرة، وأضاف أنه يشك في أن العقوبة التي صدرت بحق بعض المسؤولين المحليين الذين أمروا بتسليم منازلهم لبيعها في مزاد علني قاسية لدرجة رادعة.