متخصصون يحذرون من مواقع تعد برواتب مقابل خدمات محددة

متخصصون يحذرون من مواقع تعد برواتب مقابل خدمات محددة

متخصصون يحذرون من مواقع تعد برواتب مقابل خدمات محددة

حذر خبراء في علوم الكمبيوتر الشباب من الانسياق وراء المواقع التي تحث على الربح عن طريق شبكة الإنترنت، قائلين إن تلك المواقع تفتقد البيئة التشريعية والقانونية التي تجعل منها طريقة آمنة لتحقيق الربح. وطالبوا الحكومات العربية بوضع البيئة التشريعية قبل أن تجتذب تلك المواقع مزيدا من الشباب، خاصة أن نسبة البطالة تصل حاليا إلى 14 في المائة من إجمالي القوى العاملة العربية البالغة 90 مليونا؛ ما يعني وجود 12.5 مليون عاطل عن العمل، معظمهم من فئة الشباب، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 123 مليونا في عام 2010. واستنكروا أن يكون هدف الشباب هو الترويج لموقع ما، فهذا فيه تعطيل لجميع إمكانات الشاب وضياع للوقت دون تعلم مهنة جديدة، قائلين إن تلك المواقع توزع أحلاما ولا توزع أرباحا حقيقية.
وكان موقع جديد يطلق عليه اسم "أجلوكو"، agloco.com، قد عمد إلى اجتذاب الشباب بالترويج لامتلاك أسهم من خلاله، معتمدا على الشباب في عملية التسويق له، فكلما زاد عدد المشتركين عن طريق مشترك معين، زاد الربح الذي يربحه. فبناء على هذه الآلية التي يتبعها الموقع في التسويق، أصبح العديد من الشباب يسجلون في منتديات مختلفة للترويج لذلك الموقع. والغريب أن كل هذا يتم دون وجود عقد موقع بين الطرفين أو أي ضمان لمصالحهم.
يشير المهندس حسام يوسف عز الدين، أحد المختصين في التقنية، أن التجارة الإلكترونية عن طريق الإنترنت أصبحت من أسهل الطرق والسبل لتحقيق حلم الثراء السريع عن طريق تسويق بعض الأفكار التي تدر دخلاً لكل من أصحاب تلك المواقع والمشتركين.
وتهدف هذه المواقع، والكلام للمهندس حسام، أن تكون محط أنظار المعلنين وشركات التجزئة وغيرها، فعندما ترى الشركات هذا العدد الضخم من المشتركين جذب المشترك لأكبر عدد من مستخدمي شبكة الإنترنت، فمثلا فكرة موقع Aglogo ومن قبله All Advantage، تدور على فكرة الكسب من هذه الشركة بنظام المشاركة في أسهمها، وكل ما على المشترك أن يقوم بتحميل برنامج صغير على جهازه، وهذا البرنامج يظهر في شريط المهام أسفل الشاشة، ويعمل على متابعة المواقع التي يزورها كل مشترك على الإنترنت، ومن ثم يظهر له إعلانات تتوافق مع ميوله، أي إعلانات لمواقع تشابه المواقع التي يهتم بها ويزورها دائماً. فأصحاب هذه الإعلانات يدفعون لـ "أجلوكو" مقابل عرض إعلاناتهم، ومن ثم تقوم "أجلوكو" بتوزيع هذه الأرباح على أعضائها. ويقوم نظام التسويق للشركة على جمع أكبر عدد ممكن من الأعضاء للاشتراك من خلال المشترك. فالمستخدم النشط الذي لديه على سبيل المثال 100 عضو في شبكته سيكسب نحو ثلاثة آلاف دولار شهريا، إضافة إلى الأرباح الشهرية، كما تصرح الشركة.
ويلعب دور التسويق الإلكتروني هنا دورا مهما في زيادة دخل المشترك، فهذه الشركة هي ملك لأعضائها المشتركين فيها (90 في المائة من أسهم الشركة ملك للأعضاء)، عكس موقع youtube الشهير لرفع ملفات الصور والفيديو، الذي يملكه أصحابه فقط. وطبعاً زوار الموقع ليس لهم أي حصة من أرباح موقع youtube. ويقوم كل عضو بالشركة بتكوين فريق خاص به لزيادة عدد المشتركين عن طريقه.
ويرى المهندس حسام في حديثه أنه لتقييم هذا النشاط، ينبغي وضع عدة معايير منها: مصداقية الموقع، والقوانين والتشريعات التي تخضع لها تلك العملية، ومدى ملاءمة النشاط للشريعة الإسلامية، واحترام سرية وخصوصية المعلومات.
وأكد أن الفكرة براقة وتجذب الشباب، إلا أن المستفيد في النهاية هم أصحاب تلك المواقع مشبها إياها بالنسبة للمشتركين بالحرث في الماء وإضاعة الوقت فيما لا طائل من ورائه. و يرجع السبب في انتشار تلك المواقع إلى أن المادة هي الشغل الشاغل للعقلية الغربية. لذا فهم يمارسون كل السبل غير السوية على شبكة الإنترنت للحصول على الأرباح. فهناك مواقع للقمار والبغاء والنصب، وكل ما يمكن تخيله من موبقات تدر أرباحاً طائلة على أصحابها.
وقد أظهرت دراسة حديثة أن حجم الإيرادات المالية للمواقع الإباحية بلغت عالميا 97 مليار دولار خلال العام الماضي. لكن الثقافة الإسلامية ترفض مثل هذه النشاطات غير الشريفة. ويصعب من وجهة نظره اعتبار تلك المواقع حلاً سحرياً لمشكلة البطالة، بل هي في حقيقتها تكريس للبطالة. بمعنى آخر فعندما لا تكون هناك مهارة أو صنعة يتقنها الشباب سوى تحميل البرنامج والتودد للناس للاشتراك في الموقع. فإننا بذلك نكون قد قضينا على الشباب بما لا يفيدهم في مستقبلهم.
وخالف المهندس حسام من يقول إنها تعلم الشباب مهارة التسويق. فالتسويق علم واسع يدرس على أصول وأسس علمية وليس عملاً عشوائياً، منوها بأهمية توعية الشباب من كونهم مستهلكين فقط لكل ما ينتجه الغرب وتشجيعهم على الابتكار والتطوير في المجالات المعرفية المختلفة، خاصة التسويق الإلكتروني. فلتحقيق ذلك يجب أن يكون للشاب خطة وهدف طموح يسعى لتحقيقه.
ويقترح المهندس حسام على الشباب تشجيع ونشر واستخدام تقنيات المعلومات والتجارة الإلكترونية في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بحيث يتم توفير الأجهزة والبرامج واشتراك الإنترنت بأسعار متدنية. كما يمكن تشجيع الشباب على إنشاء معارض افتراضية على الإنترنت لعرض جميع المنتجات السعودية، ويكون منبرا للصناعة السعودية على الإنترنت وبالذات الموجهة للتصدير. وينصحهم بالاستفادة من خدمات جهات التوثيق التي تختص بتعقب المواقع الوهمية والكشف عنها عن طريق استعمال الشهادات الرقمية Digital ID التي تضمن استخداماً آمناً للمواقع التجارية، ومن بينها شركة InterClear التي تستخدم شهادات العملاء Client Certificate للتعرف على مواقع الشركات التجارية مزودة الخدمة للتأكد من هوية الأفراد الذين يقومون بإدارتها لتفادي مواقع الاحتيال.
يقول المهندس حسام توجد الكثير من المواقع الوهمية على الإنترنت اليوم، التي تقوم بخداع مستخدميها وتقديم خدمات زائفة لهم، وهناك اتفاقيات دولية في مجال حماية البيانات ونقلها والحماية الجنائية من الأنشطة التي تتم بواسطة شبكة المعلومات، إضافة إلى التشريعات المحلية الدولية في الاتحاد الأوروبي، مثلاً سن نظام موحد لمكافحة جرائم الاختراق للإنترنت، وكذلك في نيوزيلندا يوجد تشريع لمكافحة الاختراق واعتباره جريمة، وكذلك قانون التعاملات والتجارة الإلكترونية في دبي، إضافة إلى القوانين الاتحادية الأمريكية لمكافحة التسلل إلى أجهزة الحاسب وغيرها من التشريعات والقوانين الدولية في هذا المجال. مؤكدا حاجة الدول العربية ودول العالم إلى وجود المزيد من التشريعات التي تلائم طبيعة العمل في مواقع التربح من خلال الإنترنت، لأن تلك المواقع أفرزت مشاكل وتحديات تستلزم تنظيماً قانونياً في جوانب عديدة لعدم تغطية القوانين القائمة لهذه التحديات القانونية. ففي حال امتنعت الشركة صاحبة الموقع عن صرف الأرباح المحددة وبالنسبة للتجارة الإلكترونية، فلا بد من اتخاذ خطوات احترازية عند التعاقد الإلكتروني تحوطا من احتمال أن تكون مواقع الإنترنت وعناوين البريد الإلكتروني منتحلة، خاصة أن سهولة التعاقد الإلكتروني وسرعته قد تجعلان المفوضين بالتعاقد يحسون بالأمان دون مسوغ. فتلك المواقع من وجهة نظره مصيدة للشباب لكيلا يكونوا قوة في الاقتصاد العلمي والاقتصادي، قائلا إن الشباب يجب أن يتنبهوا لكل الشروط خاصة التي تنص في حال خالفت الشركة للوعود، ولا بد من وضع تشريعات وقوانين مستحدثة حتى نحافظ على حق الشباب. كما أن بعض تلك المواقع ترسل دودة خبيثة للتجسس على المعلومات المخزنة في الحاسب والاحتيال على أصحاب الإعلانات عبر الإنترنت.
وأيد إبراهيم الحامد المتخصص في تقنية المعلومات في وزارة الدفاع والطيران، كل ما سبق، مضيفاً أن تلك المواقع لا تفيد سوى أصحابها فقط والمعلنين عليها، وأن الشاب لا يطول سوى الحلم والوهم والمشقة بالتسويق واجتذاب غيره من الشباب لكيلا يشعر أنه وقع بمفرده في المصيدة، قائلا إنه يتحدى الشباب في أن يكونوا قد ربحوا من خلال تلك المواقع، ناصحا الشباب بتعلم برامج أو دورات من خلال الإنترنت وعدم السعي للربح، لأننا مازلنا بعيدين عن البيئة التشريعية والقانونية التي تكفل ذلك الربح و تكون وسيلة للعمل.
الشاب عبد الله، أحد المشتركين في الموقع والمسوقين له، اعترف بأنه يسوق للموقع منذ ستة أشهر تقريبا، واستطاع اجتذاب عدد من الأفراد، ولكنه حتى الآن لم يحصل على أي مبلغ أو شيك إلكتروني كما وعدوه، مؤكدا أنه اشترك في الموقع وبدأ التسويق له بعدما أراه أحد أصدقائه شيكا إلكترونيا تم صرفه بمبلغ 500 دولار، ما جعله يقتنع ويبدأ بجدية في عملية التسويق. معترفا بأنه لم يحصل حتى الآن على أي مبالغ، ويجد أنها فرصة رائعة للربح لو كانت حقيقية، في ظل وجود قوانين تحميها، فهي أفضل من تضييع الشباب لأوقاتهم بتحميل أغان أو مواقع الدردشة.

الأكثر قراءة