تجييش شعبي

تجييش شعبي

"الشعبيون" هم أولئك الذين يرضون على أنفسهم تلك التسمية، ويرون أنها التسمية الأفضل لأي شيء يمت بصلة للشعر المحكي، لذلك سأكون منصفا مع نفسي وأسميهم بما يحبون من الأسماء، رغم أنهم لا يرون الشعر المحكي كما يحب أن يروه، ولم يراعوا مشاعره فيما يخص الخلط بينه وبين كل ما هو محنط وتراثي!
هؤلاء فيما يخص صفحاتهم الشعبية "المحنطة"، وبرامجهم التلفزيونية الجامدة كجمود "زير الماء" الذي ينقلونه معهم في كل مشهد "ليوحوا" للمشاهد أن هذا البرنامج مختص بالشعر، وأن هذا الشعر عبارة عن تراث! كانوا يتقاتلون فيما بينهم كقتال القطط على ما تبقى من فتات في الشارع، يسبون بعضهم ونتاج بعضهم الصحافي بطريقة مقززة، حتى أن الشتم والسب وصل إلى آبائهم وأعراضهم، ومع ذلك هم يرون نتاجهم "أدبيا"!
اليوم اختلف الوضع – ليس فيما يتعلق بالنتاج غير الأدبي- فصاروا يتملقون شيئا واحدا، يحاولون الوصول إلى رضا البرنامج المهيمن ماديا وتسويقيا، فهذا يريد أن يكون عضوا في لجنة التحكيم، وهذا يريد أن يُستضاف في البرنامج ولو ككرسي! وهذا يريد أن يكون له حظوة، وهذا يريد "شرهة"! وهذا يخطط لوضعه في النسخة الثالثة والرابعة!
كل "المتنافرين" سابقا اتفقوا الآن على جودة "شاعر المليون" وما يقدمه للشعر والشعراء، رغم أنهم لم يكونوا كذلك في أي يوم من عهدهم الغابر، كانوا رافضين للتجديد والتحديث بكل أشكاله، واليوم هم من المحبين للتطور ودخول الجديد على "الشعر"، أحدهم قال جملة متكلسة أعادتني لأيامهم الغابرة، يقول: برنامج شاعر المليون أعاد لـ "التراث" هيبته، فكانت الجملة الوحيدة التي أثق بأنه قالها صادقا، لأنها تدور في فلك أفقه الضيق بربط الشعر بالتراث، كما أربط تخلف الشعر الذي مضى به وأصحابه من أرباب الصفحات المنقرضة! هو نفسه يقول لأحد الشعراء الذي أرسل له قصيدة يشارك بها ورد عليه ضمن ردود القراء: "قصيدتك جميلة لكنها لا تصلح للنشر لأنها ليست باللهجة البدوية"! قمة التخلف والانقراض والتحيز للذات السيئة!
مثلهم كمثل جيش ببغاوات يكررون الكلمات التي لا يعون معناها، وسيضرون بهذا البرنامج كثيرا، إن استمرت السياسة المتبعة..
مع عدم إنكارنا لـ "جهود" كبيرة بذلت لإنجاح المشروع..
ملاحظة: لا تستبعدوا أن يأخذ صحافة "الدعم اللوجستي" السطر الأخير من المقال ليكتبوا مانشيتا "بالمحكي يشيد بالجهود الكبيرة التي بذلت لإنجاح المشروع"!

الأكثر قراءة