النظام الاقتصادي الإسلامي

النظام الاقتصادي الإسلامي

[email protected]

النظام الاقتصادي الإسلامي نظام شامل يتناول مظاهر الحياة الاقتصادية للإنسان، ولا يقتصر نفعه على المسلمين بل يمتد نفعه إلى العالمين، وبه تتم المواءمة بين حاجات الأفراد وما رزقهم الله تعالى من موارد بصورة يحكمها فقه الأولويات من ضروريات وحاجيات وتحسينات، وبذلك يرتبط الإنتاج بالتوزيع بصورة عادلة.
وينظر إلى النظام الاقتصادي الإسلامي على أنه ذلك النظام الذي يقوم على أساس تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في جميع أنواع المعاملات داخل النشاط الاقتصادي. وتتعدد خصائص ذلك النظام الرباني، فهو لا يقف عند حدود الوصف لما هو كائن، وإنما يهتم بما يجب أن يكون، فهو من هذه الناحية علم هادف، كما أنه يرتبط ببقية القوانين التي تنظم الحياة ارتباط الكل بأجزائه، فلا يمكن فصله عن القواعد الأخلاقية والإيمانية والعقدية، إضافة إلى ارتباطه بالشريعة التي تنظم كل قوانين الحياة، فهو ملتزم بقواعد الحلال والحرام في الكسب والإنفاق من كتاب الله وسنة رسوله.
ويقوم النظام الاقتصاد الإسلامي على أسس ثلاثة: أولها: الإيمان بالله: وبه تتحقق للإنسان حريته، حيث صلته بالله تحرره من الخوف من العباد إلى الخوف من رب العباد، وتحرره من عبودية خوف الحرمان، فالله هو المحيي المميت الرزاق ذو القوة المتين. وهو سبحانه الذي فرض في شريعته ضمانا اجتماعيا للإنسان ممثلا في حد أدنى مبني على الحق لتوفير كفايته بزكاة تؤخذ من الأغنياء وترد إلى الفقراء.
كما أن الإيمان والتقوى من أسباب البركة في الدنيا وإلى هذا أشار القرآن الكريم في قوله تعالى: ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكنهم كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) الأعراف/96.
والإيمان بالله واليوم الآخر يجعل من الدنيا مزرعة للآخرة. فيقول تعالى: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين) القصص/77. كما أن الآيات القرآنية المنظمة لاقتصاد الأمة بدأت بالدعوة إلى تقوى الله وانتهت بالتحذير من عذاب الله في الآخرة، فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون. وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) البقرة/ 278 -281 .
أما الأساس الثاني من أسس الاقتصاد الإسلامي فهو: القسط، وهو ميزان الله تعالى الذي أمر به رسله وعباده وقامت عليه السماوات والأرض. فقال تعالى: ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) الحديد/25. (والسماء رفعها ووضع الميزان. ألا تطغوا في الميزان. وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ) الرحمن/7-9.
والقسط في المعاملات يحقق التوازن بين الروح والمادة، والدنيا والآخرة، والعبادة والمعاملة، والفرد والجماعة، والتنمية والرعاية الاجتماعية. فينجو المجتمع بذلك من الإفراط الذي يمزقه، والتفريط الذي يضيعه، وتسمو فيه القيم وتحترم فيه الحوافز، والسعي نحو العمل الصالح الذي يقود إلى الفلاح، مع احترام الرغبات وصيانة الأملاك.
أما الأساس الثالث من أسس الاقتصاد الإسلامي فهو: الاستخلاف، وهو أشرف مهمة في الحياة كلف بها رب العباد عباده بأن جعلهم خلفاء له في الأرض. يقول تعالي: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) البقرة/30.
ويترتب على مفهوم الاستخلاف واجب الإعمار والضرب في الأرض، والنظر إلى حق الإنسان في التملك حق استخلاف، فالملك لله الذي خلق وأنعم، وهو ما يؤدي بالإنسان إلى طاعة المالك فيما استخلفه فيه، فلا يكسب مالا إلا من حلال، ولا ينفقه إلا في الطيب، مع الالتزام باستعمال ما يمتلكه في نفعه ونفع غيره من الناس، فليس له أن يضر به أحدا أو يحجبه عن أحد. فبهذا المال تعيش الأمة وتنتفع، فليس لسفيه أن يضيعه، وإذا فعل حجر عليه. كما أوجب الله تعالى على المسلم حقا معلوما من الزكاة فيما يملك إلى الفقراء، وليس له أن يتفضل به عليهم، لأن المالك هو الذي أمر به. ومن ثم نجد أن قضية الإنتاج ترتبط بقضية رعاية الفقراء في الإسلام.
كما أن الملكية في الإسلام ملكية نظيفة تنمو في حضن القيم الإيمانية، فيقول تعالي: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) البقرة / 188. فلا عدوان على حق الفرد في التملك، ولا عدوان على حق الفقير في الزكاة، ولا عدوان على حق الجماعة بمنع طغيان المال والاستغلال من خلال الربا والاحتكار والغرر والغش والتدليس والخديعة وغيرها.
وهكذا ينفرد النظام الاقتصادي الإسلامي بهذه الأسس التي تجعل منه الملاذ الآمن لشعوب العالم بعد فشل الشيوعية، واستفحال الرأسمالية وظلمها التي عاثت في الأرض فسادا، وأهملت الإنسان، وقدست الأموال، وأوشكت على الإفلاس.

الأكثر قراءة