الكوارث لا تأتي فرادى.. الاقتصاد ربما يكون الكابوس المقبل لباكستان

الكوارث لا تأتي فرادى.. الاقتصاد ربما يكون الكابوس المقبل لباكستان

يهدد اغتيال زعيمة المعارضة الباكستانية بينظير بوتو بإعاقة الأداء الاقتصادي القوي للبلاد خلال السنوات الخمس الماضية الذي دعمه جزئيا المستثمرون الأجانب. وتم إرجاء الانتخابات العامة لإعادة البلاد إلى الحكم المدني ستة أسابيع إلى 18 شباط (فبراير) لكن الفائز في هذه الانتخابات لن ينعم بالراحة في الفترة المقبلة بسبب الاقتصاد.
إذ سيتعين على القيادة الجديدة التعامل مع عجز المعاملات الخارجية المتزايد الذي قد يكون من الصعب تمويله مع ارتفاع درجة مخاطر الاستثمار في باكستان وهو ما سيجعل المستثمرين الأجانب يحجمون عن الاستثمار في البلاد.
وكانت الحكومة الحالية تأمل في تمويل العجز من خلال مزيج من زيادة الاستثمارات الأجنبية وإصدار سندات في الأسواق العالمية. ولكن محللين يقولون إن هذا لم يعد مرجحا. وقال آصف قرشي رئيس الأبحاث في "إنفايزر سيكيوريتيز للسمسرة" "سيكون هذا مصدر قلق كبير بالنسبة للحكومة".
وأضاف "تدفق الأموال الأجنبية تباطأ وسيستمر في ذلك وما من أحد مستعد لاتخاذ قرارات استثمارية جديدة لحين اتضاح الرؤية على الساحة السياسية, هذا يعني أن الحكومة ستجد صعوبة في تمويل العجز".
ومن المرجح أن يزيد هذا من الضغوط على الروبية الباكستانية التي تراجعت قيمتها هذا الأسبوع إلى أدنى مستوياتها منذ ست سنوات مقابل الدولار. وقبل أشهر معدودة كانت باكستان وجهة محببة للاستثمارات الأجنبية، ومن أسباب ذلك أن الرئيس برويز مشرف أدخل سياسات اقتصادية ليبرالية حيز التنفيذ بعد أن تولى السلطة عقب انقلاب عام 1999.
وبلغ متوسط معدل النمو الاقتصادي 7 في المائة منذ عام 2002 كما أن بورصة كراتشي قفزت نحو 900 في المائة خلال السنوات العشر الماضية. غير أن اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بوتو خلف فراغا اقتصاديا، حيث كان ينظر إليها باعتبارها الشخصية الوحيدة من زعماء المعارضة التي تتمتع بشعبية حقيقية في الداخل ومساندة قوية من الخارج. ووفقا للتقديرات الأولية للحكومة مني الاقتصاد بخسائر بلغت قيمتها نحو ملياري دولار خلال يومين من العنف أعقبا مقتل بوتو يوم 27 كانون الأول (ديسمبر) الماضي, وأغلقت كل المصالح أبوابها نظرا لتعرض الملكيات العامة والخاصة لهجمات
خلال أعمال العنف. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن الاستثمارات الأجنبية في أول خمسة أشهر من السنة المالية الحالية تراجعت 19.3 في المائة إلى 1.81 مليار دولار مقارنة بالفترة نفسها من السنة المالية الماضية نتيجة انخفاض حاد في الاستثمار في محافظ الأوراق المالية نظرا لتزايد عدم اليقين السياسي. وفي السنة المالية 2006/2007 زاد إجمالي الاستثمارات الأجنبية في باكستان بنحو المثلين ليصل إلى 8.43 مليار دولار. والصرف الأجنبي حيوي لتمويل عجز المعاملات الخارجية المتزايد لباكستان مثل عجز حساب المعاملات الجارية وهو الوسيلة الأشمل لقياس حجم تجارة بلد ما مع بقية أنحاء العالم.
ويتزايد عجز حساب المعاملات الجارية بشكل منتظم وبلغ نحو 4.8 مليار دولار خلال الفترة من تموز (يوليو) إلى تشرين الثاني (نوفمبر) أو نحو 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. ومثلت تحويلات العاملين من الخارج مصدرا كبيرا للدخل القومي وارتفعت 23.6 في المائة إلى 2.59 مليار دولار خلال الفترة من تموز (يوليو) إلى تشرين الثاني (نوفمبر). لكن مشتاق خان الخبير الاقتصادي في مجموعة سيتي جروب المصرفية ومقرها لندن قال إنه حتى هذه التحويلات يمكن أن تتراجع ما لم يتحسن الوضع السياسي.
كما أن خطر خفض التصنيف الائتماني للبلاد ما زال قائما نظرا لأن حالة عدم اليقين من شأنها التأثير سلبا في العجز المالي الكبير بالفعل.
وفي إشارة إلى عجز المعاملات الخارجية والعجز المالي قال ثاقب شيراني كبير الخبراء الاقتصاديين في مصرف إيه. بي. إن أمرو بنك في إسلام أباد "تواجه الحكومة عجزا مزدوجا, بتأجيل الانتخابات فإنها تؤجل أيضا ارتفاع أسعار الوقود التي ستزيد من العجز المالي وأيضا العجز التجاري من خلال دعم استهلاك الوقود".
وبلغ العجز المالي 1.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في الربع المنتهي في 30 أيلول (سبتمبر) 2007, ورقم العجز المالي الذي تستهدفه الحكومة في السنة المالية الحالية هو 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
وتهدف إلى تشجيع تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 7.2 في المائة في الفترة ذاتها.
ومن المتوقع أن يكلف دعم الحكومة الوقود الذي أصبح عبئا كبيرا بعد أن بلغ سعر النفط في الأسواق العالمية 100 دولار للبرميل الأسبوع الماضي نحو 130 مليار روبية (2.1 مليار دولار). لكن نظرا لتوتر المناخ السياسي فإن رفع أسعار الوقود أمر غير مطروح خشية إثارة المزيد من الاضطرابات.

الأكثر قراءة