الصناديق السيادية .. والمخاوف العالمية

[email protected]

تعكس حركة النمو النقدية وأسعار البترول العالمية فوائض مالية غير معهودة لكثير من الدول المصدرة للبترول مثل المملكة، الكويت، الإمارات، قطر، وعمان وتقدر البنوك الأمريكية مثل مورجان ستانلي حجم الأصول التي تديرها صناديق الثروات السيادية بنحو ثلاثة تريليونات دولار أي ما يعادل نصف احتياطي العالم من العملة وتتوقع البنوك أن تنمو القيمة الإجمالية لهذه الاستثمارات إلى 17.2 مليار دولار طوال السنوات العشر المقبلة، في الوقت الذي يتوقع أن تنمو الأصول العالمية إلى 100 تريليون دولار وهو يماثل ثلاث مرات ميزانية الولايات المتحدة ويمثل النشاط التنامي لبعض لهذه الصناديق الكثير من الأسئلة ويؤجج الجدل حول أهداف هذه الصناديق والتزامها بالمعايير العالمية من وجهة نظر الغرب خشية إساءة استخدام الأدوات المالية وتحولها إلى أدوات سياسة ـ وتذكرنا هذه الشكوك التي يحيطون الصناديق السيادية العربية بها بالطفرة السابقة حيث اقتصرت بعض الدول العربية من الاهتمام بالاستثمار بالغرب خشية سوء تفسير هذه الاستثمارات، حيث إن الغرب يرحب بنا مستثمرين بأغلى الأثمان لأسلحته وسياراته وطياراته وعطوره وجمالياته وثيابه وفساتينه إلا أنه لا يرحب بنا شريكاً معه في هذه الصناعات المالية والاستراتيجية، ونحن نذكر معاناة "موانئ دبي" عندما حاولت إدارة الموانئ الأمريكية كما نذكر إرغام دولة الكويت على بيع حصص من استثماراتها في شركة الزيت البريطانية واستثمارات أخرى ومع حاجة العرب وأمريكا خاصة وجوعهم إلى هذه الأموال، إلا أن الخشية من الانقلاب تحيط بالكثير من هذه الاستثمارات، يتشير الكثير من الدول إلى أن صناديق الثروات السيادية في الخليج تتجاوز موجوداتها تريليون ونصف تريليون دولار، وأشارت بعض المصادر إلى أصحابها كالتالي ـ جهاز أبو ظبي للاستثمار نحو 875 مليار دولار بحسب تقديرات "مورجان ستانلي" ويعمل الصندوق على إدارة صناديق الاستثمار الخاصة وقد تأسس جهاز أبوظبي للاستثمار في عام 76 واقتصرت استثماراته حتى 2006 على الأصول الأجنبية، وقال "إتش إس بي سي" في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) إن الجهاز طلب مشورته في إطار خطط محتملة لاستثمار المزيد في الأسواق الصاعدة وذلك بغية تحقيق إيرادات أعلى من تلك التي تديرها الأصول الأوروبية والأمريكية. ويدير جهاز أبوظبي للاستثمار جهاز فاعل من المواطنين والخبرات الأجنبية المجلوبة من "وول ستريت" وسوق لندن المالي وبعدد يتجاوز 1500 خبير بين مواطن وأجنبي مجرب ـ صناديق دبي نحو 14 مليارا، البنك المركزي القطري 5.48 مليار دولار بحسب الأرقام في الاحتياطيات الأجنبية بتاريخ نيسان (أبريل). وأشار محافظ البنك المركزي إلى أن البنك قد يزيد حيازته من اليورو لما يصل إلى 40 في المائة من الاحتياطي ـ صندوق الاحتياطي العام في سلطنة عمان الأصول ستة مليارات دولار ـ الهيئة العام للاستثمار في الكويت الأصول 213 مليار دولار، وقد قرر الصندوق في عام 2005 مضاعفة مخصصاته للأصول الآسيوية إلى 20 في المائة، وقال صالح الصقيه المدير التنفيذي في تموز (يوليو) إن الصندوق يتطلع للاستثمار في شرق أوروبا وأستراليا وروسيا والأسواق الآسيوية، كما يملك بنك الكويت المركزي أصولاً بنحو 21 مليار دولار ـ ومصرف الإمارات المركزي نحو 43 مليون دولار ـ وتمثل حصة الاستثمارات القطرية نحو 60 مليار دولار وفقاً لتقديرات بنك ستاندر تشارتر. وأشار رئيس الوزراء إلى أن الصندوق قلص مراكزه بالدولار بأكثر من النصف إلى 40 في المائة مع استثمار 40 في المائة من محفظته باليورو و20 في المائة بعملات أخرى تشمل الجنيه الاسترليني ـ وتشير بيانات الأصول الأجنبية في مؤسسة النقد العربي السعودي في أيلول (سبتمبر) 2007م إلى مبلغ 258.4 مليار دولار وما زالت المملكة متأخرة جداً عن الركب في الاستثمارات الخارجية، إذ سبقتها إلى ذلك الكثير من جاراتها مثل قطر، الإمارات، والكويت ـ وليس استثمار صندوق أبوظبي بنحو 7.5 مليار دولار لشراء نحو 4.9 من بنك سيتي الأمريكي ببعيد، حيث يعيد التاريخ نفسه عندما بادر صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال عام 1999م بإنقاذ البنك نفسه، وذلك باستثمار نحو 60 مليون دولار بعائد سنوي نحو 11 في المائة حولت فيما بعد إلى أسهم، ويعد الأمير الوليد أكبر مساهم مع أبو ظبي في رأسمال البنك وسيسلك صندوق استثمار أبوظبي المسار نفسه، حيث سيتم بعد سنتين تحويل مبلغ الاستثمار إلى أسهم وبقيمة تراوح بين 30 و37 دولارا للسهم. الجدير بالذكر أن أسهم سيتي بنك انخفضت بما يساوي 50 في المائة نتيجة لتعرض البنك لأخذ احتياطيات كبيرة لصناديق الرهن العقاري. ويشير المراقبون إلى أن المبالغ قد تصل إلى أكثر من 15 مليار دولار خلال الربع الرابع والأول من عام 2008م وقد أدى ذلك إلى التضحية برئيس مجلس الإدارة السيد شاك برنس الذي خلف قبل سنوات السيد ساندي ويل، وقد دخل الرجلان إلى ذمة التاريخ كما تسلم رئاسة مجلس الإدارة السيد براين الذي كان وزير الخزانة جاء إليها من شركة جولدمان ساكس. كما كنت أتمنى أن تكون المملكة هي صاحبة اليد العليا على سيتي بنك لاغتنام الفرصة المناسبة لرد السلف نتيجة خروجه غير المؤدب من سوق المملكة ورفضه السعودة عند ابتدائها في الثمانينيات، حيث هدد بإغلاق فرعه والخروج من المملكة إن لم يسمح له بالبقاء كبنك أجنبي غير خاضع للسعودة، ولكن كفاءة معالي رئيس مؤسسة النقد آنذاك الشيخ عبد العزيز القريشي ومتابعة معالي وزير المالية الشيخ محمد أبا الخيل أرغما البنك على قبول السعودة وغادر البنك المملكة مذموماً مدحوراً قبل سنوات عندما تخلى عن حصته ببيعها ـ ويحاول البنك منذ فترة العودة إلى المملكة. الجدير بالذكر أن الكونجرس الأمريكي يسعى إلى إحياء نخبة الاستثمار الأجنبي في الكونجرس CFIUS لمراجعة الاستحواذات من قبل الجهات الاستثمارية التي تملكها دول أجنبية وتبدو أنها تمثل مخاطر أمنية أو سياسية وليست قصة "موانئ دبي" ببعيد ـ كما أن عضو الكونجرس السناتور تشك توك الديمقراطي يمثل كلب المراقبة للاستثمارات الأجنبية في الكونجرس مع أنه لا يشغل منصباً رسمياً فيما يتعلق بإجازة ورفض الاستثمارات الأجنبية، إلا أن بنك سيتي جروب قدم له صفقة أبوظبي لتحظي بتأييده كما كان أشد المعارضين لصفقة "موانئ دبي" وشراء حصة في "ناسداك" لأن معارضته في الكونجرس وهو ديمقراطي تجعل مصير أي صفقة أجنبية الفشل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي