ورطة القروض؟!
ما الذي يجعل البنوك الآن تتسابق على منح القروض الميسرة؟ هو تسابق محموم، العنوان الرئيس فيه هو الإبقاء على المتعاملين بسبب أن دائرة البنوك العاملة في السعودية ستتسع كثيراً من جراء أن البنوك الأجنبية ستبدأ بالتوافد زرافات إلى السعودية مع نهاية عامنا الميلادي الجاري ، وبالطبع ستأتي تلك البنوك ومعها القروض الميسرة التي لم يبلغها بنك سعودي من قبل!
البنوك المحلية وهي تمنح القروض ترمي إلى ضمان استمرار العلاقة مع المقترض كعميل وذي فائدة لها كحد أدنى إلى خمس سنوات مقبلة .. وحسبي أن في ذلك عملا مخيفا جداً ولاسيما أن المرتكزات الإنسانية للعمل المالي باتت أقل من المطلوب، فالسهولة المتناهية التي بدأت البنوك في تقديمها أصبحت تسيّل اللعاب وتدفع كثيرين إلى الاقتراض.
هنا لن أدعو إلى الانتظار إلى نهاية العام 2008 كما ينادي بذلك الزميل العزيز في الرصينة "الاقتصادية" ناصر العلي كي يتسنى للناس أن يحصلوا على قروض تصل فوائدها فقط إلى 1 في المائة قياساً بما يقدم الآن .. لكن الدعوة موجهة للعموم بعدم الانسياق تجاه الرغبات الداخلية الكاذبة، وبما يفضي إلى تحميل الشخص نفسه تراكمات مالية قد يصعب عليه سدادها طوال عمره.. فالأساس للقرض أن تكون هناك ضرورة ملحة حقيقية، وليس مجرد توسع وكماليات، كذلك حين يحتاج إلى القرض فعلاً فالواجب أن يكون بما يفي بالحاجة دون زيادة، تزيد من الأعباء.
الشأن المهم للمقترض هو أن يكون مدركاً لكيفية السداد وتعويض ما سيقترضه من مرتبه، وفق ميزانية مرتبة قادرة على تقبل الظرف المتعلق بالقرض.
أعود لأقول إن عصرنا بات مخيفاً من جراء تدافع الناس نحو القروض، وحقيقة أصبح لدينا مدمنون على ذلك وكأنهم غير مدركين لمدى الضرر الذي سيقع على أسرهم، ولاسيما أن الحياة الحالية وما فيها من ماديات مفرطة عودت الفرد على الاعتبارات الذاتية والتمتع بالملذات الوقتية دون النظر الجاد للمستقبل وتأثير مثل ذلك في الأسرة والمجتمع.
القروض وفرط انتشارها باتت أفعال المجتمع، وعليه نحتاج إلى من يبادر بالتوعية والنصح عبر كل الوسائل سواء كانت إعلامية أو حتى من خلال المجالس الخاصة والتجمعات العائلية .. وخصوصية الأمر تقع على الكتّاب والتلفزيونيين الاقتصاديين الذين ما برح معظمهم يغوص في الأسهم وكأن لا إشكالية إلا هي، مع أن التنامي المخيف لعدد المقترضين والتأثير السلبي لهذا الفعل في المجتمع والأسرة أمر جدير بالبحث والدراسة ونشر التوعية التي تفضي إلى الحلول.