"الهيئة" تعلن أسماء 100 شاعر حسب التقويم القبلي.. من "كبَّ" العشاء؟

"الهيئة" تعلن أسماء 100 شاعر حسب التقويم القبلي.. من "كبَّ" العشاء؟

أعلنت هيئة أبو ظبي للتراث والثقافة الأسبوع الماضي قائمة المائة شاعر، التي ستتضمن الـ 48 شاعرا المختارون في نهائيات مسابقة شاعر المليون، وبغض النظر عن خدمة الشعر التي يتشدق بها كثيرون من موظفي "الهيئة"، فإن الجميع بمن فيهم الفائزون أنفسهم استغربوا آلية عرض القائمة التي تجاهلت أي رابط آخر غير قبلي، فتم فرز الشعراء كل حسب قبيلته، فآل فلان يأتون تحت بعضهم، وآل علان أيضا كانوا تحت بعضهم، حتى أن بعض آل فلان كانوا من دول مختلفة ورغم ذلك كانت "القبيلة" الرابط الأكثر وضوحا أمام لجنة "الفرز"، فتبعثرت الدول الخليجية في القائمة تحت الرابط الأقوى في "لاوعي" الفارز! – ونقول في "لاوعي" حتى لا نظلم النوايا!- ورغم ذلك نسي الأخوان في الهيئة أن "يخلطوا" الأسماء مرة أخرى قبل الإعلان، حتى لا يأتي صحافيون "ملاقيف" مثلنا و"يكبون" العشاء!

مدخل: متيقنون أن برنامج "شاعر المليون" برنامج مشاهد بكثافة، وسيغضب كثيرون من صراحتنا، إلا أن هذا لا يعني أن نكون "مع الخيل يا شقرا"!
من الأمور الطبيعية التي تعايشها مجتمعاتنا في بلدان الخليج، أنه لا يُنكر على أحد نسبته وافتخاره بأهله، وأيضا من الأمور التي يعرفها الجميع بلا استثناء، أننا في دول الخليج كمواطنين "متساوون"، لا فرق بين "ابن علان" أو "ابن فلان" إلا بجودة ما يقدم، أيا كان هذا الـ "ما يُقدم"!
في خضم مسابقات شعر "عامي" فصله الآخرون عن ثقافة "النخبة" قسرا، كان الرهان "المعلن" على جمالية الشعر لا جمالية "وجه الشاعر" أو حسبه ونسبه، إلا أن الحقيقة كانت غير ذلك بكثير، فحشرت أسماء القبائل خلف كل اسم مشارك برغبة الشعراء أنفسهم، لأنهم يعرفون سلفا أن "اللاست نيم" هو "فرس الرهان" في التصويت وفي سياسة البرنامج أصلا!
عدد من الشبان الشعراء لا يعترفون بمسألة القبيلة في حياتهم وقصيدتهم، إلا أنهم اضطروا بهدف المشاركة إلى وضع أسماء قبائلهم التي يعودون أصلا إليها، وهي غير موجودة في الهوية الوطنية أو حتى في جواز السفر ، إيمانا منهم أن الاسم الأخير هو ما سيدفع المصوتين أو البرنامج إلى قبولهم!
أحد الشعراء خلال مشاركته أمام لجنة التحكيم في المراحل الأولية اعترف من خلال قصيدة "لبط" بها في المنتديات "لبطا" بعد مشاركته الأولية، أنه شارك لأنه يعلم أن قبيلته ستصوت له معترفا أن مجرد وضع اسمه الأخير ستتكفل "فخذين" من قبيلته بأمر فوزه من خلال التصويت، وطبعا هو شاعر لا أحد ينكر شاعريته، إلا أننا ننكر آلية تسويق البرنامج التي اعتمدت "التسويق القبلي" كطريقة جذب ومتابعة للبرنامج!
لذا فإن المسائل التالية لن يشاهدها أو يسمع بها قارئ أو مشاهد إلا في برنامج شاعر المليون:
1+1= 8
220+220=48
5- 6 = 360
حيث الرؤية تنطلق من مشهد رقمي بحت، والبنية التحتية تنساق نحو أهداف ربحية كفيلة بأن تشوه أي "جمال"، دون إهمال أن نجاح البرنامج في نسخته الأولى كان مدعما بالـ"سبق"، ولم يعد أمام المتابع في النسخة الثانية إلا أن يكتشف الملامح التي حجبها ضباب وهج الفكرة التي تم التقاطها لخدمة الشعر "كما يقال"!، وهذا ما أكدته قائمة الفرز وطريقة الاختيار والإعلان المبدئي، حيث خرج الكثيرون من الذين يستحقون البقاء أو كما يراهم الشعر: رهان التوازن!، ليحل مكانهم فريقان الأول يستحق والآخر ليس إلا "كيف الحال"!، وهنا توالدت الصدمات وسقطت حقيقة تأخرت في الظهور، فبرنامج شاعر المليون قد يخدم أي شئ إلا الشعر، بل المخجل أنه أسهم في مد جسر طويل في خيال الشعراء ينقلهم من الضائقة للفرج، والأهداف تنصب حول مائة ألف ومن ثم مائتين ومن ثم "يكفي وما يهم المليون"، وقد ذكر أحد الظرفاء أن البنوك ستعتمد بند يسمح بمنح القروض بشرط "التصويت"، حيث سيصبح بإمكان الشعراء الـ"48" التصويت لأنفسهم بمبلغ لا يتجاوز 500.000ريال، مع فترة سداد تصل لعشرين سنة!
وكأن المشهد "سوق" وليس بساحة أدب!، ونحن هنا لن نتطرق للمسؤول عن ذلك كي لا تختلط الأمور، ولكننا كنا نتمنى أن توضح أهداف البرنامج وسياسته وشريحته المستهدفة بوضوح تام، مع ملاحظة أن سعادة الجمهور الذي راهنا على فشله في فرز ما له وما عليه يؤكد لنا دوما أنه لن يرتقي بعقله وذائقته ويبتعد عن اتباع ما يخدم علاقته الاجتماعية وعاطفته!
موقع "شاعر المليون" الرسمي نشر أسماء الشعراء المائة حسب التقويم "القبلي" في البداية، وبعد ساعتين تداركوا هذا الخطأ الفادح الذي يتناقض مع إصرارهم الدائم بمعارضتهم لمبدأ "العنصرية القبلية"، وخلطوا القائمة مرة أخرى بشكل عشوائي، وحسبما وصلنا من مصادرنا أن الموظف المسؤول عن هذه الغلطة الفادحة تمت محاسبته حسابا شديدا! رغم أنه لا يتدخل بطريقة الفرز وليس هو من يختار الأسماء، هو وصلته القائمة من اللجنة الذين يتهمون "برنامج كمبيوتر" بهذا الخلل! رغم أن بعض أعضاء اللجنة أنفسهم لا يعلمون القائمة النهائية للمائة، رغم أنهم قدموا قوائمهم الخاصة!
ولأن أكثر من جهة ستفتح نيرانها علينا كوننا لم ولن ننساق لخدمة شخوص واتجاهات بعيدة عن الشعر نقول:
لسنا ممن يمدحون ويتقربون ويميلون بالميزان حيث يداعب الهواء جهة على حساب أخرى، وليعلم الجميع أننا نقر الاحترام للأشخاص كافة ولكننا ننتقد السلوك والبطيخ وكل ما هو إس إم إس!
مخرج: بغض الشعر والبصر عن كل ما يحدث: فلكم التوفيق!

الأكثر قراءة