كيف يمكن لمصفاة جازان أن تساهم أكثر في التنمية؟ (2 من 2)

كيف يمكن لمصفاة جازان أن تساهم أكثر في التنمية؟ (2 من 2)

كيف يمكن لمصفاة جازان أن تساهم أكثر في التنمية؟ (2 من 2)

* إنتاج الطاقة الكهربائية

إن ارتفاع الطلب على الكهرباء يلقى بثقله على كاهل الحكومات المختلفة، فكثير من الدول الغربية لجأت إلى الطاقة البديلة مثل الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، بحكم تقدمهم العلمي وبسبب عدم وجود احتياطات كبيرة للطاقة الأحفورية لديها.
تشهد المملكة في الوقت الراهن رخاء في كل المجالات، رافقه ازدهار صناعي وازدياد كبير في عدد السكان، حتى تكاد تكون نسبة النمو في عدد السكان من الأعلى في العالم. ولا شك أن هذه الزيادة الكبيرة في سكان المملكة وما رافقها من نمو في المشاريع التنموية تتطلب الكثير من الطاقة، سواء كوقود أو كهرباء.
تستهلك المملكة الكثير من نفطها سواء كمشتقات (ديزل أو زيت وقود) أو نفط خام (يحرق يومياً ما يقارب 200 ألف برميل من الخام) لتوليد الكهرباء، هذا طبعاً غير ما يستهلك من الغاز الطبيعي. وأصبح توليد الكهرباء يشكل تحدياً كبيراً لشركات الكهرباء في كل مناطق المملكة.
تطور مفهوم المصافي مع الأيام، وأصبحت المصافي الحديثة ذات أغراض متعددة وفكرة إنتاج الوقود لوحده قد انتهت وأصبحت من الماضي، وعلى هذا الأساس تقوم المصافي الحديثة بإنتاج المواد الأولية للصناعات البتروكيماوية والكيماوية لتحسين ربحيتها. كما أن إنتاج الطاقة الكهربائية من المصافي مباشرة هي تجربة سائدة في أوروبا وأمريكا، فكثيرا ما توجد مجمعات إنتاج الطاقة إلى جانب المصافي فتأخذ منها الغازات ذات القيمة الزهيدة مثل غاز البيع (غاز الميثان) ومخلفات التكرير الثقيلة والتي لا تملك قيمة اقتصادية مغرية مثل زيت الوقود الثقيل.
في المقابل تقوم محطات إنتاج الطاقة الكهربائية بحرق غاز البيع لإنتاج الطاقة الكهربائية وذلك بواسطة التوربينات. أما المخلفات الثقيلة فتحتاج إلى بعض العمليات الكيماوية للاستفادة منها في إنتاج الطاقة، فتقوم المحطات هذه بحرقها جزئياً لإنتاج ما يعرف بالغاز التصنيع والذي عادة ما يحتوى على غازات الهيدروجين وأول أكسيد الكربون وتقوم وحدات المحطة والتي تشتمل على توربينات تعمل ببخار الماء وأخرى تعمل بوجود غاز التصنيع على توليد الكهرباء فيما يعرف بالدورات المتحدة IGCC.
فلو اقترضنا أن قدرة مصفاة جازان تقارب 400 ألف برميل يومياً، فإن هذه المصفاة تستطيع أن تنتج نحو 50 ألف برميل يومياً من زيت الوقود (أي ما يعادل 7500 طن). هذه الكمية من زيت الوقود لو جرى تنظيفها من الكبريت يمكن أن تصبح مصدراً مهماً للطاقة الكهربائية لمنطقة جازان برمتها، إضافة إلى مدينة جازان الاقتصادية، خاصة وأن قيمتها الاقتصادية معقولة مقارنة بالديزل والنفط الخام، إذ قد يصل سعر برميل زيت الوقود هذا إلى نحو ربع قيمة الديزل ونصف قيمة الخام.
كثير من المصافي الحديثة في الوقت الراهن أصبحت مصدرا من مصادر الطاقة البالغة الأهمية، ويوجد في الغرب كثير من الأمثلة على تلك المصافي، إذ تقوم المصافي بتوليد الكثير من الطاقة بواسطة حرق الغازات أو المشتقات الثقيلة التي عادة لا يوجد لها استخدام أكثر جدوى من حرقها، فتقوم المصافي بأخذ ما تحتاج إليه من الطاقة الكهربائية وبيع الباقي على شركات الكهرباء المحلية.
ومثال على ذلك محطة سارلكس في إيطاليا المملوكة لشركة إينرون ومصفاة ساراس الإيطالية، إذ يقوم مصنع الطاقة هذا IGCC بتوليد ما قيمته 550 ميجاوات وكميات كبيرة من الهيدروجين، وذلك بتحويل مشتقات المصفاة الزهيدة من فحم بترولي ومشتقات شديدة الثقل والكثافة، والتي قد تكون محتوية على نسب عالية من الكبريت، إلى غازات صناعية مثل أول أكسيد الكربون وغاز الهيدروجين. تقوم هذه الغازات بتوليد كهرباء كافية لمدنية كاملة، وتقوم أيضا بإنتاج الهيدروجين الثمين والضروري لعمليات نزع الكبريت الهيدروجينية ولعمليات التكسير الحفزى الهيدروجيني. بمعنى آخر استغل مصنع الطاقة هذا الملاصق للمصفاة، مخلفات التكرير الزهيدة لإنتاج الكهرباء والهيدروجين.
وتجدر الإشارة إلى أن سعر وحدة إنتاج الطاقة هذه IGCC يراوح 500 و700 مليون دولار، حسب الطاقة الكهربائية المولدة، وإن كانت التكلفة التقريبية ألف دولار لكل كيلووات. وأيضا في مدينة هيوستن الأمريكية تقوم شركة فاليرو للطاقة بإنتاج الكهرباء من مصفاتها في المدينة.
إن استهلاك المخلفات الثقيلة لتوليد الطاقة في جازان عمل في غاية الأهمية وذو دلالة استراتيجية، فلو تم الاتفاق على شراء هذه المخلفات بين شركة الكهرباء والمصفاة لتم حرق مواد ذات قيمة اقتصادية متواضعة، ما قد يغنى عن حرق النفط الخام الذي وصل سعر البرميل منه إلى 80 دولارا، وبهذا يتم تخليص المصفاة من هذه المخلفات التي قد تكون مزعجة لها إن لم تجد لها مسلكاً، وتكون مصفاة جازان قد أسهمت في تنمية منطقة جازان بعدة طرق سواء بإنعاشها لوجود طلب كبير على الأيدي العاملة وكذلك بإضاءتها.
إن تبنى هذا المخطط من شأنه أن يخفف الضغط على شركات الكهرباء، ولكن تبقى مشكلة واحدة وهو أن وقود المحطات الكهربائية مدعوم من قبل الدولة ولا يمكن لشركة خاصة أن تربح من جراء بيعه بأسعار شديدة البخس، وعليه قد تتم المقايضة بين زيت الوقود الخارج من المصفاة والخام الداخل في مشهد يتسم بالإيجابية والربح لجميع الأطراف، كأن يتم بيع 50 ألف برميل من الخام للمصفاة بتخفيض مقابل أخذ زيت الوقود الخالي من الكبريت أو المحتوى على كميات قليلة منه.

[email protected]

الأكثر قراءة