تقرير: التكامل بين البنوك وشركات التأمين يحقق منافع للطرفين

تقرير: التكامل بين البنوك وشركات التأمين يحقق منافع للطرفين

تعد البنوك وشركات التأمين أهم المنشآت المالية في المجتمع, وهما في حاجة إلى بعضهما البعض لإكمال دورهما التنموي، ونتناول خلال هذه العجالة مدى احتياج كل منهما إلى الآخر وما يعود من النفع والفائدة عليهما وعلى العملاء على حد سواء, ثم نتطرق بإيجاز إلى السبل الكفيلة بإنجاح هذا التكامل في بداية الأمر سألنا الدكتور موسى مصطفى موسى القضاة العضو التنفيذي لهيئة الرقابة الشرعية وعضو مجلس إدارة شركة البركة للتكافل عن حاجة البنوك إلى شركات التأمين: فأجاب:
تقسم حاجة البنوك إلى شركات التأمين إلى قسمين رئسيين:
القسم الأول: حاجة عامة: وهي حاجة يشترك فيها البنك مع غيره من المؤسسات والأفراد, فالبنك في حاجة إلى أن يؤمن على ممتلكاته, وموظفيه, إلى غير ذلك من أنواع التأمينات.
القسم الثاني: حاجة خاصة: وهي التي تنبع من طبيعة عمل البنك كمؤسسة تمويل واستثمار فهو يحتاج إلى التأمين ضد جميع الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها الأصول والأعيان الممولة من خلاله, فكما هو معلوم أن البنك يقوم بتمويل عملائه وفق مجموعة من الأساليب أو المنتجات, وهو بحاجة إلى ضمانات تكفل له قيام العميل بتسديد التزاماته, ومن هذه الضمانات التأمين الذي يكون لصالح البنك.
وعن سؤال حول أبرز المعاملات التي تظهر فيها حاجة البنوك إلى التأمين قال: إن ذلك يظهر جليا في ثلاثة أمور، أولها:
الحاجة إلى التأمين في المرابحة:
تعد المرابحة أوسع أساليب التمويل التي تتبعها البنوك الإسلامية، فقد بلغت نسبة عمليات المرابحة وفقا لآخر الإحصائيات ما يزيد على 90 في المائة من إجمالي عمليات التمويل وتجري عمليات المرابحة لتمويل شراء، المركبات, وغير ذلك من الأعيان.
وقال: حتى يضمن البنك الحصول على الدين المترتب في ذمة العميل, فإنه يشترط – ويكون ذلك مذكورا في العقد - التأمين ضد الأخطار التي يحتمل تعرض تلك الأعيان لها, ويكون البنك هو المستفيد من التعويض – في حال حدوث الخطر – ثم إن بعض البنوك تشترط أن يكون التأمين طيلة فترة سداد الدين, والبعض الآخر يشترط أول ثلاث سنوات, وعموما فإن تحديد فترة التأمين يرجع إلى السياسة الائتمانية للبنك، هذا ويقوم البنك بالتأمين ويحتسب الأقساط من ضمن تكلفة الدين.
وعن سؤال حول: ما التغطية التأمينية المطلوبة عند تمويل المركبات؟
قال: للإجابة عن ذلك نقول: أولا: التغطية المطلوبة عند تمويل المركبات, هي تغطية التأمين الشامل أو التكميلي. ففي حال تعرضت المركبة لخسارة جزئية فإن التأمين سيقوم بالتعويض – إصلاح المركبة – وهذا يعني للبنك أن المركبة المرهونة لصالحه كضمان للدين لا تزال موجودة.
أما إذا تعرضت المركبة لخسارة كلية فإن شركة التأمين ستقوم بدفع مبلغ التأمين كاملا للبنك, وفي هذه الحالة يكون البنك قد استوفى دينه كليا أو جزئيا بحسب شغول ذمة العميل.
وبين أن المعاملة الثانية التي تظهر فيها حاجة البنك إلى التأمين هي حاجته إلى التأمين في التأجير التمويلي.
وأوضح أن التأجير التمويلي هو أحد أساليب التمويل التي تتبعها المصارف ومؤسسات التمويل الإسلامية, ويقوم على فكرة شراء المصرف للعقار وتأجيره للعميل لفترة زمنية طويلة قد تصل إلى 40 سنة, وفي نهاية مدة الإيجار يتنازل المصرف عن ملكية العقار للعميل مجانا.
وتابع قائلا: يقوم البنك بالتأمين على العين المؤجرة طيلة فترة الإيجار, ويقوم باحتساب قسط التأمين من ضمن الإيجار, والتغطية المطلوبة ذات التغطية المطلوبة في المرابحة، وفي حال ما كانت العين الممولة مصنعا أو ما شابه فإنه يمكن طلب تغطية إضافية وهي تغطية خسارة الإيجار.

وأوضح أن الحاجة إلى التأمين في الاعتمادات المستندية:
يجري غالبا عند استيراد البضائع، وهنا تبرز الحاجة إلى التأمين ضد أخطار النقل, سواء كان بحريا أم بريا أم جويا. ويكون مبلغ التأمين مساويا لإجمالي قيمة عقد النقل. وعن سؤال حول حاجة شركات التأمين إلى البنوك حتى تظهر صورة التكامل بينهما.
قال: يمكن تصور حاجة شركات التأمين للبنوك فيما يلي:
ـ البنوك سوق وافرة للتأمين: سبق الحديث عن التمويلات التي تجريها البنوك لصالح العملاء وإن ذلك يتطلب التأمين على الأعيان والأصول الممولة.
ـ استثمار الأموال: تعد شركات التأمين من التكتلات المالية الضخمة فإضافة إلى رؤوس أموالها، فهي تجتذب الأقساط من المشتركين. وأمام هذا الكم الهائل من الأموال تجد الشركات أن من واجبها أن تستثمرها - بالأوجه المباحة شرعا - ومن الطبيعي أن تتوجه شركات التأمين في هذه الحالة إلى البنوك باعتبارها قناة آمنة وذات خبرة في الاستثمار, كما أن ضخامة الأموال المودعة من قبل شركات التأمين لدى البنوك يفرض على البنوك توفير الكثير من الامتيازات لشركات التأمين.
ـ صرف التعويضات: إن صرف تعويضات المتضررين في شركات التأمين غالبا ما يكون بواسطة شيكات بنكية, من خلال فروع البنك المعتمد لدى الشركة.
ـ تغطية العجز في السيولة: تمر شركات التأمين أحيانا في ظروف قاهرة يصعب معها توفير السيولة النقدية اللازمة للوفاء بالتزاماتها تجاه المشتركين. وفي هذه الحالة تلجأ إلى المصرف الزميل ـ إن وجد ـ لتغطية العجز. والذي يتم بأحد الأساليب التالية:
القرض الحسن، شراء بعض الأصول المملوكة للشركة ومن ثم تأجيرها لها، والمشاركة في رأس المال عن طريق تصدير أسهم جديدة.
وأكد على تنظيم العلاقة بين البنوك وشركات التأمين، وأوضح ذلك أنه في الظروف والأحوال العادية وعند عدم وجود مصلحة للبنك في الحصول على التغطيات التأمينية المطلوبة من شركة تأمين محددة فإن البنك يكون أمام الحالات التالية:
ـ فيما يتعلق بالتأمينات العامة للبنك (كالممتلكات والتأمين الصحي للموظفين ...) يقوم البنك بطرح عطاء تأمين.
ـ أما التأمينات المتعلقة بالتمويلات التي يجريها البنك فإن عملاءه سيكونون هدفا لوكلاء ووسطاء التأمين إضافة إلى موظفي التسويق والإنتاج في شركات التأمين, ثم إن شركات التأمين تتنافس فيما بينها لإقامة علاقات طيبة وودية - وأحيانا شخصية - مع موظفي البنك ذي الصلة بالتأمينات. وفي جميع الحالات السابقة فإن البنك وعملاءه هم الطرف الضعيف في عملية التأمين, فالعميل وأمام رغبته في الحصول على التمويل بأسرع وقت، وفي ضوء ضعف خبرته في التأمين، لن يكون في موقف تفاوضي جيد.
أمام هذه الفوضى والعشوائية، نجد أنفسنا ملزمين بالبحث عن السبل الكفيلة بتنظيم العلاقة بين البنوك وشركات التأمين بما يعود بالنفع والفائدة على كل من شركات التأمين والبنوك, والعملاء على حد سواء.
وعن جواب على سؤال نصه: كيف يمكن تنظيم العلاقة بين البنوك وشركات التأمين بما يعود بالنفع على الطرفين؟ أجاب: يتبين ذلك في عدة أمور
أولا: إبرام اتفاقية تأمين مع شركة معينة.
في هذه الحالة فإن الشركة ستقدم أسعارا تفضيلية لعملاء البنوك مما يعني تخفيف التكلفة على العملاء وبالتالي القدرة على المنافسة مع البنوك الأخرى.
ثانيا: اتفاقية وكالة التأمين مع شركة معينة.
في هذه الحالة يصبح البنك وكيلا عن شركة التأمين في إصدار وثائق التأمين ومن خلال مكاتبه وفروعه.
وحول الميزات التي يحصل عليها المصرف نتيجة اتفاقية الوكالة قال الدكتور موسى يمكن تقسيم ذلك لما يلي:
ـ الحصول على أسعار تفضيلية، فنظرا لكثرة عدد الوثائق التي سيصدرها البنك سواء لنفسه أو لعملائه فإن شركة التأمين ستقدم تغطيات تأمينية واسعة وبشروط أفضل وأسعار أقل.
ـ زيادة قدرة البنك على التنافس مع غيره من البنوك لأن انخفاض تكلفة التأمين مع الحصول على تغطية أوسع وأفضل سيجعل العملاء يتجهون نحو هذا البنك دون غيره.
1. الحصول على إيراد جديد. عندما يكون المصرف وكيلا عن شركة تأمين في إصدار الوثائق فإن هذا يعني أن البنك سيتقاضى نسبة مئوية من الأقساط كعمولة إنتاج وهذه العمولة تصل إلى 15 في المائة من صافي القسط وإذا ما تصورنا ضخامة الأقساط التي ستكتب من خلال البنك فإننا سنجد أنفسنا أمام إيراد ضخم وجديد لم تكن إدارة البنك قد أخذته في الاعتبار فلو افترضنا أن البنك قد مول أصولا وأعيانا بمقدار 20 مليون دولار أمريكي وباعتبار أن معدل قسط التأمين يساوي ما مقداره 5 في المائة من قيمة الأصول الممولة فهذا يعني أن أقساط التأمين قد بلغت 20 مليون * 5 في المائة = 1000.000 (مليون دولار). فإن كانت حصة وكيل الإنتاج = 15 في المائة فهي تبلغ 150 ألف دولار هذا دون الأخذ في الاعتبار عمولات التأمين الخاصة بالبنك وموظفيه وممتلكاته وباستطاعة البنك أن يجعل عمولته صفرا في المائة ويشترط على شركة التأمين خصم تلك النسبة من القسط عندها سيحصل عملاء البنك على أسعار تأمين منخفضة جدا مما يعني تقليل تكلفة المنتج بشكل كبير.
ـ تمكين العملاء من الحصول على جميع احتياجاتهم من مكان واحد. إن البنوك تسعى لتقديم كل ما فيه تلبية لرغبات العملاء وتوفير الوقت والجهد عليهما. فعندما يكون البنك وكيلا لشركة تأمين فإن العميل سيتمكن من الحصول على التمويل والتأمين من مكان واحد . فليست هناك حاجة إلى أن يذهب إلى شركة التأمين فموظف البنك هو الذي سيصدر البوليصة.
ـ المواءمة بين منتجات التمويل ومنتجات التأمين. إن تطوير منتجات التمويل لدى البنوك بما يلائم احتياجات المجتمع (أفراد ومؤسسات وجماعات) هو هدف تسعى البنوك لتحقيقه بقصد زيادة ربحيتها ولا شك أن التأمين هو أحد وسائل الضمان التي تطلبها البنوك من عملائها وأحيانا تكون الأغطية التأمينية متوافرة لدى شركات التأمين وأحيانا أخرى لا تكون متوافرة. فعند وجود مثل هذه الاتفاقية (الوكالة بين الشركة والبنك) فإن الشركة ستسارع إلى استحداث أو تطوير منتجات جديدة تلائم احتياجات البنك وعملائه.
ـ تعزيز الثقة بين البنك والعملاء. فالعميل عندما يحصل على أفضل تغطية تأمينية وأقل سعر أقساط من خلال البنك سيدفع بشرائح كبيرة من العملاء للتوجه إليه دون غيره ويصبح العملاء على قناعة بأن هذا البنك يحرص على تلبية رغباتهم.
وحول المزايا التي تحصل عليها شركات التأمين قال يمكن تعدادها:
سوق تأمين ضخم من خلال فروع البنك، زيادة حجم الأقساط، خفض التكلفة التسويقية مما ينعكس على خفض أسعار المنتجات، فتكلفة الإنتاج تنخفض إلى نحو 50 في المائة، تقديم التغطيات على شكل برامج، نشر الفكر التأميني لدى العامة من خلال الحجم الضخم لعملاء البنوك، تطوير المنتجات واستحداث تغطيات ووثائق جديدة تلائم احتياجات العملاء، تخفيف الاعتماد على الوكلاء والوسطاء التقليديين، التأكد من الملاءة المالية للعملاء، وذلك من خلال البنك، سهولة حصول الشركة على أقساط التأمين في مواعيدها كون المشترك عميل للبنك.
من جانبه أوضح الدكتور يوسف الشبيلي عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء أن التأمين التعاوني لا مانع منه شرعا سواء كان على الأصل أو العقد، فالتعويض في الحقيقة سيكون نقودا فلا فرق بينهما، وأضاف أنه في ندوة عقدت في الكويت قبل نحو شهرين اتفق المشاركون على أن حماية رأس المال جائزة شرعا فالمضارب (العامل) له أن يؤمن على الاستثمار تأمينا تعاونيا.. واستغرب من عدم تعرض المجامع الفقهية لبحث هذا الموضوع مع الحاجة إليه وعموم التعامل به بين الشركات والبنوك.

الأكثر قراءة