الشركات العربية تخفض 20% من استهلاك المياه والطاقة بحلول 2012

الشركات العربية تخفض 20% من استهلاك المياه والطاقة بحلول 2012

أعلن الرؤساء التنفيذيون لـ 120 شركة عربية، التزامهم الكامل بتخفيف استهلاك الطاقة والمياه في وحدات الإنتاج بنسبة 20 في المائة بحلول عام 2012، وباعتماد أهداف طواعية للإنتاج الأنظف، إضافة إلى القيام بمراجعات بيئية داخلية للعمليات التي تنفذها شركاتهم وإعلان النتائج بشكل دوري.
وتعهد الرؤساء التنفيذيون أمام قمة قادة الأعمال العرب حول المسؤولية البيئية التي نظمها المنتدى العربي للبيئة والتنمية في أبو ظبي أخيرا في وثيقة ـ اطلعت "الاقتصادية" على نسخة منها ـ الالتزام باتباع القوانين البيئية الوطنية والدولية التي تنطبق على مجالات عملهم، وكذلك تشجيع عملائهم وشركائهم ومورّديهم على القيام بالمثل، وبالمنافسة الجادة عالمياً في مجال الصناعات البيئية.
ودعا الرؤساء التنفيذيون لعدد من الشركات العربية خلال مشاركتهم في مؤتمر المسؤولية البيئية إلى إعداد ونشر تقارير دورية عن سياساتها البيئية وتدابير إدخال الاعتبارات البيئية في عملياتها. كما دعوا برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة والمنتدى العربي للبيئة والتنمية إلى مساعدة الشركات العاملة في المنطقة العربية على تطوير مبادئ وأهداف هذا الإعلان والالتزام بها، عن طريق توفير الدعم التقني والتدريب والمعلومات المتعلقة بالممارسات الأفضل، التي تساعد على تحقيق المسؤولية البيئية لقطاع الأعمال.
يشار إلى أنه من بين الشركات العربية لـ 120، التي أعلنت التزامهم الكامل بالمسؤولية البيئية "سوليدير" من لبنان، مجموعة أفيردا، "سوكلين"، مجموعة بنك عودة، "سرادار"، وشركة رفيق الخوري وشركاه الاستشارية.
يذكر أن مؤتمر المسؤولية البيئية هو أول نشاط خارجي في مجال البيئة بهذا المستوى يقوم به المنتدى العربي للبيئة والتنمية بعد إنشائه رسمياً هذا العام (2007) حيث تستضيف بيروت مقر أمانته العامة. وهنا قال الدكتور مصطفى كمال طلبة رئيس المنتدى العربي للبيئة والتنمية، إن اختيار موضوع المسؤولية البيئية كباكورة للمؤتمرات التي يسعى المنتدى العربي للبيئة والتنمية إلى عقدها، هي "لإيماننا بأن اقتصاد السوق ـ الذي يؤدي فيه القطاع الخاص ورجال الأعمال المسؤولون عنه دوراً أساسياً ـ قد أصبح هو القاطرة الرئيسية التي تسحب قطار التنمية في المنطقة العربية".

كلفة مالية وقصور آليات الرقابة

وأوضح محمد سعيد الكندي وزير البيئة والمياه الإماراتي، خلال افتتاح أعمال المؤتمر أن النمو الاقتصادي المطرد الذي شهده العالم في العقود القليلة الماضية أفرز العديد من المشكلات البيئية التي نجمت أساساً عن الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية، وعن توليد كميات كبيرة من الانبعاثات والنفايات. وأثارت الضغوط والتحديات التي أفرزها النمو الاقتصادي ردود فعل من قبل الحكومات والمجتمع المدني على حدٍ سواء، تركزت على المطالبة بضبط هذا النمو على نحوٍ يأخذ في اعتباره البعد البيئي على محمل الجد.
وقال: إنه واستجابة لضغوط المجتمع المدني المتزايدة، ظهرت مبادرات جسدت مفهوم المسؤولية البيئية في قطاع الأعمال باعتباره جزءاً من المفهوم الواسع للمسؤولية الاجتماعية. بيد أن غالبية هذه المبادرات تركز في الدول الغربية، وظل القطاع الخاص في معظم البلدان النامية، بما في ذلك بلدان العالم العربي، ينظر إلى الاعتبارات البيئية على أنها تشكل قيداً على النمو الاقتصادي وكلفة لا مبرر لها. ولا تزال آلاف المشاريع الاقتصادية في العالم العربي عاجزة عن تلبية الحد الأدنى من الاشتراطات البيئية الأساسية التي تضعها الحكومات، ناهيك عن الالتزام بمبدأ المسؤولية البيئية أو الاجتماعية.
وعزا الكندي ذلك إلى مجموعة من المعوقات، منها الكلفة المالية، وعدم إدراك الفرص المستقبلية الواسعة للالتزام البيئي، وقصور آليات الرقابة والدعم الفني والتقني، وغياب الحوافز.
وقال: إن التغلب على هذه المعوقات لن يتأتى إلاّ بتعاون وثيق بين الحكومات وقطاع الأعمال ومنظمات المجتمع المدني، مؤكداً "أن طريق المسؤولية البيئية ليس أمراً يسيراً، وأن كلفته المالية مهما كانت عالية إلا أنها بالتأكيد أقل بكثير من الثمن الذي يجب علينا دفعه لإصلاح الأضرار المستقبلية، في غياب الاعتبارات البيئية".

تحسين الأداء البيئي

من جانبه بين شفقت كاكاكهيل الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ونائب المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، أن المبادئ التي يعتمدها البرنامج لإظهار المسؤولية البيئية، تتضمن إعادة تحديد رؤية وسياسات واستراتيجيات الشركات لإدراج "خط الأساس الثلاثي" للتنمية المستدامة، الذي يشمل الازدهار الاقتصادي ونوعية البيئة والعدالة الاجتماعية، إضافة إلى وضع أهداف ومؤشرات الاستدامة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، وتأسيس برامج الإنتاج والاستهلاك المستدامة بوجود أهداف محددة للأداء.
كما تضمنت المبادئ التي يعتمدها البرنامج لإظهار المسؤولية البيئية، العمل مع الموردين لتحسين الأداء البيئي، وتوسيع نطاق المسؤولية لتشمل سلسلة الإنتاج والإمداد، واعتماد مواثيق التطوعية، وأدلة الممارسة في المبادرات العالمية والقطاعية، وضمان الشفافية وعدم الانحياز مع الجهات المعنية.

عبء على اقتصاد الدولة

وأوضح الدكتور مصطفى طلبة أن الالتزام بالمسؤولية البيئية لم ولن يكون عبئاً على اقتصاد الدولة، بل على العكس، هو استثمار له عائد مجز يغري رجال الأعمال بالتزامه، لأنهم يضمنون به النجاح في المنافسة الشرسة التي تدور الآن في العالم، ويستطيعون إبراز نتائجه الاقتصادية الإيجابية عند تقديم حساباتهم النهائية للمساهمين والشركاء.
وأضاف قائلا: إن هذا الاقتناع لدى رجال الأعمال لم ينشأ من فراغ، بل نشأ عن وعي كامل تدعمه النتائج والأرقام، بأن إدخال الاعتبارات البيئية في تخطيط برامج التنمية، وخاصة التنمية الصناعية، لا يشكل عبئاً على اقتصادات المؤسسة، وإنما ثبت أنه استثمار له عائد، وعائد مجز.
وأشار طلبة إلى أن مفهـوم الإنتـاج الأنظــف يستند إلى إدارة كل عمليات الإنتاج من التنقيب عن المواد الأولية ونقلها إلى تصنيعها واستخدام المنتج والتخلص منه بعد انتهاء عمره الافتراضي بطرق آمنة وسليمة بيئياً. بل تعدى هذا إلى مراجعة العوامل الاجتماعية التي تؤدي إلى الحاجة إلى المنتج للعمل على تغيير سلوك المجتمع بما يضمن الإقلال من استخدام أي منتج له آثار ضارة في الصحة والبيئة ومصادر الثروة الطبيعية.
وفي ضوء هذا المفهوم، حدد العديد من الشركات العابرة القارات والمتعددة الجنسيات أهدافاً واضحة كل خمس سنوات. وقد تضمنت خطة إحداها في السنوات 2001 - 2005 تخفيض الانبعاثات الكيميائية بنحو 50 في المائة، وتخفيض 75 في المائة من المركبات العضوية الثابتة والمواد السامة والمواد المسببة للسرطان وتلك التي تؤدي إلى استنفاد طبقة الأوزون، ثم تخفيض كمية المخلفات والمياه الملوثة الناتجة عن كل كيلوجرام من منتجاتها بمقدار 50 في المائة، وأخيراً تخفيض كميات الطاقة والمياه المستخدمة في إنتاج كيلوجرام واحـد مـن المنتجات بمقدار 20 في المائة.
وذكر طلبة أن تلك الشركة قدرت أنها سوف تنفق مليار دولار على البحث العلمي والتطوير لإنتاج أو تعديل التكنولوجيات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، وأن هذا الإنفاق يقابله أن تجني عائداً يتراوح بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار، وقد تم تنفيذ ذلك وتحققت كل هذه الأهداف والعائد الاقتصادي.

300 ألف طن نفايات منزلية يومياً

وتحدث نجيب صعب أمين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية، عن استجابة قطاع الأعمال للتحديات البيئية، مؤكدا أنه قبل 100 عام كان عدد سكان العالم العربي لا يكاد يتجاوز 50 مليوناً، واليوم يصل هذا العدد إلى 350 مليون نسمة، حيث يعيش 100 مليون منهم تحت خط الفقر ويفتقدون الخدمات الأساسية، 65 مليوناً من بينهم أميون، و15 دولة من أصل 22 دولة عربية تقع تحت خط الفقر المائي.
وقال: إن الملايين من العرب استطاعوا خلال العقود الماضية أن يحققوا تطوراً اقتصادياً واجتماعياً، خاصة بسبب الثروة النفطية، ولكن ماذا كان الثمن؟ وهل التنمية التي نشهدها يمكن أن تستمر؟
وعرض صعب أبرز التحديات البيئية في المنطقة العربية، مشيرا إلى أنه خلال سنوات قليلة ستصل حصة الفرد العربي من المياه إلـى أقل من نصف المستوى العالمي لفقر المياه، و80 في المائة من مياه المنطقة يستخدم في الزراعة وغالباً بأساليب تؤدي إلـى الهدر.
وفي مجال النفايات، ذكر أن العرب ينتجون نحو 300 ألف طن من النفايات المنزلية الصلبة يومياً، معظمها ينتهي إلى مكبات عشوائية، ويتجاوز إنتاج الفرد من النفايات في بعض المدن العربية جميع المعدلات العالمية.

الهواء العربي يزداد تلوثا عاما بعد عام

وعن نوعية هواء المدن العربية قال صعب إنها تسوء عاما بعد عام، حيث تفوق الخسائر الصحية من تلوث الهواء الناجم عن وسائل النقل وحدها خمسة مليارات دولار سنوياً. كذلك فإن 18 ألف كيلومتر من أرض العرب المأهولة تقع على السواحل التي تمتد من المحيط الأطلسي إلـى البحر المتوسط والبحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب والخليج العربي والمحيط الهندي، ويهددها التلوث من مياه الصرف الصحي والنفط, إضافة إلى الردم العشوائي الذي يقضي على نظم الحياة البحرية.
وعلى الرغم من أن مساهـمة المنطقة العربية في مسببات تغير المناخ لا تتجاوز 3 في المائة على المستوى العالمي إلا أن الآثار عليها ستكون 100 في المائة، حيث أكد التقرير الرابع للهيئة الحكومية حول تغير المناخ IPCC أن حوض البحر المتوسط والمناطق الصحراوية العربية ستكون بين الأكثر تأثراً.
وأشار صعب إلى أنه من بيـن مئات آلاف الأبحاث العالمية حول تغير المناخ، تم إحصاء خمسة أبحاث فقط من العالم العربي، ولا تتجاوز ميزانيات البحث العلمي في العالم العربي كله 0.2 في المائة من الدخل القومي، بينما تصل إلى 4 في المائة في معظم الدول المتقدمة.
ورأى صعب أن بدايات الحل قد تكون بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى إنشاء صندوق من دول "أوبك" لأبحاث الطاقة والبيئة وتغيّر المناخ، أو بدعوة الشيخ محمد بن راشد إلى إنشاء صندوق للبحث العلمي يطمح إلى عشرة مليارات دولار، أو من خلال جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا، أو بمبادرة أبو ظبي عبر "مصدر" في تطوير الطاقات النظيفة والمتجددة.

الأكثر قراءة