الأسهم السعودية .. تحديد الاستراتيجية

الأسهم السعودية .. تحديد الاستراتيجية

[email protected]

مر ما يزيد على عام كامل على انهيار السوق السعودية ورغم دخول جميع شركات السوق في موجة ومسار صاعد عام إلا أن الكثير من المتداولين لا يزالون يعانون خسائر رغم أن البعض منهم لديه القدرة على قراءة المؤشرات الفنية أو التحليل المالي لقوائم الشركات ومع ذلك لم يسلموا من بعض الخسائر .. مر عام تعلمنا فيه الكثير وفقدنا فيه أكثر ولن أتطرق هنا لنوعية أو حجم هذه الخسائر التي طالت رؤوس الأموال والتركيبة الاجتماعية والنفسية للمتداولين وغيرها، ولكنني تساءلت كثيراً عن أسباب الخسائر رغم تصاعد أسعار الشركات. وهنا وجدت أن الخلل منا - نحن المتداولين - لسبب أساسي رئيس، وهو اختلاف استراتيجية الأداء الاستثماري للمتداولين. وسنستعرض هنا أنواع الاستراتيجيات التي يجب اتخاذها من قبل المتداول حسب وضع السوق, وما دعاني إلى التطرق لهذا الموضوع هو أنني لاحظت أن الكثير منا يسير على منهج واحد في التداول مهما كان وضع السوق، وسبب هذا غالبا هو أن هذا المتداول دخل السوق عبر أحد المعارف أو أحد الأصدقاء وأخذ منه هذه الطريقة واستمر عليها دون إدراك لنوعيتها أو أنه استخدمها مصادفة في بداياته وربح منها وقتها فاستمر عليها، والأسوأ من ذلك هو أن الكثير من المتداولين يسيرون دون تحديد استراتيجية مسبقة وأهداف واضحة فرأيت أنه لزاماً علي تبيان أنواع الاستراتيجيات الواجب اتخاذها حسب وضع أو مسار السوق.
للسوق المالية (أي سوق مالية) قاعدة عامة عبارة عن ثلاثة مسارات: مسار عام صاعد أو مسار عام هابط أو مسار أفقي، والمقصود هنا بكلمة مسار عام هو المسار الذي يتشكل خلال فترة زمنية متوسطة أو طويلة تبدأ من عدة أشهر إلى سنوات مع ما يتخللها من تصحيحات أو فترات جني أرباح صحية. ولذلك يجب على كل متداول أن يغير من استراتيجيته حسب المسار العام المتشكل في تلك الفترة، ففي المسار العام الصاعد لا تصبح المضاربة اليومية مجدية والانتظار بعد الشراء لمدد زمنية تمتد من أسبوع إلى ربع سنوي يعد أفضل والدخول مع السهم في موجته السعرية من أولها بخلاف المسار العام الهابط، والذي يتسم بالمضاربة البحتة والبقاء في السهم لأقصر فترة ممكنة قد تصل إلى دقائق فقط، وإن كان يفضل فيه أصلا عدم الدخول للسوق إلا للمضاربين المحترفين. أما عندما تكون السوق في فترة ركود نسبية وتسمى مسارا عاما أفقيا فيمكن تنويع الأهداف من مستثمر متوسط إلى مضارب لحظي ومتابعة الأسهم ذات المؤشرات الفنية المنخفضة التي تكون عادة بالقرب من قيعانها السعرية أثناء الشراء والاستفادة من التذبذبات الجانبية السعرية للسهم والشراء التجميعي بهدوء، خاصة إذا كان السهم المختار قد استقر بعد هبوط وفي كل الأحوال. وكقواعد أساسية لكل متداول يجب وضع هدفين سعريين بعد كل شراء, الهدف الأول سعر البيع المستهدف بعد الارتفاع، إن شاء الله، والهدف الثاني سعر إيقاف الخسارة في حال نزول السهم بعد النظر إلى وضع السوق عامة ووضع القطاع، فكثير من خسائرنا جاء بسبب عدم إيقاف الخسارة في وقتها المحدد، ويمكن اختيار نسبة معينة من النزول يكون بعدها وقف الخسارة واجباً لحماية رأس المال من خسائر أصبحت أكثر احتمالية.
والآن وبعد استقرار السوق ثم دخولها في مسار عام صاعد ظهر من خلاله العديد من إشارات انتهاء الانهيار الفنية (بإذن الله)، ومنها ترتب المتوسطات السعرية المتحركة بأنواعها كافة (البسيطة والموزونة والأسية) والتقاطع الإيجابي للمؤشرات الفنية الثقيلة والخاصة بالمستثمرين، الأمر الذي أعطى أثره في ازدياد السيولة الاستثمارية الداخلة للسوق وازدياد عمق السوق بالطروحات الجديدة ومع تحسن الوضع الاقتصادي والارتفاع الكبير في أسعار النفط وازدياد الحاجة العالمية إلى المنتجات البتروكيماوية وأيضا التحسن الملحوظ في أداء الشركات الذي ظهر جليا في النتائج الربعية للكثير منها والتوجه للتكتلات والتكامل بين بعض الشركات لذا أصبح لزاماً على كل متداول في السوق أن يضع استراتيجية مبكرة تعتمد بشكل كبير على الاستثمار ويجزئها بين المتوسط والطويل فهي أجدى من تغيير المراكز المستمر. وبمقارنة بسيطة بين مَن اقتنى أسهما عند القاع وانتظر حتى الآن وبين نتائج المضاربة اليومية التي تستهلك الوقت والجهد حتماً سنجد الغلبة للاستثمار, فلنقف ونتدارس الموقف جيداً ونضع استراتيجيتنا ونسير عليها فكفانا تخبطاً .. وخسائر.

الأكثر قراءة