قراءة في ميزانية قطر للسنة المالية 2008 و2009

[email protected]

تعد ميزانية قطر للسنة المالية 2008 و2009 الأكبر على الإطلاق في تاريخ البلاد فيما يخص الإيرادات والمصروفات والوفرة المقدرة. المعروف أن السنة المالية في قطر تبدأ في الأول من نيسان (أبريل) وتنتهي في نهاية آذار (مارس).

زيادة الإيرادات
قدرت السلطات الإيرادات بمبلغ قدره 103.3 مليار ريال قطري (أي 28.8 مليار دولار أمريكي). ويزيد هذا الرقم بنسبة 43 في المائة مقارنة بدخل الخزانة المتوقع للعام الماضي. يلعب القطاع النفطي (النفط زائدا الغاز) دورا محوريا في الإيرادات حيث أسهم بنحو 65 في المائة من دخل الخزانة في السنة المالية 2006 و2007 (لا تتوافر حتى الآن الإحصاءات النهائية للسنة المالية الماضية). كما شكلت عائدات الاستثمار 24 في المائة من الدخل الحقيقي للسنة المالية 2006 و2007. تحتفظ قطر بمحفظة كبيرة نسبيا (60 مليار دولار حسب تقرير أصدره تشارترد بنك) ومتنوعة تشمل حصة في بنك (كريدي سويس).
من جملة الأمور الأخرى، تبنت السلطات متوسط سعر قدره 55 دولارا لبرميل النفط الخام. ويعد هذا الرقم مرتفعا مقارنة بالميزانية السابقة التي تبنت 40 دولارا للبرميل. يمثل الرقم الجديد 37.5 في المائة عن إحصاءات السنة المالية السابقة لكنه لا يزال متحفظا مقارنة بالأسعار السائدة في الأسواق الدولية في الوقت الحاضر. كما أسلفنا، يسهم القطاع النفطي بنحو ثلثي دخل الخزانة ما يعني توقع زيادة فعلية في الإيرادات.

تعزيز المصروفات
قدرت الحكومة المصروفات بنحو 96 مليار ريال (26.8 مليار دولار) مشكلا زيادة قدرها 46 في المائة مقارنة بالمبلغ المخصص للسنة المالية 2007 و2008. وعليه تبلغ قيمة الفائض المتوقع 7.4 مليار ريال (أكثر من ملياري دولار أمريكي) مقارنة بـ 6.7 مليار دولار حجم الفائض المتوقع للسنة المالية السابقة. يتوقع تسجيل فائض أكبر نظرا لتبني سعر محافظ لبرميل النفط الخام. على كل حال، يزيد حجم الفائض للسنة المالية الجديدة بواقع 10 في المائة عن السنة المالية الماضية.
أيضا خصصت الحكومة 30.6 مليار ريال (8.4 مليار دولار) لتطوير البنية التحتية. ويشكل هذا الرقم نحو 76 في المائة من مجموع المخصص للمشاريع التنموية فضلا عن 32 في المائة من مجموع المصروفات المقدرة. من ضمن الأمور الأخرى، سيتم تطوير شبكة الطرق لغرض وضع حد ظاهرة الاختناقات المرورية والتي تعانيها قطر في الوقت الحاضر.
كما رصدت الميزانية الجديدة نحو 20 مليار ريال لقطاع التعليم بزيادة قدرها 145 في المائة عن الميزانية السابقة. في التفاصيل، سيتم صرف تسعة مليارات دولار على المنشآت الجديدة. إضافة إلى ذلك، تم تخصيص 9.2 مليار ريال للصحة والخدمات الاجتماعية مشكلا نموا قدره 92 في المائة.
ربما تساعد تعزيز المصروفات وخصوصا في قطاعي التعليم والصحة في تحسين ترتيب قطر على مؤشر التنمية البشرية الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وكانت قطر قد حلت في المرتبة 35 دوليا (أي في المرتبة الثانية عربيا بعد الكويت في تقرير عام 2007 ما يعني تقدمها 11 مرتبة في غضون سنة واحدة. يعتمد مؤشر التنمية البشرية على ثلاثة معايير في تقييمه للدول وهي أولا العمر المتوقع عند الولادة، وثانيا نسبة المتعلمين، وثالثا نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.

معضلة التضخم
حسب البيان الرسمي، أعدت الحكومة ميزانيتها للسنة المالية الجديدة آخذة في الحسبان مسألة وضع حد لظاهرة التضخم دون المساس بالمصروفات الحكومية على مشاريع البنية التحتية إضافة إلى قطاعي التعليم والصحة. بيد أنه يخشى أن تسبب الزيادة الكبيرة في المصروفات في تعميق معضلة ارتفاع الأسعار.
حقيقة القول، يعاني الاقتصاد القطري الأمرين من معضلة التضخم (أي ارتفاع الأسعار وبقاءها مرتفعة). حسب تقرير لصندوق النقد الدولي، بلغ مستوى التضخم في قطر 14 في المائة في عام 2007 ما يعني الأسوأ بين دول مجلس التعاون الخليجي. حديثا فقط، قررت السلطات حديثا تجميد أي زيادة على قيمة الإيجارات ولمدة سنتين وذلك بالنسبة للعقود المبرمة منذ بداية عام 2005. وقد تم اتخاذ الخطوة لغرض الحد من قيام أصحاب الأملاك بإجراء زيادات دورية على الإيجارات وذلك في إطار الجهود الرامية لاحتواء تداعيات التضخم.
كما أننا لا نبيح سرا بزعمنا أن المصروفات الحكومية تعد أحد الأسباب الجوهرية وراء ظاهرة التضخم نظرا للمنافسة التي تفرضها (أي تعزيز الطلب مقابل العرض). بل يمكن الزعم أن ميزانية السنة المالية 2008 و2009 ستشكل عبئا إضافيا على ظاهرة التضخم في الاقتصاد القطري. لا شك أنه لا يمكن مواجهة التضخم بزيادة المصروفات.
ختاما، تؤكد ميزانية السنة المالية 2008 و2009 أن القطاع العام يلعب دورا محوريا في الاقتصاد الوطني. تشكل المصروفات المقدرة نحو من ثلث الناتج المحلي الإجمالي لقطر. بدورها تعتمد مؤسسات القطاع الخاص في عملها بشكل جزئي على المصروفات العامة ما يؤكد الدور النوعي للحكومة في النشاط الاقتصادي.

عضو مجلس النواب (البحرين)

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي