"ثقافة التسول الإفريقية" تستوطن عرفات بـ "أجساد مشوهة"
"ثقافة التسول الإفريقية" تستوطن عرفات بـ "أجساد مشوهة"
ستفاجأ حتما وأنت تحاول الوصول إلى جبل الرحمة، أن أقدامك قد تطأ أعناق كثير من الجالسين في الطرقات، منهم من فقد إحدى قدميه أو يديه، أو كلتيهما معاً، وفي الجانب الآخر ستجد من يقود عربة للمعاقين مليئة بالعاهات المستديمة منها والمصطنعة.
هؤلاء بوصف بسيط هم "المتسولون" الذين يحاولون استغلال الشعيرة الإيمانية بما تفيض به أيدي المسلمين لتمتلئ بدورها جيوبهم بما خرج من ذمة المسلمين من صدقات راغبين في الأجر والمنفعة جراء ذلك الإنفاق.
هذه المهنة التي نقلها الوافدون إلى المشاعر المقدسة ما هي إلا ثقافات اكتسبوها في بلدانهم ليدخلوها بين صفوف الحجاج كمهنة أساءت لمظهر الإسلام وثقافته السمحة الداعية إلى التعاون والتعاضد بين أفراده والتي شبهها الشارع بأنها كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
ستتوقف إجبارياً دون إرادة وأنت تشاهد الآلاف من المتسولين المنتشرين في الشوارع وبشكل منظم ومخطط، وبصفوف منتظمة ودون عشوائية وكأنهم يتبعون إحدى الخطط المعدة مسبقاً، ولكن سيختلف بالتأكيد الأسلوب بين كل متسول والجنسية التي ينتمي إليها عن أقرانه من المتسولين من الجنسيات الأخرى.
ستجد بالفعل أن ثقافة "التسول" لدى الأفارقة القادمين من جنوب الصحراء الكبرى يلجأون إلى استخدام العاهات كوسيلة لاستدرار العطف وإحياء روح المبادرة بفعل الخير في قلوب المحبين لفعل الخير، والحصول على صدقتهم، في حين يلجأ بعض الأفارقة البيض إلى الاستجداء كوسيلة أنجح حيث تكون لغة الخطاب وثقافة الحوار هي السائدة بين بني جنسهم، إما بطلب دفع تكلفة علاج وإما وجبة طعام.
ويختلف الأمر بالنسبة إلى غيرهم من المتسولين القادمين من بعض دول الشام، فهم يعمدون إلى قص بعض القصص المستوحاة من ضرب الخيال، التي قل ما تجد من يصدقها أو يتجاوب معها، وتأتي إما بقص قصة طويلة قد يمل السامع منها عن فقد لجواز السفر أو سرقة للأمتعة أو ضياع لما بحوزتهم من مبالغ مالية كبيرة لا يصدق العقل بأن الحاج يحمل ما يعادلها وهو أتي ليؤدي شعائر الفريضة كونها أكثر من احتياجه مهما كانت مصروفاته.
يرى المتسولون الذين حاولت "الاقتصادية" أن تعرف حقيقتهم التي حاولوا إخفاءها خلف العاهات ولباس الإحرام الذي ظلوا يلبسونه طوال فترة النسك، أنه ليس من حق أحد منعهم من الحصول على رزقهم الذي كتبه الله لهم من الحجاج، وأنه من حقهم الشرعي في أموال الناس القادرين على أداء الصدقة.
آدم الحاج "المتسول" النيجري، الذي كان يتسول بجوار جبل الرحمة قال "نحن قدمنا من بلادنا لأجل أن نؤدي فريضة الحج وأن نتسول لنحقق بعض الأرباح المادية"، ويعزو السبب الذي دفعهم إلى ذلك بقوله "الفريضة كلفتنا مبالغ باهظة، نظير الرسوم التي نقوم بدفعها من أجل الحصول على التأشيرة، خلاف المصاريف الأخرى، ونحن في حاجة، ولولا الحاجة لما بقينا نستجدي الناس"، ويضيف "لكنا مرتاحين الآن في ديارنا بدلا من هذا التعب والانتظار تحت أشعة الشمس الحارقة لساعات طويلة، ولكن نحن نعيش حياة صعبة في ديارنا، ومن الصعب أن نجد عملا خلال هذه الفترة يؤمن لقمة العيش لنا ولأسرنا التي اصطحبناهم معنا".