المدينة في عيون زوارها ... صورة قادمة وأخرى مغادرة

المدينة في عيون زوارها ... صورة قادمة وأخرى مغادرة

المدينة في عيون زوارها  ... صورة قادمة وأخرى مغادرة

عند نزول الحاج من طائرته في مطار المدينة المنورة الدولي تنزل معه صورة يرسمها على الدوام عن هذه المدينة و أبنائها , هذه الصورة تختلف عند مغادرته إلى مكة بصورة أخرى أكثر واقعية عن أبناء طيبة ومدينتهم المفضلة لأكثر من مليار مسلم حول العالم بحسب زوار.
الحاج التركي أورهان جاويج يصف مشاعر السعادة الغامرة بوجوده بين شواهد عصر النبوة الأول ويرى في طيبة صورة جميلة أكثر مما توقع عن مدى حفظ أبناء الصحابة و التابعين لمشاهد العصر الإسلامي الأول وهو إلى ذلك لا يخفي سروره بالحديث إلى أي من أبناء المدينة النبوية واستشعار مدى العمق الإيماني لديهم.
الكثير من أبناء المدينة يبدي المسؤولية الأخلاقية والسلوكية اللازمة لحفظ الصورة الجميلة التي تنزل مع الحاج غير أن العديد من الحجاج ينزل مستوى الصورة عنده ليلامس الأرض وذلك مع مباغتته بسلوكيات يراها لا تعبر عن الأدب الإسلامي المتوقع ولا الشهامة العربية المرجوة بحسب حاج جزائري استاء من بعض الصعوبات والتعقيدات في بعض إجراءات النقل والسكن وأبدى استياء أكبر من استغلال بعض التجار حول الحرم النبوي للموسم في رفع أسعار بضاعتهم وادعاء بركتها .
ومع انطلاقك مع الحاج الجزائري إلى حيث يشير تكتشف أن البائع الذي اعتقد الحاج أنه من أبناء المدينة المنورة هو من جنسية أخرى ولا يقيم في المدينة إلا بسبب العمل الذي يحاول من خلاله الاستفادة القصوى من الصيت الإسلامي الرائع للمدينة النبوية بدعوته الزبائن للشراء من خلال كلمة واحدة تكفي أن تكون دعاية جيدة : "اشتر يا حاج بركة المدينة".
البائع وغيره من الباعة الذين يحيطون حول المسجد النبوي يعلمون جيدا أن جل بضاعتهم التي يهتفون ببركتها هي مستوردة من الصين وكثير من الحجاج يعلم ذلك غير أن الأغلب أن الحجاج لا يعلمون أن جل هؤلاء الباعة لا يمثلون أبناء المدينة وهو ما استغربه الحاج الجزائري الذي توقع العكس حين أشرنا إليه بذلك ليبدو الحاج أقل استياء وأكثر تفهما لطبيعة الخدمة المقدمة وأقرب إلى رؤية الأغلبية من الحجاج الذين سجلوا شهادة عرفان لتلك الجهود السعودية وهنا يشير عبد الغني الأنصاري، عضو لجنة السياحة في غرفة المدينة المنورة إلى تقصير من نوع ما من جانب وزارة التجارة في كونها لم تضع تسعيرة محددة للسلع أمام الحجاج وغيرهم من الزوار تكفيهم شر الجشع الذي يصاحب أحيانا الباعة.
البائع الذي برر الحملة الدعائية الضخمة غير الحقيقية لبضاعته بالقول إنها لقمة العيش ليس هو الوحيد المسؤول عن الصورة السلبية التي قد تلحق بسمعة أبناء طيبة عند محبيهم من الحجاج إذ إن بعض أبنائها حتى إن كانوا مواطنين لا يجدون حرجا كبيرا في تشوه الصورة طالما أن الثمن بضعة ريالات إضافية يضعها في جيبه.
"الاقتصادية" وقفت على بعض هذه الصور السلبية لشبان امتهنوا التوصيل إلى الأماكن الدينية، حيث أوقف أحدهم سيارته وبها امرأتان"من إحدى الجنسيات الآسيوية" وظل يبحث عن ملء السيارة في حين راحت السيدتان تدعوانه للانطلاق، الأمر الذي فعله بعد أن ماطلهما وبعد أن هددتاه بالنزول من السيارة، وهنا يقول الأنصاري، عضو لجنة السياحة، إن عملية "تزوير الحجاج" وما تحتاج إليه من احتكاك مباشر مع الزائر يجب أن تناط بجهات مسؤولة أو بشركات ذات سمعة تستطيع أن تقدم خدمة جيدة للحاج وتعطي معلومة صحيحة للزائر، وتكون تحت إشراف مباشر من هيئة السياحة التي يمكن لها أن تزود هذه الشركات بالمرشدين والذين يمكن لهم بدورهم أن يقدموا معلوماتهم بلغة الزوار.
صورة أبناء المدينة مع ذلك ما زالت في أنصع حالاتها إذ يبدو الدعم الرسمي والاحترام الذي يلفه من حين وصوله، وحتى مغادرته كافيا لملء عين الزائر، ورفع رأس المواطن، وتبدو الحفاوة الشعبية من جانب الواعين من أبناء المدينة النبوية بزوار المسجد وحجاج البيت مثار فخار وموضع اعتزاز.
زيارة المدينة المنورة تبدو الفاكهة التي تسبق الوجبة الدسمة أو تتلوها بالنسبة للحجاج القادمين من أصقاع العالم المختلفة والمعروف عن أهالي المدينة المنورة، خصوصا المعنيين أكثر بالحج تداول مصطلح الموسم الأول والموسم الثاني.
المدينة المنورة التي تتميز عن مكة بوجود موسمين للحج فيها ما زالت تعيش النفحات الأخيرة من الموسم الأول وهي الآن تودع زوارها إلى مكة قبل أن تستقبل الأفواج القادمة منهم في الموسم الثاني بعد أداء الفريضة قبل أن تطوى أوراق الموسم بأكمله مع انطواء العام الهجري، ليبدأ بعدها تأكيد عودة جميع الحجاج وبدء الإعداد لموسم جديد.

الأكثر قراءة