الفقهاء والسفهاء!
ومنزلة الفقيه من السفيه
كمنزلة السفيه من الفقيه
فهذا زاهد في قرب هذا
وهذا فيه ازهد منه فيه
هكذا هي المسألة إن نحن أردنا أن نعي ما يجري حولنا، ليس في ساحتنا المحكية فقط، بل في كل ساحات الأرض والإنسان، ولكن ما يهمنا في الموضوع هو علاقة هذين البيتين بالساحة المحكية، ومن هو الفقيه فيها ومن هو السفيه؟، اظن وليس كل الظن أثم، وأعتقد غير جازم، أن فقهاء الساحة المحكية تناقصوا في حضورهم وتأثيرهم حتى باتت الصورة مقلوبة، فكثير من جيل هذا الوقت يعتقد بأن شعراء "العقيرة المرتفعة" واللعب على التراكيب اللفظية والتفخيم والفخر بلاشيء هم الفقهاء، نظراً لحضورهم الإعلامي الطاغي، خصوصا في هذا الوقت الذي باتت الصورة فيه موصل أكثر من جيد للشاعر، كنّا لا نعرف الشاعر بغير صورته القديمة في المجلة وابياته الجميلة، وصرنا الآن نعرف أدق أحافير وجهه! حفظنا كل شيء عن شعراء هذا الوقت، ولم نحفظ لهم بيتاً واحداً، وهذا ما يجعل البيتين الواردة في مطلع المقال تقرأ بحسب عقلية المتلقي، فهناك من يرى أن الفقهاء هم الأكثر شهرة والسفهاء هم الأقل، وهناك من يراها بقدر الشاعرية والأدب والأدب!، ولكن السؤال العظيم الذي لا ينفك يطرح نفسه، لماذا لا يتحد فقهاؤنا الأعزاء لمواجهة هذا المد الساذج؟! لدينا من الأسماء ما يكفي لقلب المعادلة، لدينا البدر وخالد الفيصل وعبدالرحمن بن مساعد ومساعد الرشيدي وفهد عافت ونايف صقر وسعد الحريص والشادي والدوسري، لو قال هؤلاء في لقاء واحد فقط للجميع أن ما تقرأونه ليس شعراً، أن ما تنشرونه ليس شعراً، أن ما تبثونه ليس شعراً، أن ما تقيمون له المهرجانات الشعرية ليس شعراً، بالله عليكم بعد هذا الكلام ـ إن حدث ـ هل ستمّتد هذه الحقبة المحُبطة لأكثر مما أمتدت؟!