معلمون يتساءلون: "المواقع القيادية" .. مجرد أحلام أم واقع ملموس؟!

معلمون يتساءلون: "المواقع القيادية" .. مجرد أحلام أم واقع ملموس؟!

أحبط منع تكليف المعلمين بمهام إشرافية خلال السنوات الماضية الكثيرين، الأمر الذي جعل المعلم رهينة لوظيفته الحالية في مدرسته ولا يفكر إلا في النقل من هذه المدرسة إلى تلك، وهكذا حتى تمر السنوات ووضعه كما هو عليه، فقد أغلقت جميع الأبواب أمامه في التطلع إلى مراكز قيادية في الميدان التربوي أو في قطاع التربية والتعليم بشكل عام، سواء داخل الوزارة أو خارجها.
وتأتي وظائف المواقع القيادية على ثلاثة مستويات، فأولها على نطاق المدرسة وتشمل وظائف رائد نشاط، معلم موهوبين، أمين مصادر تعلم، مرشد طلابي، وكيل مدرسة، مدير المدرسة.
والمستوى الثاني على نطاق إدارات التعليم وتشمل مشرفين تربويين، مديري إدارات تربوية، مديري مراكز إشراف تربوي، مديري الشؤون التعليمية والمدرسية، ومساعدي مديري التربية والتعليم.
وآخرها على نطاق وزارة التربية والتعليم وتشمل مدير إدارة (تربوية)،
مشرفي العموم، البرامج والمشاريع المؤقتـة.
فالمعلم المتميز غالبا لا يجني من تميزه إلا مهام ومسؤوليات إضافية، ومع ذلك يتسلم آخر الشهر راتبا مساويا لذلك المعلم السلبي وعلاوة واحدة آخر العام، ما يجعله يشعر بالحرج والإحباط، ففي التعليم الكل سواسية، المتميز والسلبي، القديم والجديد، الأعمال واحدة والأعباء نفسها.
فلم يشفع لمعلم متميز في الحضور والأخلاق والتفاعل مع النشاط تميزه من أخذ حصة انتظار، أو إشراف في الفسح أو إشراف الصلاة أو إشراف نهاية الداوم أو.. أو.. إلخ
ليجد نفسه مضطرا في النهاية إلى الرضوخ لواقعه الحالي حتى لا توتر علاقته بمديره أو مشرفيه، مع شعوره بشيء من الغبن، ويتحين لعل الفرصة تتحقق ويتم تكليفه رسميا بمهام إشرافية ومسؤوليات ذات صبغة إدارية سواء جزئيا أو كليا في مراكز الإشراف أو في إدارة التعليم أو في وزارته.
لقد جاءت الضوابط والتنظيمات التي أصدرتها وزارة التربية والتعليم أخيرا لتفتح هذه الفرصة أمام الجميع.، "الاقتصادية" تحاول من خلال هذا التحقيق استطلاع الآراء حول هذه الضوابط والتنظيمات الجديدة وأصدائها لدى المعلمين.

نظام شامل للمواقع القيادية

بين الدكتور سعيد بن محمد المليص نائب وزير التربية والتعليم (بنين)، أن الضوابط الجديدة لتكليف من يشغلون وظائف تعليمية تأتي بناءً على ما تتطلبه المواقع القيادية، مؤكدا أنها تهدف إلى إيجاد نظام شامل وموحد يحقق التكامل والتمسك بأعلى درجات ومعايير المهنيـة التي يتطلبها العمل القيادي.
وأضاف لقد حددت الضوابط الجديدة مدة التكليف بمهام قيادية وإشرافيـة تربويـة بأربع سنوات فقط قابلـة للتجديد مرة واحدة على أن تكون أول سنة تجريبيـة للتحقق من صلاحيـة المكلف في إنجاز مهام العمل المكلف به، قبل تثبيته وفق متطلبات هي التأهيل العلمي، والخبرة العملية والتربوية، والصفات الشخصية إضافـة إلى الضوابط الخاصـة بكل فئـة.
ويتطلع العديد من المعلمين إلى الترشح لمواقع قيادية والمنافسة في ذلك، ففي ذلك يقول سليمان العنزي، معلم، بقيت لسنوات أقوم بأعمال متنوعة داخل مدرستي ليس لها صلة بعملي الأساسي كمعلم، فأنا أساعد في صيانة أجهزة التكييف وأقوم بمتابعة أعمال المقصف وأتولى توصيل المعاملات إلى إدارة التعليم ومركز الإشراف، وفي النهاية يتم رفض تفريغي لأمانة مصادر التعلم في المدرسة، لأبقى ملتزما بجدول 24 حصة غير المهام المعروفة، ومع أن مديري متفهم وحاول مرارا وتكرارا مع مركز الإشراف بعمل تفريغ داخلي لي إلا أن طلبي قوبل بالرفض دون أي تقدير.
أما محمد المطيري فيقول بقيت لسنوات أتعاون مع إدارة التربية والتعليم في تنفيذ العديد من الأنشطة والفعاليات النوعية والمهمة على مستوى المدارس والمجتمع، إلا أن إدارة التربية والتعليم لم تجد مسوغا إداريا للإبقاء علي فأعادتني مشكورا إلى مدرستي، رغم قيامه بعمله بالشكل المطلوب وعلى أكمل وجه.
ويضيف يحيى آل مفرح نتمنى أن يكون هذا القرار واقعا نلمسه، فأنا ممن يتطلعون إلى الخدمة والعمل في مجالات متعددة في التربية والتعليم، وكوني سأنافس مستقبلا على مواقع قيادية فهذا سيزيد من حماسي وعطائي في التدريس لعلي أحوز شيئا.
ويتمنى آل مفرح أن يكون هذا التنظيم مفتاحا لفرص حقيقية أمام المعلمين وليس قرارا جامدا يضاف إلى أي قرارات أخرى في مستودع التعاميم، لتتبخر آمالنا وكأنها أحلام.
ويؤكد ظافر المحمد: أجد أن لدي العديد من المهارات والمعارف والعلاقات الإعلامية التي تدفعني إلى المنافسة فيما سيتاح لي من فرص وظيفية، ولكن أين هي تلك الفرص على أرض الواقع ؟ أبحث عنها فلا أجدها لأعود محبطا إلى فصلي الصغير بين طلابي .
من جانب آخر بين مدير أحد الأقسام في إدارة تعليمية، أنه ما إن أعلنت وزارة التربية والتعليم وجود ضوابط جديدة لتكليف شاغلي الوظائف التعليمية حتى تلقينا سيلا من المكالمات التي تستفسر عن الطريقة والأسلوب التي يمكن أن يتقدم بها المعلم من أجل الترشح والمنافسة، في حين أننا لم نكن نملك زيادة الاحتياج إلا في تخصصات محددة ووفق آلية لا تشمل جميع التخصصات، واصفا القرار الأخير بأنه يتصف بالشمولية.

نقاط قوة .. ونقطة مثيرة للجدل

وقد سجل التنظيم الجديد العديد من نقاط القوة التي كان أهمها إسناد مهمة اعتماد نتائج المشرفين داخل إدارات التربية و التعليم إلى مديريها وإصدار قرارات التكليف بموجب ذلك دون الحاجة إلى أن يتم اعتماد النتائج من الوزارة بحيث يكتفى بتزويد الجهات ذات العلاقة في وزارة التربية بنسخ من تلك القرارات.
كما أن إتاحة الفرصة لمن اجتاز الاختبار التحريري بنسبة 75 في المائة بالتقدم إلى المقابلة الشخصية تلقى تأييدا ومباركة من الكثيرين، إضافة إلى ضبط مصطلح "المتميز" بالرجوع إلى بيانات المشرفين التربويين في الجهة الإشرافية في إدارات التربية والتعليم.
وإن كان التنظيم الجديد قد اشترط وجود مشاركات للمتقدم في الفعاليات التربوية، فإنه يشير أيضا إلى أهمية أن تراعي إدارات التربية والتعليم إتاحة الفرصة على حد سواء لجميع من يرغب من المعلمين المشاركة في الفعاليات وذلك خروجا من مشكلة وجود مساندة أو دعم لأي مرشح في المراحل المبكرة التي تسبق تقدمه للترشيح، وهو ما قد يضر بزملائه من المتقدمين.
أما أكثر النقاط إثارة للجدل فهي تلك التي نصت على "إنهاء تكليف وكيل المدرسة إذا لم يقبل العمل مديرا وقت الحاجة إليه" حيث وصف البعض هذا القرار بـ "التعسفي" في حق من حصل على ترشيح بموجب مفردات وعناصر النظام (الدقيقة)، لينهى تكليفه في حال رفض القيام بمهام مدير مدرسة في موقعه أو في مدرسة أخرى.
ونفى مراقب تربوي أن يكون قرار تكليف الوكيل بمهام الإدارة قرارا تعسفيا، حيث إن المتقدم لوظيفة وكيل مدرسة يعلم أنها إعداد لهذا الوكيل ليصبح مديرا في يوم من الأيام، وعلى الوكيل أن يهيئ نفسه نفسيا وتطويريا من خلال الدورات للاضطلاع بهذا الدور في حال الحاجة إليه.

الأكثر قراءة