غياب قنوات الاتصال المباشر بين الإدارات النسائية والرجالية يضعف منظمات العمل

غياب قنوات الاتصال المباشر بين الإدارات النسائية والرجالية يضعف منظمات العمل

غياب قنوات الاتصال المباشر بين الإدارات النسائية والرجالية يضعف منظمات العمل

أكد متخصصون في مجال الإدارة والإعلام أن ضعف قنوات الاتصال بين القيادات العليا, يؤدي إلى فشل منظمات العمل بل إلى إصابتها بالكوارث والأزمات, مشيرين إلى أن إقصاء الموظفات في المناصب القيادية عن حضور الاجتماعات الدورية لمجالس الإدارات ومجالس الجامعات أسهم في تعطيل الاتصال الصحيح بين الأقسام النسائية والرجالية بالشكل المطلوب لتسيير العمل.
وقال المتخصصون إن الاتصال الشخصي من خلال الاجتماعات والمقابلات، من أغنى وسائل الاتصال, أما الهاتف والفاكس وهما الوسيلتان المتبعتان حاليا فغالبا ما يصنفان كوسيلة غير رسمية للاتصال.
وفي هذا الإطار أكد عدد من الموظفات أن اقتصار التواصل بين الإدارات النسائية والرجالية على الهاتف والمراسلات نتجت عنه سلبيات كثيرة, منها تغييب المرأة فكريا وحرمانها من المشاركة في طرح الأفكار وتبادل الخبرات مع باقي الإدارات، مؤكدات أنهن لا يطالبن بالاختلاط في مجال العمل اليومي وإنما يأملن في إعادة النظر في فتح قنوات اتصال غير مفعلة مثل إتاحة المجال أمام مديرات الفروع وموظفات المناصب القيادية حضور الاجتماعات الدورية لمجلس الإدارة وذلك بتخصيص أماكن لهن في مواقع الاجتماعات أو من خلال الدوائر التلفزيونية المغلقة.
وخير مثال على إقصاء الإدارات النسائية في المؤسسات الحكومية هو أن
معظم عميدات بعض الجامعات المحلية لا يحضرن الاجتماعات الدورية لمجلس الجامعة التي تضم عادة عمداء الكليات لمناقشة أمور تخص جميع الكليات بما فيها كليات البنات, وكل ما يصلهن من تلك الاجتماعات عبارة عن محاضر بعد انتهاء الاجتماع, رغم توافر الدوائر التلفزيونية المغلقة.
"المرأة العاملة" تفتح ملف طرق التواصل بين الإدارات النسائية والرجالية في المؤسسات الحكومية والخاصة عبر هذا التقرير.. إليكم التفاصيل:

أهمية الاتصال الإداري

يشرح الدكتور إبراهيم البعيّز رئيس قسم الإعلام في جامعة الملك سعود العملية الاتصالية في المنشآت بأنها تتم ضمن الخطوط العامة للهيكل التنظيمي، لذا فإنه من المهم جدا أن تكون قنوات الاتصال ضمن هذا الهيكل التنظيمي وضمن حدود المهام والوصف الوظيفي لكل العاملين على مختلف المستويات والمسؤوليات الوظيفية.
وأضاف "الاتصال خارج إطار الهيكل التنظيمي ربما يترتب عليه عدم القدرة على إنجاز الأهداف والمهام المنوطة بالفرد, والثورة التقنية التي نعيشها حاليا أسهمت في زيادة ملحوظة في قنوات الاتصال المتاحة, مبينا أن فاعلية الوسيلة مرتبطة بهدف الاتصال".
من جانبه, أكد الدكتور سالم بن سعيد القحطاني أستاذ الإدارة في كلية إدارة الأعمال في جامعة الملك سعود, أن الاتصال يشكل في أي تنظيم إداري الوقود الصحيح لتسيير هذا الجهاز، ولذلك فإن المنظمة الفاعلة تتميز بنظام اتصالات قدير في وسائله وفاعليته وأدواته، مشيرا إلى أن عملية الاتصال هي التي يعول عليها لتكون أداة للتفاهم المشترك حول أعمال المنظمة من جميع الأقسام.
وبين الدكتور القحطاني أنه في حالة تباعد الأقسام جغرافياً أو في حالة تعذر الاتصال المباشر لتكلفته أو لأي ظروف أخرى كأن تكون دينية أو اجتماعية, فإن الكثير من العملاء والباحثين في الإدارة وجدوا أن الاتصال التنظيمي أحد أهم عناصر العملية الإدارية التي لا بد من توافرها للمنظمة حتى يستطيع كل قسم وكل موظف أو موظفة أن يؤدي واجباته الوظيفية على أحسن وجه.
وزاد "كثيراً ما يعول فشل المنظمات على سوء الاتصال أو عدم فاعليته أو على استخدام الوسائل غير المناسبة في الاتصال, بل إن بعض المنظمات حلت بها الكوارث والأزمات نتيجة سوء الاتصال".
وأوضح أستاذ الإدارة أن للمنظمات السعودية خصوصية في عملية التواصل, وذلك عندما تكون هناك أقسام رجالية وأقسام نسائية حيث لا يسمح للأخيرة بحضور الاجتماعات الدورية لمجلس الإدارة, فتصلها القرارات متأخرة عن طريق الخطابات الرسمية، وبالتالي يتأثر دور تلك الإدارات النسائية في المشاركة في التنفيذ, إضافة إلى تهميش دورها في اتخاذ القرارات.
ويضيف الدكتور القحطاني أن تطور التقنية يسهم في التغلب على هذه الصعوبات بشكل جيد من خلال الاستخدام الأمثل للتقنية سواء كان ذلك من خلال "الفيديو كونفرس" أو من خلال القنوات المغلقة, مؤكدا ضرورة ألا تكون هناك قرارات تطبخ وتعد من أقسام تتسلط برأيها فيما تهمش آراء الآخرين, خاصة من هو معني بالتنفيذ من تلك الإدارات سواء كانت إدارات نسائية أو رجالية.

حلول ممكنة

ويعود الدكتور البعيّز ليشرح الأسلوب الأمثل لحل هذه المشكلة، وهو إعطاء المرأة كل الصلاحيات والحقوق التي تسمح لها بأداء المهام الوظيفية والعملية المنوطة بها، مضيفا أن أبسط أبجديات الإدارة تقول إن المسؤوليات يجب أن تقابلها صلاحيات, فمن الصعب أن نحاسب الأقسام النسائية ونطالبها بالمشاركة الفاعلة دون أن يكون لها إسهام فاعل وحقيقي في صنع القرار.
من ناحيتها, تقول الدكتورة ليلك الصفدي رئيسة مجلس إدارة مؤسسة عبق الخزامى, إن الإدارات التقليدية تعمد إلى استخدام وسيلة واحدة من الاتصال بين الأقسام الرجالية والنسائية المتمثلة في الخطابات، البريد الإلكتروني، التقارير، الهاتف، الفاكس، ما أثر سلبا في دور الأقسام النسائية والمقتصر فقط على التنفيذ للقرارات الصادرة واستبعادها عن أدوار صنع القرار أو تغييبها في إبداء الآراء.
وتابعت "المنشآت اليوم أصبحت أكثرا تعقيدا وتحتاج إلى التنسيق والتخاطب المتزامن والسريع فيما بين الإدارات المتباعدة، كما أصبح للمرأة دور وظيفي مهم في تطوير المنشآت, لذا يعد الاتصال الفاعل أساس نجاح المنشآت والمتمثل في تبني عدة مستويات اتصال، رسمية كالتقارير والخطابات وغير رسمية كالمحادثات الهاتفية وداخلية كالنشرات الدورية عن المنشأة، والعروض التقديمية، ومراجعة وتقييم الأداء، والاجتماعات الخارجية كالمحاضرات".

أساليب تقليدية في عصر العولمة

وصف الدكتور القحطاني أن الطريقة التي يتم بها العمل الآن في الأقسام النسائية التي تقوم على الاتصال عن طريق الهاتف بين الإدارات النسائية والأقسام الرجالية تشكل تخلفا إداريا في عصر المعلوماتية والتقنية، مشيرا إلى أن هناك العديد من الأساليب التي أثبتت فاعليتها في الاتصال بين الأقسام المختلفة مهما كان تباعدها.
فيما ترى الدكتورة الصفدي أن اهتمام إدارة المنشآت البيروقراطية في الماضي انصب على الاتصال الرسمي، الموجه من الإدارات العليا إلى السفلى مبدية أسفها على أن ترى هذا الأسلوب لا يزال معتمدا من قبل العديد من منشآتنا.

آراء الموظفات
إلى ذلك أكدت موظفات شاركن في التقرير أن قنوات الاتصال الحالية بين الأقسام النسائية والرجالية غير كافية, مطالبات بتفعيل قنوات لم تستخدم مثل الاجتماعات الدورية المباشرة على مستوى مجالس الإدارة لتكون مشاركة المرأة في اتخاذ القرارات وتطوير العمل أكثر فاعلية, مشددات على أن قصر قنوات الاتصال على الهاتف والشبكات الإلكترونية الداخلية يفيد في تسيير بعض أمور العمل وليس جميعها.
تقول أمل الصايغ موظفة قطاع حكومي امتدت خدمتها لأكثر من 20 عاما, إن قنوات الاتصال في الأقسام النسائية تطورت بدخول التقنيات الحديثة مثل الشبكات الداخلية فلم تعد تقتصر على الهاتف فقط، إلا أنها تؤكد أن قنوات الاتصال ما زالت غير كافية.
وأضافت "إن أفضل وسيلة للاتصال هي الاجتماعات المباشرة فمن خلالها يتحقق التفاعل المطلوب ويتيح لنا إمكانية تبادل الخبرات والمناقشة وتوليد الأفكار والعصف الذهني".
وتضيف الصايغ "إن الاتصال الإلكتروني له إيجابيات لكن لا يؤدي كل الأغراض، فالمراسلة الإلكترونية تفيد في نشر التعاميم والأخبار والتحديثات التي تطرأ على لوائح العمل وغيرها لكنها غير مجدية في الأمور التي تتطلب نقاشا وطرح رؤى وأفكار".
وتستطرد الصايغ بقولها إن ضعف قنوات الاتصال الحالية بين الأقسام النسائية والرئيسية أدى إلى حرمان الموظفات المتميزات من الظهور, كما أسهم في حرمانهن من بعض الفرص كالانتدابات والالتحاق بالدورات التي يحظى الرجال منها بنصيب الأسد.
من جانبها, ذكرت هدى العبدلي مديرة أحد المعاهد الصحية, أنه اتضح لها من خلال خبرتها في الإدارة أن الاتصال عن طريق الهاتف لا يفيد في تطوير العمل، ورغم أن تقنيات الاتصال الحديثة أسهمت في تحسين قنوات الاتصال بين الإدارات المختلفة، إلا أنها لم تفعل بالشكل المطلوب.
وتتابع العبدلي "من خلال التجربة أثبتت الاجتماعات جدواها في حل المشكلات المستحدثة وتطوير العمل, فمن خلال تبادل الخبرات بين الأعضاء الذين حضروا الاجتماع طُرحت حلول أسهمت في تلافي مشكلات قد يقع فيها من هم أقل خبرة".
وتوضح العبدلي أن إبعاد المرأة عن حضور الاجتماعات الدورية لمجلس الإدارة ليس له مبرر منطقي, كما أنه أسهم في تغييبها فكريا, حيث يلاحظ أن أفكار المسؤولين في الإدارات الرجالية مطروحة بشكل أقوى, كما أن مقترحاتهم تؤخذ في الاعتبار لأنها تطرح خلال الاجتماع وتناقش والتقنية ساعدتنا على حلها فلماذا الانتظار؟.

الأكثر قراءة