القات ... خطر على البيئة و خطر على الصحة
أطلقت منظمة يمنية حقوقية غير حكومية تعنى بشؤون المرأة والطفل أمس الأول الخميس أول حملة وطنية لتوعية المرأة الحامل والمرضعة بأضرار تعاطي القات الذي يتعاطاه اليمنيون بكثرة، في الوقت نفسه كشفت دراسة علمية عن نقص معدل وزن المواليد "حديثي الولادة " للأمهات اللواتي يلدن طفلا واحدا بعد فترة حمل كاملة يتناولن القات خلالها بانتظام مقارنة بمواليد الأمهات اللاتي لا يمضغن القات خلال الحمل . وتقول الدكتورة أروى الدرام المدير التنفيذي لمنظمة سول لتنمية المرأة والطفل في اليمن " لقد أصبح من الأهمية بمكان أن نثير اليوم النقاش العام في المجتمع حول تنامي ظاهرة تعاطي القات المقلقة والخطيرة في مجتمعنا حرصا – أولا وأخيرا – على سلامة النساء والأطفال جسديا ونفسيا واجتماعيا أيضا، وهذا في حد ذاته ما دفع منظمتنا إلى إشعال شرارة التوعية ودق ناقوس الخطر بصحة المرأة والأجنة والرضع من خلال حملة وطنية كبرى نسعى من خلالها إلى وصول رسائلنا إلى أكبر شريحة ممكنة في الريف قبل الحضر". وأشارت في بيان لها حصلت " الاقتصادية " على نسخة منه إلى أن إطلاق هذه الحملة التوعوية التي تعد الأولى في هذا المجال ستتم عبر مختلف وسائل الإعلام الجماهيرية وعبر الملصقات التوعوية المخصصة للنساء في المراكز الصحية والفتيات في المدارس الثانوية في أمانة العاصمة صنعاء بدعم من جمعية قطر الخيرية .
ورجحت الدكتورة أروى أن تسهم هذه الحملة - التي تستمر شهرا كاملا - في إيصال رسالة أساسية للمرأة اليمنية "المخزنة" بأن تتحرر من عادة تناول القات التي تجعلها حبيسة هذه العادة الضارة جدا بها بل وبأعز الناس عليها.
وأكدت الدرام أن تنظيم هذه الحملة يأتي في إطار حرص منظمة سول لتنمية المرأة والطفل واهتمامها بصحة المرأة والطفل اليمني بصفتها هدفا رئيسا من أهدافها - والتصدي لظاهرة تعاطي النساء للقات في المجتمع اليمني والتوعية بأضراره البالغة عليهن كأفراد وأعضاء في المجتمع، وعلى الأبناء كأجنة ورضع. فيما استعرض نشوان السميري الخبير الإعلامي للحملة مراحل إعداد الحملة وأهدافها و الرسائل المعدة للبث والتوزيع في صورتها النهائية، لافتا النظر إلى أن هذه الحملة سعت إلى الحديث العلني عن المخاطر التي قد تتعرض لها المرأة ويتعرض إليها الجنين والرضيع بسبب عادتا تعاطي القات والتدخين السلبي.
في سياق متصل أظهرت نتائج دراسة أعدتها منظمة سول أن دراسة أخرى تمت في أثيوبيا أيدت ما يحدثه القات من نقص في وزن المواليد، لذا يمكن اعتبار تناول القات من الأسباب المهمة لنقص وزن المواليد في اليمن.
وفي السياق نفسه أظهرت الدراسات أن تأثير القات في تغذية الجنين يستمر بعد الولادة بواسطة الرضاعة الطبيعية، وقد اكتشفت مادة أكسيد الوافيدرين في بول المواليد الذين تتعاطى أمهاتهم القات، وإضافة إلى المكونات النشطة للقات فإنه قد يمنع إفراز الحليب مؤديا إلى انخفاض مقدار الحليب الطبيعي وإلى سوء التغذية. كما يعمل التدخين والتدخين السلبي الذي يصاحب القات عادة على تغير مذاق حليب الأم ما يؤدي إلى رفض المولود للرضاعة وانخفاض معدل حليب الأم. وكانت دراسة علمية قد أعطت مؤشرات مقلقة عن مدى انتشار الظاهرة بين نساء اليمن، ورغم أن الدراسة مضى عليها قرابة العشر سنوات فإن المتابع للعادات المستجدة في المجتمع النسائي اليمني يلاحظ تزايد هذه الظاهرة بشكل مستمر.
يأتي إطلاق هذه الحملة التوعوية في الوقت الذي تصاعدت حدة التحذيرات الرسمية وغير الرسمية بصورة لافتة في الآونة الأخيرة من اتساع رقعة مساحة الأراضي الزراعية لنبات القات الذي يتعاطاه اليمنيون بكثرة ، وأثره على المياه الجوفية وزراعة المحاصيل الزراعية الأخرى ، فيما حذر مسؤولون من أن العاصمة صنعاء ستعاني الجفاف بحلول عام 2015 بسبب استنزاف القات نحو 70 في المائة من الموارد المائية في اليمن.
وأظهرت بهذا الخصوص تقارير رسمية أن مساحة الأراضي المزروعة بالقات في اليمن ارتفعت العام الماضي إلى 136.138 ألف هكتار مقارنة بـ 110.293 آلاف عام 2002 في تطور لافت لانتشار زراعته وزحفه بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة صوب المساحات الزراعية من المحاصيل الأخرى كالحبوب وبعض الفواكه. ويجمع خبراء اقتصاد محليون بأن القات يعد كارثة خطيرة لها أضرار اقتصادية واجتماعية على الأسرة اليمنية تتمثل في تحمل تكاليف شراء القات بمبالغ باهظة إلى جانب تأثيره في إنتاج المحاصيل الغذائية خاصة الحبوب والفواكه، واستنزافه لكميات هائلة من مخزونات المياه الجوفية, إضافة إلى أضراره الاجتماعية بالتفكك الأسري وتأثيراته النفسية والسلوكية .
وأظهرت دراسة حديثة حول الزراعة أن القات سبب من أسباب ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية في اليمن. وأفادت الدراسة التي نفذها أكاديميون وخبراء في وزارة الزراعة والري أن زراعة القات في اليمن من الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار الكثير من المحاصيل الزراعية والخضراوات خاصة محصول الطماطم، البطاطس، والبن، خلال العام الجاري. و"القات" منتج نباتي يستهلك يوميا على نطاق واسع في اليمن وهو يعد أول وأهم محصول زراعي رابح تجاريا ورائج استهلاكيا نتيجة الأموال الطائلة التي يحركها في الأسواق يوميا والتي تصل إلى نحو ستة ملايين دولار بحسب دراسات سابقة. يتعاطى غالبية اليمنيين البالغ تعدادهم نحو 20 مليون نسمة " القات " بالمضغ عن طريق الفم كعادة من بعد ظهر كل يوم في جلسات جماعية وفردية يطلق عليها شعبيا " المقيل " وتمتد إلى الساعات الأولى من المساء . من جهته أعتبر الدكتور منصور الحوشبي وزير الزراعة والري اليمني القات مشكلة وكارثة اقتصادية أصبح ينافس وبشدة زراعة المحاصيل الزراعية الأخرى كالفواكه والحبوب اللازمة لتوفير الأمن الغذائي وتقليص الفجوة الغذائية لليمن.. وأرجع الوزير اليمني أسباب انتشار زراعة القات في اليمن على مساحات واسعة إلى العائدات والأرباح الكبيرة التي يجنيها المزارعون من القات. وكشف عن وجود إستراتيجية جديدة لوزارته لمكافحة القات في اليمن تركز على إيجاد بدائل وآليات مناسبة تتمثل بتشجيع استيراد أصناف جديدة من المحاصيل الزراعية وإدخال الميكنة الزراعية الحديثة وتعزيز دور الإرشاد الزراعي للتوعية بالآثار السلبية للقات لما من شأنه الإسهام في الحد من ظاهرة اتساع زراعته .. واستعرض الإجراءات التي اتخذتها الوزارة للحد من الظاهرة منها قرار الوزارة الصادر في نهاية عام 2006، القاضي بمنع استيراد المبيدات التي تستخدم في زراعة القات.