توقعات باستعادة الاقتصاد العالمي توازنه عام 2008
توقعات باستعادة الاقتصاد العالمي توازنه عام 2008
أكد تقرير جديد لقسم الأبحاث العالمية في "ميريل لينش"، أن الاقتصاد العالمي سيبقى مرناً تجاه تباطؤ النمو في الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن الخبراء الاقتصاديين والاستراتيجيين في "ميريل لينش"، يعتقدون أنه بينما كان 2007 عام إرساء التوجهات المتواصلة، من المحتمل أن يصبح 2008 عام بداية تصريف وتحويل، حيث تتغير نسبة نمو الناتج الإجمالي المحلي بسرعة في العديد من الدول.
وفي تقرير "2008: السنة العالمية الكبيرة أمامنا"، أوضحت "ميريل لينش" النقاط الثلاث المهمة التالية التي تنطبق على جميع المناطق وهي: تفككك مشكلات اختلال التوازن العالمي، وبالتالي، فإن من المحتمل تحقيق الشركات التي تركز على التصدير أداء أفضل في الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك الشركات التي تتجه لتلبية المتطلبات المحلية في مناطق أخرى، ثانيا: هناك مخاطر وقيود تنتج عن فك الارتباط تتطلب الحذر منها ومراقبتها، وثالثا: استمرار نمو الاستثمار في صناديق ثروات الدول المستقلة (السيادية).
وقال أليكس باتيليس رئيس قسم الاقتصادات الدولية في "ميريل لينش" "تؤكد النقاط الثلاث تفاؤلنا بأن الاقتصاد العالمي يظل مرناً تجاه التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية". ويتوقع التقرير أن يخف النمو العالمي باستثناء الولايات المتحدة إلى 5.6 في المائة العام المقبل من 6.0 في المائة، بالرغم من انخفاض النمو الأمريكي من 2.2 في المائة إلى 1.4 في المائة.
وتمثل عملية إعادة التوازن إلى الاقتصاد العالمي أحد أهداف "ميريل لينش" الثلاثة الرئيسية لعام 2008. وقد وصلت حدة اختلال التوازن في الاقتصاد العالمي - الذي حصل بسبب الاعتماد التاريخي على المستهلك الأمريكي - إلى الذروة، وستخف تلك الحدة خلال عام 2008 حسب توقعات الاقتصاديين والاستراتيجيين في "ميريل لينش". وسيعيد ذلك مستوى توازن النمو في الدول، وفي قلب عملية إعادة التوازن هذه والتي قد تستمر عدة سنوات توجد قوة المستهلكين خارج الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك احتمالات الكساد الاستهلاكي داخل أمريكا. وتؤدي المستويات العالية من الديون الشخصية إلى تقليص عادات الإنفاق لدى المستهلكين الأمريكيين، بينما تصبح إمكانات الطلب المحلي قوية خارج أمريكا. وتعتقد "ميريل لينش" أن إعادة التوازن ستكون الفكرة الاقتصادية البارزة خلال فترة ثلاث إلى خمس سنوات المقبلة. وتتضمن عملية إعادة التوازن أهمية اعتماد المستثمرين لمواقع قوية في الشركات التي تركز على عمليات التصدير في الولايات المتحدة والشركات التي تلبي الاحتياجات المحلية في دول أخرى. ويسهم في عملية إعادة التوازن الضعف المتواصل للدولار الأمريكي. وستفضل الظروف التجارية لـ "ميريل لينش" مجموعتين اثنتين: الشركات الأمريكية التي تركز على عمليات التصدير، والشركات غير الأمريكية التي تركز على الأسواق المحلية.
وفي الهدف الثاني، ترى "ميريل لينش" أن على المستثمرين مراقبة المخاطر والقيود من النزعة المتواصلة لفك الارتباط بين الولايات المتحدة الأمريكية والاقتصادات العالمية. فبينما يتساءل الكثير من المستثمرين عن احتمال حدوث كساد عالمي نتيجة للكساد الحاد في الولايات المتحدة الأمريكية، تركز "ميريل لينش" على الاتجاه المعاكس تماماً: ما المخاطر التي تنشأ عن الازدهار المستمر في بقية أنحاء العالم بالعلاقة مع الولايات المتحدة؟ يذكر التقرير أن هذه المخاطر تشمل احتمال حدوث أزمة للدولار الأمريكي والتضخم والتضييق (من خلال معدلات الفائدة الأعلى والعملات الأقوى والتحكم في رؤوس الأموال أو الإجراءات الكمّية) أو النتائج الجانبية السلبية للتضخم. وبالرغم من أن هذه القضايا قد تنشأ في دول معينة عام 2008، ولا تعتقد "ميريل لينش" أن تلك القضايا ستكون إلزامية بالنسبة للاقتصاد العالمي ككل.
وفي الهدف الثالث، تعتقد "ميريل لينش" أن صناديق الثروة السيادية، التي تعززت من خلال الاحتياطات المتنامية بسرعة للمصارف المركزية، ستلعب دوراً مهماً في دعم السيولة على المستوى العالمي. وتتوقع "ميريل لينش" أن صناديق الثروة السيادية ستضاعف حصتها من الأصول العالمية الأكثر خطراً مرتين أو ثلاث مرات بحلول عام 2010، وأن تبلغ قيمتها المحتملة إلى ثمانية تريليونات دولار أمريكي بحلول عام 2011.
وحسب تقرير "ميريل لينش"، تمثل الشركات المعتمدة على التصدير الأمل الحقيقي بالنسبة للاقتصاد الأمريكي. وقال دافيد روزينبرغ، الخبير الاقتصادي الرئيسي لـ "ميريل لينش" في أمريكا الشمالية "تسير الولايات المتحدة الأمريكية على منحدر لأول كساد استهلاكي منذ عام 1991 عندما عانى السوق ارتفاع أسعار الطاقة وانخفاض مستويات التوظيف وانكماش السوق العقارية وتضييق السوق الائتمانية".
وتتوقع "ميريل لينش" أن يحدث نمو بسيط في أواخر عام 2008 بالرغم من أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيحتاج إلى تخفيض معدلات الفائدة إلى 2 في المائة في منتصف عام 2009 للمحافظة على مستوى التحسن الاقتصادي. وتعيش أمريكا اللاتينية سنة أخرى من النمو القوي والأقل تعرضاً للهزات، ولكن المنطقة تواجه تحديات تتمثل في ظروف السوق الأمريكية الأقل جاذبية ومن مستوى التضخم العالي الذي سيحد من آفاق شحذ النمو من خلال تخفيض معدلات الفائدة.
وتتوقع "ميريل لينش" أن الدورة الاقتصادية في اليابان ستصل إلى القاع في النصف الثاني من عام 2008، مع بدء ارتفاع معدلات الرواتب وتخفيض بنك اليابان لمعدلات الفائدة من أجل تحفيز النمو. وقد حدث فقدان الوظائف بسبب الأرباح المنخفضة في الشركات الأصغر حجماً. وتتوافر السيولة في بقية أرجاء آسيا ولكن القيود على الموارد الاقتصادية تقترب، مع حدوث مخاطر لايستهان بها من التضخم وأسعار الأصول المحلية أو كلبهما.
وقال تي. جي. بوند، الخبير الاقتصادي الرئيسي في "ميريل لينش" لمنطقة آسيا-المحيط الهادي: "بالنظر إلى عام 2008، نعتقد أن الصورة الكبرى لاتزال إيجابية للأسهم الآسيوية وخاصة قطاع العملات – بالنسبة لنا، وهو هدف مستمر لسنوات عديدة".
وقال كلاوس بادير، الخبير الاقتصادي الرئيسي في "ميريل لينش" - أوروبا "سيتباطئ النمو في منطقة اليورو ولكنه سيبقى قوياً عام 2008". وتعتقد "ميريل لينش" أن العملة القوية وأسعار النفط العالية والاضطراب في أسواق الائتمان ستعرقل النمو الأسرع. وحسب التقرير، ستسهم الأصول الاقتصادية القوية بما في ذلك غياب حالة انعدام التوازن وتوفر السياسات المالية والنقدية الداعمة، في مساندة النمو القوي في المنطقة. ويتوقع للنمو في المملكة المتحدة أن يتباطأ بشكل ملحوظ بينما يُحسب اعتماد سويسرا على القطاع المالي ضدها.
أما النمو في منطقة "أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا" فسيكون قوياً عام 2008، مع اختلافات كبيرة من دولة إلى أخرى. وتوحّد المنطقة كلها مخاطر معدلات التضخم المرتفعة التي قد تقود إلى إعادة تقييم عدد من العملات. وفي الخليج، من المتوقع أن يرتفع الإنفاق النقدي مع توجه المنطقة نحو إنفاق عوائد النفط العالية.
وتعتقد "ميريل لينش" توقف ارتفاع أسعار النفط قبل أن تتحرك حكومات "الأسواق الناشئة" إلى تقليل الطلب، أو تحرك منظمة "أوبك" نحو زيادة الإنتاج. ويقول فرانسيسكو بلانش، رئيس قسم أبحاث السلع في "ميريل لينش"، أن زيادة الانتاج واحتمالات تباطؤ النمو قد تدفع الأسعار إلى أقل من 70 دولاراً أمريكياً للبرميل في الربع الأخير من العام. ومن الممكن أن يتواصل ارتفاع أسعار المعادن الثمينة لكن النظرة سلبية بالنسبة للمعادن الصناعية، باستثناء النيكل. وتتوقع "ميريل لينش" انخفاض الدولار الأمريكي إلى مستويات أدنى مقابل اليورو والين الياباني قبل أن يبدأ التحسن مقابل عشر العملات الرئيسية للدول العظمى في العالم. أما العملات الأخرى مثل العملات الآسيوية والشرق أوسطية والعملة الروسية فستواصل تحسنها.
وضمن هذه السيناريوهات، تعتقد "ميريل لينش" أن الصورة الكبرى تبقى إيجابية للأسهم مقابل السندات. وتنصح "ميريل لينش" أن التقلبات الاقتصادية المتصاعدة والارتباطات المنخفضة ومعدلات الفائدة المرتفعة على المدى القصير تتطلب تحويل بعض المال من الأسهم إلى سيولة نقدية وشراء الحماية وإدارة المخاطر بعناية وضمان توفر حقيبة استثمارات متنوعة.
يذكر أن "ميريل لينش" تعتبر واحدة من الشركات الرائدة عالمياً في مجالات إدارة الثروات وأسواق المال والاستشارات الاقتصادية، ولها مكاتب في 38 دولة ومنطقة وتبلغ أصول عملائها الإجمالية نحو 1.8 تريليون دولار أمريكي. وكمصرف استثماري، كما تعتبر "ميريل لينش" مؤسسة تجارية عالمية رائدة وجهة اكتتاب رئيسية للأوراق المالية والاشتقاقات في العديد من فئات الأصول، وتعمل كجهة معتمدة للاستشارات الاستراتيجية بالنسبة للشركات والحكومات والمؤسسات والأفراد على مستوى العالم. وتملك "ميريل لينش" نحو نصف شركة بلاك روك وهي من بين أكبر شركات الخدمات الاستثمارية العالمية التي تُدرج أسهمها في الأسواق الدولية وتبلغ أصولها المدارة أكثر من تريليون دولار أمريكي.