تحذير: النجاح يولد 9 فخاخ خطيرة للشركات

تحذير: النجاح يولد 9 فخاخ خطيرة للشركات

يقول كبير مسؤولي العمليات التشغيلية السابق في شركة مايكروسوفت بوب هيربولد إن النجاح يولد تسعة فخاخ خطيرة للشركات في مختلف أنحاء العالم في أيامنا هذه. ويضيف "بمجرد أن تبلغ الشركات مستوىً معيناً من النجاح، فإنها تميل إلى فقدان شعورها بضرورة الإسراع في إنجاز العمل" ويرى هذا المسؤول المقيم في "إنسياد" حالياً أن شركات كثيرة " تعتقد أنها عثرت على السر الذي سوف يقودها إلى النجاح الدائم. وهي لا تعرف سوى القليل عن أن مجرد تحويل نجاحاتها السابقة إلى أمر موروث مسلم به، بحيث تتبعه بصورة مستمرة، يؤدي إلى جعلها في مواقف غير مواتية على الإطلاق".
ويتولى هذا الباحث في كتابه الذي يحمل عنوان "كيف تستطيع أفضل الشركات النجاة من تسعة فخاخ ينصبها النجاح"، دراسة 44 شركة من جميع أنحاء العالم. ويتناول الباحث أمور هذه الشركات بدرجة من الدقة الكافية لتشخيص تلك الفخاخ.

عليك باستمرار التحرك والتحسين والإبداع:
يشير الباحث هنا بصفة خاصة إلى شركة إيستمان كوداك التي ربطت نفسها بالأفلام وعمليات طباعتها حتى فاتتها فرصة تطوير الكاميرات الرقمية. كما يشير إلى شركة ديل التي كانت رائدة الكمبيوتر الشخصي لسنوات طويلة، ولكنها أساءت تقدير قوة المنافسة من جانب المنافسين الجدد بالغي النشاط والحيوية. وقال هيربولد "إنها تحركت بعدم إحساس بضرورة السرعة في الإنجاز. وكان التفكير السائد لديها هو: بما أننا ناجحون، فإنه ليست هنالك أي مشكلة، إذ إننا فخورون بما ننجزه. ويؤدي هذا النوع من التفكير إلى الوقوع في الفخاخ المتعددة. وعليك باستمرار التحرك، والتطوير، والتحسين، والإبداع، ضمن طريقة عمل تتطلع إلى الديمومة".
وسعياً من هذا الباحث إلى إبراز نظريته، فإنه يدرس أكبر شركتين لصناعة السيارات في العالم، وهما جنرال موتوز، وتويوتا. ويشير بصفة خاصة إلى أن حصتيهما من الأسواق العالمية سارتا باتجاهين متعاكسين تماماً خلال السنوات ال 30 الماضية.
ويرى أن الفرق الرئيسي بينهما يتجسد في أن المسؤولين في تويوتا يبدون قلقلاً عملياً مشروعاً ومستمراً إزاء تطورات المستقبل، ويتساءلون بصفة مستمرة: "كيف يمكننا أن نحسن من أمورنا؟". ويشير هذا الباحث إلى أن تويوتا استطاعت خلال الربع الأول من عام 2007، تجاوز جنرال موتوز في عدد السيارات التي تم صنعها.

أما الفخاخ التسعة، فهي:

الإهمال: الالتصاق بنموذج العمل الخاص بالماضي.
التفاخر: السماح لمنتجاتك بأن تصبح قديمة الطراز.
الضجر: التمسك بالعلامات التجارية الناجحة بعد أن يتجاوزها الزمن، وتصبح مملة.
التعقيد: تجاهل عمليات نشاطك العملي وهي تتحول إلى إجراءات بطيئة ومعقدة.
الغرور: التعود على فقدان الحركة السريعة والفعالية.
القبول بالموقع المتوسط: الرضا بالأداء الضعيف والسماح بفقدان النجوم من بين موظفيك.
الكسل: التعود على ثقافة الراحة، والاتكال، والثقة في غير موضعها.
الجبن: عدم مواجهة الحروب والهجمات، واشتعال الصراعات الداخلية، وسواد مسببات عرقلة العمل.
الفوضى: وجود اتصالات منحرفة الاتجاهات.
ويتولى هذا الباحث كذلك إجراء مقارنة عملية في مجال الصناعات الإلكترونية بين شركتي سوني، وسامسونج. ويقول إنه كان من المفروض ازدهار منتجات شركة سوني خلال السنوات الـ 10 الماضية، بحيث كان عليها اختراع iPod. وكانت لديها كل عناصر النجاح في التفوق في عصر الإنترنت الرقمي/ MP3، بعد أن سيطرت على سوق الموسيقى المحمولة من خلال الووكمان ومشغل الأقراص المدمجة.
وكانت لدى هذه الشركة خبرة واسعة في مجال إلكترونيات المستهلكين، إضافة إلى أن لديها قسماً متطوراً خاصاً بالموسيقى. وكان يفترض أن تكون رائدة في سوق MP3، ولكن الأقسام المختلفة من الشركة لم تكن على اتصال جيد مع بعضها البعض. وكانت كل دائرة خبرة لديها معزولة في صومعة خاصة بها، بحيث تحركت بهدف تحقيق نجاح منفرد خاص بها دون غيرها.
ويقول "كانت لدى الشركة جميع مقومات النجاح، ولكن هيكلها العملي لم يسمح لتلك الصوامع بالاتصال الصحيح فيما بينها".
أما شركة سامسونج، فكانت تختلف في تنظيمها العام، حيث بدأت بتقليد سوني، ولكنها أنشأت في الوقت ذاته وحدة أسمتها "برنامج تطوير القيمة" بحيث تم تصميمها للجمع بين جميع مصادر الشركة للتمكن من الاستفادة السريعة من الابتكارات. ويضيف "إن هذه الشركة مصممة تماماً للعمل على التحسين المستمر، والمستمر، دون توقف. وتقوم هذه الفكرة على توفير ابتكارات جديدة تتحول إلى منتجات تتحرك بصورة سريعة نحو الأسواق."
ويمثل برنامج الشركة الخاص بتطوير القيمة وسيلة فعالة للغاية للقفز نحو فئة جديدة من المنتجات المبتكرة.
ولاحظ الباحث خلال سبع سنوات من العمل في مايكروسوفت أن هنالك شركة صغيرة مسارعة النمو تتولى اختراع نفسها بصورة مستمرة، وتحمل اسم (أبل).

انتبه حين تعتقد أنك أنجزت كل شيء على ما يرام :
يقول هذا الباحث "إن الدرس الكبير المستفاد من شركة ابل، هو أنه لا يمكنك التوقف عند حد من الإنجاز والاعتقاد بأنك اكتفيت. وعليك الانتباه بمجرد الاقتناع بأنك أنجزت كل أمورك على ما يرام. وهنالك على الدوام فكرة لامعة خارج نطاق عملك يمكنها أن تستولي على نجاح نشاطك العملي. وعليك الاحتفاظ بهذه الدرجة من الحذر باستمرار، إذ إن الأمر يتعلق بصورة كاملة بعملية استمرار تفوقك في الأسواق".
ويحذر الباحث من أنه في عالمنا دائم التغير الذي يتطلع فيه الناس دوماً إلى الأمور الجديدة، فإن علاماتك التجارية يمكن أن تصبح مملة، كما أن منتجاتك يمكن أن تصبح ذات تصنيفٍ متدن ٍ في عالم المنافسة. وعلى الشركات كذلك أن تحسن أداءها في نقل خطط التقدم إلى العاملين فيها.
ومن الأمثلة التي يوردها في دراسته ما تعرضت له شركة إي بي إم، حيث فقدت طريقها في أوائل التسعينيات. ويعود معظم السبب في ذلك إلى أن كبار مسؤوليها ظلوا ينشرون توقعات حول المستقبل عبر وسائل الإعلام، دون أن يتبنوا خطة واثقة، مما أدى إلى إحداث إرباك مستمر في صفوف الموظفين. وحين أصبح لوي جيرشنر، رئيساً تنفيذياً للشركة، وضع خطة محكمة للتقدم، ونقل تفاصيلها إلى جميع العاملين في الشركة من مديرين وموظفين أقل درجة. وتواجه الشركات الكثير من المشاكل في نقل الأفكار والخطط من الإدارات العليا إلى الإدارات الوسطى، وكذلك في تعميم إيصال تلك الأفكار إلى جميع العاملين في الشركة. وتعتمد الشركات عموماً على أسلوب آلي جامد في عمليات نقل المعلومات من أعلى إلى أسفل.
هل يجعل النموذج العملي شركتك أكثر انكشافاً؟
لا بد للمديرين من توجيه عدد من الأسئلة الرئيسية الأخرى إلى أنفسهم. ويقول هذا الباحث إنهم بحاجة إلى معرفة ما إذا كان نموذجهم العملي يجعل الشركة أكثر انكشافاً. وهو يؤكد على أنك بحاجة إلى توجيه السؤال التالي إلى نفسك: ما هي الأمور الجديدة والمثيرة التي نقوم بها، وكيف يمكننا التحسن خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، وما هي الأفكار النيرة التي تجعل من هذا المكان مكاناً أفضل لممارسة العمل؟
والجدير بالذكر أن هيربولد أمضى 26 عاماً من العمل في شركة بركتور آند جامبل قبل أن ينضم إلى شركة مايكروسوفت ويقول إن لدى شركة بركتور آند جامبل ممارسات متفوقة للغاية تسعى إلى تطبيقها باستمرار، حيث تجهد نفسها في معرفة حاجات المستهلكين. واستطاعت تلك الممارسة أن تثبت أنها قابلة للاستمرار في سبيل تحقيق النمو المستهدف. ويقول "ظلت تلك الشركة تركز بصفة مستمرة على إرضاء المستهلكين، ومكنها ذلك التركيز من تجنب مشاكل المفاخرة وفقدان الإحساس بضرورة الإنجاز السريع".
ويعتقد أن مايكروسوفت تواجه تحديات في الوقت الذي يتجه فيه العالم إلى فترة من تقديم البرمجيات عبر الإنترنت، ولكنه يضيف أن الشركة استطاعت التكيف بصورة مستمرة، وتمكنت من إدخال التغييرات التي يتطلبها التطوير المستمر في التقنية.
ويقول إن على المديرين أن يستهدفوا بصورة مستمرة "الإبقاء على عيونهم مفتوحة على الفخاخ التي تنجم عن النجاح، وأن يعترفوا على الدوام بأنهم لم يبلغوا حد الإنجاز الكامل، وأن عليهم التطلع دوماً نحو المستقبل".

الأكثر قراءة