مفوض أوروبي : يجب على الاتحاد عدم ترك إفريقيا لأموال الصين والهند وأمريكا
حذر مسؤول أوروبي بارز غداة القمة الأوروبية - الإفريقية المرتقبة الأسبوع الجاري، من أن الاتحاد الأوروبي يخاطر بأن تسبقه باقي القوى العالمية مثل الصين والهند والولايات المتحدة في علاقاتها مع إفريقيا.
وقال لويس ميشيل المفوض الأوروبي للتنمية والمساعدات الإنسانية إن إفريقيا في طريقها لأن تصبح "لوحة الشطرنج الجديدة" للمناورات بين القوى العظمى مثل الولايات المتحدة، الصين، الهند، والبرازيل، فيما أصبحت "علاقة الاتحاد الأوروبي بإفريقيا بالية بشكل كلي".
وأضاف ميشيل في كلمة ألقاها في مركز السياسة الأوروبية الذي يتخذ من بروكسل مقرا له أن تجارة الصين مع إفريقيا تضاعفت خمس مرات في خمس سنوات، والولايات المتحدة "عائدة إلى إفريقيا بقوة"، والهند لديها مصلحتان تجاريتان كبريان.
وقال "لا أريدكم أن تنظروا إلى كناقد (لتلك الدول الأخرى)، ولكن الأمر أنه في الوقت الذي يقوم فيه الآخرون بتطوير استراتيجيات نشطة مستقبلية تتوائم مع مصالحهم الشرعية ، تقف أوروبا في مكانها".
ومن المقرر أن يجتمع في الـ 8 و9 من كانون الأول (ديسمبر) المقبل نحو 80 من قادة الاتحاد الأوروبي ونظيره الإفريقي في لشبونة في أول اجتماع كامل بين القارتين منذ بداية الألفية.
ومنذ اجتماعهم الأخير في القاهرة عام 2000، شهدت الخريطة الجغرافية - السياسية للعالم تغييرات أساسية ابتداء من الهجمات على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001 إلى الارتفاع الهائل في أسعار النفط وبزوغ نجم الصين والهند كقوتين عالميتين جديدتين.
وخلال الفترة ذاتها، عقد القادة الأفارقة ثلاث قمم مع الصين التي بدأت برنامجا ضخما للاستثمار والبناء في دول مثل أنجولا. وأشار ميشيل إلى أنه، في الوقت ذاته، هزت التغيرات السياسية القارة السمراء حيث أطاحت ما لا يقل عن 12 دولة بأنظمة ديكتاتورية وأقامت حكومات ديمقراطية خلال السنوات الخمس الماضية.
وأضاف "وفي الكثير من الأحيان كان لدى الأوروبيين، خاصة المستثمرين، صورة مشوهة وسلبية لإفريقيا .. وبالطبع هي أبعد ما تكون عن المثالية، ولكن إفريقيا بدأت التحرك ويجب أن نرى هذا من هنا".
ومن المتوقع أن يوافق القادة الأوروبيون والأفارقة خلال القمة على إجراءات تهد ف إلى تحسين التعاون بينهم في مجالات الإدارة الفاعلة وحقوق الإنسان، السلام، الأمن، الهجرة، الطاقة، التغيير المناخي، والتجارة.
وقال ميشيل إن هذا الاتفاق يجب أن يؤدي إلى تغير أساسي في علاقات القارتين لتتحول من التبعية إلى الشراكة.
وفي الوقت الذي شدد فيه المفوض الأوروبي على أن الاتحاد الأوروبي لا يعتزم توجيه النقد لأي دولة أخرى في قيامها بتحقيق "مصالحها الشرعية" في إفريقيا، أشار أيضا إلى أن الكتلة الأوروبية هي أكبر جهة مانحة لإفريقيا وأكبر شريك تجاري وأكبر مشتر للبضائع الإفريقية.
وقال "إن نصيب إفريقيا في الاستثمارات العالمية هامشي. وأسواقها غارقة بالبضائع المصنوعة في الصين والهند بما يشكل منافسة مباشرة للإنتاج المحلي.. ليست منتجاتنا التي تمثل منافسا مباشرا لإفريقيا، إنها الدول الصاعدة".
وتساءل ما إذا كانت الاستثمارات الصينية الهائلة التي أسست خلال السنوات القليلة الماضية سيعاد توظيفها محليا وفي إنتاج القيمة المضافة أو أنها ستستخدم قطاعا واسعا من العمالة المحلية. وقال "عندما نقوم بتمويل مشاريع البنى التحتية ، فإننا نستخدم العمالة المحلية بشكل واسع النطاق".
وفي قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني - الإفريقي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 اتفق قادة الصين و48 دولة إفريقية على إقامة وتطوير نمط جديد من الشراكة الاستراتيجية تتميز بالمساواة السياسية والثقة المتبادلة والتعاون الاقتصادي الذي يعود على الجانبين بالنفع المتبادل والتبادلات الثقافية.
وأعلن الرئيس الصيني هو جين تاو في القمة، ثماني خطوات لتعزيز "نمط جديد من الشراكة الاستراتيجية" بين الصين وإفريقيا بما في ذلك زيادة فتح أسواق الصين لصادرات الدول الأقل نموا في إفريقيا عن طريق زيادة عدد المنتجات التي تحصل على معاملة "التعريفة صفر" من 190 منتجا إلى 440 منتجا.
وتتضمن الإجراءات أيضا بناء من ثلاثة إلى خمسة مناطق للتعاون التجاري والاقتصادي في إفريقيا خلال السنوات الثلاث المقبلة، وتقديم ثلاثة مليارات دولار قروضا تفضيلية وملياري دولار، اعتمادات ائتمانية تفضيلية للشراء إلى الدول الإفريقية وتدريب 15 ألف مهني إفريقي.
وتنفيذا لالتزام القمة، زار الرئيس الصيني ثماني دول إفريقية في أول جولة خارجية له في بداية عام 2007 وتبع ذلك زيارات من قادة صينيين آخرين من بينهم كبير المشرعين وو بانغ قوه وكبير المستشارين السياسيين جيا تشينغ لين إلى القارة الإفريقية من أجل علاقات أوثق بين الصين وإفريقيا. إضافة إلى ذلك، عينت الصين مبعوثا خاصا لشؤون إفريقيا في أيار (مايو)، وهو إجراء يرى المحللون أنه يظهر جهود الصين لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
وطبقا للإحصاءات فإن حجم التجارة بين الصين وإفريقيا وصل إلى 55. 5 مليار دولار في عام 2006 بزيادة ما يقرب من 40 في المائة على العام السابق.
والصين تمثل ثالث أكبر شريك لإفريقيا في الوقت الذي أصبحت فيه إفريقيا مقصدا مهما للاستثمارات الخارجية التي تقوم بها الشركات الصينية.