دراسة تطالب بإلزام المعلمين أداء قسم المهنة قبل ممارستها
دعت دراسة تربوية حديثة تمت إجازتها أخيرا (حول اتجاهات المعلمين في مدينة الرياض نحو أهمية ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم في المملكة العربية السعودية ومستوى تطبيقهم له) إلى ضرورة إلى كل معلم ومشرف تربوي يلتحق بمهنة التعليم أداء قسم المهنة قبل بدء مزاولته لهذه المهنة الشريفة.
وبينت الدراسة التي أعدها الدكتور عبد العزيز بن عثمان الفالح مدير مركز الإشراف التربوي في شمال الرياض، أن هذه التوصية الملحة والتي يراها ضرورية تنبع من ملاحظته ازدياد أعداد المعلمين الذين يتم تحويلهم سنوياً إلى اللجان التربوية في مختلف إدارات التعليم في المملكة، القصور المتنامي والتقصير المتزايد لدى فئة غير قليلة من المعلمين في اتجاهاتهم نحو أخلاقيات مهنة التعليم، وأدائهم المهني.
وهدفت تلك الدراسة – التي تعد الأولى من نوعها في المملكة – إلى معرفة مدى اتجاهات المعلمين نحو إدراكهم لأهمية ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم في المحاور التالية: الأداء المهني، الطلاب، المجتمع، المجتمع المدرسي، الأسرة، وكذا محاولة الوقوف على مستوى تطبيق المعلمين لميثاق أخلاقيات المهنة، وذلك رغبة في المشاركة بالجهود الحكومية المبذولة حاليا والهادفة إلى الرقي بمستوى أخلاقيات مهنة التعليم في بلادنا الغالية.
ويقول الباحث إن هذه الدراسة تكسب أهمية بالغة ولا سيما في وقتنا الحاضر، حيث قل التزام بعض المعلمين بالمبادئ الأخلاقية لمهنة التعليم في مختلف مراحل التعليم العام، على الرغم من إدراكهم أن التعليم هو رسالة الأنبياء.
وبين الفالح أن الدراسة أجريت على مجتمع يزيد تعداد أفراده على 47 ألف معلم ومعلمة ومشرف ومشرفة ومدير ومديرة يعملون حاليا في الميدان التربوي حيث تكون مجتمع البحث من الفئة المذكورة أعلاه من العاملين في مدارس التعليم العام للمدارس الحكومية في مدينة الرياض، مستخدما من أداة الاستبانة سبيلا إجرائيا لتحقيق أهداف هذا البحث، حيث كان التجاوب مع الباحث غير مسبوق على الإطلاق، إذ استطاع الباحث أن يحصل على استجابات جميع أفراد العينة المحددة في دراسته.
وتناولت تلك الاستبانة خمسة محاور مهمة هي: المعلم وأداؤه المهني، المعلم وطلابه، المعلم والمجتمع، المعلم والمجتمع المدرسي، المعلم والأسرة، ذلك أنها تشمل على ما يقرب من 80 سؤالا.
وقد اتبع الباحث في هذا البحث المنهج المسحي للتعرف على واقع اتجاهات المعلمين والمعلمات في مدينة الرياض نحو أخلاقيات مهنة التعليم، وذلك وفقا لميثاق أخلاقيات مهنة التعليم أهمية وتطبيقا.
وقد تكون البحث من سبعة فصول رئيسة، والعديد من المباحث الفرعية، حيث اشتمل الفصل الأول على مشكلة البحث والتعريف بحدوده وأهدافه، ومصطلحاته، في حين ركز الإطار المفهومي الذي يمثله الفصل الثاني على توضيح مفهوم الاتجاهات. وبيان أثرها في الآراء والسلوك، كما عرج على القيم الأخلاقية التي يجب أن تتوافر في المعلم، مبنيا محاور التربية الخلقية وميثاق أخلاقيات مهنة التعليم، مستعرضا عددا من المواثيق العربية المتعلقة بأخلاقيات مهنة التعليم.
كما تحدث أيضا وبالتفصيل عن ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم في ضوء سياسة التعليم في المملكة، ومن المحاسن التي تسجل لهذا البحث هو تناوله بشيء من الدقة العلمية والتفصيل وسائل تحقيق الميثاق المستمدة من سياسة التعليم في المملكة، موظفا خبرته الطويلة في هذا الاتجاه، وليس مستردا لتلك الوسائل من بيئات أخرى قد لا ترتبط بصلة مباشرة مع واقعنا الحالي ذي الخصوصية.
وقد أظهر البحث أن أفراد العينة المختارة يرون – وفقا للأداة العلمية التي طبقها الباحث – أن المعلمين يطبقون جانبين من جوانب ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم بدرجة متوسطة في أدائهم المهني، ويتمثلان في:
* الالتزام بقيم مهنة التعليم (الصدق، العدل، التواضع ... إلخ).
* الوعي بأهمية النمو المهني للمعلم.
ومثلها تنمية شعور الطلاب بالحرص على سمعة الوطن من خلال القدوة الحسنة داخل الوطن وخارجه، وكذلك الحرص على تعزيز التفاعل الإيجابي مع الثقافات الأخرى لدى الطلاب.
وقد أوصت الدراسة بضرورة العمل على كل ما من شأنه تفعيل تطبيق المعلمين لميثاق أخلاقيات مهنة التعليم في أدائهم المهني وعلاقتهم في العمل.
ودعا الباحث إلى الحرص على تضمين محتويات البرامج التأهيلية والتدريبية الموجهة للمعلمين قبل الخدمة وأثنائها ما يزيد من فعالية تطبيقهم لميثاق أخلاقيات مهنة التعليم، محبذا اعتماد مقرر تحت اسم (ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم) يتم تضمينه ببرامج تلك الكليات أو الأقسام العلمية في الجامعات السعودية.
كما نادى الباحث بالسعي الجاد نحو سن العديد من اللوائح والقوانين التي تحارب سوء الأخلاق في المجتمع التربوي، والحرص على عدم التساهل في تطبيق تلك اللوائح والأنظمة على من تبدر منهم هذه السلوكيات، لأن معاقبة الفرد خير من علاج جيل بأكمله يتخرج من تحت يده، منبها إلى ضرورة مكافأة المعلم المجتهد المخلص في أداء عمله وتقديره، مشيرا إلى أنه من وسائل تلك المكافأة قد يكون في بعض الأحيان معاقبة المهمل أو المقصر في أداء عمله.
وحصل الباحث بموجب هذه الأطروحة على درجة الدكتوراة في الفلسفة تخصص إدارة تربوية. وتكونت لجنة المناقشة في جامعة الإمام من الدكتور سليمان الحقيل أستاذ الدراسات العليا، والدكتور صالح العساف أستاذ الدراسات العليا، الدكتور صالح السحيباني، والدكتور محمد قاسم مشرفا ومقررا.