محتالون عبر الإنترنت والضحايا بالملايين
محتالون عبر الإنترنت والضحايا بالملايين
انتشرت في الآونة الأخيرة طرق الاحتيال والنصب، وخصوصا عن طريق البريد الإلكتروني. فقد تلقى مستخدمو الإنترنت في السعودية في الآونة الأخيرة رسائل بريد إلكترونية بعنوان Anniversary Draws تتضمن "أن شركة مايكروسوفت قامت بإعداد برنامج يانصيب عالمي بمناسبة مرور 25 سنة على الشركة، قيمة جوائزه خمسة ملايين جنيه إسترليني، موزعة على عشرة عناوين بريد إلكترونية سيتم اختيارها عشوائيا. وقد جرت عملية السحب على العناوين البريدية على مستوى العالم، باستخدام برنامج جهز على جهاز حاسب آلي لاختيار العناوين البريدية العشرة التي ستحصل على هذه الجوائز، وقد فاز عنوان بريدك الإلكتروني بإحدى هذه الجوائز، وقيمتها 500 ألف جنيه إسترليني، وما عليك سوى الاتصال بالوكيل المحلي في بلدك لاستلام قيمة هذه الجائزة".
كما وصلتني رسالة بريد إلكتروني أخيرا تضمنت النص التالي: من أجل العمل الخيري "الفلاني"، نود منك المساهمة بالإيداع في هذا الحساب الموضح أدناه، ومرسل آخر يقول من أجل بناء المسجد "الفلاني" نريد منك الإيداع في الحساب "الفلاني". وبغض النظر عن المشاريع الخيرية في داخل المملكة، فمن السهل التحقق من صحة تلك الرسائل، كما أن من السهولة أيضا معرفة رقم الحساب الموضح واسم صاحبه ومعرفة أن ما يدعو له فعلا عملا خيرياً أم أنه نوع من أنواع النصب والاحتيال.
ولكن المشكلة الكبيرة هي تلك الرسائل القادمة من خارج البلاد، والتي أبدع من خلالها مجموعة من النيجيريين المتميزين في علميات النصب والاحتيال وجرائم غسيل الأموال. ولعل آخر ما توصلت له عقول بعض العصابات النيجيرية هي أن توقع لصاحب البريد الإلكتروني شيكا مصدقا فعلا بقيمة مليون دولار.
سوف أسرد لكم تفاصيل اللعبة، ومن ثم نلقي الضوء على أهم النقاط في جريمة النصب والاحتيال:
وصلتني رسالة من شخص يسمي نفسه olivia malik. ولست أعلم هل هو اسم مذكر أم مؤنث. يقول في رسالته "أبارك لك فوزك، حيث إنه تم اختيار نسختك الأصلية من ويندوز التي قمت بتنصيبها مؤخرا في جهازك، وهي مسجلة باسمك وبالبريد الإلكتروني، هذا الذي وصلت إليه رسالتنا لك، ونفيدك أيها المحظوظ بأن رقم فوزك هو 17، وكل ما نطلبه منك الآن هو فقط أن ترسل لنا بياناتك الشخصية، على النحو التالي:
1 – الاسم
2- البلد والجنسية
3- جنسك
4- رقم جوالك المباشر ليتسنى لنا الاتصال بك
5- عملك ووظيفتك
وهكذا، حتى الآن لا يوجد في الرسالة أي نوع من أنواع الاحتيال الواضح. لأن كل المعلومات التي طلبوها من الممكن أن تطلبها شركة مايكروسوفت، ولكن المشكلة هو كيف علموا أن النسخة أصلية. فقمت بالاتصال بشركة مايكروسوفت في الرياض لأستوضح منهم ما المشكلة؟ وهل فعلا أن هذا المرسل حقيقي؟
كان رد المسؤول علي في شركة مايكروسوفت العربية في الرياض أن هناك عمليات احتيال واسعة هذه الأيام من بعض النيجيريين في نيجيريا. وهي عصابة أيضا يبدو أن لها مكتبا في لندن تمارس من خلاله عمليات الاحتيال والنصب الإلكتروني.
فقلت له: لماذا لم تخبروا الناس عن هذه العمليات.
فقال: لا يوجد لدينا الصلاحيات بأن نخبر الناس.
قلت: إنهم يستغلون اسم مايكروسوفت، واسم بيل جيتس شخصيا.
فرد عليّ: أننا لا نستطيع أن نثير الموضوع إعلاميا، فلا يوجد لدينا صلاحية بالتصريح.
انتظرت وقمت بالترقب لعلي أستطيع أن أحصل على المزيد من خيوط اللعبة حتى تتضح الصورة أكثر. فقلت سأرسل لهؤلاء المحتالين المعلومات التي طلبوها، وبالفعل قمت بإرسال المعلومات، وتفاجأت أنه بعد خمس دقائق فقط استلمت رسالة على بريدي الإلكتروني من Tom Sale المقيم في لندن. بل أنني تلقيت اتصاله من لندن على الفور. وقال لي: إنك محظوظ، لقد ربحت مليون دولار، وسوف ننتظر رد الدكتور Alfred كي يوقع لك الشيك, وسيتصل بك شخصيا ليهنئك بالفوز بالجائزة وإخبارك بأنه سيهتم بموضوع إرسال الشيك إليك. قلت لا بأس، ولو أنني لمحت في لكنته الإنجليزية اللكنة الإفريقية.
قمت بمحادثة أحد المسؤولين في البنوك المحلية حول ما حصل لي، فأخبرني بأن الشيك من ناحية المبدأ صحيح، فهو شيك مصدق، ولكن ما يعيبه أنه صورة، ولا بد من استلامك للشيك الأصلي حتى تستطيع أن تصرفه.
قلت: لا بأس سوف أتابع القضية مع الدكتور Alfred.
عاودت الاتصال بالدكتور الذي تهرب من الرد على اتصالي بحجة أنه في اجتماع خاص يتمحور موضوعه حول الفقر حول العالم، وسوف يتصل بي لاحقا.
أهملت القضية وتركتها جانبا، وقمت بالبحث عن مشروع بيل جيتس لمحاربة الفقر حول العالم. حيث إن جيتس سيخصص ثلث ثروته لمحاربة الفقر حول العالم، وعرفت أن المبلغ المخصص لهذا المشروع قرابة 60 مليار دولار، ولكن المشروع مشروع خيري وليس له علاقة بالسحب على البريد الإلكتروني المسجل في شركة مايكروسوفت للذين يمتلكون نسخا أصليه من ويندوز.
بعد أسبوعين وصلتني رسالة من الدكتور Alfred ظهر فيها اسمه الحقيقي، لأنه في هذه المرة يريد أن يستلم مني نقوداً، حيث طلب مني في الرسالة بأنه بسبب الإجراءات الأمنية المعقدة في نيجيريا (وهنا ظهرت نيجيريا واختفت لندن)، ومن أجل سلامتك وسلامة نقودك، وحتى تكون بعيدا عن جرائم غسيل الأموال، نطلب منك مبلغا بسيطا وهو (975 دولارا)، وذلك لتخليص الإجراءات القانونية، وهذا المبلغ ضئيل جدا بالنسبة للجائزة المغرية التي ستستلمها، وأنه من الصعب أن أدفع عنك لأنه لا يوجد لدي أي ضمان أنك سوف تردها لي، وأيضا من الخسارة الكبيرة أن تبقي مبلغك الضخم مجمدا لدينا دون أن تستطيع الاستفادة منه.
قانون (419)
الجدير بالذكر أن الحكومة النيجيرية أقرت قانون رقم (419)، الذي تخصص بإقرار تشريعات قانونية ضد جرائم الاحتيال في التراسل البريدي والاتصالات الصوتية والفاكس والتراسل والاحتيال الإلكتروني. وبناء على ذلك تفاعلت مجموعة ذات اهتمام بمكافحة الاحتيال الإلكتروني بهذا القرار، وقامت بإنشاء موقع إلكتروني تحت مسمى هذا القانون (419)، يحذرون من خلاله من أساليب الخداع والاحتيال عبر البريد الإلكتروني المستجدة، مستعرضين طرق الاحتيال والقصص التي تمت بالتفصيل الدقيق، مدعمة بالوثائق والسجلات المرسلة للضحية وصور لمنفذي هذه الاحتيالات وسجل دقيق لكل منهم. وبالإمكان زيارة الموقع http://419.bittenus.com/stories.htm للتعرف من كثب حول الطرق التي يزاولونها للإطاحة بالضحية.
تشير التقارير المتخصصة إلى أن جرائم الإنترنت برزت في الآونة الأخيرة كتهديد جدي ليس فقط للأفراد، بل تعداها ليلحق بالمؤسسات التي تعتمد في عملها على تقنية المعلومات. وتشير الإحصائيات الأخيرة أن الاحتيال عبر الإنترنت يكلف تجار البيع بالتجزئة حول العالم حوالي 580 مليون جنيه إسترليني (أي 4.2 مليار ريال) سنوياً، حيث يمكن أن يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات بحلول عام 2010.
نصائح يجب وضعها في الحسبان
على متصفحي الإنترنت والمستخدمين للتقنية أن يعلموا أن الجريمة تتطور مع الوقت في نطاق الشبكة العنكبوتية التي لا تعترف بالحدود ولا بالمسافات المكانية والزمانية، ولذلك فإن هذه التقنية قد سهلت على المافيا والعصابات المنظمة المختلفة حول العالم من أدائهم لجرائمهم. ولا تقتصر الجريمة المنظمة على الإنترنت وحسب، وإنما تتعداها إلى مجرد أفراد قادهم ذكاؤهم الخبيث الذي استغلوه في الاحتيال وسرقة أموال الناس بطرق احترافية منظمة.
وفي الأسبوع المقبل، بإذن الله، سوف يتم تسليط الضوء على المزيد من طرق الاحتيال من خلال الإنترنت وكيفية التنبه لها. حيث تحدث حاليا سرقات نظامية بالملايين تستقطع من حساب العملاء في البنوك المحلية ودون علم العميل أو البنوك، حيث إن البنوك لا تراها كعمليات احتيالية منظمة، فتستقطع من حسابات العملاء.