مبدع مثابر.. قاد التغيير في تجارة المفرق
في عام 1983م، صنفت مجلة "فوربس" سام والتون ثاني أغنى شخص في الولايات المتحدة الأمريكية, وقدرت ثروته بمليارين و15 مليون دولار. وفي عام 1992م، وكتتويج للنجاح الباهر لسام والتون، سافر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت جورج بوش الأب إلى مقر الإدارة العامة لشركة "وول مارت" شركة سام والتون في أركنساس وكرمه وقلده وسام الحرية وهو أعلى وسام يمنح لمدني في أمريكا. وحينما تزور أمريكا تجد أن أسواق وول مارت أحد أبرز المعالم في مدن وبلدات أمريكا.
لكن ما هي قصة "سام والتون" في بناء ثروته" و ما هي الدروس التي يمكن أن نستفيد منها نحن في بناء ثروتنا؟
ولد سام والتون في عام 1918م ونشأ في مدينة كولومبيا في ولاية ميسوري وبعد تخرجه في جامعة ميسوري متخصصاُ في الاقتصاد، عمل في ولاية "أيوا" في متجر" بيني" لصاحبه "جون كاش بيني" الذي تعلم منه الكثير في التجارة. وبذلك استفاد من أهم مبادئ النجاح عامة و الثراء على وجه الخصوص واتخاذ المعلمين أو الموجهين أصحاب الخبرة الذين نجحوا في مجالاتهم ليختصروا رحلة النجاح ويستفيد منهم عصارة تجاربهم التي أوصلتهم إلى بوابات النجاح والثراء. ومن أهم نصائح "بيني" التي علقت بذهن سام وكانت من أهم مبادئه في العمل، "أعط مقابل كل دولار يدفعه الزبون كل ما تستطيع من قيمة وجودة و رضا، ولن تخسر أبدا".
بعد ذلك خدم والتون في الحرب العالمية الثانية ثم قرر أن يبدأ له عملاً تجارياً خاصاً به ولا يعمل موظفاً عند أحد وذلك بعد اكتسابه الخبرة والجرأة الكافية. فاقترض مالاً وافتتح متجراً متنوع المنتجات لبن فرانكلين في نيوبورت في ولاية أركنساس وأصبح المتجر معروفاً وناجحاً في فترة قصيرة. ولكن الشخص الذي أجرله المحل طمع عندما رأى نجاح المتجر واستغل ثغرة في العقد تنص على أن الحق الكامل في تجديد عقد الإيجار راجع للمؤجر فقط، وبذلك ضغط في والتون حتى باع المتجر لابنه. وأخرجه عاطلاً عن العمل وقد أثر ذلك على والتون وجعل الإحباط يغزوه حيث كانت هذه أسوا مرحلة في حياته. ولكنه كالناجحين دائماً يقومون مرة أخرى بعد سقوطهم ولكن بعزيمة قوية وإرادة جبارة، فانتقل إلى بنتونفيل في ولاية أركنساس وحصل مع أخيه جيمس على امتياز لبن فرانكلين وساعد في انتشار متاجر بن فرانكلين في ولايتي أركنساس وميسوري حيث وصل عددها إلى 15 متجراً. حينها أصبح عمره 42 عاماً ووصل إلى نجاح جيد ومرحلة ارتياح. ولكن هذا النجاح أقل من طموحه الكبير حيث كان يحلم بطريقة أفضل لبيع التجزئة (المفرق). وأخذ يتعلم أكثر في هذا المجال ويسافر في أنحاء الولايات المتحدة ويزور فيها محلات التجزئة الكبيرة مثل Kmart . ولكنها كانت في المدن الكبيرة. لكن سام رأى أنها سوف تنجح في البلدات الصغيرة, فلم يوافقه أحد بما فيهم إدارة بن فرانكلين. فقرر أن ينفذ فكرته ويحقق حلمه من دون بن فرانكلين فسافر إنجلترا لمدة عامين ودرس نجاحات مثل هذه المتاجر هناك. وفي عام 1962م، حينما أصبح في الـ 44 من عمره افتتح أول متجر له متنوع البضائع مثل السوبر ماركت في مدينة روجرز في ولاية أركنساس وأسماه Wal-Mart وقد حصل على التمويل مقابل رهن منزله. وبعد عامين افتتح محلين آخرين في سبرينج ديل وهاريسون. وكان واثقاً من نجاحه على الرغم من أن الناس من حوله يشككون في نجاحه وبعضهم يضحك على قراراته دون علمه. وكانت هناك أخطاء في البداية ولكن مع مرور الوقت نضجت التجربة. ومن نقاط القوة التي كانت في سام والتون أنه مثابر ويحب عمله وكان مبدعاً يحب تجريب الأشياء الجديدة وليست لديه مقاومة للتغيير التي تتسبب في الغالب في جمود كثير من الناس وبالتالي في فشلهم في مواجهة جديد المنافسة. وعلى الرغم من بطء انتشار محلات Wal-Mart إلا أنها كانت ناجحة وثابتة فقد وصلت إلى 25 متجراً خلال ثمانية أعوام. ثم تسارع الانتشار حتى وصل إلى 642 متجراً في العام الـ 13 من ولادة المتاجر وتجاوز دخلها السنوي أربعة مليارات دولار. وفي عام 1992م، توفي سام والتون بعد أن وصلت متاجره إلى 43 ولاية. وبعد وفاته بثلاثة أعوام أصبحت متاجره في كل الولايات المتحدة الأمريكية ووصل دخلها السنوي 82 ملياراً تقريباً. وكان من أهم الشعارات التي قادته إلى نجاحه "اشتر بضاعتك بشكل جيد وبعها بسعر زهيد، كل يوم، وخلال ذلك، ابتسم".