التأمين الطبي ضمان العامل.. والتوعية تبقى العنصر الأهم
التأمين الطبي ضمان العامل.. والتوعية تبقى العنصر الأهم
تواصل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تقديم خدماتها الإنسانية والمتمثلة في توفير خدمة المعالجة من خلال بند الإصابات المهنية لعدد من المصابين، وسطرت العديد من قصص النجاح في مستشفى رعاية الرياض، فكم ساعدت من مصاب في مختلف الحوادث وأعادت لهم الأمل في الحياة بفضل الله، مؤسسة التأمينات الاجتماعية تعاونت مع مستشفى رعاية الرياض طبيا وتفسيا لتعويض المصابين ما فقدوه.
"الاقتصادية" سلطت الضوء مع الدكتور قصي ياسين العزاوي, الطبيب في مستشفى رعاية الرياض عن أحوال المصابين في المستشفى وما الخدمات التي استفادوا منها باشتراك مؤسساتهم في مؤسسة التأمينات الاجتماعية .
خلال زيارتنا لأجنحة مستشفى رعاية الرياض وأقسامه وقفنا أمام حالة أحد المصابين، حيث قال عنها الطبيب: "مانع شاب طموح وعصامي في مقتبل العمر، حيث يبلغ من العمر 22 عامًا، وأنهى المتوسطة، ولكنه أحب الدخول إلى معترك الحياة العملية ولديه رغبة في مواصلة الدراسة الجامعية والتخصص في الفنون المسرحية، وهو يعمل حاليًا، في أحد مطاعم الوجبات السريعة في الرياض مساعدًا لمدير المطعم وفي أثناء توجهه إلى مقر عمله بالقرب من منزله تعرض لحادث صدم من إحدى السيارات بعد صعودها على الرصيف، وقد أصيب بإصابات شديدة في الرأس فقد على إثرها الوعي. كما أصيب بكسور مركبة في الأطراف السفلى من الجسم في الساق الأيسر، ونقل على إثر ذلك إلى مدينة الملك عبد العزيز الطبية، حيث أجريت له الإسعافات الأولية اللازمة ونقله إلى مستشفى رعاية الرياض. وتم إدخاله إلى قسم العناية المركزة، وتم وضعه على جهاز التنفس الاصطناعي، وأجريت له الأشعة المقطعية، والتي بينت وجود تكتمات نزفية في الدماغ ما استدعى إدخاله إلى العناية المركزة ووضعه في العناية التحفظية لجراحة الجملة العصبية. أما بالنسبة للكسور في الساق الأيسر فقد تم إخضاع المريض للتدخل الجراحي من قبل استشاري الكسور، حيث أجريت عملية تثبيت داخلي للكسور، وبعد استقرار الحالة تم إحالته إلى قسم التأهيل، حيث كان يعاني حالة اضطراب شديد في الوعي نتيجة إصابة الدماغ، وتم توفير الغذاء من خلال أنبوبة المعدة، وحصل على الرعاية التمريضية الفائقة للتأهيل. وخضع لبرنامج تحفيز المهارات الإدراكية العليا، والمخصص للمرضى الذين يعانون اضطرابًا بالوعي والمهارات الإدراكية، والذي يشمل الجوانب السمعية واللمسية والبصرية بهدف تحسين قدراتهم الإدراكية ووعيهم. كما بدأ يخضع لبرنامج العلاج الطبيعي. كما كان للدعم العائلي والأصدقاء المحيطين به دور كبير في مساعدته على العلاج وإعادة التكيف بأقصر وقت، وخرج من المستشفى بعد شهر من المعالجة. وهو يتمتع بإجازة للتأهيل المنزلي لمساعدته على التكيف مع العمل والأهل والأصدقاء، ولم نقطع الصلة بالمريض، بل بقينا على اتصال به. وحاليًا استقرت حالته العامة، حيث عادت الساق إلى وضعها الطبيعي مع استخدام المساعدات "العكازين"، وهو يتماثل للشفاء الكامل، بإذن الله، ومن ثم يعود إلى عمله ومستقبله، لاسيما أن المريض من الشباب الطموحين».
ما الدور الذي قامت به المؤسسة لعلاجه؟
قامت المؤسسة بالدور الرئيس في هذا المجال، حيث تكفلت بتحمل جميع تكاليف العلاج، ووفرت كامل الدعم الخاص بإعادة التأهيل الطبي، حيث تم توفير جميع الأدوات اللازمة لعودة القدرة على التحرك والمشي. وهذا جزء من الدور الكبير الذي تقوم به المؤسسة من خلال نظامها، والذي يتضمن بند إصابات العمل، وهي إحدى المنافع التي تقدمها المؤسسة لمشتركيها من الذين يتعرضون لخطر الإصابة في أثناء أداء العمل. وأشعر بتفاؤل كبير في حالة تحسن المريض، حيث إن جميع الفحوصات أكدت استعادة التركيز والذاكرة، فهو يواصل نجاحه واستعادة وضعه الطبيعي، وكان لإرادته القوية بعد فضل الله، عز وجل، دور مهم في عودته إلى حياته الطبيعية واستئناف نشاطه وطموحه.
ما أهم الحالات التي يستقبلها المستشفى من مؤسسة التأمينات؟
نستقبل جميع إصابات الرأس والجلطات الدماغية، وإصابات الحبل الشوكي، والبتور بمختلف أنواعه، وإصابات الأعصاب المحيطية، وإصابات الأطراف، والكسور، وجميع إصابات العمل.
كم تبلغ الطاقة الاستيعابية لاستقبال إصابات العمل؟ وهل هناك خدمات التأهيل؟
تبلغ 29 سريرًا مخصصة للإصابات، ويوجد قسم للتأهيل الطبي، والذي يشمل جميع أنواع العلاج للمرضى والمصابين المحولين من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
كيف يسهم توفير وسائل السلامة في مواقع العمل في الحد من الإصابات المهنية؟
يعد توفير وسائل السلامة واشتراطاتها ومتطلباتها في مواقع العمل من أهم الوسائل المساعدة على الحد من تعرض العاملين لاحتمال خطر الإصابة مع تأكيدنا دور القضاء والقدر، إضافة إلى الخطأ البشري. ولذلك فإن توافر وسائل السلامة في مواقع العمل والتزام جميع العاملين باشتراطاتها يسهم بشكل فاعل جدًا في الحد من خطر التعرض لإصابات العمل. وفي حال التعرض لها، لا سمح الله، لأي إصابة، فإن توافر وسائل السلامة في مواقع العمل وتدريب العاملين على الإسعافات الأولية أو بعضها يساعد كثيرًا في تقليل حجم الخطر الناتج عن الإصابة، بإذن الله. ولابد من الإشارة هنا إلى الدور الكبير الذي تبذله المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في نشر الوعي بأهمية الالتزام بقواعد السلامة المهنية، وتوفير جميع الوسائل المساعدة على تحقيق الحد الأقصى من متطلبات السلامة والصحة المهنية من خلال اشتراطاتها الخاصة في هذا المجال. ومن بين مميزات النظام الحالي للتأمينات أنه شمل الإصابات التي يتعرض لها الموظف في أثناء ذهابه أو عودته من العمل وإليه، وهي خطوة مهمة، لاسيما أن المملكة تسجل معدلات مرتفعة في مجال الإصابات الناتجة عن حوادث الطرق.
وفي أثناء وجودنا في غرفة إعادة التأهيل، حيث حدثنا مانع ماجد الجرباء، والذي يعمل موظفًا في إحدى الشركات ويتلقى العلاج تحت إشراف الدكتور قصي حيث قال:
لا أتذكر ما حدث بالضبط، ولكن ما قاله أصدقائي إني تعرضت لحادث صدم من أحد الشباب المتهورين، ومن ثم تم نقلي إلى المستشفى، حيث حصلت على مستوى رفيع من الخدمة والرعاية الطبية تحت إشراف المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والتي توفر لمشتركيها التأمين ضد الإصابات المهنية، وحصلت على ما أحتاج إليه من رعاية طبية. كما أود الإشارة إلى التعاون الكبير الذي أبدته الشركة التي أعمل بها خلال تعرضي للإصابة وتلقي العلاج، وحتى الآن، حيث ما زلت أتلقى العلاج المهني، وما زالت الشركة تتابع الحالة وحصلت على الترقية، وزيادة في الراتب. وأسعى حاليًا، إلى مواصلة دراستي، وأطمح لمواصلة الدراسة الجامعية في المجال المسرحي. وهنا أود الإشارة إلى أن للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية دورًا كبيرًا في خدمة المرضى والمصابين الذين يتعرضون للإصابات المهنية من خلال الاشتراك بنظامها. وهنا أود أن أتوجه إلى جميع العاملين في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالشكر الجزيل على دورهم في خدمة المجتمع، وتوفير الرعاية الطبية للمصابين في أثناء العمل آملاً لهم كل التوفيق.
في إحدى غرف التنويم في المستشفى كان يرقد على سريره الأبيض المريض حيدر عبد السلام (44 سنة) سوداني الجنسية يعمل محاسبًا في إحدى شركات القطاع الخاص نتيجة لتفاديه دهس طفل عبر الشارع مسرعًا أدى إلى ارتطام عجلته بعمود في الرصيف، ما أدى إلى إصابته بضرر شديد في الدماغ، حيث نقل فاقدًا الوعي إلى مستشفى الإيمان العام يوم 8/10/2006، ثم نُقل كمريض تأمينات اجتماعية إلى مستشفى رعاية الرياض في اليوم التالي، حيث أخضع إلى خمسة تدخلات جراحية من قبل استشاري جراحة الدماغ لإفراغ تجمعات دموية في الدماغ.
وبعد استقرار حالته الصحية العامة تم تحويله إلى قسم التأهيل في حالة شبه إغماء «انعدام تام للقدرات الذهنية العقلية والجسدية الإرادية أي حالة نباتية Vegetative». وعلى الرغم من التدخلات الجراحية والتأهيل الطبي المكثف الذي يغطي جميع الجوانب الإدراكية العقلية والجسدية والتمريضية، مع استخدام مختلف العقاقير الطبية لتحفيز الإدراك, إلا أن إصابة الدماغ الشديدة منذ البداية أدت إلى استمرار حالة شبه الإغماء التي تؤدي إلى عدم إمكانية تزويد المريض بالتأهيل الفعال. وبعد مضي أكثر من ستة أشهر بعد الإصابة، مع استمرار حالة شبه الإغماء, انعدمت بشكل كبير فرص تحسن القدرات الإدراكية لتلقي التأهيل الفعال، لذلك تم اتخاذ القرار بإخراجه من المستشفى إلى موطنه الأصلي لاستنفاد وسائل التأهيل، حيث يحتاج المريض إلى رعاية تمريضية فقط تستطيع العائلة تقديمها للمريض بعد تدريب أحد أفرادها على الجوانب التمريضية من عناية بالتغذية وسلس السبيلين، وبعد تزويد المريض بسرير طبي وجهاز محمول لسحب الإفرازات الرئوية عن طريق أنبوبة الرغامي، حيث تقوم مؤسسة التأمينات الاجتماعية بعد إقفال الملف الطبي, بدفع تعويضات مادية مجزية تتناسب وشدة الإعاقة، وتدعم تدريب أحد أفراد العائلة لعدة أسابيع في المستشفى، كما تقوم بدفع مستحقات شراء الأجهزة والمعينات الطبية التي يقرر الأطباء حاجة مرضى التأمينات إليها.
وفي مكان آخر من المستشفى كان حسين، من الجنسية البنغالية، يقوم بالتدريب على أحد الأجهزة التأهيلية بعد أن تم تركيب طرف اصطناعي له بعد أن بترت ساقه، حيث حدثنا الدكتور قصي عن حالته قال: «حسين يعمل في الدرعية، وخلال عمله تعرض لحادث مروري أدى إلى إصابته بجروح تهتكية شديدة بالطرف السفلي الأيمن، فتم نقله مباشرة إلى مستشفى الملك خالد الجامعي، حيث تم بتر الطرف السفلي الأيمن فوق الركبة. وبعد ذلك أحيل إلى مستشفى رعاية الرياض من خلال المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، حيث يجري، حاليًا، التأهيل الطبي اللازم لحالته، ومر بعدة مراحل منها مرحلة ما قبل تزويد الطرف الصناعي ومن ثم مرحلة تزويد الطرف الصناعي المناسب، ومرحلة ما بعد تزويد الطرف. تم تنويم المريض في المستشفى لمدة وصلت إلى نحو شهرين، وتم خلالها تأهيله من جميع النواحي الجسدية والوظيفية، وأصبح الطرف السفلي الأيمن مجهزًا لوضع الطرف الصناعي المناسب، ويتضمن أحدث المواصفات التقنية، وتم تكليف إحدى الورش في الرياض لتنفيذه وتم بالفعل توفير الطرف. ويتميز بالتقنية المتطورة ما يمكنه من العودة لممارسة نشاطه المعتاد من حيث مرونة الركبة وحركتها، وعدم وجود حاجة إلى الأربطة. ويتمتع بجميع الإمكانيات الخاصة بحركة الركبة والمفاصل والقدم. وأود هنا أن أتوجه بالشكر الجزيل للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية على جهودها، وما تقوم به من أجل خدمة المرضى والمصابين من العاملين في القطاع الخاص، والذين يحالون إلى المستشفى».